بحوث

نالت عليها الباحثة سهيلة شندي درجة امتياز :

غلادستون والقضية الايرلندية في رسالة دكتوراه بجامعة بغداد

 

جرت في قسم التاريخ في كلية الاداب بجامعة بغداد بحضور الدكتور حاتم جبار الربيعي مساعد رئيس جامعة بغداد مناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدمت بها الباحثة سهيلة شندي وحملت عنوان (وليام غلادستون والقضية الايرلندية 1868 ـ 1892

وقد تالفت اللجنة من : أ.د. كمال مظهر أحمد رئيساًو أ.د. صادق السوداني مشرفاً وأ.د. نشأت العاني وأ.د. حسن علي سبتي وأ. م.د. عبد الأمير محسن وأ. م.د محمود القيسي ( اعضاء )

وقدمت الباحثة ملخصا عن رسالتها جاء فيه " أثارت القضية الايرلندية صراعا طويلا ومحتدما على المسرح السياسي البريطاني منذ الاحتلال الانكليزي لايرلندا عام 1170 وحتى الوقت الحاضر، وعلى الرغم من وجود اتفاق عام بين رجال الدولة البريطانيين بان ايرلندا تحتاج الى اصلاح، الا انهم كانوا مختلفين في الراي حول المبدأ الذي يجب ان يؤدي الى مثل هذا الاصلاح، ومع ذلك صدرت العديد من القوانين لاصلاح الاوضاع في ايرلندا، الا ان اقل ما يقال عنها انها اصلاحات سطحية او بسيطة ولم ترق الى مستوى طموح الشعب الايرلندي؛ فرجال الدولة البريطانيين كانوا مستعدين لاصلاح الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، الا ان احدا منهم لم يفكر بإصلاح اوضاعها السياسية عن طريق منحها برلمان منفصل عن البرلمان البريطاني، والذي كان مطلبا ثابتا للحركة الوطنية الايرلندية. لكن ومنذ منتصف القرن التاسع عشر بدأ الاهتمام بالقضية الايرلندية يأخذ منحى آخر، ولاسيما بعد تولي وليم غلادستون رئاسة الوزارة عام 1868، والذي اشر عهدا جديدا في التاريخ الايرلندي.

 يعد غلادستون من اشهر رؤساء الوزراء البريطانيين في القرن التاسع عشر، فقد خدم رئيسا للوزراء لاربع دورات وزارية، الأولى ( 9 كانون الأول 1868 – 16 شباط 1874) والثانية ( 28 نيسان 1880 – 9 حزيران 1885) والثالثة (3شباط-20تموز) والرابعة (16 آب1892-3 آذار 1894) وخلال وزاراته الاربع برزت القضية الايرلندية بشكل واضح وكبير. فبسبب المشاكل التي كان يثيرها الايرلنديون، والتي سببت إحراجا كبيراً للحكومة البريطانية، اعلن غلادستون في بداية وزارته الأولى ان مهمته تهدئة ايرلندا. وبالفعل أبدى اهتماما غير مسبوق بايرلندا، وعمل على إصدار قوانين الغرض منها إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية، فقد اصدر قانون إلغاء الصفة الرسمية للكنيسة الإنكليزية في ايرلندا، كما اصدر قانوني الأرض الأول 1870 والثاني 1881، وعندما وجد ان الحقوق الدينية والاقتصادية التي حققها لايرلندا لم تؤدِ الى أحداث تغيير جوهري في تبعية ايرلندا السياسية للتاج البريطاني كونها لب الصراع البريطاني – الايرلندي اهتدى غلادستون الى قضية الحكم الذاتي، لذلك كانت قيادته خلال وزارتيه الاخيرتين مرتبطة اكثر مما سبق بالسياسة الايرلندية التي شهدت تطورات كثيرة خلال هذه المدة.

 واضافت الباحثة "من هنا جاء اختياري لموضوع ((وليم غلادستون والقضية الايرلندية 1868-1894)) موضوعاً لأطروحة الدكتوراه بعد تشجيع استاذي الفاضل الدكتور صادق السوداني و حثه على الخوض في احداث التاريخ الاوربي، ولا سيما القضية الايرلندية.

وحول غلادستون قالت "ولد وليم ايوارت غلادستون (William Ewart Gladstone) في التاسع والعشرين من كانون الاول عام 1809في ليفربول من عائلة بروتستانتية تنتمي للطبقة الوسطى واكمل تعليمه الديني في اوكسفورد الا انه كان محتارا بين ان يصبح رجل دين ام يدخل عالم السياسة وبعد تفكير عميق اختار السياسة ،لاعتقاده ان بإمكان رجل الدولة ان يوظف سلطته لخدمة الكنيسة .

كان غلادستون دائما في حاجة إلى قضية يلزم نفسه بها. فعندما يجد قضية ما يبدي طاقات لا يمتلكها البشر العاديون، وكان بحثه عن الأسباب هو ما يمكنه من فرض سيطرته على الطاقة الكامنة التي تعتمل داخله. فلم يكن يصدر حكما في مسألة ألا بعد ان يقلبها من كل وجوهها، وينظر في كل ملابساتها وفي كل الأدلة المتعلقة بها، واثقا انه مصيب فيها تمام الاصابة، فلم يكن في أعماله مكان للندم. وقد غير آراءه مرارا ولكنه لم يتبنَ رأيا إلا وهو مقتنع بصحته ولم يتركه إلا حين يقتنع بخطئه، وقد قال في إحدى المرات (( لقد أخطأت مرات كثيرة في أعمالي السياسية، ولكن الله يعلم أني لم اقل شيئا ولم افعل شيئا إلا وأنا معتقد بصحته والله على ما أقول شهيد)).

فعلى الرغم من ان غلادستون عمل الكثير من اجل بريطانيا واصدر العديد من القوانين الخاصة بالتعليم والجيش والقضاء والكنيسة واصلاح قوانين العمل واصدار قوانين الغرض منها تطوير النظام البرلماني في بريطلنيا الا ان القضية الايرلندية تبقى هي القضية الاكثر اهمية والتي استحوذت على اهتمام غلادستون ولهذا فانه التزم القضية الايرلندية، وحاول ايجاد الحل لها خلال وزاراته الاربع .

ومع ذلك يمكن القول ان هناك اربع دوافع حقيقية وراء اهتمام غلادستون بالقضية الايرلندية وايجاد الحل لها او على الاقل وضعها على طريق الحل: شخصي و حزبي و وطني و انساني محدود الافق والاطار تحكمه مفاهيم الحكم الذاتي لايرلندا لا الاستقلال التام، فهو يعتقد ان ايرلندا يمكن ان تشكل ثقلا انتخابيا يعزز موقف الاحرار في الانتخابات العامة فضلا عن ان حل القضية الايرلندية سوف يعزز من موقفه وموقف حزبه داخليا وخارجيا ولا سيما في الدول التي يعيش فيها ايرلنديون كثيرون مثل الولايات المتحدة واستراليا وكندا ونيوزيلندا مما يقلل من التوتر داخليا وخارجيا. كما انه كان يؤمن بأهمية أن تحكم الشعوب نفسها وبذلك تتحقق روح الأخلاق المسيحية التي كان دوما يسعى إلى تحقيقها.

 كما يعود الفضل الى غلادستون في اتجاه الايرلنديين الى الأسلوب السلمي في الحصول على حقوقهم فقد ادت الاخفاقات الثورية التي تجسدت في أعمال العنف المنظمة وغير المنظمة، المنضبطة والمنفلتة دورا مشهودا في توجه القوى السياسية لايرلندا نحو تفعيل العمل السياسي باعتباره أسلوبا لا يستلزم خسائر من جهة ولا يستلزم ردود أفعال بريطانية وبروتستانتية ابعد ما تكون عن الانضباط والروح العسكرية أو الأمنية المنتظرة من سلطات رسمية أو شبه رسمية تنضوي تحت عبارة السلطة من جهة أخرى. فضلا عن ان الأساليب السلمية قد توصل الايرلنديين الى اهدافهم بعد ان إلحاق الفشل بجهودهم الثورية ولم يحصدوا منها غير المرارة والاحباط. لذلك تقلصت اعمال العنف التي كانت منتشرة في ايرلندا وبريطانيا وحصل الايرلنديون على العديد من الامتيازات ولا سيما فيما يخص موضوع الارض لان المشكلة الزراعية كانت من بين ابرز القضايا التي تمحورت حولها القضية الايرلندية لأن طبيعة المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها ايرلندا ولاسيما فيما يتعلق بالتمسك بالارض، واتجاه الايرلنديين نحو الاحتجاج حول قضية الأرض كان الأكثر تنظيما ودعما، وبسبب تأثير هذا الاحتجاج قام غلادستون بتحقيق إنجاز كبير فيما يتعلق بقضية الأرض بإصداره قانوني الأرض الأول عام 1870 والثاني عام 1881، ورغم ان هذان القانونان لم يحققا ما كان يصبو الشعب الايرلندي الى تحقيقه، الا انهما كانا فاتحة عهد جديد للاصلاح الاقتصادي في ايرلندا، والذي سارت عليه قوانين الارض التي صدرت في السنوات اللاحقة.

واخيرا لابد من القول ان سنوات حكم غلادستون شهدت تقدما في فهمه لطبيعة القضية الايرلندية ومداخلاتها وتشعباتها، مما جعل استيعابه لمعطياتها وتطوراتها افضل بمرور السنوات، مما يجسد فهمه التدريجي المتعمق لابعاد القضية ولشخصيته الفاعلة فيها والمؤثرة عليها، الامر الذي جعله يتعاطى معها تعاطي المدرك لطبيعتها، المستوعب لدقائقها، مما جعل مقترحاته المتدرجة لوضعها على طريق الحل مقبولة رغم كل شيء.

وبعد الاستماع لملاحظات اعضاء اللجنة قررت اللجنة منح الباحثة سهيلة شندي درجة الدكتوراه في التاريخ بدرجة امتياز واوصت بطباعة الرسالة .

 

 

 

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com