بحوث

الزواج المقدس.. رمزاً للخصب وتجديداً للحياة السومرية (القسم الأول)

حسين الهلالي

 huseinalhilaly@yahoo.com

ان ما دونه الكتاّب السومريون ونسخه الناسخون هو تراثاً خالداً يخص حياتهم اليومية وتأريخهم وما تمثّل بسلوكهم من أعمال خلدها التأريخ، لقد اصبح هذا التاريخ الثر مناراً تهتدي به جميع الشعوب القديمة وارتكازة كبيرة في المعرفة للشعوب اللاحقة.

لقد كتبوا عن كل ما يعرفونه في الطب والصيدلة، والرياضيات والحساب والجبر والهندسة والنباتات والحيوانات وكتبوا عن الكواكب والقمر والفنون والآداب التي شغلت حيزا كبيراً في حياتهم وعن العادات والتقاليد وعن الطقوس الدينية والكهان والكاهنات وعن المعابد وبنائها، ونظموا واجباتهم تنظيماً دقيقاً، فمن حق هذا الشعب أن ينتزع الإحترام من شعوب العالم القديم، وموضع دهشة وتقدير من العالم المعاصر. ولا ننسى حقد الطامعين وتكالبهم وشنهم الحروب على بلاد سومر ولحد هذه اللحظة لم تنفك كل الحكومات والجيوش من صراعها على العراق للسيطرة عليه ونهب خيراته وطمس حضارته ونهب آثاره التي هي الشاهد الوحيد على أصالة هذا الشعب وعراقته.

لقد تركوا لنا العديد من الأساطير والعادات والتقاليد والطقوس الدينية ومن هذه الطقوس (الزواج المقدس)، لقد كانت هذه الأساطير والعلوم والمراثي وقصائد التمجيد للملوك تنتقل شفاهاً قبل ظهور الكتابة المسمارية من قبل الشعراء والأدباء والرواة،وطقس الزواج المقدس عادة قديمة توارثها الشعب السومري عبر الأجيال، فهي تقام سنوياً في الربيع في عيد رأس السنة وابتداءأًً من (اسطورة الخصب) بزواج الالهة.. انانا من زوجها دموزي (تموز) كما جسدته الأساطير السومرية.

ان الزواج المقدس الذي يتم سنوياً، يقوم به ممثلوا الالهة من البشر كالملك أو الكاهن الأعظم ويتقمص شخصية دموزي الزوج الإله، بينما تقوم الكاهنة العظمى بدور الزوجة الالهة.. انانا في احتفال كبير يعرف بالزواج المقدس..

لقد بدأ الزواج المقدس في زمن الملك. انميركار.. في حدود (2750 ق.م) ثاني ملوك سلالة  الوركاء الأولى، وقد أتخذ شكلاً واضحاً في رأي الباحثين في زمن الملك دموزي في حدود (2700 ق.م) رابع ملوك رابع ملوك سلالة الوركاء الأولى والذي يفصله عن انميركار ملك واحد.

وذكر الأستاذ كريمر في مؤلفه (طقوس الزواج المقدس) (يعتقد ان فكرة الزواج المقدس كانت بدعة أوجدها كهنة الوركاء، وذلك عندما جعلوا من ملكهم دموزي زوجاً لإلهتهم – انانا – (عشتار) التي كان مركز عبادتها في مدينة الوركاء وانه نتيجة لزواجه القدسي هذا أضفى الكهنة عليه صفة الألوهية، وبهذا صار وبقي الهاً في ذاكرة الأجيال على مر العصور).

وهناك رأي آخر.. ان فكرة دموزي موغلة في القدم وسبقت هذا التصور بأجيال.

وقد تطورت العقيدة الدينية عند سكان وادي الرافدين حيث جعلوا لكل اله مدينة زوجة خصوها مثله بالعبادة، وانهم يحتفلون بزواجهم.. و بان ذلك الزواج الإلهي سيحقق وعلى غرار زواج دموزي من أنانا – زيادة في العطاء والخيرات في مظاهر الطبيعة وقد أكد كوديا (في حدود 2150 ق.م) أمير مملكة لكش الثانية وبالغ في هدايا الزفاف في الزواج المقدس. ويعطينا الدكتور فوزي رشيد الصورة الأدنى والأعمق في كتابه (الأمير كوديا) من خلال كتابه،من الكتابات على التماثيل الخاصة بالأمير كودياوالتي تبين  بأنه كان المسؤول المباشر عن تحضير هدايا الزفاف لعروسه في طقس الزواج المقدس، الذي يتم اقامته في بداية كل سنة جديدة، أي في ربيع كل عام، والعريس في هذا الزواج يقوم بتمثيل دور الالهة (ننكش زيدا) والعروسة فيه تقوم بتمثيل دور الالهة – بابا – احد الالهات الرئيسية لمدينة لكش، والشيء الجديد في هذه الكتابة هو ان الأمير كوديا بين لنا نوعية الهدايا التي كانت تقدم للعروس ليلة الزفاف من قبل قيامه ببناء معبد الالنيتو للاله ننكرسو وكيف انه أضاف اليها كميات اخرى بعد اتمامه المعبد المذكور وفضلاً عن ذلك فقد ذكر بأن سلالة لكش بدأت تعيش حالة من الرخاء والأمن والإستقرار وهذه الهدايا هي (ثور مسمن، خروف له الية، ثلاث خراف مسمنة، ستة أكباش، حملان سعة – شوتو – سبع جرار من زيت الأمراء، سبع فسائل، سبعة عذوق من التين سبع قطع من الكيك، أوزة واحدة، سبع بطات، خمسة عشر طيراً من نوع كوركي، ستين طيراً من الحجم الصغير منقولة بخمسة عشر قفصاً، ستين كن من السمك البني، علماً بان الكن يساوي 8.4غم من أوزاننا الحالية، 30 كو من الفاصوليا اليابسة علمأً ان الكيلو الواحد يساوي 30.3 كيلو غرام من اوزاننا الحالية، 7 كو من الفاصوليا الخضراء، وكو من حطب الطرفة لأغراض الطبخ.

 

المصادر

01 الواح سومر – صموئيل كريمر – ترجمه طه باقر

02عشتار ومأساة تموز – د- فاضل عبد الواحد علي

03سومر أسطورة وملحمة – د-فاضل عبد الواحد علي

04أساطير سومرية 0 صموئيل كريمر.

05 الأمير كوديا – د- فوزي رشيد.      

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com