شعر

هولوكوست المقابر

حسين الصالح

alsukhni1@hotmail.com

أنت الذي يبقى ويفنى الآخرون ْ

أنت الحقيقة ُ والبقية ُ يستبد ُّ بها الجنون ْ

أنت الكثيرُ وغيرُ ك َ النزْرُ اليسيرُ وما يهون

أنت الحياة ُ وبعدك الموتُ المدجّجُ والمنون

أنت البيانُ ودونك الصمتُ المكسّرُ والسكون

أنت الأمانُ ودونك انتحرَ الأمانُ

أنت الحنان وبعدك ابتعد الحنانُ

وبدون ِ وجهـِك يا ملاذ َ الروح ِ

لا حب ُّ ولا عزٌّ ولا هم يحزنون ْ

أنت الذي يبقى ويفنى الآخرون ْ

 في يوم ِ عودتـِك اكتشفْنا موتـَنا

كسرَ البكاءُ على المقابرِ صوتـَنا

كان العراقيون ْ

منذ الخليقة والتشكّل ِ والبشارة

يتبادلونَ الهمَّ صبراً..والحضارة

صار العراقيونْ

جسداً يمرَّ عليه تجارُ الحروب ْ

كنزاً تناهبهُ اللصوصُ فيملئون َ بهِ الجيوبْ

كان العراقيون ْ

صار العراقيون ْ

في كلِّ يوم ٍ يولدونَ فيحزنون .. فيـُدفنونْ

 للميتين َ بلا قبورْ

للراحلينَ بغيرِ قرآن ٍ سيـُتلى أو زهورْ

مستشهدينَ بغيرِ مسبحةٍ تضيءُ ولا نذور ْ

للراقدينَ بغيرِ والدةٍ تنوحُ

ولا أبٍ شيخ ٍ يثور ْ

لمعصَّبين َ عيونَهمْ

لمقيّدين َ أكفَّهم لظهور ِهِم

لجماجم ٍ تغفو ومازالَ الرصاصْ

لمحاجرٍ لم تكتحلْ

كالعالمينَ بفجرِ ميلادِ الخلاصْ

للنائمينَ على الترابِ مع الترابْ

واحسرتاهُ على الشبابْ

واحسرتاه على الوجوهِ السمْرِ في ليل ِ العذاب ْ

مكبـّلينَ مطأطئينَ محاصرينَ من الذئابْ

الريحُ تعولُ والصحاري مُرّة ٌ

والذكرياتُ تسيلُ من نزفِ الرقابْ

واحسرتاهُ على العُراةِ العاطشينَ كما الحسين ْ

واحسرتاه على الجياع ِ الصابرينَ كما الحسينْ

واحسرتاه على النساء ِ الحاسرات ِ المشفقات ِ

كزينب ٍ أخت ِ الحسين

واحسرتاه على الصغار ِ الخائفين َ الصائحين ْ:

أماهُ يا أمي

فتنهشُها الكلاب ْ

واحسرتاهُ على الشباب ْ

واحسرتاه على الشبابْ

الصمتُ يُطبقُ والسماءُ الشاهدة ْ

تُحصي الضحايا والرصاصاتِ الكثيرة َ والجراحات ِ الغزيرة َ

والدموع َ الباردة ْ

تحصي الأخاديد َ التي احتـُفرت ْ ببطن ِ الأرض ِ..

تـُحصي الحاقدين القادمين َ من الخراب ْ

لن يفلتوا

سنصفـُّهمْ صفا ً الى وقت ِ الحساب ْ

فبه ِ احتكم ْ

ثأرا ً لطفل ٍ مزقوهُ بحضن ِ أُم ْ

وبه احتكم ْ

ثأرا ً لعذراء ٍ سقاها القاتلون َ كؤوس َ سُم ّ ْ

ثأرا ً لشيخ ٍ أطفؤوا عينيه ِ دون جريرة ٍ

وبدون ِ جـُرْم ْ

ثأرا ً لكلِّ عمامة ٍ داسوا كرامتـَها..

احتكم ْ

يا وارثا ً هذا العراق َ مقابرا ً

ومحارقا ً ومشانقا ً لا تنتقم ْ

يا وارثا ً صمتَ العروبة َِ والمدى

لا تنتقم ْ

يا وارثا ً هذا العراق َ بغير ِ أهوار ٍ

ولا نخل ٍ ولا .. لاتنتقم ْ

لن يفلتوا

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com