بحوث

مدينة الحضر

زهراء سعدي/ عضوة في بنت الرافدين

تميز مدينة الحضر التي تبعد حوالي (110)كم الى الجنوب الغربي من مدينة الموصل بصفات سوقية استتراتجية أهمها هو موقعها الجغرافي المهم الذي يسيطر على الطرق والمسالك البحرية التجارية والعسكرية المحاذية لنهري دجلة والفرات ووفرة المياة العذبة حيث تتجمع مياة الامطار في المناطق المجاورة لها وكذلك قربها من وادي الثرثار الذي تكثر فيه المياة طيلة الفصول وتقل ايام الصيف فقط. اما عن تاسيس ونشاة المدينة فهناك اعتقاد انها قرية في زمن الاشوريين، وهذا الاعتقاد ضعيفاً لعدم العثور على دلائل مادية اثرية تسندة.

تتميز مدينة الحضر ايضاً بوقوعها على احد الطرق البرية الذي يربط المدينة السلوقية على دجلة بانطاكية في سوريا. وازدادت اهمية المدينة العسكرية عند اندلاع الحرب الطويلة بين الامبراطوريتين الرومانية في الغرب والفرثية في الشرق وبخاصة في الاعوام(69-36 ق.م) حيث برزت اهمية القبائل العربية التي تسكن البادية الغربية والتي اتخذت من مدينة الحضر مركز مهما لها، فالحضر كانت عاصمة لمملكة عربية وردة في كتابات الحضرالارمية باسم عربايا(اي بلاد العرب) وحكمها ملوك عرب، ولقبوا انفسهم بملوك العرب المنتصرين وتمتعت بنوع من الاستقلال الذاتي ضمن السيطرة العامة للابراطورية الفرثية، وهي بذلك تشابة تدمر ودورا وبوروبس التيين ازدهرتا في فترة تاريخية سماها مؤرخون العرب(عصرملوك الطوائف ) حيث كان لها الحق في ادارة شؤونها الداخلية وممارسة طقوسها الدينية الخاصة بها.

فالعوامل السياسية الخاصة والظروف التاريخية الملائمة جعلت من مدينة الحضر مركزا مهما للقبائل العربية من جوانب عديدة وبخاصة الدينية منها، حيث شيدت بها معابد ومزارات خصصت لعبادة الهتها المفضلة وساهمت في تشيد معابدها الضخمة ايضاً عن طريق تقديم الاموال اللازمة وثم تكريسها لعبادة ألهتها الوطنية.

واقامت تلك القبائل مقابرها الخاصة في الطرف الشرقي من المدينة وتوضحت اهمية المدينة من الناحية العسكرية في تخطيطها العام ومناعة اسوارها واستحكاماتها الدفاعية التي اشتهرت لدى المؤرخين الكلاسكين أمثال ديوكاسيوس وهيرويان الذين كتبوا عن حصار الاباطرة الرومان وعن حصار أردشير الساساني ومتثلهم السيطرة عليها .

وازدهرت المدينة خلال القرون الثلاثة للميلاد بسبب تدفق الاموال عليها نتيجة زيادة اهميتها التجارية نظراً لوقوعها على الطريق البري للتجارية التي استغلت في نقل البضائع والسلع في منطقة الشرق القديم مما ساعد على نموها الذي انعكس في تشييد ابنيتها الضخمة.

 

عمارة مدينة الحضر

كشفت اعمال التقنيات والتحريات الاثرية التي اضطلعت بها المؤسسة العامة للاٌثار منذو الربيع 1951 ولحد الان عن بعض معالم المدينة المهمة فشملت معظم ابنية المعبد الكبيرة وعدد من المعابد والمزارات الصغيرة وعن دور السكنى القريبة منها بالاضافة الى مجموعة من المقابر وبوابة المدينة الشمالية وجزء من البوابة الشرقية للمدينة اما عن التحصينات والاستحكامات العسكرية للمدينة اثبتت بأن سورها الرئيس الحالي شبة دائري المتضمن العديد من الابراج والاقلاع قد تم تشبيه خلال الفترة بين القرن الاول قبل الميلاد والنصف الاول من القرن الاول الميلادي ومن المحتمل ايضاً ان حفر الخندق المحيط بها من كافة جوانبها قد تم في هذه الفترة، مما يشير واستنادا الى دلائل اثرية الى ان الحضريين التجأوا الى المعبد الكبير داخل السورالقديم المدعم بطلعات النصف دائرية اثناء فترات الخطر قبل احاطة مدينتهم بسورها الحالي وقد شيد هذا السور من اللبن المنتظم، وكان عرضة 3م يقوم على اسس من الاحجار المهندمة قد ترتفع متريين فوق مستوى الارض الطبيعية، وزيادة من مناعتة ومتانتة وقد زود بالعديد من الابراج، قد يزيد عددها عن 163 برجا ومجموعة من القلاع الحجرية الصلدة ووظيفتها الاساسية دفاعية اضافة الى استخدام سقوفها لرفع المدافع والمعدات الحربية المختلفة.

ويحيط بالسور الداخلي خندق يتراوح عمقة بين( 4-5)م وبعرض 8م وبخاصة القريب من المدينة بني بشكل قريب من جدار من الحجر يقوم على ارض الصخرية البكر ومدعم بطلعات وابراج صغيرة الاسنادة وزبادة مناعتة، وفوق الخندق وفي منطقة البوابة الشمالية بنيت قنطرة بعرض 5م توصل الى ارض الحضر، وللمدينة سور خارجي يبعد عن السور الرئيسي بحوالي 500م يحيط بها من كافة جوانها.

لمدينة الحضر اربع بوابات مزورة مشيدة على سورها الرئيسي بالاتجاهات الاربعة الطبيعية وهذا التصميم يساعد على ضبط الاتجاهات والرصد وصممت مداخل البوابات بشكل يتعذر عاى العدوا المهاجم اقتحامها لمناعة ابراجها العديدة وكانت بعرض 3,80 م وتسد بواسطة ابواب خشبية ثقيلة تدور على صنارات حجرية وتغلق بمزلاج سميك ويحف بالمدخل من الشمالية الشرقية ساحة زينت بتماثيل لها علاقة بحياة الجنود كتمثال هرقل – نرقل الذي أطلق علية أسم (د حشفطا) الذي يعني (أمير الحرس).

ومن ابنية الحضر الرئيسية في وسطها تقربياً يحيط بها سور مستطيل الشكل وقد عرفت بالمعبد الكبير حيث اطلق الحضريون أنفسهم هذه التسمية على هذه المجموعة المتاثرة من الابنية حيث سموها(هيكلا ربا) او(بيت الها) اي بيت الهة.

أما سور المعبد فلة مداخل متتعددة يتراوح عددها أحدى عشر مدخلا عدا المدخل الرئيسي الذي يقع في ضلعة الشرقي ويقسم المعبد الى قسمين رئيسيين هما الحرم والصحن ويفصل بينهما جدار يمتد بأتجاه الشمالي- الجنوبي ويحتوي على اربعة مداخل اثنان منهما رأسيان يتألف كل منهما من ثلاث فتحات اكبرها يقع في الوسط.

ومن الابنية المهمة الاخرى في حرم المعبد الكبير، معبد خصص لعبادة الالهة (شحيرو، نجمة الصباح ) يقع الى الشرق من الاواوين المتسقة ويواجة الجنوب ويتألف معبد شحيرو من خلوة يعلوها قبو وأمامها سقيفة امامية مكونة من ستة اعمدة كورنيثية، اربعة منها في الواجهة وعمود واحد خلف كل من عمود الركنيين.

اما الابنية التي شملتها الحفائر الاثرية في حرم المعبد الكبير معبد يقع الى الجنوب من معبد سيما ويتألف الايوان في مخططة ايضاً من ايوان وسطي واسع على جانبية ايوانان صغيران يطابقين وقد خصص لعبادة الهة التثليث الصخرية (مرن ومرتن ومرين ) وتعني (سدنا وسيدتنا وابن ساداتنا ) وبدليل على ذلك العثورعلى تماثيل النحت البارز تمثلهم اما معبد مرن( الهلنستي) فيحتل موقع الصدارة في صحن المعبد الكبير وهو يتألف من صفين من الاعمدة تدور حول الخلوة التي بنيت فوق مسطبة طولها من الاسفل 13,83م وعرضها 10,52م وبارتفاع قدرة 1,80م عن الارضية ، والاعمدة الداخلية هي ذات طراز ايوني تقوم على حافات المسطبة واما الاعمدة الخارجية فهي الاكبر حجماً تقوم مباشرة على الارض عددها 25 عموداً من الطراز المركب.

أما مقابر المدينة فيقع معظمها في الجهة الشرقية منها وقسم داخل المعبد الكبير.

ومدافن الحضر بنيت من الحجر المهندم على اشكال متعددة أبسطها ذات طابق واحد مربع الشكل يتألف من غرفتين يربط بينهما ممر ومدخل منحدر من الخارج الى الداخل.

لقد طور المعمار الحضري عناصر مختلفة متناقضة في بعض الاحيان للعمارة المعاصرة والعمارة العراقية القديمة واساليب العمارة الهلنسية وبعض عناصر العمارة الشرقية- الرومانية ووضعها في مايشبة بوقة الانصهار وحصل على اسلوب جديد متميز فهو مثلا صمم وبنى الاعمدة الحضرية بنوعها الحر الملتصق من الحجر المهندم بالطريقة الاغريقية التقليدية حيث اقامها بواسطة اساطين الواحدة فوق الاخرى وجعل القياسات ثلثها العلوي تتناقص حسب مبادئ العمارة الاغريقية من خداع النظر.

أما الزخرفة الحضرية التي تشمل الجمع بين اوراق لاكانثوس والحبل المبروم والبيضة ورأس الرمح أضافة الى اشكال حيوانية وهندسية فهي من ابتكارة وكان قد ورث بعض عناصر العمارة الاشورية المتشابهة التي كانت تزين قاعات ومعابد الأشوريين ومزجها بعناصر العمارة الهلنستية.

ومن ابرز خصائص الزخرفة الحضرية هي جمع رأسيين او ثلاثة حيوانية على حجرة قوس واحد اضافة الى استعمال الزخرفة الحيوانية الغرفن ذي الظهر المقوس والارجل الخلفية الملتفة والمنقوشة صورها على واجهات الابنية وعلى بعض اسكفات المداخل.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com