شعر

أصل الداء

يحيى السماوي

شاعر عراقي مقيم في أيلايد - أستراليا

alsamawy@adam.com.au

أربعةً كُنّا مُصابينَ بِداءٍ

أَعْجَزَ الطبيبَ والعَطّارَ في مدينةٍ

جميعُ أهليها يُعانونَ من التَعاسَهْ . . . .

وَمَرَّتِ الأيامُ

حتى حَلَّ في البلدةِ شيخٌ طاعنٌ

مِهْنَتُهُ الفِراسَهْ . . . .

زُرْناهُ نَسْتَفْهمُ عن أَمراضِنا

بادَرَني بقولِهِ: من أَيِّ شئٍ تشتكي؟

قلتُ: من الضَبابِ في بَصيرتي

ومن شعورٍ غامضٍ أَفْقَدَني الوقارَ والكِياسَهْ

فتارةً أشعرُ أنَّ بلدتي مئذنةٌ

تَرِشُّنا بالنورِ والأريجِ

حتى تستحيلَ جَنَّةً أرضيةً . . . .

وتارةً أشعرُ أَنَّ بلدتي إذاعةٌ

تنهى عن المعروفِ أو تأمرُ بالمُنْكرِ

حتى تستحيلَ حانةً لنخبةٍ

ومخدعاً لساسهْ

فلم أَعُدْ أُمَيِّزُ العهرَ من القداسَهْ

أشارَ للثاني : وأنتَ ؟ أيَّ شئٍ تشتكي؟
أجابَهُ : من عَدَمِ النسيانِ . . . .

من علائمِ انتكاسَهْ

بَدَتْ على وجهِ غَدي . . . .

فَعُمْدَةُ البلدةِ – قبل أنْ يكونَ عُمْدَةً –

كان بشوشاً وتقيّاً . . . .

يبدأُ الحديثَ بالذِكْرِ

ولا يرفعُ حينما يسيرُ راسَهْ

لكنه من بعدما صَيَّرَ منه " الغرباءُ " عُمْدَةً

صارَ جهوماً …… كاسِراً

مثلَ كلابِ الصَّيْدِ والحراسَهْ !

والتَفَتَ الشيخُ إلى ثالثِنِا

( وكان لا زال على مقاعدِ الدراسَهْ ) :

وأنتَ مم تشتكي ؟

أجابه : أشعر حين أفتحُ الكتابَ

أَنَّ مَدفعاً يطلع من بين السطورِ

فاتحاً شدقيهِ لي . . . .

فأستحيل أرنباً يبحث في الصفِ عن الكِناسِ . . .

تغدو لغتي تمتمةً  . . . . .

ودفتري كناسَهْ ![i]

وأشتكي من صَدَأٍ

طالَ مَرايا الفكرِ في عالمِنا

فلستُ أدري مَنْ بِنا البائعُ والمُباعُ

في " عولمة " النخاسَهْ

. . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . .

وقالت الرابعةُ " العانِسُ " :

أشكو هاجِسَ الأرملةِ الثكلى

فهلْ من بلسمٍ يوقفُ زحفَ العمرِ

ريثما يمرُّ عابراً شواطئَ البلدةِ حوتُ الحربِ . . .

أو توقِفُ دَوّرانَها طاحونةُ السياسه؟

فأَطْرَقَ الشيخُ مَليِّاً . . . . . .

ثم قال جازماً :

أمراضُكًمْ جميعُها مصدرُها

" جرثومةُ الكرسيِّ " في " مستنقعِ الرئاسهْ " !

 


[i]  الكناس : بالكاف المكسورة : بيت الظبي ، الأرنب . .

والكناس بالكاف المضمومة : الزبالة . .

والمقطع بمجمله اشارة إلى عسكرة بعض المناهج الدراسية في ظل النظام العراقي السابق

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com