|
شعر حيث قرأ المتنبي قصيدتَهُ ..! عبد الكريم هداد / السويد جديلتان من النخلِ يضفرُ فيها الفراتُ سرَهُ المالح وأنكيدو .. أرضعَتُه الغزلان، حينَ كان .. هي بقايا خزف نبيذ المعبد وحكاياتُ الآلهةُ الأولى هي أوروك وقد مرت بها لغات التكوين وتراتيل الكهنة المختنقة بالأساطير قبلَ أن يعبر بها الطوفان سريعاً حيث حملها النهر على أكتافه لتغفوَ بعمرها الآتي عند بوابةِ الرملِ حيث قرأ المتنبي قصيدتَهُ .. لبقايا قرامطة تفتقدهم البلادُ كثيراً .. " تركنا من وراء العيسِ نجدا ونكبنا السماوة والعراقا "* رأيته تلك الليلة تحت شباك قمر نخلةٍ كثة السعفِ كأنثى رأيتهُ يتجول في سوقِها الريفي المسوّر بجدران الطين تبضعَ تمراً وخبزاً، لم يكفيا زاد رحلته الأخيرَة .. ولعلهُ إقتنى سيفهُ الأخيرَ من حدادٍ قرب الجامع القديم سيفاً لم يردعْ قاتلَهُ بحثتُ عن عذبِ الماء وقد ملَّ نهرَ " العطشان " ظمأهُ على مشارف بحيرة " ساوة " حيث حملتُ خطايَّ الوداع نحو منفى أراد مني الخزف لا النبيذ وبين حفنة تمر وشفة سيف جائر سقط القرامطة واحداً .. واحداً دفنتهم- كلهم - تحت رايات النسيان وآلهة تنكرتْ طينها لا تستجيب الدعاء و سومر عطرٌ يحترقُ وطفولتي هناك بين أبواب " عكد اليهود ".. يلتمع على دهانها صفيح السوق القديم أتسلقهُ وأضواء مواكبَ عاشوراء تأتي مجروحة البكاء و في ذاكرتي الجسرُ الحديدي معلقاً بلونهِ الأخضر حيث الزوارق المشبعَة بصيف رائحةِ السمك البني وغاباتُ النخيل تغفو كبقايا ليلِ الأمسِ وقد كان .. فيضٌ سماويٌّ يأتي يطارد أخيلتي بين شوارع " باتا " و" مْصيوي " و" السْتين " وصبايا زقاق " العرايا " و" دبعن " وأسوارُ " سجنُ الخناق " وزنزانة أعرفُها تاريخ يمرها، وتبقى مدينة لطفولتي نخلُ ونهرُ ومنفى ..!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* باتا، مصوي، الستين : هي اسماء قديمة لشوارع وسط المدينة .
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |