بحوث

حكايا سومر .. انخدوانا ابنة سركون الاكدي تحكي حكايات

أمل بورتر

mcinfcen@hotmail.com

عندما استولى سركون الاكدي على اور وابطل استحكاماتها العسكرية ادي الطاعة والاحترام لألهة المدينة، اعتبرت هذه خطوة سياسية لبقة لكسب احترام ومودة سكان اور الناطقين باللغة السومرية, كما وان المعابد التي كانت تتهدم لسبب او اخر كان يحتفظ باحجارها وتدفن في المعابد الجديدة التي يتم بناؤها احتراما وتقديرا لقيمتها الروحية*.

عندما نقب ليونارد ووليي عن الاثار في اور وجد لقية محفور عليها شخوص من بينها امرأة برداء مسبل انيق وقبعة عالية، هذه الشخصية المميزة هي انخدوانا ابنة سركون الاكدي،, وهذه ليست اللقية الوحيدة التي تحكي لنا عن هذه الاميرة – رئيسة الكاهنات اذ وجدت لقى اخرى من فخاريات واجحار كريمة وغيرها تحدثت بشئ من التفاصيل عن هذه الفترة الزاهرة من اور، تحكي لنااثار اور عن الطقوس والعادات، وعن التطور والتغير في تصميم الملابس وظهور ما يشبه العقال كلباس راس للرجل والاقراط الهلالية بالنسبة الى النساء.

كما وطرأ تغير واضح جدا في التركيبة التشكيلية وخاصة في الانشاء التصويري وفي عرض مواضيع الاختام الاسطوانية التي تعتبر سجل لما كان يدور في هذا المجتمع،اذ تم وضع مسافة بين الشخوص حسب اهميتها، وتوضيف الفراغ في الخلفيات لاعطاء اهمية للاشكال عامة،وجرى التاكيد على تفاصيل عضلات الانسان والحيوان و مع شئ من المبالغة في الحركة كما وتم التاكيد بوضوح على اظهار اهمية الفعاليات الدينية ودور الالهة*

 وكما يبدو لنا ان الاميرة انخدوانا كانت رئيسة كاهنات المعبد وهذا تقليد سومري حافظ عليه سركون، ولكن عندما اعاد اهل اور ولكش سيطرتهم على المدينة اصبحت اينانابيدا ابنة اور باو هي رئيسة كاهنات المعبد ومما تجدر الاشارة اليه لقد خلف اور باو في الحكم ثلاثة من ازواج بناته واشهرهم كوديا.

 انخدواناالان اعيد لها مجدها واصبح اسمها علامة ورمزا ومنبرا ثقافيا مهما، اسم انخدوانا مطبوع على اوراق وبرامج ثقافية ونشاطات اكاديمية فنية بسبب ان امرأة انجليزية اختارت ان تكون الحكايا السومرية محور نشاطها الثقافي والفني، وان تكون مصدرا للوعي الحضاري وتقارب الثقافات وتلاقي وتلاقح الافكار وان انخدوانا الشاعرة والاميرة هي الملهمةو العنوان والنجمة التي تلمتع حولها نشاطات السيدة فران هزلتون.

 تخرجت فران هزلتون من جامعة اوكسفورد باختصاص في السياسة والفلسفة والاقتصاد ثم قادها ولعها بالكتابة والتمثيل الى نشاطات فنية متعددة ولكن اهتمامهاا نصب على دراسة حضارة العراق القديمة واكملت الماجستير من جامعة الدراسات الشرقية والافريقية متخصصة في تاريخ الشرق الاوسط وبالتحديد العراق.

 استلهامتها نبعت من تأثرها بالشاعر الكردي رفيق صابر، وفي الثمانينات من القرن الماضي قادها هذا الى ان تصبح ناشطة في حقوق الانسان ومدافعة عن الشعب العراقي من خلال جمعية (كاردري) التي تراسها الوزيرة البريطانية ان كلويد وتولت فران هزلتون سكرتاريتها.

في التسعينات من القرن الماضي قامت فران بزيارت عديدة الى مناطق شمال العراق -كردستان واشتركت في برنامج تلفزيوني عنوانه حقول صدام القاتلة، بعد عودتها من العراق اخذ اهتمامها بحضارة العراق ياخذ بعدا اكثر اهمية وجدية ووسعا وخاصة فيما يتعلق باساطير وادي الرافدين.

 نتيجة لدراستها وولعها الفني واهتماماتها المتعددة نمت لدي فران القابلية على سرد حكايات وادي الرافدين وقررت ان تطور موهبتها هذه وذلك بالتعمق في دراسة حضارة العراق على يد الدكتور البرفسور اندرو جورج المختص بالفترةالبابلية.

 هذه الدراسة المتعمقة بحضارة بابل جعلت فران تتمكن من فهم اساطير وادي الرافدين بشكل اعمق، واصبحت ترويها للسامعين بكثير من الاحساس والصدق معبرة عنها بعمق مصورة ابعادها الفنية بكثير من الشاعرية والرقة متضمنه الحكمة والمعرفة والخيال الخصب المرهف والتي هي صفات واضحة لملاحم وقصص واساطير وادي الرافدين.

 منهاج فران هسلتون الثقافي والفني المعد مسبقا لتقديم قصص وادي الرافدين حافل فهي تاخذ قصصصها الى اماكن متفرقة والى مدن بريطانية متعددة وقاعات مختلفة ومناسبات عديدة و قد يشاركها نشاطاتها هذه الفنان العراقي عازف العود احمد المختار والفناة المبدعة عازفة القيثارة تارا الجاف وعازف لفرقة الطبول فريد زودان كما ان اندي لوجن والفريق الذي اعاد القيثارة السومرية الى الحياة مجددا حضورة الواضح مع فران وروايتها لقصص وادي الرافدين.

 تقول فران اخترت انخدوانا علما وشعارا لنشاطاتي الثقافية والفنية لانها كانت اول شاعرة او امرأة تلقي الشعر في في اكد واتخيلها كرئيسة الكاهنات في المدن التي تشبعت بالحضارة السومرية تجلس على دكة المعبد وعازافات القيثارة من حولها وهي تترنم بملاحم سومر وانجازات والدها سركون الاكدي وقد تستقرأ المستقبل فتتنبئ بعظمة بابل واشور.

 كما وان فران هزلتون ومجموعة من المهتمين بحضارة وادي الرافدين قد اسسوا منظمة زايبناج لرعاية ونشر وترويج الوعي الثقافي بحضارة وادي الرافدين وهذه المؤسسة هي المظلة التي ترعى نشاطات انخدوانا وتقدم لها الدعم المعنوي والمادي وهذاالاسم سومري يعنى النفس والمغزى من اطلاق هذه التسمية هو اطلاق نفحة نفس جديد في النصوص العراقية القديمة لغرض احيائها.

 اللغةالسومرية كانت لغة الادب والعلم و والغة الرسمية للدولة واللغة التي تتخاطب بها النخبة، وكما يبدو لنا من القصص والحكايا التي وصلتنا على الرقم الطينية ان الشعب الذي استوطن اور كان على درجة عالية من الثقافة والاطلاع وان الاغلبية وحتى عامة الشعب كانت تتخاطب باللغة السومرية

اختارت فران هذه القصة الظريفة لروايتها على مسامع جمهور شغف بالحضارة العراقية ويطمح لمعرفة المزيد.

 

عنوان القصة لماذا تعلنين

 تقول القصة

 كان ياما كان كان يوجد معلم للخط والكتابة، من مدينة نفر، في يوم ما عضه كلب، فذهب المعلم الى ايسن مدينة الاطباء والشفاء بحثا عن علاج .

 في ايسن وجد طبيبا عالجه علاجا شافيا، اغطبت المعلم ودعى الطبيب لزيارته في نفر ليرد له الجميل. وقال المعلم للطبيب

- سافرش لك غطاء مائدة ابيض واقدم لك افضل اللحوم والجعة الباردة لو زرتني في نفر

 رد عليه الطبيب

- واين ساجدك في نفر، ما هو عنوانك

- ادخل المدينة من بوابتها الكبيرة وسير في الشارع الذي سيؤدي الى ساحة تيلازيدا وعلى يسارك ستمر بشارع نسكو وشارع نينيمينا وحالما تصل الى ساحة تيلازيدا ستجد بائعة خضار تفترش الارض في الحديقة وتجلس على العشب الاخضر اسمها نن لوجال ابسو* وهي التي ستدلك على بيتي.

عاد معلم الخط والكتابة الى بيته في نفر مسرورا مشافى معافى

وبعد فترة لم تطل سافر الطبيب من ايسن متوجها الى نفر لزيارة المعلم.

 دخل المدينة من بوابتها الكبيرة سار على الطريق المؤدية الى ساحة تيلازيدا وعلى يساره شاهد شارعي نسكو ونينيمينا حتى وصل الى ساحة تيلازيدا وفي الحديقة وعلى العشب الاخضر وجد بائعة الخضار قال لها

- هل انت نن لوجال ابسو

 ردت بائعة الخضار قائلة

- اني لوجالمو

 قال لهاالطبيب

- لماذا تلعنينني، اذ ان بائعة الخضار تكلمت بالسومرية ولم يفهم الطبيب

ولكنها ردت عليه قائلة

- انا لم العنك بل قلت لك نعم ياسيدي

- اين اجد معلم الخط الذي كان قد عضه كلب

- نام تسوهيمن

- لماذا تلعنينني، قال الطبيب

- انا لم العنك بل قلت لك انه ليس في البيت

- اين هو اذن

- ايدنجربي شوزويانا سزكور جاباري مونبالا،ا قالت بائعة الخضار

- لماذا تلعنينني قال الطبيب

- انا لم العنك قالت بائعة الخضار بل قلت لك انه في المعبد يقدم التقدمات لمعبودته شوزويانا

ياله من طبيب غبي لم يتعلم اللغة السومرية، ومااذا يحدث للغبي الذي لا يعرف اللغة السومرية في نفر؟ يطارد عبر بوابتها الكبيرة الى خارج المدينة ومن الذي يطارده الى بوابة نفر الكبيرة ؟ يطارده طلاب الخط والكتابة وماذا يهزون بوجهة وهو يحاول الهرب عبر بوابة نفر الكبيرة؟ يهزون بوجهة الرقم الطينية وما النص المكتوب على تلك الرقم الطينية؟

هذه القصة مكتوبة على تلك الرقم الطينية.

 هذه احدى القصص التي ترويها فران هزلتون وهذه القصة سمعها جمهور غفير مرة في قاعة اكتوبر في لندن سنة 2004 والمرة الاخرى خلال انعقاد مؤتمر مؤسسة اثاري الشرق الاوسط في جامعة اكسفورد شهر كانون الثاني سنة 2005

ان فران هزلتون قد استقت قصصهامن كتاب ترجمة الادب الاكدي لبنجامين فوستر الصادر سنة 1996 والقصة مكتوبه اصلا على رقيم طيني ما بين سنة 1000- 100 قبل الميلاد وكما يبدو لنا ان اللغة السومرية كانت درس الزامي على كل طلبة نفر وان اهل نفر يتفخرون بان حتى بائعة الخضار في مدينتهم تتكلم السومرية بطلاقة في حين ان اطباء مدينة ايسن يعتبرون اغبياء وجهلاء رغم حذقهم لمهنتم لمجرد انهم يجهلون السومرية هذه اللغة العظيمة.

 ان حضارة وادي الرافدين الغنية ستبقى ابدا منارا وموضع استلهام للكثير من المهتمين بالتراث والفن وستكون منبرا لتلاقي الحضارات.

 

* فضلت كتابه الاسم بحرف ال خ وليس الهاء اذ وجدته اقرب الى الروح السومرية واعتذر ان بدا هذا نوع من التصرف

*(انظر تقارير وولي عن حفريات اور ضمن كتاب اور للكدانين منشورات هربرت بريس ص 128)

* حرف ج هنا يلفظ مثلما في اللهجة المصرية


 
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com