شعر

واحة الكوابيس!

سامي العامري / شاعر وكاتب عراقي / كولونيا

alamiri60@yahoo.de

لن تقوم لي قائمةٌ ما دامَ هيكلي او سريري

منفيّاً في الدورة الدموية لروح الغرب!

وتقبلَ بعفَّتي الرهبانية المزعومة واحدة من إناث الضِباع

هلاّ كففتَ عن رؤية وسماع الأخبار؟

عن الكوابيس؟

ألم تتعلّمْ شيئاً من حكمة الأفعى وثوبِها؟

اذا لم يعجبك وطنك فاستبدلْهُ وانتهى!

هكذا تجشَّأَ أنصارُ أفعى الستربتيز!

لن يستطيع كلُّ هؤلاء أن يهددوا شعرة واحدة من صلعتي الكثَّة!

انا الرجل غير العادي لا في عذابهِ ولا في انسيابه!

 وقبل فترةٍ رسمتُ خطّتي المبالغ فيها,

كان ما في جيبي من النقود يكفي لشراء خيمةٍ بسيطة

ثُم نَصبِها في حديقةٍ عامة

ولكنني بدلاً عن هذا طفقتُ أهرولُ كالمجنون

او كشحّاذٍ ربحَ الجائزة الأولى في يانصيبٍ كوسموبوليتيكي

حتى وقفتُ على أحد أبواب الصحراء

ثم صرختُ بكلِّ ما أوتيتُ من ضجرٍ مُعَلَّبٍ

أطارَ الجائزةَ من خَلاياي قبلَ يدي

وحين سألتُ عن سيارة تقلُّني

أجابوا بأنهم يفضِّلون حملي على الأكتاف

كما تحمل الديوكُ القمرَ على الأعراف

قلتُ لهم وكوابيس أمسي آخذةٌ مني مآخذَ :

البقعة السوداء التي يسمّونها سيماء

في جبهة هذا المخلوق المؤمن المرائي

والتي تشبه الليرة العثمانية الصدِئة

أرموها ,

علِّقوا له بدلها مصباحاً مُطفَئاً على جبينهِ كصُوَّة تُضلّ ولا تهدي

وقولوا لهُ : لن نَدَعَكَ تحيا حتى تتلو علينا سورة البقرة كاملةً

وعن ظهر قلب!

وما بال هولاء؟

خلفهنَّ شاشةٌ واسعة راحت تعرض

لُعبة مصارعة الثيران تلعبُها النساء فقط

عددٌ من مُصارِعات الثيران أعرفهنّ , او هكذا خُيِّل لي

وحَولَ هذا المشهد داخلياً وخارجياً

بدأ خدمٌ ينفضون ريشهم كالطواويس المبتلَّةِ بالزيت

فيما قلبي يخفق سريعاً

وقد استنشقَهُ غبارٌ ذريٌّ

وكان جهازي الكومبيوتر يوشوش وحيداً بِشاشتهِ المُتنمّلة

ثمّ تماوجتْ عيونٌ

عيون سوداء خضراء عسلية صفراء زرقاء

وصوت مختلط : لا تفزعْ .

انتِ؟

سمعتُ دويّاً هائلاً في المكان

ويُطلُّ صوتٌ ثانٍ لا اسم له :

أيها القرد مَن مسَخَكَ الى انسان؟

أيّها المُقْتَصِرُ على نفسك مَن مسخك الى شاعر؟

ورويداً رويداً زال الصوت وتبدَّدَ الضجيج

او تحوّلا الى يدٍ تحاول إيقاظي .

إنهُ إذاً عين الكابوس الذي زارني عدة مراتٍ

ولكن يبدو أنه جاء هذه الليلة بألوان الطيف!

 كيف يتحول مَن يُسَمّي نفسَهُ شاعراً في روح شاعرٍ آخر

 الى كابوس , الى اشمئزاز

وهو الذي يُفترض فيه أن يحمل للظلمات شعلةَ نور؟

كيف تتحوّل العلاقات الإنسانية النبيلة الى ضغائن وأحقاد؟

كيف يتحول الحُبُّ وهو أعظم عاطفة في الكون

الى أتفهِ من سلعةٍ؟

كيف يتحوّل الوطن نفسه الى جلادٍ تمتدُّ سياطُهُ المنقوعةُ

فتسوطُ مَن يرتعش في أقصى قارات هذا الكوكب فَتُسوِّدُ عليه ليلَهُ؟

وهذه الكوابيس الزاحفةُ من هذا الينبوع الشاذِّ عاطفةً ,

من هذهِ الواحة مُريبةِ الإخضرار!

مَن يستطيع أن يستخلص منها قصيدة , أغنية , نشيداً؟

لا أحد , لا أحد , لا أحد بتاتاً

الجميع يهرع برعبٍ الى جرعة ماءٍ وربما الى سيجارة أيضاً

ليستطيع تناسيها, تناسيها فقط وانا أوّلُهم!

لأنه لا يمكن السيطرة على تداعياتها ,غراباتها

ولكنني حاولتُ هذه الليلة , وهذه ليستْ قصيدةً

ولا أغنية ولا قصة كما أنها ليستْ نشيداً

وإنما محاولةٌ لتطويع ما يمكن تطويعه

من علامات . تداخلَ . إشارات ,

ومن ثمّ حَبْسها بأقلِّ قدرٍ من الشعور بالخوف

والخيبة والخجل المُصاحِب

ومحاولةٌ لنقل الجحيم من الدرك الأسفل حيث الحروب

الى جحيمٍ مفهوم ولا أقول مقبول!

شربتُ قهوةً ثُم على إيقاع دخانِ سيجارتي كتبتُ :

 

هذا كتابي

*******

صِغْ حالةً بالذكريات رفيقةً ,

لَحظاتُها مُمتَنَّةٌ كمشاعل الشَّجَرِ

فالويلُ لي ,

هذا كتابي في يميني

والمدامعُ في شمالي ,

وأُذْبِلُ النفْسَ انتظاراً للقطافِ

وللهطولِ على الضفافِ

بحيثُ فيها ما نما طيفٌ من الضَّجَرِ

وكأنَّ ناعوراً يحيطُ بهِ حزامٌ من زنابقَ يانعاتْ

تشكو التألُّقَ والحياةْ

وكخَصْرِ ساقيةٍ يحيط به صدى شهقاتْ!

وأرى الكرومَ يتيحُها جِيدٌ ضَحوكْ

قمرٌ هوى ولِفِتْنَتي

حَمَلَتْهُ أعرافُ الديوكْ!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com