بحوث

مراجعة في معايير العلاقات والقيم

 بقلم: د. وليد سعيد البياتي

albayatiws@hotmail.com

 نحن وهم:

 لا يمكن اعتبار النهاية المتوقعة للارهابي الزرقاوي مجرد حادث خارج معايير فهم العلاقات بين الضحية والجلاد، اذ لا يمكن فصل الارهاب عن تبدلات المفاهيم السياسية، والتحولات الاجتماعية، فالعقيدة الوهابية التي حملت في مكوناتها الاصلية نزعة التكفير وقتل الاخر، ثم تدمير كل التراث الانساني المخالف والمناقض لجمود العقل الذي تتمتع به النظرة الوهابية السلفية، لم يكن في الواقع الا نتاجا للانحراف الاصلي عن المناهج الرسالية التي جاء بها الرسول الخاتم صلوات الله عليه وآله، ولما كان الفكر الشيعي الاثني عشري قد تبنى موقفا ايجابيا من العقل، حتى صار هذا الاخير احد مصادر التشريع عند الشيعة الاثني عشرية، فاننا نجد ان الفكر التدميري للوهابية قد نحى منحى تجاوز القيم العليا ليسقط في مغاوي الانحراف الكامل، ولما كان الاتجاه الفكري عند الشيعة الامامية الاثني عشرية يلتزم قيمة البحث عن الدليل من نص او سنة اوموقف عقلي لا يخرج عن نطاق الشرع، ولهذا نقول نحن الشيعة ( بأننا اتباع او اصحاب الدليل).

 من هنا يحق لنا ان نسأل حماس قيادة وقاعدة شعبية عن المبررات العقلية والشرعية في التأسي على هلاك الطاغية الزرقاوي، ما هي الحجة الشرعية والتاريخية التي تثبت ان الزرقاوي يستحق ان يثنى عليه او يكرم بعد هلاكه، فالدموع التي يذرفها البعض ظلما وعدوانا من المتهالكين من بعثيين وتكفيريين واسلاميين منحرفين عن اصالة الرسالة وصاحبها النبي الاكرم، اللاهثين وراء كل من يمكن ان يكون سببا في قتل وتشريد المزيد شيعة اهل البيت، كان الاجدر بهذه الدموع ان تسكب انهارا لاجل الاطفال الذين قتلهم صدام صبرا ثم جاء الزرقاوي ليمعن في المزيد من الطغيان والقتل، فأية قيمة انسانية تحسب لقاتل الاطفال؟؟ ومن اي منظور اخلاقي وانساني وقبلهما شرعي يمكن لحماس البكاء على الارهابي الذي نحمد على على هلاكه بهذه الصورة وخلاصنا منه، اننا نفهم بشكل اوضح بكاء بعض العراقيين ( وبعضهم في السلطة وفي البرلمان) على فقدانهم اليد الضاربة للشيعة، يحق للضاري والدليمي والهاشمي والمطلك واخرون ان يقيموا مجالس العزاء، اذ فقدوا الجلاد الذي احبوه وناصروه بالمال والسلاح والفضائيات البائسة ما دام يحقق لهم رغباتهم المنحطة في القضاء على الشيعة وتدمير تراثهم الفكري والانساني، نحن لا ياخذنا العجب هنا فالامر بالنسبة الينا اكثر وضوحا، اما حماس!! فاعتقد بضرورة اعادة تقييم مفاهيم علاقتنا بها وبالفصائل الفلسطينية التي تبنت موقف صدام في عصر حكمة البغيض، فالتاريخ القريب والمعاصر يكشف نوع وطبيعة العلاقة بين البعث الصدامي والحركات الفلسطينية التي تم استغلالها عبر الاموال التي كان صدام يهدرها هنا وهناك ليجمع حوله مايمكن ان نسميهم عملاء ومنحرفين وانتهازيين والقائمة تطول حتى تم تفريغ حركة المقاومة الفلسطينية من مفاهيمها وقيمها الاصيلة، ولازلنا نذكر صور صدام التي رفعها الفلسطينيون يوم سقوط الصنم، ولما كانت العلاقة بين صدام والارهاب علاقة تبادلية، ينفذ كل منهما للاخر جزءا من مراحل مخطط موضوع اصلا، فان سقوط الصنم كان مؤشرا اكيدا لقرب هلاك احد رؤوس الارهاب، ونهاية الزرقاوي يمكن ان تكون مؤشرا لقرب نهاية ارهابي اخر (ابن لادن) مثلا.

 قد يتصور البعض ان فهمنا للعلاقة بين الارهاب وصدام وما يجري على الساحة العراقية فهما ناقصا، او غير دقيق، ولهذا ساوضح الموقف لمن لا يدرك ما خلف الكلمات، فالولايات المتحدة وبعد كم هائل من الصعوبات في تحقيق اغراضها في العراق وجدت ان خروجها بهذا الشكل، سيشكل عقبة امام استمرار تعاون معظم الاتجاهات الاوربية وكل المواقف العربية معها، فالمشروع الامريكي الاوربي في العراق يواجه صعوبات جمة، وامريكا يهمها مغادرة العراق محملة ومكللة بنصر بعد سلسلة الفشل الطويل، ومن هنا كان لابأس ان تتخلص من احد عملائها ليمكن لها الحفاظ على ماء الوجه على اقل تقدير، الذي يهم العراقيين انهم تخلصوا من مجرم آخر واذا اراد الحق سبحانه ان يكون سبيل الخلاص بان يجعلى (بأسهم بينهم)، فهذا جزء من السنن الالهية الثابتة و المستمرة في الوجود، لكن بين هذا وذاك يبقى اؤلئك المتهالكين على فقدانهم لاحد خناجر الغدر، فالهاشمي الذي صرح قبل هلاك الارهابي بانه سيخرج من العملية السياسية اذا تم ضرب مناطق تجمعات الارهاب ومناطق الحاضنات في الجزء الغربي من العراق، يكشف لنا بتصريحة مدى علاقته بالارهاب، والضاري المختبيء في اسرائيل يرسم لنا الخط الواصل بين الارهابي الهالك وتل ابيب، وكل الذين تشدقوا يوما بالوطنية، وهرجوا وقاطعوا الانتخابات ثم استمروا بالطعن واستغلوا مناصبهم في اطلاق سراح الارهابيين، كلهم قدموا لنا نموذجا واقعيا لعلاقتهم بالارهاب.

 

العفن يتوالد

 الحاضنات في الصحراء الغربية، والتكفيريون القتلة حول بغداد قد قطعت كفهم القاتلة، وحيث انهم كالعفن يتوالد كلما وجدت الفضلات فبالتأكيد سيظهر مجرم اخر، ارهابي آخر يولد من رحم الخطيئة، فقد اثبت التاريخ ان كل من عادى عليا امير المؤمنين مشكوك في نسبة، وكان الاحرى بالزرقاوي ان يسال امه، فنطفة الخطيئة تدل على نفسها، وكفى به عارا انه عادى عليا وشيعته. ومن هنا وكون العلاقات الارهابية الصدامية وثيقة الصلة، وحيث ان حماس التي رضيت ان تتخلى عن تاريخها النضالي والجهادي لتعلن قبولها، وولاءها للارهابي الهالك، فعلى القيادة السياسية العراقية اعادة التفكير في العلاقات العراقية العربية، وقد شاهدنا سابقا الموقفين المصري و الاردني، المؤيد للجماعات الارهابية في العراق، وادعاءات اللامبارك بالولاء الشيعي لغير العراق، فالموقف السياسي يجب ان ينحو منحى التعامل بالمثل، وعلى القيادة السياسية الجديدة في حكومة الاستاذ المالكي ان تبلور مواقفها تجاه الاخرين، كما عليها ان تتحسس نبض الشارع العراقي الرافض لان يعود العراق للخضوع لاتجاهات ومواقف لا تخدم مصلحته الوطنية، وان لا يجعل اقتصاده عرضة للمتسولين والمتصيدين في المياه العكرة، فبناء البنى التحتية واعادة هيلكة الاقتصاد الوطني خارج اطماع هذا وذاك لهو الاهم في المرحلة القادمة، والتي يجب ان تتوج بحسم الملف الامني والقضاء على كل العناصر الارهابية وخاصة من الحاضنات ومن المتعاونين معها ممن هم الان في السلطة.

 لقد دأب الكثير من السياسيين السنة على تبني مواقف وتوجهات لا تنسجم والموقف الرسمي، بل انها تمثل انحرافا حقيقيا عن الموقف العقلاني الذي يفترض ان تكون الحكومة قد تبنته لوضع حجر الاساس في بناء المرحلة القادمة، ففي الوقت الذي نجد فيه ان الضرورة تتطلب القضاء على الارهاب وتفتيت الحاضنات، ثم تدميرها وكشف الاسماء المنحرفة، يخرج علينا في هذه المرحلة العصيبة سلام الزوبعي مطالبا باطلاق سراح الارهابيين من المعتقلات ليؤيده طارق الهاشمي وعدنان الدليمي في حين ان الموقف الرسمي للحكومة والصادر عن المالكي يجب ان يتبنى القضاء على الارهابيين وتشديد العقوبات الصارمة عليهم.

 

مالذي يفكر به رجل الشارع؟

 في السنة الماضية اتحفتنا قناة العراقية بسلسلة طويلة من الوجوه الارهابية التي اعترفت بابشع الجرائم من قتل واغتصاب وقطع رؤوس واعترافات يندى لها جبين الانسانية خجلا، وتهتز لها المشاعر فرقا، ونحن نرى عربا من سودانيين ومصريين وسوريين واردنيين وفلسطينيين وغيرهم وغيرهم كثير، وفي كل مرة نقول سيتم اعدام هؤلاء تحقيقا للعدالة الانسانية وتبريدا للقلوب المقرحة من اهالي الضحايا، واذا كان كل واحد من هؤلاء القتلة قد اعترف بانه ذبح اكثر من عشرة من الضحايا الابرياء، فكيف يمكن ان تكون العقوبة؟؟ مرت اكثر من سنة ونحن لا ندري هل تم اطلاقهم بصفقات مع بقايا الارهابيين؟؟ هل تم ترحيلهم؟؟ هل وهل، نريد من حكومة المالكي اجابات واضحة نريد ان نراهم معلقين من رقابهم العفنة، نريد ان تتهاوى تلك الرؤوس النجسة، نريد ان تتشفى قلوبنا المتقرحة، وكفى تهاونا بالناس، كفى تلاعبا بمشاعر الاخرين، اين ابو الوليد الذي جعلتم منه بطلا؟؟ فبدلا من ايواء الارهابيين وتوفير الحماية لهم في المعتقلات نريد ان نرى محاكمات سريعة تؤدي الى اعدامهم لكي يكونوا عبرة لمن تسول له نفسة العبث بالنظام، وبارواح الاخرين، ان عدم محاسبتهم وانزال اشد العقوبات بهم سيدفعهم الى المزيد من الارهاب مادام هناك تهاون في تحقيق العدالة، فان اعدام مجموعة منهم كل اسبوع سيكون جرس انذار للحاضنات بان الدور سيأتي عليهم، والعجلة ستدور للقضاء على المجرمين.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com