بحوث

عقوبة الاعدام في القانون الوضعي والشريعة الاسلامية

د. مازن ليلو راضي

مركز العراق للابحاث / الديوانية

lilo70@maktoob.com

عرفت التشريعات القديمة والحديثة العديد من صنوف العقوبات القاسية منها العقوبات البدنية ومنها السالبة للحرية ومنها العقوبات المالية وكان الهدف الرئيس من هذه العقوبات ايلام الجاني تكفيرا عن الذنب الذي ارتكبه واشفاء غليل المجنى عليه او ذوبه ومع ان الاتجاه الحديث في قانون العقوبات يميل نحو اعتبار ان الهدف الرئيس من العقوبة هو ردع المذنب واعادته الى المجتمع عضوا صالحا فيه وانه لا يجوز ان يفرض على الجاني من العقاب الا ما هو ضروري للحفظ على مصلحة الجامعة وكيانها ([1]).

 فان هذا الاتجاه يقف عاجزا امام العقوبات البدنية التي تتسم بالقسوة والعنف ولعل من اقساها على الاطلاق عقوبة الاعدام والتي لا يمكن التفكير معها باصلاح المحكوم عليه واعادة تقويمه.

 لذلك انقسم فقه القانون الجنائي بين مؤيد لها ومعارض واتجهت الاتفاقيات الدولية نحو الحد من ايقاع هذه العقوبة ([2])ونجد ان من المناسب ان نبحث هذه الاتجاهات وندرس موقف الشريعة الاسلامية على اعتبار انها تنظم هذه العقوبة وتضع الكثير من الضمانات لايقاعها.

 

المبحث الاول: عقوبة الاعدام في الشريعة الاسلامية

 

 الاعدام هو ازهاق روح المحكوم عليه بالطريقة المقرر في الشريعة الاسلامية والتي يفرضها ولي الامر بعد صدور الحكم من القضاء.

 اوضحت الشريعة الاسلامية المحظورات الشرعية التي قررت القوبة جزاء لارتكابها مستهدفة اقامة المجتمع الصالح الذي يقوم على اسا الحق والعدل.

 والجرائم في الشريعة الاسلامية كثيرة ومتعددة ، لذلك تعددت العقوبات لتكون متناسبة معها شدة وضعفا وتبعا لتاثيرها في كيان المجتمع الاسلامي.

 كما يختلف دور المجنى عليه وولي الامرفي التخفيف من هذه العقوبات فلا يملك القاضي ان يؤثر في العقوبة او يخفف منها اذا كانت من الحدود لانها مرتبطة بحياة المجتمع ونظامه اخلاقه الا انه يملك ذلك في التعازير([3]). وعقوبة الاعدام في الشريعة الاسلامية انما تجد تطبيقها في عقوبات القصاص والحدود ،

المطلب الاول:- القصاص

 القصاص ماخوذ من كلمة (قص) الاثر قصاوقصيصا تتبعه وقص الخبر اعلمه ومنه قوله تعالى (فارتدا على اثارهما قصصا) ([4]) أي رجعا من الطريق الذي سلكاه يقصان الاثر وقوله ايضا (نحن نقص عليك احسن القصص) ([5]) أي نبين لك احسن البيان.

واستعملت كلمة القصاص في مجال القتل والقود وكان القاتل سلك طريقا من القتل اثر فيها ومشى على سبيله في ذلك([6]). والقصاص في الشريعة الاسلامية هوا اخذ الجاني بمثل ما راتكبه فقتل القاتل بالذي قتله (قصاص) لانه مفعول به مثل الذي فعل بمن قتله وان كان احد الفعلين عدوانا والاخر حقا.

 ومن الجرائم التي تعاقب عليها في الشريعة الاسلامية بالقصاص هي القتل العمد واتلاف والاطراف والجروح عمدا وموضوعنا هو جريمة القتل العمد بحكم انها يؤدي الى ازهاق روح الجاني.

 

اولا: الاساس الشرعي لايقاع القصاص

 يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عضيما) ([7]) ويقول في سورة الاسراء (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ومن يقتل مضلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا) ([8]) ويقول في سورة البقرة (ياايها الذين امنو كتب عليكم القصاص في القتلى) ([9])

 ومن سنة الرسول قوله عليه الصلاة والسلام ((لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة))([10]).

 ففي هذه النصوص تجرم لفعل القتل ومعاقبة على مرتكبه بالقتل قصاصا غير ان الشريعة الاسلامية لم تغلق باب العفو والصفح عـن الجاني ففـي حـديث للرسول (ص) ((من قتل له قتيل فهو بخير النظرين اما ان يفتدي واما ان يقتل)).

ثانيا:- شروط وجوب القصاص

 يشترط لوجوب القصاص شرائط مختلفة بعضها يرجع الى القاتل وبعضها الى المقتول كما اوضحت الشريعة الاسلامية اجراءات استيفاء حكم القصاص وكل ذلك يشكل ضمانات للمتهم تمنع من التعسف بايقاعه.

 

 1- شروط ترجع الى القاتل:

 حددت الشريعة الاسلامية بعض الشروط لا يمكن ايقاع القصاص دون استيفائها وتتمثل في الاتي:-

أ - البلوغ: البلوغ يمثل الادراك وهو من اهم عناص المسؤولية الجنائية فلا قصاص على فاقد الادراك بصغره.

ب - العقل:المجنون ايضا فاقد للادراك لفقده قواه العقلية ويلحق بالصغير غير المميز فلا مسؤولية جنائية عليه فيسقط القصاص الا ان ذلك لايعفيه من المسؤولية المدنية ([11]).

ج- ان يكون مختارا: ومعنى الاختبار لا يكون مكرها والاكراه ان يفعل الانسان فعلا نتيجة اكراه يفسد اختباره. والاكراه هنا نوعان الاركراه المجلئ وهو الذي يعدم الرضا وهو يعفي من السؤولية اما الاكراه غير المجلئ او الناقص فلا يعدم الرضا ولا يفسد الاختبار ولا يعفي من المسؤولية ([12])..

د- ان يكون القاتل متعمدا في القتل فالعمد شرط اساس لوجوب القصاص ولا يمكن القصاص في حالة القتل الخطا لعدم توفر صفة العدوان في الجريمة ويلزم الجاني في هذه الحالة بالتعويض.

 وفي سبيل التاكد من توافر العمد نجد ان الفقهاء قد اشترطو التاكد من قصد القاتل في احداث القتل من خلال الوسيلة المادية التي استعملت في القتل فاذا كانت هذه الالة قاتله غالبا فان استعمال القاتل لها يدل على قصده في القتل ([13]). لقوله عليه الصلاة والسلام (العمد قود).

 

2- شروط ترجع الى المقتول:

 هناك ايضا شروط لابد من توافرها في القاتل ليمكن القصاص منه وهي:

一- ان لا يكون المقتول جزء القاتل فلا قصاص بقتل الوالد لواده او الجد لحفيده ولاكل اصل لفرعه.

ب- ان لا يكون المقتول معصوم الدم فلا قصاص اذا كان المقتول مهدور الدم بان كان نرتدا عن الاسلام او حربيا كافرا لعد عصمة دمه ([14]).

 وفي هذا السبيل اتفق الفقهاء على قتل المسلم بالذمي لعموم قوله تعالى (كتب عليكم القصاص في القتلى) وقوله تعالى (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا) فقد روي عن الامام علي ابن ابي طالب (ع) انما بذلوا الجزية لتكن دماؤهم كدمائنا واموالهم كاموالنا ([15]).

ثالثا: سقوط القصاص:

 اذا استوفي القصاص شروطه السابقة وجب ايقاعه مالم يسقط لواحدة من الحالات الاتية:-

أ- فوات محل القصاص او انعدامه كتعذرا بقاع القصاص بسبب موت الجاني بحيث يستحيل تنفيذ العقوبة.

ب - العفو: وهو تنازل ولي المقتول عن حقه في القصاص لان القصاص حق شخصي يسقط باسقاط المجنى عليه او وليه لحقه قال تعالى (فمن عفى له من اخيه نشئ فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمه).

ج- الصلح: اتفق الفقهاء على ان القصاص يسقط بالصلح كما يسقط بالعفو ومقتضى الصلح ان يتفق ولي المجنى عليه مع الجاني على سقوط القصاص لقاء مال يدفعه الجاني لهم سواءا كان هذا المال اقل من الديه او اكثر منها ([16]).

 

المطلب الثاني: الحدود

 الحدود عقوبات مقدرة حقا لله تعالى لا يجوز اسقاطها او التخفيف منها او تشديدها وجعل هذه العقوبات بدنيع تمس الانسان ببدنه وتوقع على الجرائم الاتية:

· جريمة الزنا.

· جريمة القذف

· جريمة السرقة

· جريمة شرب الخمر

· جريمة الحرابه

· جريمة الرده

واذا اطلعنا على العقوبة المقررة لهذه الجرائم نجد ان القتل ينصرف الى الجرائم الاتية:

1- الزاني المحض

2- جريمة الحرابة

3- جريمة الرده

وعموما يشترط لايقاع عقوبة القتل في هذه الجرائم ان تثبت الجريمة بما لابدع مجال للشك و لا تثبت هذه الجرائم مالم تتوافر ادلة قطعية تؤكد وقوع الجريمة فعلا لان الاصل براءة الذمة في الشريعة الاسلامية ففي القانون الوضعي يثبت الزنا بالقرائن اما في الشريعة الاسلامية فقد استقر الفقهاء على ثبوت الجريمة بالشهادة والاقرار وتتشد الشريعة الاسلامية في قبول الشهادة لاثبات جريمة الزنا من حيث عدد الشهود وشروط الشاهد ولا تثبت الجريمة بالقرائن ([17]). كما اشترط ان يكون الجاني محضا.

 وفي جريمة الحرابة اشترط ان ترتكب الجريمة خارج المدن وان ينعدم العفو وان يكون الجاني مسلحا وان يكون رجلا كما فرقت الشريعة في العقاب فلم تجعل القتل عقابا الا ذا قام الجاني بالقتل ([18]).

 اما في جريمة الرده فقد اجمع الفقهاء على ان عقوبة المرتد هي القتل حدا غير انهم اشترطو الاستتابة ثلاثة ايام والانتظار حتى يتوب فان لم يتب يقتل ([19]).

وفي هذه الحالات جميعا لا تملك الدولة هدر دم الجاني مالم يصدر حكم قضائي بالادانه.

 

المطلب الثالث: الهدف من عقوبة الاعدام في الشريعة الاسلامية.

 تهدف الشريعة الاسلامية من وراء تشريع عقوبة الاعدام او قتل الجاني تحقيق المصلحة العامة وحماية المجتمع فليس فيرالشريعة الاسلامية حكم الا وله غاية وانما شرعت العقوبة ومنها القتل في الا لتحقيق مصالح الناس ودفع المعايير لاقامة مجتمع العدل والتسامح فعقوبة قتل الزاني المحض انما تهدف الى زجر الانسان عن الفاحشة واختلاط المياه واشتباه الانساب.

وعقوبة قتل المرتد انما تهدف الى الحفاظ على سلامة الاعتقاد الذي يتميز به الانسان عن سائر المخلوقات وزودة الانسان المسلم انما تعني خروجه عن امته وهدمه لاسس المجتمع وكيانه.

 اما عقوبة قتل المحارب فهي لا تختلف عن عقوبتيه في القوانين الوضعية لانه انما اعتدى على اهم عناصر رقي المجتمع وهو امنه فارهاب الناس وقطع طريقهم وقتلهم في وقت ومكان يقل فيه العون ويتمتع السلطان من اشد ما يتعرض له الانسان في المجتمع والتشدد في مثل هذه الحالة ضروري لئلاتضيع الحقوق وتنتشر الفوضى.

 

 

المبحث الثاني: عقوبة الاعدام في القانون الوضعي الداخلي

 

عرف القانون الوضعي عقوبة الاعدام في اكثر التشريعات قدما فلم يخل قانون او تشريع من هذه العقوبة ([20]) وقد تفنت التشريعات الحديثة في طرق تنفيذ عقوبة الاعدام فهناك المقصلة وغرفه الغاز او الكرسي الكهربائي او الشنق. الا ان هذه العقوبة تواجه اليوم الكثير من المعارضين المطالبين بالغائها وفي العراق قرر المشرع الجنائي العراقي عقوبة الاعدام لبعض الجرائم المهمة الماسة بامن الدولة الخارجي ([21]). والجرائم الماسة بامن الدولة الداخلي([22]). والجرائم الماسة بالهيئات النظامية ([23]) وجرائم الاعتداء على وسائط النقل ووسائل المواصلات العامة اذا ادى ذلك الى موت انسان ([24]) كما قررت عقوبة الاعدام لبعض حالات جرائم القتل العمد ([25]).

 وقد استخدم المشرع العراقي عقوبة الاعدام في تشديد عقوبة بعض الجرائم فيظروف الحرب ومن ذلك ماتضمنه قرار مجلس قيادة الثورة رقم 1631 في 30 /10 /1980 الذي تضمن تشديد عقوبة السرقة التي تقع ليلا فاصبحت العقوبة الاعدام وليس السجن.الا ان الواقع قد اثبت ان تقرير عقوبة الاعدام لبعض الجرائم لم يؤد الى ردع مرتكبها فقد لوحظ بان الجرائم لم ترتفع نسبتها في الدول التي القتها كما ان نسبتها لم تقل في الدول التي ابقيت عليها([26]).

 لذلك اتجه جانب من الفقهاء نحو المطالبة بالغاء هذه العقوبة معززين اتجاههم بالحجج الاتية:-

1- لايملك المجتمع اياقع عقوبة الاعدام وهو لم يهيب الانسان الحياة ليكون له حق سلبها.

2- لا يمكن اصلاح المحكوم بالاعدام واو اعادة تقويمه لان الاعدام يزيل المحكوم من الوجود

3- لا يمكن تلافي الخطا في ايقاع عقوبة الاعدام مثلما يحصل غالبا في العقوبات سالبة الحرية وهو امر ممكن الحدوث والقضاء غير منزه عن الخطا.

ولخطورة هذه العقوبة اشترط القانون تصديق رئيس الجمهورية على الحكم بعقوبة الاعدام واصدار وزير العدل امرا لادارة السجن المودع فيــه المحكوم لتنفيذ الحكم ([27]). كما منعت المادة 227 من قانون اصول المحكمات العراقي تنفيذ عقوبة الاعدام بالمراءة الحامل حتى تضع حملها كما لا يجوز تنفيذ عقوبة الاعدام بالمراءة الحامل قبل مضي اربعة اشهر على وضع حملها.

 

المبحث الثالث: الاهتمام الدولي بعقوبة الاعدام

 

 اتجه القانون الدولي نحو تنظيم تقرير عقوبة الاعدام تمهيدا لالغاءها وفي هذا السيبل اصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الامم المتحدة قراراين بهذا الشان هما قرارة رقم 1984/ 50 بتاريخ 25/5/1984 قراره رقم 65/ 1989 بتاريخ 24/5/1989.

 

المطلب الاول: الضمانات الواردة بقرار المجلس بتاريخ 25 /5/ 1984

 اكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي ضرورة التقيد بالحد الادنى للضمانات التي تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الاعدام فوجه بنوده نحو الدول التي لم تلغ عقوبة الاعدام واشترط لتطبيقها ما يلي:

1- لا يجوز ان تفرض عقوبة الاعدام الا في حالة الجرائم العمدية التي تسفر عن نتائج مميته.

2- لا تفرض عقوبة الاعدام الا في حالة جريمة ينص القانون وقت ارتكابها على عقوبة الموت فيها على ان يطبق مبدا القانون الاصلح للمتهم اذا صدر قانون يعاقب بعقوبة اخف بعدارتكاب الجريمة.

3- لا يحكم بالموت على الاشخاص الذين لم يبلغون سن الثامنة عشر وقت ارتكاب الجريمة ولا ينفذ حكم الاعدام بالحوامل او بالامهات الحديثات الولادة ولا بالاشخاص الذين اصبحوا فاقدين لقواهم العقلية ([28]).

4- لا يجوز ان تفرض عقوبة الاعدام الا حينما يكون ذنب المرتكب قائما على دليل واضح ومقنع لا يدع مجال لاي تفسير بديل للوقائع وان يكون الحكم الصادر بالاعدام نهائيا ومن محكمة مختصة وبجراءات عادلة مماثلة للضمانات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

5- لكل من يحكم بالاعدام الحق في الاستئناف لدى محكمة اعلى وينبغي اتخاذ الخطوات الكفيلة بجعل هذا الاستئناف اجباريا وللمحكوم الحق في التماس العفو او تخفيض الحكم ولا يجوز تنفيذ العقوبة الا بعد الفصل في اجراءات الاستئناف او اية اجراءات تتصل بالعفو وعند التنفيذ يجب ان تنفذ العقوبة بحيث لا تسفر الا عن الحد الادنى الممكن من المعاناة.

 

المطلب الثاني:- الضمانات الواردة في قرار المجلس بتاريخ 24/5/1989

 اعتمد هذا القرار بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 44 / 163 بتاريخ 15/11/1989 و يتضمن مايلي:-

 

اولا: الاجراءات الوقائية

استلزم القرار حظر الحكومات لكافة عمليات الاعدام خارج نطاق القانون والاعدام التعسفي والاعدام دون محاكمة واوجبت اعتبار هذه الحالات جرائم في قوانينها الجنائية.

ولا ينفع تذرع الحكومات بالحالات الاستثنائية وحالة الحرب او التهديد بالحرب او عدم الاستقرار السياسي او حالات الطوارئ لتبرير هذه العمليات وللحد من الظاهرة او جب القرار في المادة (2) من القرار ان تتكفل الحكومات بفرض رقابة دقيقة ذات تسلسل قيادي واضح على جميع الموظفين المسؤولين عن القبض على الاشخاص وتوقيفهم واحتجازهم وحبسهم وسجنهم وعلى الموظف المخول لهم استعمال الاسلحة النارية كما استلزمت المادة السادسة من القرار ان تكفل الحكومات وضع الاشخاص المجردين من الحرية في اماكن للاحتجاز معترف بها رسميا وموافاة اقاربهم اومحاميهم او غيرهم من الاشخاص المتمنعين بثقتهم بالمعلومات الدقيقة عن احتجازهم واماكن وجودهم.

 

ثانيا التحقيق:

يستلزم القرار اجراء تحيقيق شامل نزبه عند كل اشتباه بحالة اعدام خارج نطاق القانون او اعدام تعسفي او اعدام دون محاكمة او حدوث وفاة غير طبيعية في ظل هذه الظروف وتحتفظ الحكومات بمكاتب واجراءات للتحقيق بغية تحري مثل هذه الامور وتحديد سبب الوفاة.

ولا يجوز التصرف في جثة الموتوفى الابعد اجراء تشريح وان لها بواسطة طبيب شرعي واذا تم دفن الجثة يجري اخراجها وفق القواعد العملية المرعية لمعرفة سبب الوفاة واثار التعذيب ان وجدت([29]).وفي هذا السبيل اوجبت المادة (15) من القرار حماية مقدمو الشكاوى والشهود والمققون واسرهم في قضايا الاعدام وابعادهم عمن يحتمل ان يكونو متورطين فيها.

 

ثالثا: الاجراءات القانونية

 لمحاكمة مرتكبي جرائم الاعدام تكفل الحكومات وفق المادة (18) من القرار اجراء محاكمة للاشخاص الذين يظهر التحقيق انهم اشتركو في عمليات الاعدام خارج نطاق القانون او الاعدام التعسفي او الاعدام دون محاكمة في كافة الاقاليم الخاضعة لها.وتضطلع بمحاكتهم او تسليمهم للمحاكمة في الدول التي ترغب في ذلك بغض النظر عن هوية الجناة او المجنى عليهم او جنسيتهم وكان ارتكاب الجريمة.

هذا ولايجوز التذرع بامر يصدر عن رئيس او سلطة عامة لتبرير الاعدام خارج نطاق القانون او الاعدام التعسفي او الاعدام دون محاكمة ويمكن اعتبار الرؤساء وكبار الموظفين وغيرهم من الموظفين العمومين مسؤولين عن الاعمال التي يرتكبها من يعلمون تحت رئاستهم ([30]). هذا ويحق لاسر ضحايا عمليات الاعدام خارج نطاق القانون او الاعدام التعسفياو الاعدام بدون محاكمة الحصول خلال فترة معقولة على تعويض عادل كاف.

 

الخلاصـــــة

 

ان هدف القانون هو الحد من انتشار الجرائم التي تمس بامهنة وتعكر صفوا الحياة فيه وتشريعنا الجنائي انما وضع لتحقيق هذه الغاية غير ان هذا الهدف يجب ان لايؤدي الى التعسف والقسوة فيخرج عما اريد له ان يكون.

وعقوبة الاعدام موضوع بحثنا هذا من اشد واقسى العقوبات المنصوص عليها قانونا لذلك نعتقد ان من الاسلم تطبيقها في موضعها المناسب لتكون مع شدتها عادلة وتوظف بما يخدم المجتمع وامنه فهناك من الجرائم ما تفوق قسوتها شدة هذه العقوبة ، كجريمة خيانة الوطن وجريمة القتل فلمجرم في الاولى اغتال وطنه وفي الثانية اغتال انسان بريئ وليس من العدل في الجريمتين ان نمنح المجرم من الحياة اكثر مما منحه لضحيته.

فعقوبة الاعدام هي الضابط الذي يمنع لتفكك النظام الاجتماعي والسلاح الذي لابد منه الكبح جماح المنحرفين ولا باس بقسوتها ما دامت تحقق صيانة الامة.

ويؤكد هذا الاتجاه ان الكثير من الدول التي الغت عقوبة الاعدام في قوانينها الجنائية قد عدلت عن هذا الالغاء لاحقا كما في ايطاليا والاتحاد السوفيتي ([31]).

 ونجد ان من المناسب الاخذ بما يلي:-

1- عدم تقرير عقوبة الاعدام الا في حالة الجرائم العمدية التي ترتب خطراً جسيماً او تسفر عن ازهاق روح.

2- لا تقرر عقوبة الاعدام الابنص القانون.

3- لكل من يحكم بالاعدام حق الطعن بالحكم لدى محكمة اعلى و يستدعي ذلك الغاء كافة اشكال المحاكم الخاصة التي تمنع الطعن في احكامها.

4- لاتنفذ عقوبة الاعدام الابعد استنفاذ حق الطعن فيها و يجب التقيد في ازهاق روح المحكوم دون ان يقترن ذلك في تعذيبة او التمثيل به.

 


([1]) ينظر:

د. محمد الفاضل – المبادئ العامة في التشريع الجنائي – جامعة دمشق –1965 ص391.

د. علي حسين الخلف و د. سلطان عبد القادر الشاوي – المبادئ العامة في قانون العقوبات 1983 ص416.

([2]) د. رميس بهنام – النظرية العامة للقانون الجنائي – الاسكندرية 1971 –ص1108

([3]) التعازير عقوبات غير مقدرة اصلا. وانما يرجع تقديرها الى القاضي الذي يقدر العقوبة المناسبة ويحكم بها على الجاني ، وهذه العقوبات تختص بالجرائم التي لا تعتبر ذات خطر كبير على المجتمع وتشمل جميع الجرائم ماعدا جرائم القتل والجرح وجرائم الحدود.

ينظر: د. محمد فاروق النبهان – مباحث في التشريع الحنائي الاسلامي. الكويت 1977 ص82.

([4]) سورة الكهف ايه 64.

([5]) سورة يوسف ايه 3.

([6]) د. محمد فاروق النبهان – المصدر السابق – ص83.

([7]) سورة النساء اية 93.

([8]) سورة الاسراء اية 33.

([9]) سورة البقرة اية 178.

([10]) متفق عليه عن ابن مسعود ورواه ابو داود الترمذي ((اما ان يعفو واما ان يقتل))

([11]) د. عبد القادر عودة – التشريع الجنائي الاسلامي والجزء الاول – الطبعة الثانية –ص585.

([12]) د. محمد فاروق نبهان – المصدر السابق –ص 93.

([13]) بدائع الضائع للكاساني جـ 7ص235.

([14]) د. احمد الكبيسي- د. محمد شلال حبيب – المختصر في الفقه الجنائي – 1989 ص 187.

([15]) د. احمد الكبيسي ود. محمد شلال حبيب – المصدر السابق – ص188.

([16]) د. محمد فاروق النبهان – المصدر السابق – ص 138.

([17]) المغني لابن قدامه – الجزء الثامن ص 199.

- بدية المجتهد لابن رشد – الجز الثاني – ص438.

([18]) انظر: الخلاف للطوسي. الجزء الثالث –ص 210.

البحر الزخار – الجزء الخامس ، ص 200

([19]) د. احمد الكبيسي – المصدر السابق – ص 182.

([20]) د. هاشم الحافظ –مذكرات في تاريخ القانون العراقي.ص 10-24

 د. فوزي رشيد – الشرائع العراقية القديمة –1979 ص25 وما بعدها.

([21]) المواد (156 ، 157 ، 158 ، 159 ، 160 ، 162) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969.

([22]) المواد (191 ، 194) من القانون المذكور.

([23]) المادة (223) من القانون المذكور.

([24]) المواد (354 ، 355) من القانون المذكور.

([25]) المادة (406) من القانون المذكور.

([26]) د. علي حسين الخلف – المصدر السابق – ص417.

([27]) المادة 286 من قانون اصول الفمحاكمات الجزائية العراقي.

([28]) المواد (3 ، 4) من القرار

([29]) المادة (13) من القرار

([30]) المادة (19) من القرار.

([31]) الغت ايطاليا عقوبة الاعدام عام 1899 ثم اعادتها سنة 1930 ثم الغتها مرة اخرى عام 1947 اما الاتحاد السوفيتي فقد الغاها عام 1947 تم عادة لتطبيقها 1957.

ينظر د. على حسين الخلف –المصدر السابق ص 419.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com