شعر

الحياة في مهد الحضارات

محيي هادي - أسبانيا

muhyee_960@hotmail.com

سألتُ الصَـديقَ كيفَ الخبــرْ

بمهــدِ الحروفِ و نبعِ الفِكـرْ؟

و ها قدْ رأيـْنا نزيلَ   الجُحورِ

و جرذَ الهروبِ، حبيبَ الغجـر

و شــعَّ علينا ضيـاءُ الأمـلْ

لِـحُـبٍٍّ نَعـودُ من شذَرٍ مـذَر

أجـابَ الصّديقُ: "كيفَ الخبـر !!

بَـنَيْنــا قُـبوراً بجنبِ الأُخـر

ويُشهــرُ سيفٌ لنحـرِ الرِّقابِ

بحِقـدٍ و لؤمٍ و غدرٍ و شــر

و تنهـشُ قلبِـيْ كلابُ السَّلـفْ

تُذكرنِـي بوحــوشِ التتــر

و أعرابُ ترقصُ خِزيَ النفـاقِ

و تحبُقُ حبـقاً جُحورُ الحِتَــر

يُخــرِّبُ عفـلقُ جـارٍ خبيثٍ

بماضي بلادي و ذكرى الصِّغر

و شِفَّـةُ حُسـني تبـوسُ الجناةَ

و عمرو بن موسى ينادي: "المؤتمر"

و يجـرحُ سمعِي نعيقُ الغرابِ

و يؤذيَ قلبِــي سـمومُ الاُبر

و يذبحُ أمّاً صــريحُ الفتـاوي

و يَنحـرُ  طفلاً كنحـرِ البقَـر

و تُسـبى فتاةٌ بسـوقِ اللئـامِ

و يَسجِنُ أخرى حِجابُ البصـر

و تسكُنُ بنتي في جهلِ القبـورِ

و يَقـتُلُ ابني ظــلامُ السَّهـر

و يُقطَعُ نَــذلٌ خيوطَ الحياةِ

و يحرِقُ بعثٌ بِخُضرِ الشَّجـر

و يســرقُ دِينٌ غيومَ السماءِ

و ينهبُ آخرُ خـيرَ المطــر

و يصعــدُ جهلٌ لعلوِ الفضاءِ

و ينزِلُ عِلمٌ لقـاعِ الحُفــر

فنصبحُ صُبحاً بِضيمِ الممـاتِ

لنرقُــدَ ليـلاً بِضيمٍ أمــر

***

سألتُ الصّديقَ: "كيفَ الحلول؟

أنبقى نمـوتُ بِـشرِّ البـُؤر!!

أجابَ الصَّديقُ: "كيف الحلول !!

أترجُوَ خيرَ ضِباعِ الضــرر؟

فكيفَ لعقـلٍ يريدُ النهــوضَ

يُعانِقُ دوماً  جُمودَ الحجــر؟

و كيفَ لشعبٍ صعـودَ الجبالِ

برأسٍ يلاصِقُ قعــرَ الحُفر؟

و هل من يُغطَّي ضياءَ الشموسِ

يُعيدُ لشعبي ضياءَ القمــر؟

و مُشعِلُ حربٍ كيـفَ يقيـنا

و هو المحبُّ لهذا الخطــر؟

***

و مِن يـومِ بدرٍ ليومِ الجمـلْ

نَـدُقُّ  بِعنفٍ بنفــسِ الوتـر

يُـمَـزَّقُ شعبِيَ كي لا يَعيشَ

فذا من عليِّ و ذا مِن عُمَــر

و ذا "يـعربيّ أصيلٍ شريف"

و ذا "أعجميّ دخيلُ" الوبـر

و ذا ساكنٌ  في ربوعِ الجِبالِ

و ذا راقِدٌ في جحيمِ القفــر

و ذا خارجيٌ  غريبُ البلادِ

و ذا داخليٌ قريبُ الّدِيَــر

***

و ناسبَ كردي سليلَ الجبورِ

ليحميهِ سهلٌ و خيرُ المفـر

فبعثٌ يعودُ و نهبٌ يسـود

و قِردٌ يقودُ لنهبِ الحُجـر

و عجزٌ أحبَّ أزيزَ الكراسي

و حِزبٌ تناسى جميعَ العِـبر

و يُلطمُ صدرٌ و يُجرحُ رأسٌ

و يُجلدُ ظهرٌ بكلِّ الصِّـور

فهل هذا عقلٌ، أهل هذا عرفٌ

وهل هذا عِلمُ كِتابِ السّـور؟

و يعشِقُ شيخٌ صريرَ الفُلوسِ

و يلعقُُ شيخٌ صِغـارً كِبر

و دجَّالُ دِينٍ يحجُّ البنـوكِ

و آخرُ نظَّـف ما في الممر

و بترولُ بيتي يصيرُ عقوداً

يمُرُّ يأيـدٍ، و أيـدٍ أشــر

و أمـوالُ نِذرٍ تُزيدُ القصورَ

غِنى و بهاءً لسودِ الأســر

فهم من "كرامِ الرِجالِ  الكِبارِ"

و هم "نسلُ" خيـرِ البشــر!!

***

و يبقى السّواد يجوعُ، يجوعُ

و تُحجبُ عنهُ المياهَ الزُّفـر

و يُوجِعُ بطنِيَ جوعٌ شديـد

و يَعمِيَ عيني طولُ النّظر

فلا يُبسَ خُبزٍ صرتُ أرى

و لا ماءَ عفنِ وسخٍ ذفِـر

و طعمَ اللحومِ قد نسـيتُ

وذَوقّ الحليبِ و لونَ الخُضر

***

سألتُ الصّديقَ: "و كيفَ العمل؟

أضاعَ الأمل، في عِزِّ السّفر؟

فلا حُكمِ قاضٍ يراهُ الطّغاةُ

و في عينِ شعبي يطيرُ الشّرر".

أجاب الصديقُ و في بسمةٍ

بتمتمةٍ في دعاءِ السـحـر:

"إذا الشعبُ يوماً أرادَ الحياةَ

فلا بُدَّ أن يستجيب َ القدر"

***

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com