|
شعر أشياء منسية مثنى حميد مجيد أشياء منسية تطفو مثل غيوم بيضاء تعبر في سماء زرقاء أبدية هي منسية في قانوننا الصديء لا في قانون الله ... أشياء منسية في الذاكرة المتحجرة بالهراء المقيم مذ أقدم العصور والى أبد الابدين الهراء الأقرع الرأس الذي يقال له اللاوجود ... أشياء منسية تحظى باحترام القوى الحية المنبثقة من الشجرة الباسقة الكبرى للميتافيزيا تتوهج في لحظة موتنا نتذكرها كزاد لذيذ في السماء القصية أو ، لا فرق ، في السماء الوطية ... أشياء منسية لها بقاء يباركها الله البريء من أفعالنا الدنية قلب يخفق بالحب مثل نبع ماء له بقاء في مهجة الكون أكثر من عروش مذهبة منخورة دموية ، ... ثمة دائمآ قطار يطلق الدخان محطات ومسافرون يتعانقون ثمة دائمآ توابيت خشبية ونساء ملفعات بالسواد أعلام دول ونواب لشعوب مغلوبة متاحف تحرق ، رايات تخفق جماجم تتهشم ، أو تطحن ، تذرى رمادآ شعارات وطقاطيق شعبية ، بطون خاوية ، عيون تنزف مدن تقهر، قلوب مطاطية ثمة دائمآ عجل يعبد وأضابير شيطانية ومراسم وطقوس للكراهية ... أنظر ثمة دائمآ مشانق دكتاتور في البرية سجن سجون سياط جلود مدبوغة ، أو طرية عيون تفقأ ، بطون تبقر أشلاء تتبعثر ردهات للخنق مجهولة منسية أو على الرحب مشرعة أبوابها للرعية ... أشياء منسية لكنها فجأة قد تستيقظ في أعماقنا تحتج على الصمت تصهل كالمهر كأن نتذكر حشودآ من الناس تزحف في عز النهار عبر شوارع بغداد صوب جسر يربط هذا العالم بالأبدية ليحصدها الموت خنقآ تحت أنظار رب لا يملك إلا أن يستهجن من عليائه الزكية ... ثمة دائمآ أشياء لا تنسى تختزنها الذاكرة كالطنين كطاقة مختزلة في اصرة أو قل هي بالأحرى مثل تمر مكبوس في قوصرة للسنين الردية أشياء لذيذة نلجأ اليها في أوقات الحزن نحن الذين لا نمتلك سوى سذاجتنا نحن الذين لا نموت إلا قليلآ أشياء لذيذةأو حتى مرة نلجأ اليها كأطفال يعانقون دماهم الأثيرة قبيل إغفاءة المساء هي أشبه بالمن والسلوى أشياء لا تنسى ... نتلهى بذكرياتنا الجميلة تلك التي لا تموت من بعد موتنا بل تتكثف وتصاعد في سحابة كالكمثرى تتوهج في قبة الليل الأبدي ... تعالي إذن أيتها الغريبة دعينا نتعانق بعنف وجوى حد امتزاج الألم والفرح في كأس ذهبي واحد هو إكسيرنا الشافي نتقاسم الأوهام وأضغاث الرؤى تلك التي لا بد منها قبل أن نهوى معآ في الهاوية السنية لحبنا الجميل ... سنتعلم معآ التقاط أساور الضوء الخضراء المتساقطة من قبلاتنا على فراش الهناء حبنا سيكون نادرآ... مثل أصداء طبل غجري يقرع في صمت الصحراء ... سأزيح عنك السواد هذه الأعشاب الشوهاء وتزيحين عني أردية الهرطقة سنتدفأ بذكرياتنا نحن سنسجد لربنا نحن سنحلق له بأجنحة بيضاء هي أجنحة الحرية.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |