شعر

يا ملحدون قفوا

الدكتور نوري الوائلي / مؤسسه الوائلي للعلوم نيويورك

Noori786@yahoo.com

صُنـّعتُ من موت ٍ عنيد ٍ يُلحد ُ ** وخـُلقت ُ أنسانا ً لأمر ٍ يُقصد ُ

 

وخرجتُ للدنيا بدون ِ مشورة ٍ ** وملكت ُ أهلا ً دون َ رأيٍ يُشهد ُ

 

وفتحت ُ عيني والصراخُ يزفـُني ** وهلاهل ٌحولي لخلق ٍ تـُنشد ُ

 

عنوان ُ جسمي في الحياة ِ مُسجل ٌ**والأسم ُمن أهلي يُصاغ ويُعمد ُ

 

وكبرتُ حتى صارَ جسمي يافعا ً ** وملكتُ ما خوّلت ُ , منه أحصِدُ

 

ورأيتُ من حولي جمالا ًباهرا ً ** يحوي بوزن ٍ كـُل ّ شيء ٍّ يُوجدُ

 

الخلق ُحولي واحدٌ في ذاته ** متشابهٌ متوازنٌ متوحّدُ

 

ومررت في فر ٍ وكر ٍ رابحا ً ** عشرا ً وألفا ً قد خسرتُ وأفقد ُ

 

ووجدتُ في الدنيا صراع َ كواسر ٍ ** من أجل ِ لذات ٍ بنفس ٍ تحقد ُ

 

ظلمٌ وبغيٌ والنفوسُ مظالم ٌ ** حسد ٌ وغلّ  والرذيلة ُ أعيد ُ

 

في النفس ِ قد خـُلقت محبّة ُ ذاتها ** ومحبّة ُ الأزهى بدهر ٍ يَخلد ُ

 

وعلمتُ موتا ً يُسلبُ النفسَ المنى ** ويسوغ ُ منها كلّ مُلك ٍ يُحسدُ

 

وبقيتُ أبني رغمَ انـّي موقن ٌ ** في أي وقت ٍ قد أموت ُوأوْسَدُ

 

ودُفعتُ للموت ِ المُباغت ِ عُنوة ً ** لاعلمَ لي في أي ِّ أرض ٍ أ ُلحد ُ

 

فأنا المُسّيرُ في الأمور جميعُها ** إن كان خيرا ً أو ضلالا يُجهدُ

 

إلا بأمر ِ الدين كـُنتُ مُخيرا ً ** عقلي يدل ُّ بدون جبر ٍ يَرشدُ

 

لكن ّ حتـّى الدين أصبحَ تابعا ً ** لديانة ِ الأبوين جبرا ً يُوردُ

 

وبرغم هذا فالعقيدة ُ ناتج ٌ ** للفكر ِأو طبع ٌ جرى فيعو ّد ُ

 

هذي الحياة ُ فلا خيارَ لأمرها ** بل أمرُ دُنيانا لرب ٍّ يُنجدُ

 

مهما عملتُ فأن رزقي مُقدرٌ ** ربّي يُحدده بما يتجو ّدُ

 

لا علم َلي بالغيب ِ حالي مُبهم ٌ ** وحياتنا كالشبر ِ حين تـُحَدَّد ُ

 

كـُل ُّ المصائب ِ والمغانم ِ إنـّما ** فحص ٌ لتقوانا وكيفَ نـُحدِّدُ

 

********

 

مُلئت ْ معارفـُنا علوما ً تحتوي ** إمّا صفات ُالخلق ِ أو ما يُولدُ

 

تحوي الحقائق َ أو صفات ٍ أ ُحكمتْ ** ببرامج ٍ وقواعد ٍ لا تـُجرد ُ

 

انظرْ إلى الأكوان ِ كيف نجومها ** في ظلمة ٍ عن بعضها تتبعّد ُ

 

انظرْ إلى الإبل ِ الصبور ِ وصبرها ** وسماء ِ بادية ٍ وعشب ٍ يَرقدُ

 

انظرْ إلى البحر ِ العظيم ِ وزرقةٍ ** فيها العجائبُ من حياة ٍ ترغدُ

 

انظرْ إلى الطير ِالمُعلق ِ شاهقا ً ** فوق البراري كيف طارَ ويَصمدُ

 

انظرْ إلى الجبل ِ العظيم وصخره ** وجفاف ِ بيداء ٍ ورمل ٍ يَشرد ُ

 

انظر إلى النمل ِ الضئيل ِ بتربة ٍ** يعلو ويغزو كالجيوش تـُجنـّد ُ

 

انظرْ إلى الأنعام ِ كيف حليبُها ** مِنْ بين لحم ٍ كالمنابع ِ يرفد ُ

 

انظرْ إلى الأبهام ِ كيف بنانه ** عجبا ً فريدا ً لا يُعادُ ويُرند ُ

 

مَنْ يُسعدُ الثكلى بطفل ٍ راضع ٍ ** من يهدي ثغرا ً للثدي ِّ فيورد ُ

 

مَنْ يأت ِ بالسحُب ِ الثقال ِ لميت ٍ ** فإذا الحياة ُ بجسمه تتجدّد ُ

 

مَنْ أوجد َ الكون َ الفسيح َ بظلمة ٍ ** مَنْ يزرع ُ النبتات أو يتفقـّدُ

 

مَنْ أهد َ للأنسان ِ عقلا ً راجحا ً ** وبديع نفس ٍ في الجسوم تـُشيّد ُ

 

مَنْ علـّم َ الأنسانَ كـُل ّ بديهة ٍ** ولسان صدق ٍ قد يقول ُ ويَهجد ُ

 

مَنْ علـّم الأنسان َ أقلاما ً بها ** كتبَ المعارفَ دونما يتحدّد ُ

 

مَنْ علـّم الأنسانَ صُنعَ دوائر ٍ** فيها الحياة ُ بسرعة ٍ تتزيدُ

 

مَنْ علـّم الإنسان دفع َ مراكب ٍ** في الكون ِتجري للكواكب ِتقصد ُ

 

مَنْ علـّم الأنسان َ جنسَ أجنـّةٍ ** كالبذر ِ حجما ً في ظلام ٍ تـُغمد ُ

 

مَنْ علـّم الأنسان ركبَ سبائك ٍ** تعلو السحابَ وفي سواد ٍ تبعدُ

 

مَنْ أوجد القرآنَ إعجازا ً إلى ** كـُلِّ الخلائق ِ لا مثيل َ يُمجـّدُ

 

مَنْ يحفظ ُ الجنسين أعدادا ً فلا ** زاد َ الذكورُ ولا الأناث ُ تـُزيّد ُ

 

مَنْ علمَ الطيرَ المعارفَ مُعجزا ** مَنْ باتَ في دُنيا له تتوفـّد ُ

 

مَنْ أوجدَ البحرين رغمَ تجاور ٍ ** لايبغيان ِ كمثل ند ٍ يـُطردُ

 

مَنْ يفتق الصخر العتيد ومخرجا ً ** ماء ً وزرعا ً أخضرا ً يتحشـّد ُ

 

مَنْ أوجدَ الفزياءَ قانونا ً بها ** تجري الظواهرُ من الهه تـُنضد ُ

 

مَنْ أوجدَ الكمياء َعلما ً واسعا ً ** فيها الموازينُ العظامُ  تـُقيد ُ

 

مَنْ أوجدَ الطبَ المداوي علـّة ً ** مَنْ أوجدَ الشافي ومَنْ لا يزهد ُ

 

هل كل ّ هذا الخلق جاءَ كصدفة ٍ ** وبدون راع ٍ للخليقة ِ يسند ُ

 

أن كان هذا الخلقُ دون مكون ٍ ** فأجبْ بعقلك ِ والعقول ُ تـُعضـّد ُ

 

مِنْ أين جاءَ وكيف كانَ بذاته ** ولما يموتُ بميتة ٍ تتوعّد ُ

 

انْ كان هذا الخلقُ ذاته واجدا ً ** لِمَ ذاته تـُفنى ولا تتأبـّد ُ

 

كلُّ العلوم ِ فيا أخي من واهب ٍ ** خلق َ المعادنَ والعقول ُ تـُشيّد ُ

 

ان كنتَ تصنعُ من حديد ٍ آلة ً ** أو مِنْ نواة ٍ كائنا يتجسّدُ

 

لكنَّ مَن ْ أعطاك َعقلا مُبدعا ً ** أو منشيء الخامات ِ حيثُ تزوّد ُ

 

الله ُ منْ عدم ٍ يكوّن ُ عالما ً ** مَنْ غيره مِنْ لا وجودَ  فيُوجدُ

 

فالنشأة الأولى أتتْ من قاهر ٍ ** مَنْ غيره يأتي بها ويُجدد ُ

 

كل ّ المعارف ِ لم تخالفْ ما أتى ** بكتاب ِ ربي من حقائق َ تـُعهد ُ

 

*********

 

فلقد عرفتـُكَ يا الهي بفطرة ٍ ** وبفكر عبد ٍ بالدلائل يعبد ُ

 

وعرفتُ ربّي في الخليّة كونها ** نـُظما ً بميزان ٍ تعيشُ وتركد ُ

 

وعرفتُ ربّي في الحنان مُتوجا ** بضلوع أم ّ للجنين توددُ

 

وعرفتُ ربّي نعمة ً وتفضلا ً ** وعظيمُ جود ٍ في الخلائق يُنضدُ

 

وعرفتُ ربّي في السحور ونجمه ** وعظيم خلق ٍ بالجمال ِ يُقلـّدُ

 

وعرفت ُربّي في السماء ِ وليلها ** وهدير أمواج ٍ وغيم ٍ يرعدُ

 

وعرفتُ ربّي عند نائبة ٍبها ** قلبي  توجّس من مخاوفَ تـُقعِد ُ

 

وعرفتُ ربّي في ولادة ِ باكر ٍ ** وولادة فيها المخاضُ يُبدد ُ

 

وعرفتُ ربّي في الجنين وخلقه ** كيفَ الخلايا والعظامُ توطـّدُ

 

وعرفتُ ربّي عند كل ّ فضيلة ٍ ** أو عند كل ّ بلية ٍ تتعقدُ

 

وعرفتـُك الباري بكـُل ِّ خليقة ٍ ** عطفا ً وميزانا ً وخيرا ً يُوفدُ

 

قل لي اذا في العقل ذرة َ حكمة ٍ ** هل يقبل ُالعقلُ الشكوك َ فيلحدُ

 

********

 

عقلي وفطرة ُما بنفسي شاهد ** ان الوجودَ بلا حكيم ٍ يَفسدُ

 

بل ان للموجود ِ حتما ً واجدٌ ** هذه الحقيقة ُ , فالعقولُ تؤيّدُ

 

الله نور ٌ والوجود ُ كشمعة ٍ** عتماء  من نور الإله تـُوقدُ

 

عجبا ً لمن نكرَ الإله ومنشئا ً ** بالجهل ِ قد عاشَ الرذيلة يُلحد

 

اللهُ موجود ٌبكل حقيقة ٍ  ** وبكل ّ خلق ٍ كان أو يتوجـّدُ

 

اللهُ موجودٌ وأوجدَ عالما ً ** يجري بأمر ٍ لا يزيغ ُ فيُطردُ

 

ان كان حقا للإله عارفٌ ** فهو المفكرُ بالدلائل يعبدُ

 

ان كان في الأكوان رب ٌّ آخرٌ ** لرأيتَ في المخلوق ِ ما لا يُحمدُ

 

لرأيت خلقا ً لا مثيل لنشئه ** وصراع َ ألهة ٍ وخلقا ً يُنفد ُ

 

الفكرُ قد عرفَ الإله كواجد ٍ ** والنفسُ قد فـُطرت لكي لا تـُلحدُ

 

لمْ يأت ِ ربّي من وجود ٍ قبله ** أو كان ربّي والد ٌ يتولـّدُ

 

فهوَ الكمالُ وكلّ شيء ناقص ** وهو الضياءُ بدون نار ٍ تبردُ

 

 الله ُ باق ٍ والوجودُ بذاته ** يحوي الفناءَ فلا يدومُ ويأبدُ

 

لن يلحدوا بالله إلا ذلـّة ً ** ركبوا الضلالة في الجهالة أ ُسعدوا

 

والله ِ لن تـُسعدْ قلوبٌ أنكرت ** ربّا ًرحيما ً مالكا ً يتودّ دُ

 

أني سعيدُ الحظ دوما ً مُسعدا ً ** كوني ولدت على حظون ٍ تحمدُ

 

أني سعيدُ الحظ بت ّ مُوحدا ً ** فخرا ً بنفسي حين قلبي يسجد ُ

 

حظـّي عظيم ٌ إن ولدت ُ بعالم ٍ ** يحوي تـُقاة ً للإله تزهد ُ

 

الحمدُ لله الذي من هديه ** عشتُ الحياة َ مُوحدا ً اتعبد ُ

 

عشتُ الحياة ًَ مجاهدا ًمتأملا ً ** مرضاة َ ربّي حيث ُقلبي يُسعدُ

 

فجهادُ نفسي ضد َّ جور غرائزي ** وخداع  شيطان ٍ جهاد ٌ أجودُ

 

فالحظ ُ أنْ فزتُ الصراع َ بتوبة ٍ ** لله من بعد اليقين وأحمد ُ

 

يا ملحدون فتلكَ بعضُ منافذ ** منها العقولُ ومن علوم ترشد ُ

 

يا ملحدون فما لكم من حجة ٍ ** فالعقل والعلم المُنوِّر  وحّدوا

 

يا ملحدون قفوا , فتلك دلائل ٌ **  للعقل زاد ٌ حين عقل يرصد ُ

 

لا يستوي في العقل ان ّ وجودنا ** منْ لا وجود بذاته يتوجد ُ

 

ما ضرك التقوى وانك مؤمن ٌ ** لكن كفرك بالعذاب يُخلـّدُ

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com