|
شعر هل هذه بغداد؟ يحيى السماوي / شاعر عراقي مقيم في أيلايد - أستراليا
أغمَضتُ عـن شجر ِ الهوى أحداقي فاسكبْ طِلاكَ عـلى الثرى يا سـاقي ورمَـيْـتُ عـني بُـرْدَة ً أبـْلـَيْـتـُهـا في حَـرْب ِ أشـجاني على أشـواقي وبِصَخْـر ِ صَبْر ٍما التحفـت ُ بغيرِه ِ وأنـا أجـوبُ مـتاهـة َ الآفـاق ِ مـا عُـدْتُ تـنـُّورا ً لـخبـز ِ صـبابة ٍ سُـفـنُ الـمَـسـَرَّة ِ آذنـتْ بِـفِـراق ِ جفَّ الصُّداحُ عـلى فمي وتخثـَّرتْ لغتي ... وفـَرَّ الحرفُ من أوراقي وتعـبْـتُ مـن صوتي أُنادي لاهِـثـا ً وطـني ونخـلَ طـفولـتي ورفـاقي وأحِـبَّة ً مـرّتْ عـلى بـسـتانِهـمْ خـيْـلُ الغـُزاة ِ فأصْحَرَت ْ أعـماقي وأنينَ نـاعـور ٍ وضحـكة َ جَـدْوَل ٍ ورذاذ َ فانـوس ٍ وجَـمْـرَ وِجـاق ِ(1) أشفقتُ ـ من خوفي ـ عليَّ فأحْرَقتْ نـارُ الفـؤاد ِ سُـلافـة َ الإشـفـاق ِ أدْمَـنتُ خـُسـرا ً منذ فجـر ِ يفاعـتي وهْـمُ المُـنى ضرْبٌ مـن الإخـفـاق ِ غـرَسوا الظلامَ بمُقلتي .. فتعطـَّلتْ شَـمْـسـي ونافـذتي عـن الإشـراق ِ المُـطلِقـونَ حمائمي مـن أسـرِهـا شـدُّوا الـتـُرابَ ومـاءَهُ بِـوِثـاق ِ فـإذا بـتحريـرِ العِـراق ِ ولـيْـمَـة ٌ حـفلتْ بما في الأرض ِ من سُـرّاق ِ ما العُجْبُ لـو خانَ الفؤادُ ضلوعَهُ ؟ إنَّ الذي خـانَ العـراق َ عِـراقي ..!! المُـسْـتغيـث ُ مـن الظلام ِ بِظـُلمَة ٍ أدْجـى .. ومـن مُسْـتـنقع ٍ بِذعـاق ِ(2) فإذا النـضـالُ نِخاسـة ٌ مفـضوحـة ٌ فـاحَتْ عـفـونتـُها بـسـوق ِ نِـفـاق ِ وإذا الـطِماح ُ مـناصِـبٌ مـأجـورة ٌ يُـسْعى لها زحْـفـا ً على الأعـناق ِ ولقـدْ رأيْتُ النخـلَ يلطِـمُ سـعْـفـَه ُ خـَجَلا ً مـن الماشيـنَ مـشيَ نِـياق ِ(3) هل هذه ِ بغدادُ ؟ كـنتُ عـرفـتـُهـا تأبى مُـهـادَنَـة َ الـدّخـيـل ِ الـعـاق ِ تأبى مُسـاوَمَة ًعلى شـرفِ الثرى وتجـودُ ـ قـبل الـمـال ِـ بالأرْماق ِ ورثتْ عن "الحُرِّ"الحُسامَ وعزمَهُ (4) وعن " الحسين" مـكارمَ الأخـلاق ِ هل هـذه بغـداد ؟ تـأكـلُ ثـدْيَـهـا فـإذا بِـهـا وعَـدوَّهـا بِـوِفـاق ِ...؟ لو أنّ ليْ أمْـرا ً على قلبي فقـد عَجَّـلتُ مـن تِهْـيامِـهـا بِـطـَلاق ِ عَقـَدَتْ على طينِ العراق ِقِرانَها نفسي فمَهْري ـ خافقي ـ وصِداقي أخفقتُ في عشقي فكنتُ غـريبَهُ إنَّ الـتـَغـَرُّبَ مُـنتهى الإخْـفـاق ِ هذا دمي يا نخلُ .. مُـصَّ رفـيفهُ فلقـد رأيـْتـُك َ ظـامئ الأعْـذاق ِ أسْـعِـفْ خريفي بالربيع ِ لينتشي وردُ المُنى في روضة ِ المُشتاق ِ واكـنـسْ ظلامَ الطائفيّة ِ بالسَّـنا وأعِدْ لِدِجلة َ زورقَ العـشـاق ِ فعسايَ أبتدئ الحياةَ ..فلا أرى وطـني ذبيحا ً والدماءَ سـواقي *** يا أنت يا قلبي أمثلك في الهوى يشـكو مواجعَ غـُرْبَة ٍ وفِـراق ِ؟ أوَلسْتَ مَنْ صامَ الشبابَ مُكابرا ً عن ماء ِ أعْناب ٍ وخبز ِ عِناق ِ ؟ والمُـثـْمِلات ِ لـذاذة ً بِمَـبـاسـم ٍ والمُـمْـطِـرات ِ عذوبـة ً بـمآقي ؟ يا مَنْ أضَـعْـتَ طـفـولة ً وفـتـوَّة ً ماذا سـتَخْسَـرُ لو أضَعْتَ الباقي ؟ هل في جِرار ِ العُمْر ِ غيرُ حُثالة ٍ؟ أطبِقْ كتابَـكَ .. لاتَ وقتَ تلاقي ! *** (1) الوجاق : موقد الحطب (2) الذعاق : المرّ (3) إشارة الى اشخاص بعينهم ذكرهم بول بريمر في كتاب مذكراته "عام في العراق " (4) الحر : هو الحر الرياحي
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |