شعر

الفطام

الدكتور نوري الوائلي / مؤسسه الوائلي للعلوم نيويورك

Noori786@yahoo.com

أمّي ذكرتـُك والحشى تتقطـّع ُ ** شوقا ً لذكراك ِ الجَوارُح ُ تضْرع ُ

 

أنت ِ العيون ُ ومنْ ظلالك ِ يَرتوي ** كوني بألوان ِ الجَمال ِ ويَرتع ُ

 

جسْمي تكوّن َ منْ تـُرابك ِ والدما ** بالعرق ِ تجري منْ مَذاقك ِ تـُصنع ُ

 

أنت ِ الجَمال ُ وآية ٌ منْ مُبدع ٍ  ** خلق َ السَلام َعلى عُيونك ِ يَربع ُ  

 

قد حِرت ُ يا أمّي وكانتْ حيْرتي ** عَجَبا ً لما تـُعطي  فخيرُك يُسمع ُ

 

لا يسبق ُ الثقلان ُ أمّي رحْمة ً** قطعا ً ولن يعلو بجود ٍ يَنفع ُ

 

فهي الكمَال ُ اذا الكمَال ُ عطية ً** تـُعطي سَخاءا ً دونَ أجر ٍ يُودَع ُ

 

هذه الأصَابع ُ حولَ صدْرك ِ مِقبض ٌ ** والعين ُ في عينيك ِ ثغري يَرضع ُ

 

وبحضنك ِ الأنفاس ُ تـُذهب ُ وحشتي ** وتلف ُ جسمي بالحَبائل ِ اذرع ُ

 

قـُل لي وحقك َ هلْ عَواطف ُ جاوزت ** هذا الحنانُ وأي ُّ وصف ٍ يـُقنع ُ

 

الأم ُّ عاطفة ٌ ورحم ٌمُحسن ٌ** وعظيم ُ نعمَاء ٍ لرب ٍ  يَرفع ُ

 

حمل ٌ وأرضاع ٌ وجفن ٌ مفتح ٌ ** حبٌ وأخلاصٌ وقلبٌ يخضع ُ

 

ألأم ُ درب ٌ للجنان ِ مُيَسَر ** فالحرصُ في مرضاتها سيُنجّع ُ

 

الأم ُّ تعطي منْ حليب ٍ خيرها ** لا خيرَ في أم ُّ لصدر ٍ تمنع ُ

 

وخـُلقت ُ في أمُّي لجسمها واهنا ً ** وهنا ً وضعفا ً كان حملي يُسرع ُ

 

جسم ٌ بقلبين ِ الدماء ُ تضمُّنا ** قلبي لقلبك ِ كان شوقا ً يتبع ُ

 

حُبي لشخصك ِ كالمجرة ِ وسْعه ** لكن َّ كونا ً في حنانك ِ يُجمع ُ

 

من صدْرك ِ المِعطاء ُ كنـَّا نرتوي ** بحليب ِ ود ٍّ مثل ُ عين ٍ تنبع ُ

 

لفطام ِ صدرك ِ كان صبري مُوجعا ً ** فالعين ُ تـُبلى للفراق ِ وتجزع ُ

 

قد فاق َ صْبري كل َّ صبر ٍ قسْوة ً** قطعا ً فبُعدي عنْ حَنانك مُفزع ُ

 

ودَّعت ُ في الدنيا مَناحِل َ مشربي ** فهي الحياة ُ ومن حنان ٍ تـُشرع ُ

 

صَارعتُ أيدي الأهل ِ حين تجرُّني ** عن بحر ِ جود ٍ من دِمائك ِ يَفرع ُ

 

ومسكت ُ صدرك َ كالغريق ِ بموته ** فكأن َّ صدرك َ للمنايا مِبضع ُ

 

جاءو بأ لوان ِ المشارب ِ والمنى ** بدلا َ لشـُرب ٍ من حنانك ِ يَطلع ُ

 

عُذرا ً فقد مزّقت ُ ثوبك َ مُجبرا ً ** وأظافري في الصدر ِ جرح ٌ يُوجع ُ

 

يوما ً سحبْت ِ الصدر َ عن ثغري فلا ** صبر ٌ لدي َّ ولا فِطامِك أدفع ُ

 

الصخرُ يبكي حينَ يَشهد ُ حالتي ** من صدرك ِ المَلآن ُ ثغري يـُنزع ُ

 

لم تحلُ للروح ِ المشارب كـُلـَّها ** من بعد ِ صدرك ِ فالمشارب ُ تلسع ُ

 

ورأيتُ بَعْدي منْ يُعانق ُ لاهفا ً** صدرا ً ويشرب ُ ما أحُب ُ وأولع ُ

 

أخذوا مكاني أخوة ٌ بتولـُّع ٍ ** لنعيم ِ ما أصبو وما أتطلـَّـع ُ

 

عُمري بأيام ِ الرضاعة ِ كـُلـَّه ** فهَوَ الكمال ُ بما شربت ُوأضجع ُ

 

تبا ً لعمر ٍ جاوزَ العمرَ الذي ** جسمي بحُضنـُك ِ راقد ٌ  يتدلع ُ

 

جسمي برحمك ِ قد تكونَ مُعجزا ** علمُ الأجنة ِ أو عقولا ً تـُبدع ُ

 

خـُلقت ْ برحمك ِ مُضغة ًمن بيضة ٍ ** من بعدها لحْما ً لعظم ٍِ يُودع ُ

 

الله ُ قد خلق َ الأجنـّة َ قادرا ً ** من نـُطفة ٍ مُشجت ْبرحم ٍ تـُزرع ُ

 

جسمي برحم ٍ والأجنـّة خلـُّقوا ** خلقا ً بأطوار ٍ تـُصاغ وتـُطبع ُ

 

الأم ُّ صانِعة ُ الحياة ِ وخـُلـّقـُها ** حَسُنت ْ بأم ٍّ للرذيلة ِ تدفع ُ

 

وتدوم دُنيانا بخير فضائل ٍ ** إنْ كانَ جل ُّ نسائه ِ تتورع ُ

 

الأم ُّ صانعة ُ الرجال ِ وفكرهم ** خيرُ الرجال ِ لخير ِ ام ُّ تـُرجع ُ

 

ألأم ُّ تعطي في الحليب عواطفا ً** وعظيم ُ حب ٍّ في المراضع ِ مُوضع ُ

 

سنتان ِ تحتَ منابع ٍ من صدرها ** أروي حياتي من نعيم ٍِ أكرع ُ

 

وأذا كبرّت ُ لا يقل ُّ حنانـُها ** للموت ِ يبقى لا يمل ُّ ويَهجع ُ

 

وفـُطمت ُ منـّك والفطام ُ نوائب ٌ ** للطفل أيـّام ٌ تزول ُ وتقشع ُ

 

لكن ّ حُبـّك للجنين ِ وراضع ٍ ** حتـّى الكهولة ِ لا يقل ُّ ويَضلع ُُ

 

الأم ُّ لا تـُعلى وأن ّ حنانها ** هبة ُ الجواد ِ فلا لغير ٍ تـُودع ُ

 

عَددَ الشهور ِ فتسعة ٌ في رحْمها 00 أحيا كأنـّي آمر ٌ يتتبـّعُ

 

سَيضل ُّ قلبُك للوليد ِ  مُناجيا ً 000 حتـّى أذا للقلب ِ بات َ يُقطـّع ُ

 

وأذا حليب ُ الطفل ِ كان مُصنـّعا ٌ 00 لا خيرَ عندَ شبابه يُتوقــّـع ُ

 

وصَرخت ِ قبلي حين عِشت ُ بواجع ٍ*** ولطمت ِ خدّك بعد صبر ٍ يُقنع ُ

 

وإملت ِ حملَ مَواجعي عن كاهلي ** فكأن آلامي لقلبك مُشفع ُ

 

وسهرت ليلك ِ حول مهدي تـُنشدي ** أهزوجة ً فكأن صوتك ِ مَسفع ُ

 

صَوتي لقلبك ِ كالنسيم ِعذوبة ً ** وجهي لوجهك ِ كالمريا يُطلع ُ

 

ما كنت ُ أحْسب ُ أنْ خيْرك زائل ٌ** من قبل ِ بُعدك فالنعيم ُ مُوسّع ُ

 

لكن ًّ بُعدك ِ  للعواطف ِ نائب ٌ** وعظيم ُ كرب ٍ  للمراحم ِ يَقطع ُ

 

مهما عَملتُ لأجلي أمُّي أنـّما ** عملي كقطر ٍ في بحور ٍ يَقبع ُ

 

أنت الشموس ُ لكل ّ عين ِ أبصرتْ ** يوما ًضياءا ً من حنانك ِ يَسطع ُ

 

أمُّي أنـُادي حين يُؤلمُني القذى ** أو حين يَظهرُ في حياتي مُروع ُ

 

العشقُ أخلاص ٌ وحب ٌ خالد ٌ ** والعشق ُ داء ٌ لا يطيب ُ ويَخنع ُ

 

العشق ُ حرف ٌ في كتاب ٍ أسمه ** عطفُ الأمومة ِ حيث سفر ٌ يُنصع ُ

 

أن كنت محظوظا ً أفوزُ بدعوة ٍ ** لله ِ من أمي بقلب ٍ يركع ُ

 

تبقين َ في ذكري وذكرك ُ خالد ٌ ** والذكرُ للأحباب ِ زاد ٌ يـُشبع ُ

 

 حُزني لبُعدُك كالممات ِ لطامع ٍ ** حُزني عظيم ٌ أي َّ حزن ٍ أجرع ُ

 

الحزن ُ عطف ٌ والدموع ُ شوافي ُّ ** والحزن ُ لبس ٌ والبكاء ُ يُنزّع

 

يا عينُ أبكي يا مدامع ُ أهدري **  حُزنا ً لفقدك ِ لا لعين ٍ تهجع ُ

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com