|
شعر بستاننا يا هند بات متاهةً يحيى السماوي شاعر عراقي مقيم في أيلايد - أستراليا
يَوْمي لـه ليـلانِ ... أين نَهـاري؟ أتكـون شـمسي دونمــا أنـوارِ؟
أَبْحَرتُ في جَسَدِ الفصـولِ مهاجـراً طـاوي الحقـولِ وليس من أنصـارِ
زادي يراعي والمـدادُ ... وصهوتي خـوفي ... وظبيـةُ هودجي أفكاري
أَبـْدَلـْتُ بالظـلِّ الهجيـرَ .. لأنني قـد كنـتُ في داري غريـبَ الدارِ
مـرَّ الربيـعُ أمـامَ نخـلي شـامتاً لمّـا رأى جيـدي بـدونِ نضــارِ
تَعـِبَتْ من الصمـتِ المـُذِلِّ ربابتي وَتَيَبَّسـتْ – كأضـالعي – أوتـاري
ومشـى بتابـوتِ المَسَـرَّةِ والمـنى ليــلُ الظنـونِ مُشَيِّعـاً أقمـاري
لا الخِـلُّ أَنـْزَلَـني حـدائـقَ دارِهِ يومـاً ... ولا زار الخليـلُ ديـاري
أنـا مَنْ أكونُ أنـا؟ أَضَعْتُ ملامحي وأضـاعني بـِدْءَ المسيرِ مسـاري
أَنْقـَذْتِني مني ... فكيـف خَـذَلْتِني وَغَضَضْتِ طرفَ السمع عن قيثاري؟
فيم اعتـذارُكِ بعد هَدْرِ مشـاعري؟ ما نفـعُ أشرعتي بـدونِ صواري؟
جَفَّتْ بحيراتُ الصداحِ ... وأَصْحَرَتْ أفـيـاءُ مـائـدتـي مـن الُسمّـارِ
إنْ شِئتِ صفحـاً فاحرقي كتبَ الهوى وخـذي لمقـبرةِ المـنى أسـراري
النــارُ جـائعـةٌ فهـل أَطْعَمْتِهـا شَـجَني الـذي أوْدَعْتُـهُ أشعـاري؟
فيمَ اعتـذارُكِ مـن رمـادِ حرائقي؟ لم يُبـْقِ فـأسُ الشـكِّ من أشجاري
لـو أنـه يُحيي القتيـلَ عَـذَرْتـُهُ قـوسٌ أصـابَ بِسَهْـمِهِ أطيـاري
أَدْمَيـْتِ أغصـاني ... فلا تتأخري عـن ذبـحِ ما أَبْقَيْتِ مـن أزهاري
لسـتُ الأسيفَ وإنْ فُجِعْتُ بمطمحي أنـا مـؤمـنٌ بمنـاجـلِ الأقـدارِ
بالـدهرِ يَبْخَـلُ بالحبابِ على ثرىً[1] ضـامٍ يمصُّ سـرابَ وهـجِ النـارِ
ولقـد يجـودُ علـى بـَرودٍ نَبْعُـهُ بـالنـهرِ واليـنبـوعِ والأمطــارِ
أنـا ضـائعٌ – مثلَ العراقِ – فَفَتِّشي عني بروضِـكِ لا بليـلِ صحـاري
أنسـاكِ ؟ لا واللهِ ... تلك مصـيبتي إنَّ الوفـاءَ – وإنْ خُـذِلْتُ – مداري
أَدَّيْـتُ في الحـبِ اليمينَ وليس من خُلُقي الجنـوحُ عـن الهـدى لِشَنارِ[2]
فـاذا نكثـْت العـهدَ عَيَّرَني غـداَ يومَ الحسـابِ لـدى العظيمِ يساري
وإنْ اسْتَجَـرْتُ من الظـلامةِ عابني شَرَفي وصخـرُ رجولتي ووقـاري
أنـا لسـتُ أَوَّلَ حـالمٍ نكثـَتْ بـه أحـلامُـهُ فأفـاقَ بعــد عثــارِ
ما كنتُ بالصَبِّ الجزوعِ .. ولم تكنْ بيـن الحصـونِ وطيئـةً أسـواري
لكنـه حُكْمُ الهـوى ... أرضى بـهِ قَسْـراً عليَّ ... فلسـتُ بالمـختـارِ
حظي كدجـلةَ والفـراتِ نَـداهُمـا دمـعٌ ... ولحنُهمـا صـراخُ: حَذارِ
وكحـظِّ بستـان " السَمـاوةِ " نَخْلُهُ كَـرَبٌ وسعـفٌ دونـمـا أثمـارِ[3]
وكخبزِهـا : بـدمٍ يـُدافُ طحينُـهُ فَرْطَ الأسى .... وكـأهلِهـا الأبرارِ
وأنـا كمئذنةِ " الجديـدةِ " ما انْحَنَتْ[4] يومـاً ... ولا تَعِبـَتْ من الأذكـارِ
وتعـدَّدَتْ يا هنـدُ في وطـنِ الهوى سُبـُل الـردى بتـعـددِ التـجـارِ
وَطَـنٌ على سَعَـةِ السمـاءِ رغيفُهُ لـكنـه حـكـرٌ علـى الأشـرارِ
بُستـاننا يـا هنــدُ بـاتَ متـاهةً تختـال فيـه كواسـرٌ وضـواري
سوقٌ .. على مَنْ باع لا مَنْ يشتري دفـعُ النقـودِ إلى الدخيـلِ الشاري
وَدَّعْتـُهُ وأَتَيـْتُ حقـلَكِ لائـــذاَ طمعــاً بِظِـلٍّ لا بِتِبـْرِ ذِمــارِ[5]
أَوْصَـدْتِ دوني واحـةً أسرى لها قلـبٌ مطـامحُـهُ شميـمُ عَـرارِ
أبكاكِ نزفي يا هنيــدةُ ؟ فـاعلمي هـذي الجـراحُ بدايـةُ المشـوارِ
الحزنُ أوفى الاصدقاءِ ... فلم يَغِبْ عني فكـان مُلاصقـي كـإزاري
أُولاءِ أهلي : " عروةٌ " و " مُعَمَّرٌ "[6] و " الحميريُّ " و " شـارد الأفكارِ "
قـومٌ ولا كعفـافِهِم .... لكنـهـم خُلِقـوا لعيشِ فجيـعـةِِ وخَسـارِ
الحباب : الفقاقيع التي تعلو الماء في الكأس (1 الشنار : الفعل المشين ، العار (2 اشارة إلى الأغنية الشعبية العراقية (3 نخل السماوة يكول طرتني سمره ... سعف وكرب ظليت مابيه تمره الجديدة : حي من أحياء مدينة السماوة حيث كان مسكن الشاعر (4 الذمار : كل ما يدافع عنه من مال او ملك ، او الوطن (5 6) عروة : هو عروة بن الورد عاشق عفراء. و" معمر " هو جميل بن معمر عاشق بثينة. و " الحميري " هو توبه بن حمير الحميري عاشق ليلى الاخيلية، و" شارد الأفكار" هو قيس بن الملوح مجنون ليلى العامرية.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |