شعر

   حكاية مريم الناعم

يحيى السماوي / شاعر عراقي مقيم في أيلايد - أستراليا

alsamawy@adam.com.au

سمراءُ مثل خبز ِ الفلاحين

 

وديعة ٌ مثل جداول حقول النعناع

 

هادئة ٌ كالنعاس...

 

لكنها حين تغضب : تهطل كالنيازك !

 

تحبّ القرنفل َ والعصافير والأطفال...

 

وبالمجان : تخيط ثياب فقراء الحارة ...

 

تحمل في قلبها كتاب الله

 

وتغفو تحت عباءتها قنبلة ً مهيّأة ً للإستيقاظ...

 

تحفظ عن ظهر عشق ٍ أسماءَ الشهداء...

 

لم تتبرّج " مريم  الناعم " يوما حتى وهي

 

على مقربة ٍ من الهودج ...

 

تأتينا كلّ صباح ٍ بالبيض المسلوق

 

فقد أقسمتْ أنْ توزّع " خبز الذرة " و" شاي الزهرة "

 

على كل حامل بندقية ...

 

وأنْ تجعل من " فستان عرسها" أشرطة ضماد ٍ

 

لجرحى الإنتفاضة ...

 

ومثل أختي :

 

كانت " مريم الناعم "تحلم أنْ ترزق طفلا ً

 

فتسمّيه " عراق "...

 

لكنّ " مريم " لا تخبز الآن  ...

 

وأطفال فقراء الحارة لن يعرفوا ثياب العيد ...

 

والجرحى لن يشربوا ماء صلواتها ...

 

فقد مزّقتها " السناكي " في " صوب القشلة "

 

حين أيقظتْ قنبلتها من النوم

 

منقضّة على  دبابة تحمل ستة كلاب بوليسية

من تلك الكلاب التي ترتدي البدلات الزيتونية

 

متسخة الصدور ب" أنواط الشجاعة "...

 

       ***

 

منذ غفت " مريم " إغفاءتها الأخيرة

 

وأنا أرجو الله أن يرزقني طفلة ناعمة

 

فأسمّيها مريم

 

لتسجر التنور ، وتوزع الخبز و" شاي الزهرة "

 

على حاملي البنادق ذودا ً عن الوطن ...

 

وتخيط بالمجان ثياب العيد لأطفال فقراء الحيّ...

 

تحمل في قلبها كتاب الله ...

 

وتحمل على رأسها " سلة الخوص "

 

الممتلئة خبزا ً وبيضا ً مسلوقا ً

 

وأشرطة ضماد من فستان عرسها

 

تلفّ بها جراح الأرض

 

 ***

" * " : مريم الناعم : فتاة من مدينة السماوة ، أسهمت في الانتفاضة الشعبية ، قتلت عدة أوغاد من جنود الطاغية ، قبل استشهادها في منطقة " صوب القشلة يوم 28 آذار عام 1991

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com