شعر

متقـاعـدون

حسين الحسيني

متقاعدون..

عن ما مضى من الإمضاءات

عن الليل و حلكة الأقدار

عن مقاعدهم و عن جميع عقائدهم .

 

متقاعدون..

عن الشمس و هي تعبر دون إشراق،

عن الفرات و هو يجفف الهور..

و يمرّ على عطش الحسين بصلافةٍ !

 

متقاعدون..

عن تربة الوطن..

و هي تأكل الأجساد المؤمّنة،

عن النخيل..

الذي صار مسنداً للإعدامات

عن القصيدة المكتوبة بأبجدية التملّق..

و حبر الطواغيت.

 

متقاعدون..

عن الطعام الذي لا يُملّح للجياع،

و عن رمضان..

إذا خلا الغروب من مآدب تمتد إلى بطون الأيتام .

سنُمسك عن العراق إذا لم نمسك العصا كريحانة،

و نتماسك كلحاءٍ بلا لحى!

 

متقاعدون..

عما سيأتي من دون إذن و من دون آذان،

عن الشيب و عن مطابع الفقر..

و طوابير الأمل المدولر

 

متقاعدون..

عن الرعد و البرق.. إذا لم ينسلا الكمأة *

و عن المطر إذا لم يغسل التراكمات.

 

متقاعدون عن تركة الدم..

لغائبٍ هرب بالعراق و عاد به مستقيلاً عنّا !

 

سنهجر الريح حين تتعشّق بالغبار،

و الشمس إذا تحجّبت !

 

متقاعدون عن شبق الصيف و النسمة المومس،

عن الزمن..

إذا لم يغازل الليالي برومانسية،

عن الدقائق إذا لم تحبل نشوةً..

و تفقس باقاتٍ بين الأصابع .

 

متقاعدون..

عن التشظي و عن السوط حين يجمّع

نؤمن..

أن العصف يرتب الفوضى،

فالفورة ظلت جارتنا،

و العنفوان صديقنا القديم..

ما زال يزور غبّاً نحولنا.

ما زالت الطقوس سومرية..

و شعائرنا حين نفضنا عنها التراب

عششت الغمة فوق رؤوسنا .

 

متقاعدون..

عن الكسل و قد أبّنته الأباتشي

و العجز الذي بترته التوبة .

 

متقاعدون..

عن العقال إذا ثبت بلاصقٍ

و عن اليشماغ التنكري،

و الدشداشة إذا لم تحزَّم و تطينها البساتين .

 

متقاعدون..

عن الوطن،

من اجل "عراقنا الجديد" ..

كما سنتقاعد عنه ..

من أجل ما كان يدعى وطن !

*******

 

* الكمأة: نبات فطري أحادي الخلية تنمو في الصحارى، تتكون نتيجة الشرارة الكهربائية المتولدة من البرق و الرعد.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com