بحوث  

 

مدى امكان اقامة امبودسمان* عراقي

 

د. مازن ليلو راضي

مركز العراق للابحاث / الديوانية

 

بالنظر لاتساع الدولة بمختلف النشاطات في المجتمع بتأثير التحول الكبير في فلسفة نظام الحكم في العراق، يشعر الفرد العراقي بضرورة تأمين حمايته في مواجهة أعمال الإدارة واستخدامها لامتيازاتها خاصة اذا ما لمسنا ان وسائل الرقابة القضائية الادارية والسياسية غير كافية لمواجهة ممارسات السلطة العامة تجاه الأفراد ونجد الأمر ملحاً بسبب سياسة المشرع العراقي بإيراد العديد من الاستثناءات على الولاية العامة للقضاء وذلك بالنص في بعض القوانين والقرارات على استبعاد المنازعات الناشئة عن تطبيقها عن ولاية القضاء، فلم يعد أمام صاحب العلاقة سوى اللجوء الى التظلمات الادارية.

وفي أحيان أخرى قصر المشرع النظر في المنازعات على لجان او مجالس ادارية او شبه قضائيؤة ولا يخفى ما لهذه اللجان من سلبيات تجعل عملها لا يرقى للمستوى المطلوب، كما ان صدور قانون تعديل قانون مجلس شورى الدولة والذي تم بموجبه تشكيل محكمة القضاء الاداري قد حدد اختصاصات المحكمة بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الادارية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي بعد نفاذ هذا القانون والتي لم يعين مرجع للطعن فيها.

 وقد استثنى هذا القانون من ولاية القضاء الاداري اعمال السياة واعتبر من اعمال السيادة المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية كما استثنى القرارات الادارية التي تتخذ تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية وفقاً لصلاحياته الدستورية والقرارات الادارية التي رسم القانون طريقا للتظلم منها او الاعتراض والطعن فيها.

امام هذه الاستثناءات الخطيرة عن رقابة القضاء والعيوب الكثيرة التي تكتنف الرقابة الادارية نجد ان الانسان العراقي بحاجة الى المزيد من الحماية وان في استحداث نظام المفوض البرلماني الضمانة الأكيدة لتوفير ذلك ولا نجد أي مانع من الأخذ بها. كما ان نص قانون ادارة الدولة الجديد يشكل الارضية المناسبة لانشاء مثل هذا النظام خاصة بعد انتخاب المجلس الوطني العراقي ومنحه اختصاصات رقابية كبيرة.

وعلى الرغم من منح تلك الصلاحيات نجد ان سلامة هذه الممارسة الرقابية تقتضي أن تكون من خلال جهاز رقابي منبثق عن المجلس الوطني ومستقلا عنه في ذات الوقت، فأعضاء المجلس الوطني المكنين للجانه لا يملكون الوسائل الكفيلة لممارستهم تلك الرقابة، كما ان في منح هذه الرقابة لاعضاء المجلس اشغال لهم عن الوظائف الأكثر أهمية الواجب ان يضطلعوا بها علاوة على تقيد انعقاد المجلس بفترة زمنية محددة وعدم منح سلطة تلقي الشكاوي مباشرة من الافراد وعدم وجود الاجهزة المناسبة لمتابعة تلك الطلبات او الرد عليها، كلها امور تدعو الى ايجاد نظام رقابي جديد منتخب عن المجلس الوطني يتولى مهمة الرقابة على دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط ونقترح ان يطلق عليه اسم (مفوض المجلس الوطني) وفيما يلي الصورة المقترحة لنظامه القانوني:

 

قانون مفوض المجلس الوطني

 المادة 1: ينتخب المجلس الوطني في جلسته الاولى وبأغلبية ثلثي عدد اعضائه، وبناء على اقتراح ثلاثون عضواً منه شخصاً يسمى مفوض المجلس الوطني يتولى مهمة الرقابة على دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط والتأكد من سلامة تطبيق القوانين والانظمة والتعليمات وتوجيه المواطنين الى حسن ادائهم لأعمالهم وحماية حقوق الافراد وحرياتهم.

المادة 2: في حالة عدم حصول أحد المرشحين على نسبة ثلثي عدد الأعضاء تعاد الانتخابات ويعتبر فائزاً من يحصل على اغلبية عدد الأصوات.

المادة 3: يشترط فيمن ينتخب لهذا المجلس:

1ـ أن يكون عراقياً بالولادة ومن أبوين عراقيين.

2ـ أن يكون حاصلاً على مؤهل عال في القانون.

3 ـ أن يكون حسن السمعة والسلوك.

4 ـ لم يحكم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف.

المادة 4: يعين مفوض المجلس الوطني ثلاثة نواب يختص احدهم بالرقابة على الاجهزة الادارية للدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط والثاني بالرقابة على القوات المسلحة اما الثالث فيختص بحماية حقوق وحريات الافراد.

المادة 5: يشترط في نائب مفوض المجلس الوطني ما يشترط لهذا الأخير.

المادة 6:

1 ـ يتولى المفوض منصبه لمدة اربع سنوات قابلة للتجديد تبدأ من تاريخ انعقاد اول اجتماع للمجلس الوطني وينتهي في اول اجتماع للمجلس الجديد، ويعتبر تجديد عمل المجلس تجديداً لفترة عمل مفوضه.

2ـ لا يجوز عزل مفوض المجلس الوطني إلا في الأحوال التالية:

1ـ اذا عجز المفوض عن ادائه لمهمته.

2ـ اذا أتى عملاً مخلا بالشرف والكرامة. ويجب ان يتخذ قرار العزل بأغلبية ثلثي عدد اعضاء الجمعية الوطنية وان يتم انتخاب مفوض جديد خلال مدة عشرة ايام من تاريخ العزل.

المادة 7: للمفوض ان يعين ما يراه ضرورياً من الموظفين لمساعدته في اداء مهامه.

المادة 8: في سبيل قيام مفوض المجلس الوطني بأداءه للمهام المناطة له ما يلي:

1ـ أن يتلقى الشكاوى والطلبات التي يرفعها له الأفراد عن طريق ممثليهم في المجلس الوطني.

2ـ اجراء التفتيش على دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمختلط والسجون والمستشفيات ودوائر الاصلاح والتأهيل للتأكد من سلطة تطبيق القوانين والأنظمة والتعليمات وله في سبيل التأكد من صحة ما قدم اليه من طلبات الاطلاع على الوثائق والمستندات والسجلات، إلا إذا قرر رئيس الجمهورية ان الاطلاع عليها يهدد المصالح العليا للدولة.

3ـ لمفوض المجلس الوطني استدعاء اي موظف للاستفسار او طلب المعلومات التي يجدها ضرورية لاداء وظيفته.

المادة 9: في حالة ثبوت خطأ الادارة او تقصير الموظف، لمفوض المجلس الوطني أن يطلب للموظف تعديل او الغاء او تبديل قراراته ويعين المفوض مدة معينة للاجابة على طلبه، فإذا رفض الموظف هذا الطلب او انقضت المدة المعينة لاجابته للمفوض ان يوجه اليه عقوبة لفت النظر أما إذا وجد فرض جزاء اخر رفع توصية بذلك الى الوزير المختص وفي حالة عدم الاتفاق على فرض الجزاء يرفع الأمر الى المجلس الوطني.

ولمفوض المجلس الوطني أن يطالب الجهة التي يتبعها الموظف بتعويض من لحقهم الضرر من جراء القرار او التصرف الاداري.

المادة 10: يلتزم المفوض بالرد على الشكوى او الطلب المقدم له خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً من تسلمه له.

المادة 11: لا يدفع المواطن اي رسوم او اتعاب مقابل شكواه.

المادة 12: يلتزم مفوض المجلس الوطني بتقديم تقرير سنوي للمجلس الوطني يشتمل على ما انجزه من اعمال خلال السنة السابقة.

ويبحث التقرير اوجه القصور في اعمال الاجهزة الادارية في الدولة ويبين ما يراه ضرورياً من اصلاحات تشريعية وتجري مناقشة هذا التقرير بصورة علنية.

المادة 13: المفوض مسؤول عن اعمال موظفيه العاملين في مكتبه وله ايقاع العقوبات التأديبية بحقهم.

المادة 14: يخرج عن اعمال مفوض المجلس الوطني اعمال القضاء وأعمال المواطنين العاديين.

المادة 15: يكون المفوض بدرجة وزير ونوابه بدرجة وكيل وزارة.

 

----------------------------------------------------

الامبودسمان:

الامبودسمان كلمة سويدية يراد بها المفوض او الممثل، وهو شخص مكلف من البرلمان بمراقبة الادارة والحكومة وحماية حقوق الافراد وحرياتهم. ويعتبر وسيلة لتحقيق التوازن بين سلطة البرلمان والسلطة التنفيذية وللحد من تعسف هذه الاخيرة في استخدامها لامتيازاتها في مواجهة الافراد.

 

 

 

  

 

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com