بحوث

مع الامام علي بن ابي طالب (ع) امير المؤمنين وامام المتقين

 اسامة النجفي

aldallal@rocketmail. com

ازف التعازي الى الرسول الأعظم صلى الله عليه واله حبيب قلوب الصادقين والى ابنته الزهراء عليهما السلام لشهادة الامام اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام. وازف التعازي الى اولاده المعصومين سلام الله عليهم اجمعين.. واعزي صاحب العصر والزمان لهذا المصاب العظيم .. واعزي جميع العلماء العظام وشيعة علي ومحبيه والسائرين على نهجه في مشارق الارض ومغاربه. يفارق على عليه السلام الدنيا الفانية فى مثل هذه الايام بعد أن ألقى على الأمة الاسلامية دروسا خالدة ما بعدها دروس: دروسا فيها عز الدنيا وسعادة الآخرة، فيها راحة الفرد وراحة المجتمع، فيها طمأنينة النفس وراحة الضمير، فيها الوصول الى الحق والزلفى الى الله تعالى، فيها غنى الفقير وفلاح الغنى، فيها العدل الاجتماعى المطلق وكل ما يؤدى بالفرد والمجتمع الى ذروة الكمال.

 ولكم أجـاد الشـيخ كاظـم الاُزريّ فـي إنشـاده قصـيدته الالفيّـة:

 

 اَيُّهاً الرّاكِبُ الُْمجِدُّ رُوَيْداً *** بِقُلُوب تَقَلَّبَتْ في جَواها

 اِنْ تَراءَتْ اَرْضُ الْغَرِيَّينِ فَاخْضَعْ *** وَاخْلَعِ النَّعْلَ دُونَ وادي طُواها

 وَاِذا شِمْتَ قُبَّةَ الْعالَمِ الاَْ *** عْلى وَاَنْوارُ رَبِّها تَغْشاها

 فَتَواضَعْ فَثَمَّ دارَةُ قُدْس *** تَتَمَنَّى الاَْفْلاكُ لَثْمَ ثَراها

 قُلْ لَهُ وَالدُّمُوعُ سَفْحُ عَقيق *** وَالْحَشا تَصْطَلي بِنارِ غَضاها

 يَابْنَ عَمِّ المُصْطَفَي أَنْتَ يَدُ اللَهِ *** الَّـتِـي عَـمَّ كُـلَّ شَــيءٍ نَـدَاهَـا

 أَنْـتَ قُـرْآنُـهُ القَـدِيـمُ وَأَوْصَــا *** فُـكَ آيَـاتُـهُ الَّـتِــي أَوْحَــاهَـا

 حَـسْـبُـكَ اللَهُ فِـي مَآثِـرَ شَـتَّي *** هِيَ مِـثْـلُ الاَعْـدَادِ لاَ تَتَـنَـاهَـي

 أن يقول إلی

 أَنْتَ بَعْدَ النَّبِيِّ خَيْرُ البَرَايَا *** وَالسَّمَا خَيْرُ مَا بِهَا قَمَرَاهَا

 لَكَ ذَاتٌ كَذَاتِهِ حَيْثُ لَوْلاَ *** أَ نَّهَا مِثْلُهَا لَمَا آخَاهَا

 قَدْ تَرَاضَعْتُمَا بِثَدْيِ وِصَالٍ *** كَانَ مِنْ جَوْهَرِ التَّجَلِّيغِذَاهَا

 يَا عَلِيَّ المِقْدَارُ حَسْبُكَ لاَ *** هُوتِيَّةٌ لاَ يُحَاطُ فِيعُلْيَاهَا

 أَيُّ قُدْسٍ إلَيْهِ طَبْعُكَ يَنْمَي *** وَالمَرَاقِيالمُقَدَّسَاتُ ارْتَقَاهَا

 لَكَ نَفْسٌ مِنْ جَوْهَرِ اللُّطْفِ صِيغَتْ *** جَعَلَ اللَهُ كُلَّ نَفْسٍ فِدَاهَا

 هِيَ قُطْبُ المُكَوَّنَاتِ وَلَوْلاَ *** هَا لَمَا دَارَتِ الرَّحَيلَوْلاَهَا

 لَكَ كَفٌّ مِنْ أَبْحُرِ اللَهِ تَجْرِي *** أَنْهُرُ الاَنْبِيَاءِ مِنْ جَدْوَاهَا

 حُزْتَ مُلْكاً مِنَ المَعَالِي مُحِيطاً *** بِأَقَالِيمَ يَسْتَحِيلُ انْتِهَاهَا

 إلی قوله:

 يَا أَخَا المُصْطَفَي لَدَيَّ ذُنُوبٌ *** هِيَ عَيْنُ القَذَيوَأَنْتَ جَلاَهَا

 كَيْفَ تَخْشَي العُصَاةُ بَلْوي المَعَاصِي *** وَبِكَ اللَهُ مُنقِذٌ مُبْتَلاَهَا

 لَكَ فِي مُرْتَقَي العُلَي وَالمَعَالِي *** دَرَجَاتٌ لاَ يُرْتَقَي أَدْنَاهَا

 أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، إبن عم الرسول الأعظم صلَّى اللَّه عليه وآله، وأول من لبَّى دعوته واعتنق دينه، وصلّى معه. هو أفضل هذه الأمة مناقب، وأجمعها سوابق، وأعلمها بالكتاب والسنة، وأكثرها إخلاصاً لله تعالى وعبادة له، وجهاداً في سبيل دينه، فلولا سيفه لما قام الدين، ولا انهدت صولة الكافرين.

 من قصيدة لابن ابي الحديد المعتزلي الشافعي شارح نهج البلاغة:

 لله درك والضلال يقودني بيد الهوى وانا الحرون فاتبع

يقتادني سكر الصبابة والصبا ويصيح بي داعى الغرام فاسمع

دهر تقوض راجلا ما من عيب عقباه الا انه لايرجع

قد قلت للبرق الذي شق الدجى فكأن زنجيا هناك يجدع

يابرق ان جئت الغري فقل له اتراك تعلم من بأرضك مودع

فيك الامام المرتضى فيك االوصي المجتبى فيك البطين الانزع

يامن ردت له ذكاء ولم يفز بنظيرها من قبل الا يوشع

ياقالع الباب الذي عن هزه عجزت اكف اربعون واربع

اأقول فيك سميدع كلا ولا حاشا لمثلك ان يقال سميدع

يامن له بارض قلبي منزل نعم المراد الرحب والمستربع

اهواك حتى فى حشاشة مهجتي نار تشب على هواك وتلذع

وتكاد نفسى ان تموت صبابة حبا وطبعا لا كمن يتطبع

 

 نعم، لم تعرف لإنسانية في تاريخها الطويل رجلاً - بعد الرسول الأعظم (ص) أفضل من علي بن ابي طالب ولم يسجّل لإحد من الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وآله من الفضائل والمناقب والسوابق، ما سجّل لعلي بن ابي طالب، وكيف تحصى مناقب رجل كانت ضربته لعمرو بن عبدود العامري يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين، وكيف تعد فضائل رجل اسرّ اولياؤه مناقبه خوفا، وكتمها أعداؤه حقداً، ومع ذلك شاع منها ما ملأ الخافقين، وهو الذي لو اجتمع الناس على حبه - كما يقول الرسول صلى الله عليه وآله - لما خلق الله النار. والحديث عن علي بن ابي طالب طويل، لا تسعه المجلدات، ولا تحصيه الأرقام، حتى قال ابن عباس لو أنّ الشجرَ اقلامٌ، والبحرَ مدادٌ، والإنس والجن كتّاب وحسّاب، ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين عليه السلام. ولكن مالايدرك كله لايترك جله، وحسبنا أن نشير فيها إلى بعض خصائصه، ومناقبه، وعليها فقس ما سواه. ذكر في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب). بشارة المصطفى ص 60. مستدرك ‏الوسائل ج12ص393ب23ح14388-4.

 وعن عائشة في بحار الأنوار ج 38ص201ب64ح8. العمدة 368ح724. كشف ‏اليقين450ح28.

 وقال ابن أبي الحديد الشافعي شارح نهج البلاغة:

 (وما أقول في رجل تحبه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، وتصورملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها، وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها؛ وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؛ فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريف عليه ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ويرفع له ذكراً،حتى حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم يتضوع نشره،وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عينا واحدة أدركته عيون كثيرة، وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة،وتتجاذبه كل طائفة،فهورئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها). شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/ 29، 17.

 وقال الامام أحمد بن حنبل: ما جاء لاحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضائل كما جاء لعلي بن أبي طالب.

 المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص107 / المناقب للخوارزمي ص3 و19. تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 168 / الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ص 72. تاريخ ابن عساكر ج 3 ص 63 / شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 19.

 وقال القاضي إسماعيل والنسائي وأبوعلي النيسابوري: لم يرد في حق أحدٍ من الصحابة بالأسانيد الحسان ماجاء في علي. الرياض النضرة للطبري ج 2 ص 282 / الصواعق المحرقة لابن حجر ص 118 وص 72.

 ان هذا يؤكد بلا ادنى شك افضلية علي بن ابي طالب على باقي الصحابة بعد رسول الله (ص) بعد شهادة اعاظم علماء الحديث من اهل السنة في ذلك. يروي المفسر المعروف العالم السني الشهير ((السيوطي)) في الدر المنثور عن ((ابن عساكر)) عن ((جابر بن عبد اللّه)) في ذيل هذه الاية: كنا عند رسول اللّه (ص) واذا بعلي قادم نحونا،ولما وقعت عين رسـول اللّه (ص) عليه، قال: والذي نفسي بيدا ان هذه وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت ((ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خيرالبرية)), فكان اصحاب النبي (ص) اذا اقبل علي (ع) قالوا: جاء خير البرية. وجات هذه الرواية بنفس المضمون، في ((شواهد التنزيل)) للحاكم الحسكاني.

 ونـقـرا فـي رواية اخرى عن ابن عباس: لما نزلت آية: ((ان الذين آمنوا وعملواالصالحات اولئك هم خير البرية)), قال النبي (ص) لعلي (ع): هو انت وشيعتك،تاتي انت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين وياتي عدوك غضبانا مقمحين. جـاء في رواية اخرى عن ((ابو برزة)): لما قرا النبي (ص) هذه الاية، التفت الى علي (ع) وقال: هم انت وشيعتك يا علي وميعاد ما بيني وبينك الحوض. وجاء ايضا في تفسير الدر المنثور ان ابن مردوية يروي عن علي (ع) ان النبي (ص)قال لي: الم تسمع قول اللّه ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية،انت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض اذا جئت الامم للحساب تدعون غــرا محجلين.

 يروي الكنجي الشافعي في كفاية الطالب عن عطا: سالت عائشة عن علي (ع) فقالت: ذاك خير البشر لايشك فيه الا كافر. ونـقـل فـي نفس الكتاب ايضا عن ((حذيفة)) انه قال: سمعت رسول اللّه (ص)يقول: علي خير البشر, من ابى فقد كفر. بـديهي ان هذه التعابير جميعها ناظرة الى شخص علي (ع) بعد النبي (ص), اي انه افضل الناس بعد رسول اللّه (ص).

 قال المامون يوما للرضا(ع): اخبرني باكبر فضيلة لامـير المؤمنين (ع) يدل عليها القرآن، فقال له الرضا(ع): فضيلة في المباهلة، قال اللّه تعالى: (فـمـن حاجك فيه) الاية، فدعا رسول اللّه (ص) الحسن والحسين (ع) فكانا ابنيه، ودعا فاطمة (س) فـكـانت في هذاالموضع نساؤه، ودعا امير المؤمنين (ع) فكان نفسه بحكم اللّه عز وجل، فـقـدثـبت انه ليس احد من خلق اللّه تعالى اجل من رسول اللّه (ص) وافضل فوجب ان لايكون احد افضل من نفس رسول اللّه (ص) بحكم اللّه تعالى. فقال له المامون: فالا جاز ان يذكر الدعا لمن هو نفسه، ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره فـلا يـكـون لامـيـر المؤمنين (ع) ما ذكرت من الفضل? قال (ع): ليس يصح ما ذكرت، وذلك ان الـداعـي انـمـا يـكون داعيا لغيره، كما ان الامر آمر لغيره،لم يدع رسول اللّه (ص) رجلا في المباهلة الا امير المؤمنين (ع) فقد ثبت انه نفسه التي عناها اللّه سبحانه في كتابه وجعل حكمة ذلك في تنزيله.

 مـن الـمناسب ان نورد هنا المحاججة التي جرت بين ((المامون)) الخليفة العباسي، مع احد علما اهـل الـسنة المعروفين في عصره ويدعى ((اسحاق))، وقداورد هذا الحديث ((ابن عبد ربه))، في ((العقد الفريد)).

 اذ قال له ((المامون)): يا اسحاق اي الاعمال كان افضل يوم بعث اللّه رسوله?.

 قـال اسـحاق: الاخلاص بالشهادة، قال المامون: اليس السبق الى الاسلام? قال اسحاق: نعم، قال الـمـامون: فهل علمت احدا اسبق عليا الى الاسلام? قال اسحاق:ان عليا اسلم وهو حديث السن لا يـجـوز عـليه الحكم، وابو بكر اسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم فقال المامون: اخبرني عن اسـلام عـلي حين اسلم? فهل يخلورسول اللّه (ص) حين دعاه الى الاسلام من ان يكون دعاه بامر اللّه وتكلف ذلك من نفسه? ثم قال: يا اسحاق لا تنسب رسول اللّه الى التكلف فان اللّه يقول: وما انا من المتكلفين، قال اسحاق: دعاه بامر اللّه قال المامون: فهل من صفة الجبار جل ذكره ان يكلف رسله دعا من لا يجوز عليه حكم قد تكلف رسول اللّه (ص) من دعاالصبيان مالا يطيقون اترى هذا جائزا عندك ان تنسبه الى رسول اللّه (ص)? قال اسحاق: اعوذ باللّه.

 ويـضـيـف الـمرحوم العلامة الاميني بعد نقله هذا الحديث من ((العقدالفريد)): قال ابو جـعـفر الاسكافي المعتزلي المتوفي سنة 240 في رسالته: قد روى الناس كافة افتخار علي (ع) بـالـسـبق الى الاسلام وان النبي (ص) استنبئ يوم الاثنين واسلم علي يوم الثلاثا، وانه كان يقول: صليت قبل الناس سبع سنين وانه مازال يقول: انا اول من اسلم ويفتخر بذلك ويفتخر له به اولياؤه، ومـا دحوه، وشيعته في عصره، وبعد وفاته، والامر في ذلك اشهر من كل شهير، وقد قدمنا منه طرفا وماعلمنا احدا من الناس فيما خلا استخف باسلام علي (ع)، ولاتهاون به، ولا زعم انه اسلم اسلام حدث غرير وطفل صغير، ومن العجب ان يكون مثل العباس وحمزة ينتظران ابا طالب وفعله ليصدوا عن رايه، ثم يخالفه علي ابنه لغير رغبة ولا رهبة يؤثر القلة على الكثرة.

 

ولادته

 ولد الامام علي(ع) في اشرف بقعة وهي بيت الله الحرام، فقد ولد علي(ع) بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الاصم بعد عام الفيل بثلاثين سنة، ولم يولد في البيت الحرام احد سواه قبله ولا بعده. والامام(ع) ولد ولرسول الله(ص) ثلاثون سنة. وكان رسول الله يتيمن بتلك السنة التي ولد فيها علي(ع) ويسميها سنة الخير، وسنة البركة.

النبي(ص) يتكفل تربية علي(ع): كان النبي يلي اكثر تربية الامام علي(ع) ويوجره اللبن عن شربه، ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره ورقبته.

والامام علي(ع) وصف نشأته الاولى في حجر النبي بقوله: وقد علمتم موضعي من رسول الله(ص) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني وانا ولد، يضمني الى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه وعليه فقد نشأ الامام(ع) نشأة الهية وتعهد تربيته الرسول الاكرم.

 

 الامام علي(ع) اسبق الناس الى الاسلام

 ذكر ابن شهر آشوب في مناقبه اسبقيه الامام علي الى الاسلام حيث قال: (استفاضت الرواية ان اول من اسلم علي ثم خديجة ثم زيد ثم ابوذر ثم عمرو بن عنبسة السلمي). بل ان اكثر اهل الحديث واكثر المحققين من اهل السيرة رووا انه(ع) اول من اسلم. ويذهب ابن حجر الى انه(ع) اول الناس اسلاما بقوله: هو اول الناس اسلاما في قول كثير من اهل العلم. وذكر اليعقوبي ان اول من اسلم خديجة بنت خويلد من النساء وعلي بن ابي طالب من الرجال، ثم زيد بن حارثة ثم ابو ذر، واكثر من ذلك ان عليا(ع) اسلم قبل الناس بسبع سنين.

 

 منزلة الامام علي(ع) يوم العشيرة

 لما نزلت الآية الكريمة (وانذر عشيرتك الاقربين) جمع النبي(ص) اهل بيته وكانوا نحوا من اربعين، وامر النبي الاكرم الامام علي بان يصنع لهم طعاما، وعندما تحدث النبي اليهم عما يريده لهم من العزة والكرامة قاطعة ابو لهب وانفضوا عنه الى ديارهم، وكان ذلك في السنة الرابعة من البعثة النبوية، وكرر النبي دعوته اليهم ثانية وثالثة لهدايتهم وانذارهم غير انهم اعرضوا عنه اما الامام علي(ع) فقد لبى دعوة النبي الخاتم، وذلك ما يرويه الكوفي في مناقبه حيث يقول بعد ا يراد الحادثة: وكان الامام علي اصغرهم سنا فقال: انا يا رسول الله فوضع يده على عاتقه ثم قال: يا بني عبدالمطلب ان هذا اخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا). ويكمل القاضي النعمان بقية الحادثة بقوله: فانصرفوا يضحكون ويقولون لابي طالب: قد امرك ابن اخيك ان تسمع وتطيع لابنك، وهذا اول عهد اخذه رسول الله(ص) لعلي(ع) وكان ذلك بمكة قبل هجرته في حياة ابي طالب عمه.

 

 الامام علي(ع) مضحياً واميناً ومهاجراً

 عندما اذن الله تعالى لنبيه الكريم بالهجرة، امر عليا ان يبيت في فراشه ويؤدي اماناته ويوصل ودائعه، ويلحق به مهاجراً، وبعد ان فرغ الامام علي(ع) مما امره به الرسول الكريم هاجر الى المدينة، فكان يسير بالليل ويكمن بالنهار حتى قدم المدينة وقد تفطرت قدماه ومعه الفواطم الاربع، وعندما رآه النبي لا يستطيع ان يمشي اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم، ومرر الرسول(ص) يديه الكريمة على قدميه، فلم يشتكها بعد حتى استشهد(ع) وعندما آخى النبي الاكرم فيما بين المسلمين خص الامام علي بان يكون اخا له.

 

الامام علي (ع) في القران

 اخرج الطبرانى وابن ابى حاتم عن الاعمش عن اصحاب ابن عباس رضى الله عنه قال: ما انزل الله (ياايها الذين آمنوا) الا وعلى اميرها وشريفها، ولقد عاتب الله اصحاب محمد صلى الله عليه وآله في غير مكان، وما ذكر عليا الا بخير. ينابيع المودة ص 125 - 12

 قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) البينة: 7، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (يا علي هم انت وشيعتك) [الصواعق المحرقة: ص96، الدر المنثور: ج6 ص 379. تفسير الطبري: ج3 ص 146. شواهد التنزيل: ج2 ص356-366. روح المعاني: ج30 ص207. كفاية الطالب: ص 244-246].

*قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة: 119، قال سبط ابن الجوزي: (قال علماء السير: معناه كونوا مع علي وأهل بيته، قال ابن عباس: علي سيّد الصادقين) [تذكرة الخواص: ص10. الدر المنثور: ج3 ص290. فتح القدير: ج2 ص295. تفسير الثعلبي (مخطوط): ص 219. ينابيع المودة: ص 119]

 

 الامام علي في اصحاح اهل السنة وكتبهم

 روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب?

 فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول له، خلفه في بعض مغازيه، وقال له علي: خلفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، قال فتطاولنا لها، فقال: ادعوا لي عليا، فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية: (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم)، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي.)) (صحيح مسلم 15 / 175 - 176 (بيروت 1981.

 لاحظوا ان معاوية ببغضه وسبه لعلي بن ابي طالب عليه افضل الصلاة والسلام انما يعلن سبه لله تعالى وهو على حد الكفر بالله تعالى شانه والدليل هو في الحديث الصحيح المسطور في مستدرك الحاكم ج 3 ص 121 مسندا عن بكير بن عثمان البجلى قال: سمعت ابا اسحاق التميمى يقول: سمعت ابا عبدالله الجدلى يقول: حججت وانا غلام فمررت بالمدينة واذا الناس عنق واحد فاتبعتهم، فدخلوا على " ام سلمة " زوج النبى " ص " فسمعتها تقول: " ياشبيب بن ربعى " فاجابها رجل جلف جاف: لبيك ياامتاه، قالت " يسب رسول الله " في ناديكم؟! " قال: " وانى ذلك؟! " قالت: " فعلى بن ابى طالب (ع) " قال: (انا لنقول اشياء نريد عرض الدنيا) قالت: فانى سمعت رسول الله (ع) يقول: (من سب عليا فقد سبنى ومن سبنى فقد سب الله تعالى).

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أنا مدينة العلم وعليٌ بابُها ".

 مستدرك الصحيحين ج 3 ص 126 / ومناقب أحمد بن حنبل وأبو عيسى الترمذي فى جامعه الصحيح / وكنز العمال ج 6 ص 401 / وأسد الغابة ج 4 ص 22 / والخطيب البغدادي فى تاريخه ج 4 ص 348:.

 وقال صلى الله عليه وآله: " أنت مِنّي بمنزلةِ هارون من موسى الا أنه لا نبيَ بعدي ".

 البخاري فى باب غزوة تبوك، كتاب فضائل الصحابة باب مناقب الإمام علي ومسلم في صحيحه ومسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 174 / ومسند أبى داود ج 3 ص 28 وو الترمذي وغير هؤلاء كثير.

 وقال صلى الله عليه وآله مخاطبا عليا عليه السلام « لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك الا منافق ».

 صحيح الترمذي ج 2 ص 299 / وأحمد بن حنبل ج 6 ص 292/ والنسائي ومستدرك الصحيحين ج 3 ص 129 وغيرهم.

 وقال صلى الله عليه وآله يوم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار مخاطبا عليا عليه السلام:

 " أنت أخيّ وأنا أخوك فإنْ ذكرَكَ أحدٌ فقلْ أنا عبد الله وأخو رسوله لا يدعيهما بعدك الا كذاب ".

 صحيح ابن ماجه / وصحيح الترمذي ج 2 ص 299 والنسائي فى الخصائص ص 3 و18 / ومستدرك الصحيحين ج 3 ص 14 / ومسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 159 وغيرها مع اختلاف فى الألفاظ يسير.

 قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

 « عليٌ مع الحق والحق مع علي، لن يفترقا حتى يردا عَلَيَّ الحوض ».

 تاريخ البغدادي ج 14 ص 321 / والهيثمي فى مجمعه ج 7 ص 235 / وكنز العمال ج 6 ص 157 / وتفسير الرازى ج 1 ص 111 / وغيرهم مع اختلاف فى الألفاظ.

 وقال صلَّى الله عليه وآله:

 " لِكلِّ نَبيٍّ وَصيٌ وَ وارثٌ وَ أنَّ علياً وصيّي وَ وارثي ".

ينابيع المودة سليمان الحنفى « باب عهد النبى لعلي وجعله وصيا »، والذهبي فى ميزان الاعتدال والسيوطي فى اللآلى‏ء والديلمي فى كنوز الدقائق وأحمد بن حنبل في المناقب وفي كنز العمال ج 6 ص 154 والمعجم الكبيرللطبراني والمحب الطبري فى الذخائر وغيرهم.

 روى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " كتاب فضائل الصحابة باب مناقب الإمام علي. ولم يقلها لأحد غيره.

 من كلام له عليه السلام قاله على سبيل الاحتجاج على أصحاب الشورى: « قال: أنشدكم بالله،هل فيكم أحد أخو رسول الله صلى الله عليه وآله غيري? إذ آخى بين المؤمنين فآخى بيني وبين نفسه، وجعلني منه بمنزلة هارون من موسى إلا أني لست بنبي ».

قالوا: لا.

 تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 ص 115 الرقم 1140، وص 118 الرقم 1142، كتاب سليم بن قيس ص 74 وص 77، الخصال للصدوق ج 2 ص 553 الرقم 31، المسترشد ص 57، الامالي للطوسي ص 333 الرقم 667 وص 548 الرقم 1168، مناقب ابن المغازلي ص 116 الرقم 155، مناقب الخوارزمي ص 224، الاحتجاج للطبرسي ج 1 ص 322 الرقم 55، فرائد السمطين ج 1 ص 321 الرقم 251، غاية المرام الباب 99 ص. 624

 وقول الرسول صلى الله عليه وآله: " إني دافع الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله له. وأعطاها عليا ففتح الله على يديه " البخاري ومسلم كتاب فضائل الصحابة.

 وقال الرسول صلى الله عليه وآله:" علي مني وأنا منه. ولا يؤدي عني إلا أنا وعلي ". البخاري ومسند أحمد. فأين بقية الصحابة عن ذلك.

 قال أميرالمؤمنين عليه السلام في حديث المناشدة: «... انشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أفيكم أحدٌ وَحَّدَ اللهَ قبلي? » قالوا: اللهم ل.

 تاريخ دمشق ج 3 ص 115 الرقم 1140،الخصال للصدوق ج 2 ص 554 الرقم 31،الامالي للطوسي ص 333 الرقم 667 والرقم 1168،مناقب ابن المغازلي ص 113 الرقم 155،مناقب الخوارزمي ص 222 وص 224،الاحتجاج للطبرسي ج 1 ص 325،فرائد السمطين ج 1 ص 321 الرقم 251،كشف اليقين ص. 422

 في ذخائر العقبى للحنفي: عن ابى ذر قال: سمعت رسول الله " ص " يقول لعلى " انت الصديق الاكبر، وانت الفاروق الذى يفرق بين الحق والباطل، وانت يعسوب الدين ".

 ينابيع المودة ص 84 قال: أخرج ابن المغازلى الشافعى بسنده عن ابن مسعود قال: قال رسول الله(ص): ياعلى انك قسيم الجنة والنار، أنت تقرع باب الجنة وتدخلها احبائك بغير حساب.

 في ج 2 من الرياض النضرة ص 224 225: عن عمر بن الخطاب وقد جائه اعرابيان يختصمان فقال لعلي: اقض بينهما يا ابا الحسن فقضى علي بينهم. فقال احدهما: هذا يقضي بيننا؟ فوثب اليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا! هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. وعن زيد بن ارقم قال: استنشد علي الناس فقال: انشد اله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فقام ستة عشر رجلا فشهدو. وعن زياد بن ابي زياد قال: سمعت علي بن ابي طالب ينشد الناس فقال، انشد الله رجلا مسلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول، يوم غدير خم ما قال، فقام اثنا عشر رجلا بدريا فشهدو. وعن رباح بن الحارث قال، جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: (السلام عليك يامولانا). قال وكيف اكون مولاكم وانتم عرب؟ قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول - يوم غدير خم -، من كنت مولاه فعلى مولاه. قال رباح، فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء؟ قالوا، من الانصار - فيهم ابوايوب الانصارى - خرجه احمد.

 

تجلّي قدرة الله تعالى في علي عليه السلام

 لقد تجلّت قدرة الله في أيدي علي عليه السلام، فهو أشهر المجاهدين والابطال الذي لا تأخذه في الله لومة لائم قد وتر فيه صناديد العرب، وقتل أبطالهم، وناوش ذؤبانهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه: "برز الإيمان كلّه إلى الشرك كله" وقال: "ضربة علي في يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين". ومن ناحية أخرى قد وصل إلى مستوى من العدالة بحث يقول: "والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت". وأعلى ما وصل إليه علي بن أبي طالب عليه السلام هو أنّه كان عبداً لله تعالى لاخوفا ولا طمعا بل شكرا وعشقاً لله {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}(البقرة/207). عليٌ مظهر الرحمة الواسعة والغضب الإلهي، عليٌ أبو الفضل، عليٌ أبو المكارم، عليٌ أبو الأيتام، عليٌ سيد المظلومين قد عانى من الظلم ما عانى فكان يدعوا: "اللهم إنّي مللتهم وملّوني وسئمتهم وسئموني فأبدلني بهم خيراً منهم وأبدلهم بي شرّاً منّي" وقد استجيب دعاءه حينما وقع صريعاً في محراب المسجد. وقوله عليه السلام ظلمت عدد الحجر والمدر. فانا لله وانا اليه راجعون.

 

عمره

 في عمره الشريف سلام الله عليه: مضى أمير المؤمنين عليه السلام وهو إبن ثلاث وستين وخمس وستين سنة ونزل الوحي وله إثنا عشر سنة وأقام بمكة مع النبي (ص) ثلاث عشر سنة ثم هاجر فأقام معه بالمدينة عشر سنين وأقام بعده ثلاثين سنة وقبض عليه السلام في ليلة الجمعة إحدى وعشرين من شهر رمضان المبارك سنة أربعين من الهجرة وقبره بالغري بمدينة النجف الأشرف في العراق. دفنه الحسن عليه السلام في الغـري، وأخفى قبره مخافة الخوارج ومعاوية، وهو اليوم ينافس السماء سمو ورفعة، ويتنافس المسلمون في زيارته من جميع العالم الإسلامي.

 

 إمامته

 واختلفت الأمة في إمامته بعد وفاة رسول الله (ص) وقالت شيعته وهم: بنوهاشم كافة وسلمان وعمار وأبوذر والمقداد وخزيمة بن ثابت ذوالشهادتين وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأبوسعيد الخدري في أمثالهم من أجلة المهاجرين والأنصار: أنه كان الخليفة بعد رسول الله (ص) لما إجتمع له من صفات الفضل والكمال والخصائص التي لم تكن في غيره من سبقه إلى الإسلام ومعرفته بالأحكام وحسن بلائه في الجهاد وبلوغه الغاية القصوى في الزهد والورع والصلاح وما كان له حق القربى ثم للنص الوارد في القرآن وهو قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، والولاية كانت ثابته له عليه السلام بنص القرآن وبقول النبي (ص) يوم الدار وقوله في غديرخم، فكانت إمامته عليه السلام بعد النبي ثلاثين سنة منها أربع وعشرون سنة وأشهر ممنوعاً من التصرف آخذاً بالتقية والمداراة محلاً عن مورد الخلافة قليل الأنصار كما قال:(فطفقت أرتأى بين أن أصول بيد جذاء وأصبر على طخية عمياء) ومنها خمس سنين وأشهر ممتحناً بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين مضطهداً بفتن الضالين واجداً من العناء ما وجده رسول الله (ص) ثلاث عشرة سنة من نبوته ممنوعاً من أحكامها حائفاً ومحبوساً وهارباً ومطروداً لا يتمكن من جهاد الكافرين ولا يستطيع الدفاع عن المؤمنين.

 

 ألقابه

 وفي كناه وألقابه عليه السلام: أبا الحسنين وأبا الريحانتين أبا تراب أميرالمؤمنين ويعسوب الدين ومبيد الشرك والمشركين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ومولى المؤمنين وشبيه هارون والمرتضى ونفس الرسول وزوج البتول وسيف الله المسلول وأبوالسبطين وأمير البررة وقاتل الفجرة وقسيم الجنة والنار وصاحب اللواء وسيد العرب وخاصف النعل وكشاف الكرب والصديق الأكبر وذوالقرنين والهادي والفاروق الأعظم والداعي والشاهد وباب المدينة وغرة المهاجرين وصفوة الهاشميين والكرار غير الفرار صنو جعفر الطيار رجل الكتيبة والكتاب وراد المعضلات وأبو الأرامل والأيتام وهازم الأحزاب وقاصم الأصلاب قتال الألوف ومذل الأعداء ومعزالأولياء وأخطب الخطباء وقدوة أهل الكساء وإمام الأئمة الأتقياء والشهيد أبوالشهداء وأشهر أهل البطحاء ومثكل أمهات الكفرة ومفلق هامات الفجرة والحيدرة ومميت البدعة ومحيي السنة وسيد العرب وموضع العجب ووارث علم الرسالة والنبوة وليث الغابة والحصن الحصين والخليفة الأمين والعروة الوثقى وابن عم المصطفى وغيث الورى ومصباح الدجى والضرغام والوصي الولي والهاشمي المكي المدني الأبطحي الطالبي والرضي المرضي وهذا قليل من كثير.

 

أصحابه

 أصحابه وممن بايعه بغير ارتياب بالإجماع والإتفاق: من المهاجرين: عمار بن ياسر - الحصين بن حارث بن عبدالمطلب - الطفيل بن الحارث - مسطح بن اثاثة - جهجاه بن سعيد الغفاري - عبدالرحمن بن حنبل الجمحي - عبدالله ومحمد إبنا بديل الخزاعي - الحارث بن عوف - البراء بن عازب - زيد بن صوحان - يزيد بن نويرة - هاشم بن عتبه المرقال - بريدة الأسلمي - عمرو بن الحمق الخزاعي - الحارث بن سراقة - أبوأسيد بن ربيعة - مسعود بن أبي عمر - عبدالله بن عقيل - عمرو بن محصن - عدي بن حاتم - عقبة بن عامر - حجر بن عدي الكندي - شداد بن اوس.

 ومن الأنصار: أبو أيوب خالد بن زيد - خزيمة بن ثابت - أبو الهيثم بن التيهان - أبوسعيد الخدري - عبادة بن الصامت - سهل وعثمان إبنا حنيف - أبو عياش الزرقي - سعيد وقيس إبنا سعد بن عبادة - زيد بن أرقم - جابر بن عبدالله بن حرام - مسعود بن أسلم - عامر بن أجبل - سهل بن سعيد - النعمان بن عجلان - سعد بن زياد - رفاعة بن سعد - مخلد وخالد إبنا أبي خالد - ضرار بن الصامت - مسعود بن قيس - عمرو بن بلال - عمارة بن أوس - مرة الساعدي - رفاعة بن رافع الزرقي - جبلة بن عمرو الساعدي - عمرو بن حزم - سهل بن سعد الساعدي.

 بنو هاشم: الحسن والحسين عليهما السلام - محمد بن الحنفية - عبدالله ومحمد وعون أبناء جعفر - عبدالله بن عباس - الفضل وقثم وعبيدالله أبناء عباس بن عبدالمطلب - عتبة بن أبي لهب - عبدالله بن الزبير بن عبد المطلب - عبدالله بن أبي سفيان بن الحارث.

 بني هاشم وسائر الشيعة: محمد بن أبي بكر - محمد بن أبي حذيفة - مالك بن الحارث الأشتر - ثابت بن قيس - كميل بن زياد - صعصعة بن صوحان العبدي - عمرو بن زرارة النخعي - عبد الله بن الأرقم - زيد بن الملفق - سليمان بن صرد الخزاعي - قبيصة بن جابر - أويس القرني - هند الجملي - جندب الأزدي - الأشعث بن سوار - حكيم بن جبلة - رشيد الهجري - معقل بن قيس بن حنظلة - سويد بن الحارث - سعد بن مبشر - عبدالله بن وال - مالك بن ضمرة - الحارث الهمداني - حبة بن جوين العرني رحمهم الله جميع.

 

 في مقتله عليه الصلاة والسلام

 روى النسائى فى الخصائص بسنده عن عمار بن ياسر فى حديث: قال: كنت أنا وعلى بن أبى طالب رفيقين فى غزوة العشيرة، الى أن قال: قال رسول الله(ص): ألا أحدثكما بأشقى الناس: رجلين، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذى عقر الناقة، والذى يضربك على هذه، ـ ووضع يده على قرنه ـ حتى يبل منها هذه وأخذ بلحيته.

 وقد قدم على على وفد من أهل البصرة، فيهم رجل من الخوارج. يقال له: الجعد بن نعجة، فقال اتق الله يا على، فانك ميت. فقال على: «و لكنى مقتول بضربة على هذا تخضب هذه ـ وأشار الى رأسه ولحيته بيده ـ قضاء مقضى وعهد معهود وقد خاب من افترى». ثم عاب عليا فى لباسه. فقال: «لو لبست لباسا خيرا من هذا»؟ فقال: «إن لباسى هذا أبعد لى من الكبر وأجدر أن يقتدى بى المسلمون».

 وكان على (ع) فى الشهر الذى استشهد فيه يفطر ليلة عند الحسن (ع) وليلة عند الحسين (ع) وليلة عند ابن جعفر، لا يزيد على ثلاث لقم ويقول: «أحب أن يأتينى أمر الله وأنا خميص». كيف لا يكون كذلك وهو القائل: «هيهات هيهات أن يغلبنى هو اى ويقودنى جشعى الى تخير الأطمعة، ولعل بالحجاز واليمامة من لا طمع له بالقرص ولا عهد له بالشبع، أ أقنع من نفسى بأن يقال أمير المؤمنين ولا اشاركهم فى مكاره الدهر وجشوبة العيش؟. وأيم الله يمينا، استثنى فيها بمشيئة الله لأروضن نفسى رياضة تهش معها الى القرص مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما». نعم، إنه صلوات الله عليه كان أزهد الناس، لم يشبع من طعام قط، وكان يلبس الخشن ويأكل جريش الشعير، فاذا ائتدم فبالملح، فان ترقى فبنبات الأرض.

 روى عن سويد بن غفلة: قال: دخلت على على عليه السلام، فوجدته جالسا وبين يديه إناء فيه لبن، أجد ريح حموضته وفى يده رغيف، أرى قشار الشعير فى وجهه وهو يكسره بيده ويطرحه فيه. فقال: «ادن فأصب من طعامنا» فقلت: إنى صائم. فقال(ع): «سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: من منعه الصيام من طعام يشتيه، كان حقا على الله تعالى أن يطعمه من طعام الجنة ويسقيه من شرابها». قال: فقلت لفضة ـ وهى تقرب منه قائمة ـ ويحك يا فضة، ألا تتقين الله فى هذا الشيخ، ألا تنخلين هذا الطعام من النخالة التى فيه؟ قالت: تقدم الينا أن لا ننخل له طعام. وكان عليه السلام يجعل جريش الشعير فى وعاء ويختم عليه. فقيل له فى ذلك. فقال (ع): «أخاف هذين الولدين أن يجعلا فيه شيئا من زيت وسمن». وإن عليا (ع) قد سهر تلك الليلة التى ضرب فيها وأكثر الخروج والنظر الى السماء، وهى يقول: والله، ما كذبت ولا كذبت. وانها الليلة التى وعدت فيها، ثم يعاود مضجعه. فلما طلع الفجر، شد إزاره وخرج وهو يقول:

 

أشدد حياز يمك للموت‏

فان الموت لا قيكا

ولا تجزع من الموت‏

اذا حل بواديكا

 

ذلك لأن أولياء الله مع علمهم بما سيكون لا يعملون‏الا حسب الامور العادية. «ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حى عن بينة».

 لما تواعد الشقي اللعين عبد الرحمن إبن ملجم المرادي وصاحباه على قتل علي عليه السلام ومعاوية وعمرو بن العاص دخل إبن ملجم المسجد في بزوغ الفجر الأول فدخل الصلاة تطوعاً وافتتح القراءة فأقبل علي عليه السلام وبيده مخفقة وهو يوقظ الناس للصلاة فمر بابن ملجم لعنه الله ودخل الصلاة فتبعه ابن ملجم لعنه الله فضربه على قرنه ووقع ذبابة السيف في الجدار فأطار فدرة من آجره. فلما أحس(ع) بالضربة، لم يتأوه وصبر واحتسب ووقع على وجهه، قائلا: «بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله. هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله، ثم صاح وقال: قتلنى ابن ملجم، قتلنى اللعين ابن اليهودية، فزت ورب الكعبة».

و انما قال: فزت ورب الكعبة، لأن رسول الله(ص) قد أخبره: أنه سيضرب هذه الضربة وهو فى سلامة من دينه، فكانت هذه الضربة علامة ختام أعماله الجبارة فى سلامة من دينه صلوات الله عليه، وهذا درس عملى للناس أجمعين فى أن يبذلوا أقصى جهودهم لتنتهى أعماله مع حسن العاقبة وفى سلامة من دينهم. فقد يزعم الانسان انه صالح فتنتهى اعماله مع حسن العاقبة، ونستعيد بالله من الاغترار بأعمالنا والركون اليها ونرجو منه التوفيق وحسن العاقبة. وروى الحافظ أبوبكر البيهقي: خرج علي عليه السلام لصلاة الفجر فأقبل الوز يصحن في وجهه فطردوهن عنه فقال: دعوهن فإنهن نوائح ولما ضرب عليه السلام قال: فزت ورب الكعبة.. وفي الحديث أن النبي (ص) قال لعلي عليه السلام ألا أخبرك بأشد الناس عذاباً يوم القيامة؟ قال: أخبرني يا رسول الله. قال: فإن أشد الناس عذاباً يوم القيامة عاقر ناقة ثمود، وخاضب لحيتك بدم رأسك وصاحباه (الذين كانا مع إبن ملجم).، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حي.

 روى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسى فى أماليه بسنده الى الأصبغ بن نباتة، قال: لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين على بن أبى طالب(ع). غدونا عليه نفر من أصحابنا: أنا والحارث وسويد بن غفلة وجماعة معنا، فقعدنا على الباب، فسمعنا البكاء من الدار. فبكينا. فخرج الينا الحسن بن على عليهما السلام، فقال: يقول لكم أمير المؤمنين انصرفوا الى منازلكم. فانصرف القوم غيرى واشتد البكاء فى منزله، فبكيت، فخرج الحسن. فقال: ألم أقل لكم انصرفوا؟ فقلت: لا والله، يابن رسول الله، ما تتابعنى نفسى ولا تحملنى رجالى أن أنصرف حتى أرى امير المؤمنين وبكيت. فدخل الدار ولم يلبث أن خرج. فقال لى: أدخل. فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام. فذا هو مستند، معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه واصفر وجهه. فما أدى وجهه أشد صفرة أم العمامة، فأكببت عليه، فقبلته وبكيت. فقال لى: «لا تبك يا أصبغ، فانها، والله، الجنة». فقلت له: جعلت فداك. انى أعلم والله انك تصير الى الجنة، وانما أبكى لفقدانى اياك، يا أمير المؤمنين. نعم، يقول على لأم كلثوم وهى تبكى، «أسكتى، فلو ترين ما أرى لما بكيت، هذه الملائكة وفود والنبيون، وهذا محمد(ص) يقول: يا على، أبشر، فما تصير اليه خير مما أنت فيه».

 ثم إنه صلوات الله عليه يوصى لابن ملجم، فيقول: «أبصروا ضاربى أطعموه من طعامى، واسقوه من شرابى، النفس بالنفس، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلنى. وان بقيت رأيت فيه رأيى». ثم تزايد ولوج السم فى جسده الشريف حتى احمرت قدماه وامتنع عن الأكل والشرب وشفتاه تختلجان بذكر الله وجبينه يشرح عرقا وهو يمسحه فقال له ابن الحنفية: أراك تمسح جبينك؟ فقال: «يا بنى» انى سمعت رسول الله(ص) يقول: «الله خليفتى عليكم، أستوعدكم الله». وهكذا يفارق الدنيا هذا الامام العظيم الذى لن يأتى الدهر بمثله أبدا، وهكذا تنتهى حياته الشريفة التى ملؤها الفضائل ومكرمات وكرامات ومعجزات وبطولات وبلاغة وزهد وورع وتقوى الى حد بعيد لن يصل اليها البشر العادى.

 وروى في مستدرك الوسائل عن كتاب المزار القديم عن مولانا الباقر (عليه السلام) قال: ذهبت مع أبي الى زيارة قبر جدّي امير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في النّجف فَوَقف أبي عند القبر المطهّر وَبكى وقال:

اَلسَّلامُ عَلى اَبِي الاَْئِمَّةِ وَخَليلِ النُّبُوَّةِ، وَالَْمخْصُوصِ بِالاُْخُوَّةِ، اَلسَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الاِْيْمانِ، وَميزانِ الاَْعْمالِ، وَسَيْفِ ذِي الْجَلالِ، اَلسَّلامُ عَلى صالِحِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ عِلْمِ النَّبِيّينَ، الْحاكِمِ في يَوْمِ الدّينِ، اَلسَّلامُ عَلى شَجَرَةِ التَّقْوى، اَلسَّلامُ عَلى حُجَّةِ اللهِ الْبالِغَةِ وَنِعْمَتِهِ السّابِغَةِ، وَنِقْمَتِهِ الدّامِغَةِ، اَلسَّلامُ عَلَى الصِّراطِ الواضِحِ، وَالنَّجْمِ الّلائِحِ، وَالاِْمامِ النّاصِحِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. ثمّ قال: اَنْتَ وَسيلَتي اِلَى اللهِ وَذَريعَتي، وَلي حَقُّ مُوالاتي وَتَأميلي، فَكُنْ لي شَفيعي اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ فِي الْوُقُوفِ عَلى قَضاءِ حاجَتي، وَهِيَ فَكاكُ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، وَاصْرِفْني في مَوْقِفي هذا بِالنُّجْحِ وَبِما سَأَلْتُهُ كُلَّهُِ بِرَحْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، اَللّـهُمَّ ارْزُقْني عَقْلاً كامِلاً، وَلُبَّاً راجِحاً، وَقَلْباً زَكِيَّاً، وَعَمَلاً كَثيراً، وَاَدَباً بارِعاً، وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ لي وَلا تَجْعَلْهُ عَلَيَّ، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

 

الأمم المتحدة تحتفي بعلي عليه السلام

 اشار برنامج التنمية الإنمائي وحقوق الإنسان لعام 2002م والتابع للأمم المتحدة إنَّ الإمام علي عليه السلام هو رائد العدالة الإجتماعية والسياسية، ويتضمن تقرير الأمم المتحدة المذكور والذي جاء في مائة وستين صفحة باللغة الإنكليزية مقتطفات من وصايا أمير المؤمنين عليه السلام الموجودة في نهج البلاغة، التي يوصي بها عماله وقادة جنده حيث يذكر التقرير أن هذه الوصايا الرائعة تعد مفخرة لنشر العدالة وتطوير المعرفة وإحترام حقوق الإنسان. ويشدد التقرير على أن تأخذ الدول العربية بهذه الوصايا في برامجها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتعليمية، لأنها (لا تزال بعيده عن عالم الديمقراطية، ومنع تمثيل السكان، وعدم مشاركة المرأة في شؤون الحياة، وبعيده كل البعد عن التطور وأساليب المعرفة). وأن التقرير المذكور وزع على جميع دول الأمم المتحدة حيث إشتمل على منهجية الأمام علي عليه السلام في سياسة الحكم، وإدارة البلاد، والمشورة بين الحاكم والمحكوم، ومحاربة الفساد الإداري والمالي، وتحقيق مصالح الناس، وعدم الإعتداء على حقوقهم المشروعة.

 

واخيرا:

كتب ألفت في شخصية الإمام علي عليه السلام من قبل غير المسلمين نذكر منها:

ـ الإمام علي صوت العدالة الإنسانية لجورج جرداق

ـ الإمام علي نبراس ومتراس لسليمان كتاني.

ـ الإمام علي أسد الإسلام وقديسه لروكس بن زائدة العزيزة.

ـ ومن الشعر ملحمة الغدير لبولس سلامة...

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain. com