بحوث

اسباب الطعن بالقرار الاداري

الجزء الثاني

 فارس حامد عبد الكريم

ماجستير قانون / بغداد

ثانياً ـ عيب مخالفة القانون في القرار الاداري

عيب مخالفة القانون هو العيب الذي يصيب محل القرار الاداري ويدمغه بعدم المشروعية، ومحل القرار الاداري،هو المركز القانوني والاثر القانوني المباشر الذي تتجه إرادة رجل الادارة الى تكوينه، او تعديله او الغائه.

وعيب مخالفة القانون،عيب شائع في الحياة الادارية العملية، لاسباب متنوعة،فقد يكون صورة من صور تعسف الادارة في استعمال سلطاتها تجاه الافراد او هو نتيجية طبيعية للجهل بالقانون المتفشي بشكل خطير بين رجال الادارة العامة، وقد يكون التعسف في استعمال السلطات الادارية وسيلة من وسائل الفساد الاداري من خلال حجب الادارة لحقوق المواطنين عنهم او تعطيل مصالحهم المشروعة كوسيلة ضغط للنفاذ الى الكسب غير المشروع، فضلا عن عدم وجود ثقافة قانونية عامة تُعرف المواطن بحقوقه وتمكنه من المطالبة بها والدفاع عنها على اساس راسخ، يساعد على ذلك حالة عدم وجود جهة رقابية، ادارية او قضائية، فعالة يلجأ اليها المواطن للاقتصاص من العابثين بالمصالح العامة.

 

اثار محل القرار الاداري

تختلف اثار محل القرار الاداري بحسب ما اذا كان قراراً تنظيمياً او قراراً فردياً، فأثر القرار التنظيمي يتمثل بايجاد قاعدة قانونية عامة ومجردة تنشيء او تعدل او تلغي مراكز قانونية اوحالة قانونية عامة وموضوعية.

والقرار التنظيمي ما هو الا تشريعاً فرعياً قد يكون في صورة انظمة او تعليمات او انظمة داخلية، ويعرف في مصر باللائحة، تصدره السلطة التنفيذية بما لها من اختصاص اصيل بموجب الدستور(1). والقرار التنظيمي بهذه الصفة يتضمن انشاءاً لقاعدة قانونية مما يتوجب ان يكون متفقاً مع الدستور والقانون والقرارات التنظيمة التي تعلوه مرتبة.

اما اثر القرار الاداري الفردي المباشر فيتجسد في انشاء حالة قانونية او مركز قانوني فردي او تعديله او الغائه، خاصاً بفرداً معيناً بذاته او مجموعة من الافراد معينين بذواتهم. كالقرار الصادر بتعيين موظف او نقله او انهاء خدماته.

ويتوجب ان يكون القرار الفردي متطابق مع الدستور والقانون والقرارات التنظيمية والقرارات الفردية التي تعلوه مرتبة.

ومحل القرار الفردي، بهذه الصفة لا يتضمن انشاءاً لقاعدة قانونية وانما يأتي تنفيذاً لقاعدة قانونية صدر بالاستناد اليها، اي تحديد الحكم القانوني الخاص بحالة قانونية او مركز قانوني فردي.

واذا كان يُكتفى بالنسبة للقرارات التنظيمية ان تكون علاقتها بالقواعد القانونية علاقة موافقة، الا ان القرارات الفردية ينبغي فيها،كقاعدة عامة مستقرة، أن تصدر بالمطابقة للقواعد القانونية التي جاءت تنفيذا لها.

وفي ضوء ما تقدم، يتضح ان عيب مخالفة القانون يبدو في كل حالة يكون فيها القرار الاداري، من حيث محله، مخالفا للقواعد القانونية السابقة التي صدر بموجبها أو تنفيذاً لحكمها.

ويقصد بالقاعدة القانونية، في هذا المقام، اية قاعدة قانونية عامة مجردة أيا كان مصدرها، سواء كان مصدرها الدستور أو التشريع أو العرف أو القضاء أو مبادىء القانون العامة أو قرار أداري تنظيمي، وفي حالة التعارض يتعين على الادارة أن تراعي القانون الاعلى مرتبة بحسب ما يقتضيه مبدأ تدرج القواعد القانونية.

ومن جانب اخر فإن عيب مخالفة القانون يتسع مدلوله ليشمل كل مساس بمركز قانوني مشروع سابق ايضا، ومن ثم يعتبر القرار مخالفاً للقانون اذا تنكر لحكماً قضائياً حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه أو لقراراً إدارياً فردياً رتب حقوقاً مكتسبة او عقداً التزمت به الادارة.

 

صور عيب مخالفة القانون :

1 ـ ان يصدر القرار بالمخالفة للدستور:

تتوسد القواعد الدستورية المكانة العليا في سلم التدرج الهرمي للنظام القانوني في الدولة برمته، اذ هي تسمو على كل ما عداها من قوانين وانظمة وتعليمات او قرارات تتخذها السلطات العامة بما فيها السلطة التشريعية، فالدستور هو الذي يؤسس السلطات في الدولة،وهو الذي يحدد لها اختصاصاتها وطريقة ممارسة تلك الاختصاصات،فضلا عن ما يتضمنه من قواعد متعلقة بحقوق وحريات المواطنين وواجباتهم.

ومن جانب اخر يضع الدستور قواعد عامة وموجهات وقيود ينبغي ان تراعيها سلطة التنفيذ فان حادت عن مقتضى تلك الموجهات والقيود وهي بصدد اصدار قرار اداري،أو حادت عن حدود الاختصاصات التي رسمها لها أو تحللت من القيود التي وضعها او انها خالفت بانظمة وتعليمات تبنتها، مبدأً أو نصاً دستورياً، فانها تكون بذلك قد تجاوزت الدستور وحدود سلطتها وتحقق سبب من اسباب الطعن بعدم المشروعية، ويعد ما أقدمت عليه معيبـا بعيب مخالفة القانون وباطـلاً لمخالفته الدستور.

كما لو اصدرت الادارة انظمة او تعليمات او قراراً فردياً واشارت الى ان تنفيذه يكون باثر رجعي دون سند من القانون في حين ان الدستور ينص على عدم جواز الاثر الرجعي،او ان تتخذ الادارة قرارها باسقاط الجنسية عن عراقي يحمل الجنسية الاصلية في حين ان الدستور ينص على عدم جواز اسقاطها.

وبصدد مبدأ حق الدفاع عن النفس الدستوري جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 118 في 2/7/1987 (حق الدفاع عن النفس هو من الأصول الاجرائية الجوهرية التي يجب على الادارة أن تحترمها في معرض تأديب الموظفين والتحقيق معهم وانزال العقوبات بهم ويترتب عليها اطلاعهم على كل المآخذ المنسوبة اليهم وعلى كل المستندات التي تدينهم أو تتضمن اقتراحا بمؤاخذتهم...... وبما أن عدم اطلاع المستدعي على مطالعة رئيس هيئة التفتيش المار ذكرها ليقدم دفاعه بشأنها يشكل اغفالا لمعاملة جوهرية من أصول التحقيق التأديبي وبالتالي انتهاكا لحق الدفاع الذي يعتبر أحد المبادئ العليا التي كرسها الاجتهاد والقانون الوضعي كما كرستها الدساتير في البلدان الراقية. وبما ان القرار المطعون فيه يكون مستوجبا النقض لهذا السبب في الجزء منه المتعلق بالمستدعي. وبما أنه لم يعد من حاجة لبحث توفر سائر أسباب النقض المدلى بها. لهذه الأسباب، يقرر بالاجماع: 1 – قبول المراجعة في الشكل. 2 – قبول المراجعة في الأساس ونقض القرار رقم 31/83 تاريخ 3/3/1983 الصادر عن هيئة التفتيش المركزي في الجزء منه المتعلق بالمستدعي وتضمين الدولة الرسوم ومئة ليرة رسم محاماة ورسم صندوق تعاضد القضاة. قراراً أعطي وأفهم بتاريخ صدوره في 8/7/1987. )

وجاء في قرار للمجلس نفسه برقم 15/98ـ99 في 7/10/1998( اقتراع المرأة المتزوجة في قلم اقتراع اهلها يشكل مخالفة حاسمة اذا كان من شأنه التأثير على نتيجة الاقتراع، ويجب حسم اصوات النساء المتزوجات مداورة من اصوات الفائزين والخاسرين.) وان (قاضي الانتخابات ليس قاضي نظامية فقط بل هو ايضا قاضي حرية ونزاهة الانتخابات).

2 ـ ان يصدر القرار الاداري بالمخالفة للمعاهدات والاتفاقات الدولية :

تعد المعاهدات الدولية المصادق عليها من مجلس النواب والنافذة حسب الاجراءات المتبعة للنفاذ داخل الدولة، جزءاً من القانون الداخلي للدولة، ملزمة للسلطات العامة والافراد ويتعين على الجميع احترامها.

وتثير مسألة تطبيق المعاهدات الدولية والرقابة القضائية الواردة عليها شيئأ من الحساسية والنزاع الدولي في احيان كثيرة، وعلى هذا درج القضاء الاداري في كل من فرنسا ومصر على اعتبار القرارات الادارية الصادرة استناداً الى معاهدة او اتفاقية دولية من اعمال السيادة التي لايختص بنظرها القضاء، وتحل النزاعات الناشئة عنها بالطرق الدبلوماسية.

3ـ ان يصدر القرار بالمخالفة للقانون بمعناه الشكلي ( التشريع ) : تتولى السلطة التشريعية في الدولة سن التشريع العادي في حدود اختصاصها المبين في الدستور وهو ما يعرف بالتشريع العادي، واعمالاً لمبدأ المشروعية فانه يتعين على السلطات الادارية في الدولة ان تتصرف طبقا لما تقضي به القوانين وبخلافه تتعرض تصرفاتها للألغاء لعدم مشروعيتها.

ومدى التزام الادارة بالخضوع الى القانون يتحدد فقط بالقوانين التي تتفق وطبيعة عملها، الامر الذي يجيز لها ان تستبعد كلية بعض القوانين التي لا تتلاءم ونشاطها الاداري، وتعمل على تطبيق قواعد واحكام اخرى مغايرة تتماشى وطبيعة هذا النشاط.

غير ان للادارة ان تتخلى عن وسائل القانون العام، وتلجا في تصرفاتها الى وسائل القانون الخاص وعندئذ تكون في مركز قانوني شبيه بالمركز القانوني للافراد العاديين وفي حدود هذا التصرف.

ومن الطبيعي ان تخضع وظيفة السلطة التنفيذية لوظيفة السلطة التشريعية فيما تصدره من قرارات تنظيمية او فردية ومقتضى ذلك انه لايجوز للادارة بمختلف هيئاتها ان تتخذ اى عمل او تصدر اى امر او قرار الابمقتضى القانون وتنفيذا له. ومـرد ذلـك الى امـريـن الاول،هو انه لكى يتحقق هذا المبدأ يلزم ان تكون الاجراءات الفردية التى تتخذها السلطات العامة منفذة لقواعد مجردة موضوعة سلفا فتتحقق العدالة والمساواة.والثانى،هو ان القانون يصدر عن هيئة منتخبة تمثل الشعب وتمارس السيادة بأسمه، وخضوع الادارة للقانون يحقق لتلك الهيئة الهيمنة غير المباشرة على تصرفات الادارة، على انه يجب ان لا يفهم من ذلك ضرورة خضوع الجهاز الاداري بوصفه هيأة للجهاز التشريعي، وانما يكفي ان تكون الوظيفة الادارية او التنفيذية تابعة للوظيفة التشريعية. فالخضوع في الواقع هو خضوع وظيفي وليس هو حتماً خضوعاً عضوياً، ويعرف هذا المبدأ بمبدأ المشروعية فى العمل الادارى،وبمقتضاه لايجوز للسلطات الادارية ان تلزم الافراد بشئ خارج نطاق القوانين النافذة ومن ناحية اخرى لا تستطيع ان تفرض عليهم شيئاً الا اعمالا للقانون.

كأن تفرض الادارة على الافراد ضريبة او رسم لم ينص عليهما القانون، أو ان تفرض عقوبة تأديبية على موظف لم ينص عليها القانون او نص عليها بشروط واجراءات معينة لايقاعها، حتى لو تم الامر على شكل عقوبة مقنعة، كأن تقرر الادارة معاقبة عدد من الموظفين لاسباب حزبية او شخصية كالانتقام، فتقرر تنزيل درجتهم الوظيفية وتبرر ذلك بتبريرات مزيفة كأعادة التنظيم الاداري، وهذه التصرفات ما هي الا عقوبات مقنعة في حقيقتها ومعناها،جاءت خلافأً للقانون، والقاضي الاداري هو من يكشف حقيقتها بفطنته وسلامة تقديره للامور.

أو ان تتضمن الانظمة والتعليمات مبداً جديداً لم ينص عليه القانون فتكون الادارة والحالة هذه قد نصبت نفسها كمشرع، أو انها تتضمن نصا يستثنى احداً او فئة معينة من تطبيق القانون دون سند قانوني يبرره، وخلافاً لمبدأ المساواة امام القانون.

ذلك ان مهمة الادارة او السلطة التنفيذية تتجسد بصفة عامة بادارة المرافق العامة والاشراف على حسن انتظام سيرها بهدف اشباع الحاجات العامة وفقاً للتشريعات التي سنتها السلطةالتشريعية.

قضية طبيب الاسنان الفرنسي Moussy : تلخص وقائع هذه القضية، بانه صدر تشريع في فرنسا يجيز لاطباء الاسنان من خريجي المعاهد الطبية الاجنبية والمتجنسين بالجنسية الفرنسية المقيمين في منطقتي الالزاس واللورين قبل سنة 1918 ان يمارسوا المهنة في اي مكان من فرنسا.

وحصل ان رغب طبيب فرنسي الاصل ان يستفيد من هذا التشريع لتوفر الشروط فيه، فقدم طلباً بذلك الى الادارة، فرفضت طلبه، واسست رفضها على ان صاحب الطلب فرنسي اصيل، في حين ان القانون يخص المتجنسين بالجنسية الفرنسية، فطعن الطبيب بالقرار مطالباً الغائه لمخالفته القانون، فقضى له مجلس الدولة بما طلب والغى القرار، واسس المجلس حكمه على ان الادارة فسرت القانون تفسيراً خاطئاً، لانه لايقبل ان يفضل المشرع الاجنبي المتجنس على صاحب الجنسية الاصيل، فما دام قد سمح للاجنبي الاصل بمزاولة المهنة فمن باب اولى ان يسمح للوطني الاصل.

وبصدد مخالفة الادارة للقانون جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 152 في27/5/1992

( أنَّه يقتضي تصنيف المستدعية وفاقاً لأحكام المادة 44 من المرسوم الاشتراعي رقم 134 تاريخ 12/6/1959، باعتبارها دخلت الأكاديمية اللبنانية سنة 1950 وتخرجت منها حاملة شهادة جامعية، وانه بناء على القرار الإعدادي الصادر عن هذا المجلس بتاريخ 9/6/1970 عرضت شهادتها على لجنة المعادلات التي قررت بتاريخ 9/10/1970 أنَّ شهادتها هي شهادة جامعية رسمية، وانه كان على وزارة التربية أنَّ تصنفها برتبة وراتب أستاذ تعليم ثانوي في الدرجة الاخيرة ابتداء من تاريخ صدور المرسوم الاشتراعي رقم 134/59 مع ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية، وأن رفض الإدارة تصحيح وضعها مخالف لنص المادة 44 المشار اليها ومشوب بعيب تجاوز حد السلطة فيقتضي إبطال قرار الرفض وإعلان حقها بالتصنيف وفاقاً لأحكام هذه المادة. 2- أنَّه يقتضي تصحيح وضع المستدعية على أساس مبدأ المساواة، باعتبار ان هذا المجلس قد أصدر عدة قرارات عائدة لموظفي هم في وضع مشابه لوضعها، وأن مبدأ المساواة واجب التطبيق حتى بالنسبة لمن انقضت مهل المراجعة بحقهم.)

وجاء في قرار اخر لمجلس شورى الدولة اللبناني برقم 140 لسنة 1986ان (صدور القرار مطبوعاً على الآلة الكاتبة ليس افشاء لسر المذاكرة لان النص المطبوع يبقى مشروع قرار ولا يصبح قراراً الا بالتوقيع)

وجاء في قراره رقم 114 في11/11/1993ان ( عدم دعوة الفرقاء لاجراء الكشف يشكل مخالفة لاصول المحاكمات، وعلم المستدعي بالكشف الذي اجرته لجنة الاستملاك لا يعد رضوخا. وان (تقدير عناصر التعويض يعود لقاضي الاساس ويخرج عن رقابة مرجع النقض)

وبصدد مخالفة قانون الاستملاك جاء في قراره رقم 134 في 29/11/1993ان( النص القانوني الذي يجيز وضع للبلدية وضع اليد موقتا على العقارات غير المبنية لتحويلها الى مواقف سيارات لا يخولها الحق في طلب استملاك العقارات.)

وجاء في قراره رقم 115 في 30/11/1994( وبما ان الاضرار الناتجة عن وجود حقل الرماية بالقرب من عقار الجهة المستدعية تؤول إلى التدني في قيمته الشرائية وتحد من امكانيات استثماره والاستفادة منه والاقامة فيه والتنقل في مختلف انحائه وخاصة المحاذية منها لحقل الرماية وذلك بسبب الخطر الناتج عن استعمال الاسلحة النارية والمتفجرات. وبما انه يتضح بالتالي ان وجود المنشآت العامة تلحق ضرراً اكيداً ومباشراً ومستمراً بعقار الجهة المستدعية.....وبما ان الجهة المستدعية افادت ان الدولة استملكت قسماً من العقار الاساسي بمعدل /3015/ل.ل. عن كل متر مربع وانها امنت العقار المذكور لدى البنك اللبناني للتجارة لقاء مبلغ قدره ماية وخمسون الف ليرة لبنانية.وبما انه لا شأن لموضوع هذه المراجعة بالعلاقات الخاصة القائمة بين المصرف المذكور والجهة المستدعية.وبما ان الضرر الواقع لا ينزع ملكية العقار، وان قيمة التعويض المستحق للجهة المستدعية لا توازي القيمة الشرائية للعقار بكاملها أو القيمة المحددة للاستملاك.وبما ان هذا المجلس يرى ان التعويض العادل والنهائي عن الضرر اللاحق بالجهة المستدعية يمكن تقديره بمبلغ مقطوع قدره /135000/ليرة..... يقرر مجلس شورى الدولة بالاتفاق...الزام الدولة بأن تدفع للجهة المستدعية تعويضاً مقطوعاً بقيمة /135/ الف ليرة لبنانية مع فائدة 9٪ من تاريخ الحكم.... تضمين الدولة الرسوم واتعاب المحاماة.).

وبصدد الطعن بالقرارات التنظيمية جاء في القرار رقم 133 لسنة1993( مذكرة وزير المالية بوقف صرف تعويض النقل والانتقال المحدد بمرسوم هو من القرارات التنظيمية لا الفردية ويمكن الادلاء بعدم قانونيتها بعد انقضاء المهلة.) وبصدد تنصيب الادارة نفسها قاضياً جاء في قراره رقم 115 في 7/9/1986ان (مهمة لجان الاستملاك تقتصر على تحديد التعويض المترتب على الاستملاك دون ان تتعداها الى البحث في قانونية الاستملاك).

وعن الضرر الذي تلحقه اشغال الدولة العامة بالمواطنين جاء في قراره رقم 119 لسنة 1987 انه ( وبما ان المستدعي هو من الأشخاص الثالثين بالنسبة لمنشآت المستدعى ضدها ومنها بركة شارل حلو التي انفجرت ويكفي لترتيب مسؤولية هذه الأخيرة توفر الرابطة السببية المباشرة بين انفجار البركة المذكورة والأضرار اللاحقة بعقارات المستدعي من جهة وأن تكون الاضرار المذكورة تتجاوز الأعباء المفروض بأهل الجوار أن يتحملوها بصفتهم هذه ولا يعفى من هذه المسؤولية الا القوة القاهرة. وبما أن هطول الأمطار الغزيرة لا يشكل بحد ذاته القوة القاهرة التي لا يمكن توقعها أو درء أخطارها وبالتالي يرى المجلس اعتبار المستدعى ضدها مسؤولة بالتعويض عن هذه الاضرار اللاحقة بالمستدعي والتي يحددها هذا المجلس بما له من سلطان تقديري واسع وفي ضوء تقرير الخبير وظروف القضية بمبلغ اجمالي قدره /13000/ ل.ل. ثلاثة عشر الف ليرة لبنانية.)

 

3ـ مخالفة الادارة للقرارات الادارية

تخضع القرارات الادارية ذاتها لمبدأ التدرج من الناحية الشكلية والموضوعية، ويجب ان تلتزم مع بعضها باحكام البعض الاخر لتفاوت درجاتها في سلم التدرج القانوني، وعلى النحو التالي :

اـ مبدأ التدرج الشكلي للقرارات الادارية : ينتظم القرارات التنظيمية فيما بينها مبدأ التدرجٍ الشكلي ايضا، ويمكن التمييز بين القرارات الادارية على اساس شكل او عنوان صدورها، فهناك القرارات التي تصدر من رئيس الجمهورية ويمكن ان تتخذ شكل مرسوم جمهوري، او نظام، بينما تتخذ القرارات الصادرة من مجلس الوزراء شكل او عنوان نظام او قرار او تعليمات،وهناك القرارات التي تصدر عن الوزراء وتتخذ شكل امر وزاري او امر اداري او تعليمات داخلية، بينما تصدر القرارات الادارية من المدراء العامين على شكل امر اداري،فالقرار التنظيمي الصادر من مجلس الوزراء ينبغي ان لا يخالف قراراً تنظيمياً صادراً بمرسوم جمهوري، وهكذا الحال بالنسبة للقرار الاداري الصادر من الوزير. ان مبدا التدرج الشكلي يحدد الاحوال التي يتم بموجبها احترام القرارات التنفيذية الصادرة من جهات الادارة المختلفة المتدرجة في سلم الوظيفة العامة.

فالرئيس الاداري لا يمكن ان يخضع الى قرارات ادارية صادرة من جهة ادارية ادنى منه في السلم الاداري، ومن جانب اخر لا تستطيع السلطة الادارية الاعلى، حسب الاصل، ان تحل نفسها محل السلطة الادارية الادنى في اتخاذ القرار الذي تختص باصداره بموجب القانون، مادامت الجهة الادنى قد استمدت صلاحياتها من القانون مباشرة وليس من الرئيس الاداري،ما لم ينص القانون على خلافه.

واذا كان من المعتاد ان تصدرالقرارات الادارية بصيغة مكتوبة،فليس هناك ما يمنع من اصدار القرار الاداري شفاهاً، ما لم ينص القانون صراحة او ضمناً على اصداره مكتوباً، ومثال النص الضمني ان يشترط القانون نشر القرار الاداري بالوسائل المختلفة.

ب ـ مبدأ التدرج الموضوعي للقرارات الادارية : ان التدرج الذي ينتظم القرارات الادارية ليس تدرجا شكليا فحسب وإنما يوجد الى جانبه التدرج الموضوعي في القرارات الادارية ايضا.

ويقصد بالتدرج الموضوعي، التزام القرار الفردي أحكام القرار التنظيمي فلا يخالفها سواء أُصدر القرار الفردي من جهة أدنى من الجهة التي أصدرت القرار التنظيمي أو نفس جهة الاصدار أو جهة أعلى من الجهة التي أصدرت القرار التنظيمي. ويترتب على ذلك انه لا يجوز ان يخالف القرار الفردي الصادر من وزير قراراً تنظيمياً صادراً من مدير عام ما لم ينص القانون على خلافه.

اما بالنسبة للقرارات الادارية المتعارضة الصادرة من جهة إدارية واحدة، فأن هذه المسألة يمكن ان تتخذ الصور التالية :

- أن تصدر الادارة قرارا تنظيميا بالمخالفة لقرار تنظيمي سابق صدر عنها، في هذه الحالة يكون قرارها اللاحق صحيحاً، اذ تسري هنا قاعدة اللاحق ينسخ السابق.

- أن تصدر الادارة قرارا فرديا بالمخالفة لقرار فردي سابق صادر عنها، وهذا جائز ولكن في حدود الاحوال التي يجوز فيها التعديل أو الالغاء أو السحب، احتراماً للحقوق المكتسبة.

- أن تصدر الجهة الادارية قرارا فردياً بالمخالفة لقرار تنظيمي سابق صادر عنها. وهذا غير جائز لتحقق عيب مخالفة القانون.

ج ـ مبدأ احترام الحقوق المكتسبة: على الاداة ان تراعي الحقوق المكتسبة للافراد وعليه عندما تصدر الادارة قرارا يتعارض مع قرارات ادارية سابقة التي تولد عنها حقوق للأفراد فانه لا يجوز لها من حيث المبدأ الغائها،مالم ينص القانون على خلاف ذلك.

كان تصدر الادارة قرارا تنظيمياً يتعارض مع قرار تنظيمي سابق او قرارات فردية سابقة صدرت عنها،في مثل هذه الاحوال تسري احكام القرار التنظيمي او الفردي باثر مباشر ولايمس ذلك ماسبق من قرارات تطبيقاً لمبدأ عدم رجعية القرارات الادارية، وعلى سبيل المثال فانه لا يمكن لقرار وان صدر من جهة ادارية اعلى ان يلغي قرارا لجهة ادارية ادنى اذا تعلق بهذا الاخير حق مكتسب للافراد كما انه لا يجوز ايضا ان يمس القرار التنظيمي الحقوق المكتسبة الناشئة بموجب قرار فردي.

وبصدد الحقوق المكتسبة جاء في قرار لمجلس شورى الدولة اللبناني رقم 127 لسنة 1987ان ( قرار الادارة بسحب الترخيص بعد انقضاء مهلة الشهرين على صدوره مستوجب الابطال لمخالفته مبدأ الحقوق المكتسبة.)

 

4 ـ مخالفة الادارة للعرف الاداري

العرف قانون اجتماعي تلقائي، يتكون من تلقاء نفسه في حياة الناس بناءاً على قوة العادة وتحت ضغط حاجات الافراد.

والعرف هو اطراد العمل بين الناس وفقاَ لسلوك معين اطراداً مقترناً بأحساسهم بوجود جزاء قانوني يكفل احترام هذا السلوك. ولكي يصبح العرف مصدراً من مصادر القانون، لابد ان تتوفر فيه عدة شروط وهي ان يكون عاماً وان يكون قد استقر فترة من الزمن، وان يكون ثابتاً وان يكون ملزماً وان لايكون مخالفاً للنظام العام والاداب.

وهذه الشروط يمكن ردها الى عنصرين الاول هو عنصر العادة ويتكون من صفات العموم والقدم والثبات، وعنصر معنوي هو الالزام.

والعرف بهذا المعنى قاعدة قانونية يستوجب توقيع جزاء مادي على مخالفته.

ويمكن تعريف العرف الاداري بانه مجموعة القواعد التي درجت الادارة على اتباعها فيما يتعلق بمجال معين من نشاطها بحيث تصبح هذه القواعد بمثابة القواعد القانونية من حيث الزامها.

وتأكيداً على اهمية العرف الاداري، تقول محكمة القضاء الاداري المصرية ( ان العرف الاداري هو بمثابة القانون من حيث وجوب احترامه والعمل به، فأذا ما خالفت الجهة الاداية العرف الاداري يكون تصرفها والحالة هذه قد انطوى على مخالفة القانون، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه باطلا ويكون المدعي محقاً في دعواه ).

وفي حكم اخر تذهب هذه المحكمة الى انه اذا وضعت احدى الجامعات مشروع لائحة والتزمته وطبقته باطراد ودون ان يصدر به تشريع اصبح هذا المشروع قاعدة تنظيمية عامة تعتبر مخالفتها مخالفة قانونية، وذلك ان المخالفة القانونية ليست مقصورة على مخالفة نص في قانون او لائحة، بل هي تشمل مخالفة كل قاعدة جرت عليها الادارة والتزمتها منهجاً لها.

ويلاحظ ان احترام القواعد العرفية والالتزام بها من قبل الادارة لا يعني دوام هذه القواعد الى الابد. لانه القول بذلك يؤدي الى قعود الادارة عن مواكبة التطورات التي تلحق بعموم المجتمع وبالعمل الاداري خاصة، وعلى هذا قد تتخذ الادارة سلوكا جديداً لمواجهة وقائع واحوال مستجدة وتستقر عليها فترة من الزمن ليأخذ شكل العرف تدريجياً.

ولكي تتحقق مشروعة العرف الجديد ينبغي ان يسري عليه مبدأ مساواة المواطنين امام القانون، اي ان يطبق بصفة مستمرة على جميع الحالات التي تواجهها الاارة بعد استقراره، فاذا تبين ان خروجها عن العرف القديم كان محاباة لحالة فردية، وانها عادت لتطبيق العرف القديم على حالات اخرى، تحقق عيب مخالفة القانون.

 

5ـ مخالفة القرار الاداري لمبادىء القانون العامة

رغم اقرار جميع فقهاء القانون بالاهمية الكبرى لمباديء القانون العامة باعتبارها تعبر عن حيوية النظام القانوني وأداة من ادوات تنميته وتطويره، فانه لايوجد اتفاق فقهي على تحديد المقصود منها.

ويذهب رأي الى ان المبدأ العام هو قاعدة القواعد القانونية،بمعنى قابلته على الانطباق على قواعد قانونية اخرى بحيث تكون الاخيرة تطبيقاً للمبدأ العام، واذا اخذنا المبدأ العام على هذا المعنى، فانها يصبح فكرة فنية المقصود منها وضع بناء منطقي متماسك للقواعد القانونية.

وعرفها الفقيه بيسكاتوري بأنها، مجموعة من المباديء التي تستخدم في توجيه النظام القانوني، من حيث تطبيقه وتنميته، ولو لم يكن لها دقة القواعد القانونية الوضعية وانضباطها.

ونبه الفقيه ريبير الى ضرورة تحاشي تعريف المباديء العامة للقانون، وهو يعتقد ان المباديء العامة يمكن التعرف عليها عندما تقع مخالفة لها، فلئن كان من الصعب تعريف المبدأ الاساس في احترام الملكية الخاصة، الا انه يمكن التعرف على المبدأ عند مصادرة الملكية دون مقابل وبطريقة تحكمية.

 

مضمون المباديء العامة للقانون

المباديء القانونية، اما ان تكون مكتوبة او غير مكتوبة.

والمباديء القانونية غير المكتوبة، انما تستقر في ذهن وضمير الجماعة، تمليها العدالة المثلى وهي تستند الى المنطق والعقل والحدس وطبيعة الاشياء وقواعد العدالة والاخلاق ولاتحتاج الى نص يقررها ويمكن ان تستمد منها قواعد قانونية ملزمة يتعين الخضوع لها، يعمل القاضي على الكشف عنها وتقريرها مستلهماَ اياها من روح التشريع، فيعلنها من خلال احكامه معطياً اياها القوة الالزامية. ومن ثم يتعين على الادارة احترامها والالتزام بها، ويعد كل تصرف مخالف لها معيباً بعيب مخالفة القانون.

وكثيرا من مباديء القانون العامة تحولت الى قواعد قانونية مكتوبة عندما يتبناها المشرع وهو بصدد سن التشريعات المختلفة.

ويتنوع مضمون المباديء العامة بحسب طبيعة المجال القانوني الذي تعمل فيه، الا انه يمكن ارجاعها من حيث اساسها وجوهرها الى مبدأين اساسيين هما مبدأ الحريـة ومبدأ المسـاواة.

ويمكن ان ترجع المبادىء الاتية الى مبدأ الحريـة :

ـ مبدأ لاجريمة ولا عقوبة الا بنص.

ـ مبدأ حرية العقيدة والارادة.

ـ مبدأ ان الاصل براءة الذمة، ويتفرع عنه مبدأ ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة

عادلة.

ـ مبدأ احترام الحقوق المكتسبة.

ـ مبدأ عدم رجعية القرارات الادارية.

ـ الملكية الخاصة والحرية الفردية مكفولتان في حدود القانون.

ـ مبدأ ان لاتقييد للحريات العامة الا بقانون.

ـ مبدأ اتاحة دعوى قضائية لكل من تضررت مصالحه نتيجة قرار اداري معيب.

ـ مبدأ خضوع كل سلطة ادارية للرقابة، ويتفرع عنه مسؤولية الوزير امام البرلمان.

ـ مبدأ حق الدفاع في المحاكمات التأديبية.

ـ مبدأ ضرورة سير المرفق العام بانتظام.

ـ مبدأ بطلان التصرفات نتيجة الاكراه.

ـ مبدأ عدم جواز الالتزامات المؤبدة.

ـ مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق.

ويمكن ان ترجع القواعد التالية الى مبدأ المساواة :

ـ مبدأ مساواة المواطنين امام القانون.

ـ مبدأ مساواة المواطنين في الانتفاع من المرافق العامة.

ـ مبدأ المساواة في تحمل التكاليف والاعباء العامة.

ـ مبدأ المساواة بين الجنسين في الوظائف العامة.

ـ مبدأ المساواة في الضريبة.

ـ مبدأ المساواة في مباشرة الاعمال الاقتصادية.

ـ مبدأ المساواة في المعاملة.

ـ مبدأ حق الحياة لكل فرد.

ـ مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون.

ـ مبدأ تغير الاحكام بتغير الازمان.

ـ مبدأ تفوق المعاهدة الدولية على القانون الداخلي.

ـ مبدأ ان الغلط الشائع يقوم مقام القانون(2).

وما ذكر اعلاه من مباديء قانونية عامة،هو على سبيل المثال لا الحصر، حيث لايمكن حصر المباديء العامة في اطار حدود معينة، لانها قابلة للخلق وللتطور بمرور الزمن.

ويرجع الفضل في استنباط المبادئ العامة للقانون الى مجلس الدولة الفرنسي من خلال ما اصدره من احكام منذا انهيار الجمهورية الثالثة وهزيمة فرنسا عام 1948 وسقوط دستورها، وما رافق ذلك من اعتداء وتجاوز على الحريات العامة، فتدخل مجلس الدولة للذود عنها من خلال نظريته في مباديء القانون العامة ليحلها محل الدستور، تلك المباديء التي استقرت في ضمير الجماعة وتبقى قائمة فيه على الرغم من سقوط النظم او الوثائق الدستورية التي تقررها.

وبصدد احترام مبدأ احترام الحقوق المكتسبة جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 124 لسنة 1988( المباشرة بتنفيذ رخصة البناء دون مخالفة مضمونها يمنع السلطة من اخضاع الترخيص لأي تغيير أو تعديل في شروطه.)

وبنفس المعنى ماجاء في قراره رقم 127 لسنة 1987ان ( قرار الادارة بسحب الترخيص بعد انقضاء مهلة الشهرين على صدوره مستوجب الابطال لمخالفته مبدأ الحقوق المكتسبة.)

وجاء في حيثيات القرار (... وبما أنه اذا كان قرار تمديد الترخيص رقم 10/86 تاريخ 7/11/1985 قانوني فكان على المستدعى ضدها أن تعمد الى سحبه ضمن مهلة الشهر التالية لصدوره، وطالما أنها لم تفعل فقد نتج عن القرار المذكور حقا مكان المستدعي باستكمال شروط الترخيص بالانشاء لغاية انتهاء المدة المحددة في قرار التمديد المذكور التي تنتهي في 7/11/1986.وبما أن القرار المطعون فيه، بإلغائه قراري الترخيص والتمديد قبل انقضاء المدة القانونية المحددة لاستكمال شروط الترخيص، يكون مخالفا للقضاء ومستوجبا الإبطال.)

وجاء في قراره رقم 131 لسنة1992 ( اذا كان الترخيص للمؤسسة المصنفة او عدمه متروك لتقدير الإدارة، فعدم فتح المجال لصاحب الحق المكتسب بتصحيح وضعه في مهلة معينة مخالف للقانون.وبما أنَّ منح الترخيص أو رفضه بإنشاء مؤسسة مصنفة هو من اختصاص الإدارة الاستنسابي تمارسه تحت رقابة هذا المجلس القضائية.
وبما أنَّه لا يقفل محل مصنف إلا بعد إنذار صاحب الحق المكتسب بالاستثمار بوجوب تلافي المحاذير والتقيد بالشروط القانونية وإعطائه مهلة لذلك يمكن الإدارة بعد انقضائها أنَّ تعمد الى إقفال المحل المصنف إذا لم يزل صاحب الحق بالاستثمار المحاذير ولم يتقيد بالشروط القانونية.
وبما أنَّه إذا كان الترخيص أو عدمه متروك لاستنساب الإدارة تمارسه تحت
رقابة هذا المجلس القضائية فعدم فتح المجال لصاحب الحق المكتسب بتصحيح وضعه وتجهيز مؤسسته بحيث يصبح إنتاجها مطابقاً للشروط القانونية المفروضة لهذا الانتاج هو مخالف للقانون.
وبما أنَّ قراري المحافظ رقم 180 ورقم 187 بإقفال مؤسسات المستدعين دون إمهالهم لتسوية أوضاعهم ورفض وزارة الاقتصاد طلبهم تعديل ترخيص تمهيداً لتسوية هذه الاوضاع تكون مخالفة للقانون ومستوجبة الإبطال. لذلك.)

وبصدد عدم جواز رجعية القرارات الادارية جاء في قراره رقم 136 لسنة 1987 ( عدم جواز تضمين المرسوم الاشتراعي مفعولا رجعيا ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك. وبما انه اذا كان في الأصل ووفق المبادئ العامة لا تطبق القوانين بمفعول رجعي ما لم تحتوي أحكاما صريحة أو ضمنية على ذلك. كما أنه لا يجوز أن ينص المرسوم الاشتراعي على مفعول رجعي له ما لم تفوض السلطة المشترعة صراحة بذلك – وهذا التفويض لم يحصل بموجب القانون..... فسخ القرار المستأنف والحكم مجددا بتصديق التكليف المعترض عليه وتضمين المستأنف ضده الرسوم والمصاريف القانونية ).

ومن القرات المهمة لمجلس شورى الدولة اللبناني، ماجاء بصدد اغفال القانون الجديد الاشارة الى الاحكام الانتقالية بالنسبة للحالات التي اكتملت في ظل القانون القديم الا ان الاجراءات الادارية لم تكتمل الا بعد نفاذ القانون الجديد، جاء في قراره رقم 129 لسنة 1986انه ( بالنسبة للمستدعي في انه بعد ان انهى دروسه الثانوية اختار كمهنة له التحاليل الطبية وبدأ دروسه للحصول على الشهادات والخبرات التي يفرضها القانون الذي كان مرعي الاجراء في ذلك الوقت، وهو قانون مزاولة المهن الطبية الصادر بتاريخ 26/12/1946، واتم تلك الدروس والخبرات، واصبح بوضع قانوني يؤهله لقطف ثمار جهوده والحصول على اجازة فتح مختبر طبي في ظل القانون ذاته، فاذا بقانون جديد، هو قانون تنظيم المختبرات الطبية الخاصة، يصبح ساري المفعول ويعدل الشروط الواجب توفرها في طلب الحصول على اجازة لفتح مختبر طبي. وبالنسبة للادارة في ان المستدعي لم يكمل تقديم المستند الذي يثبت انه يحمل شهادة البكالوريا – القسم الثاني أو ما يعادلها الا بتاريخ لاحق لدخول قانون تنظيم المختبرات الطبية الخاصة حيز التنفيذ وان الادارة وجدت نفسها بالتاريخ الذي كان مفروضاً ان تتخذ فيه قرارها في شأن طلب المستدعي امام احكام القانون الجديد الذي يفرض في طالب الحصول على اجازة لفتح مختبر طبي شروطاً جديدة غير متوفرة في المستدعي. وبما ان المشترع يأخذ عادة هذه الحالات بعين الاعتبار ويلحظ صراحة في القوانين التي يتخذها احكاما انتقالية تسمح، خلافاً لقاعدة شمولية مفعول القوانين الجديدة، باستمرار خضوع بعض الاوضاع أو النتائج المترتبة عليها لاحكام القانون السابق الملغى أو المعدل صراحة أو ضمناً، وذلك كلما كان الامر يتعلق بتحقيق النتائج المفروض ترتبها عن الاوضاع التي استكملت مقوماتها في ظل القانون السابق وكان بين تلك الاوضاع والنتائج المترتبة عنها ارتباط وثيق يجعل منها وحدة غير قابلة للتجزئة. وبما ان عدم لحظ قانون 17/1/1979 صراحة، احكاماً انتقالية للحالات المماثلة التي يمكن ان تنشأ بسبب صدورها لا يعني بشكل اكيد ان المشترع اراد عن قصد عدم رعاية تلك الحالات باحكام انتقالية خاصة تسمح بتحقيق النتائج المترتبة عنها، لا بل ان العكس هو المفترض، أي ان المشترع يقر ضمناً اعتماد مثل هذه الاحكام، لانه لا يعقل ان يطلب مثلاً من طالب قضى السنوات الطوال في دراسة الطب وفق منهاج يقرره قانون معين ويولي من يستكمله حق الاشتراك بامتحان الكولوكيوم لممارسة مهنة الطب، ان يقضي مجدداً سنوات عديدة في دراسة الطب وفق منهاج جديد لمجرد صدور قانون جديد يفرض هذا المنهاج كشرط للاشتراك في امتحان الكولوكيوم.

يراجع في هذا الشأن: Roubier, Le Droit Transitoire, Conflit des lois dans le temps, 2em ed. p. 351. وبما ان المستدعي استكمل كما هو ثابت من اوراق الملف، في ظل قانون سنة 1946، مقومات الوضع الذي يؤهله للحصول على اجازة فتح مختبر طبي، بما في ذلك شهادة نهاية الدروس الثانوية التي نالها سنة 1968 والتي اعتبرت معادلة للقسم الثاني من شهادة البكالوريا اللبنانية بموجب قرار لجنة المعادلات ذي المفعول اعلاه، فانه يكون من حقه وفقاً للمبدأ الآنف الذكر ان يستفيد من النتائج المترتبة عن هذا الوضع والمرتبطة به ارتباطاً وثيقاً والمتمثلة بالحصول على اجازة فتح مختبر طبي وفق احكام قانون سنة 1946 وفي الحدود التي يفرضها هذا القانون وبما ان كل ما ادلى به خلاف ذلك يكون في غير محله القانوني ويقتضي معه رد جميع الاسباب والمطالب الزائدة والمخالفة.,..... يقرر المجلس بالاجماع.... ابطال قرار وزارة الصحة الضمني موضوع المراجعة، والقول بحق المستدعي استناداً لما تقدم بالحصول على اجازة فتح مختبر طبي وفاقاً لاحكام قانون سنة 1946 وفي الحدود التي يفرضها هذا القانون ورد المطالب الزائدة والمخالفة.

وجاء في قرار المجلس اعلاه رقم 202 في 6/1/1994( يمكن لسلطة الوصاية رفض التصديق على القرار البلدي لاسباب تتعلق بالمشروعية كما يمكنها التذرع بتقديرها الاستنسابي – المباشرة بتنفيذ المشروع الذي استملك العقار من اجله هي المباشرة بالعمل الفعلية والجدية لا المباشرة الوهمية كتشييد تصوينة او اجراء حفريات تحايلا على القانون.وجاء في حيثيات القراروبما انه وفي العلم والاجتهاد ان المباشرة بالعمل التي قصدتها المادة 37 من المرسوم الاشتراعي رقم 4 انما هي المباشرة الفعلية الجدية لا المباشرة الوهمية او التي تشكل تحايلا على روح القانون وقد ورد في الاجتهاد،انه لو عمدت الادارة على تشييد تصوينة او على اجراء حفريات وهمت بأنها مدت اساسات وتوقفت عند ذلك... فلا يعتبر عملها هذا بمثابة مباشرة تنفيذ والا لتمكنت بهذه الاساليب او بالاساليب المماثلة من احباط مفعول الاسترداد ).

 

6 ـ مخالفة الادارة لأحكام القضاء

تعتبر أحكام القضاء مصدراَ تفسيراً بالنسسبة للاحكام التي يصدرها القضاء العادي، الا ان ذلك لايصدق تماماً على الاحكام التي تصدر عن القضاء الاداري، ذلك ان القانون الاداري يتصف بانه قانون حديث غير مقنن، وانما توجد تشريعات ادارية متفرقة، وهي في الغالب لا تتضمن مباديء عامة، وقد لا يجد القاضي الاداري في هذه التشريعات النص الذي ينطبق على النزاع المعروض عليه، وعندها يتولى بنفسه استنباط الحكم القانوني الواجب التطبيق على النزاع المعروض عليه دون ان يكون ملزماً بالمباديء القانونية المدنية اذا كانت لا تناسب العمل الاداري، ذلك انه ملزم قانونا بايجاد الحل المناسب للنزاع المعروض عليه والا عُد منكراً للعدالة، وفي مثل هذه الاحوال يلجأ القاضي الاداري الى استخلاص الاحكام من المباديء العامة التي تحكم النظام القانوني في الدولة والمبادئ التي اوردتها النصوص القانونية في فروع القانون الاخرى ما دامت ملائمة للعمل الاداري او يجري علها تحويراً بما يجعلها ملائمة للروابط الادارية، فان لم يجد في كل ذلك حلاً مناسباً للنزاع المعروض عليه وجب عليه ان يستوحي الحلول من قواعد القانون الطبيعي وقواعد العدالة.

وهكذا قامت النظرية العامة في القانون الاداري على القواعد التي استنبطها القضاء الاداري من خلال احكامه، وقد تولى مجلس الدولة الفرنسي تشييد معظم نظريات القانون الاداري، مثل نظرية المرفق العام ونظرية العقد الاداري ونظرية الضبط الاداري ونظرية التعسف في استعمال السلطة ونظرية الظروف الطارئة وغير ذلك.

وهكذا قيل بان القضاء الاداري لا يبتدع الحلول المناسبة للمنازعات التي تعرض عليه فقط، ولكنه ينشيء المباديء القانونية العامة التي تستنبط منها تلك الحلول ايضاً.

وتؤلف هذه الحلول قواعد ومباديء جديدة تضاف الى مصادر المشروعية الاخرى التي تلتزم بها الادارة في تصرفاتها،مما يعني ان مخالفتها تؤدي بالقرار الاداري الى الانحدار الى حالة عدم المشروعية.

وقد اعترف الشرع المصري بدور القضاء الاداري في خلق واستنباط قواعد القانون الاداري، حيث نص في المذكرة الايضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955 المتعلقة بتظيم مجلس الدولة المصري، على انه (... يتميز القضاء الاداري بانه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني، بل هو في الاغلب قضاء انشائي يبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الادارة في تسييرها للمرافق العامة وبين الافراد وهي روابط تختلف بطبيعتها عن روابط القانون الخاص )

وتتمتع الاحكام القضائية بما يعرف فقهاً بقوة الحقيقة القانونية، سواء في مواجهة اطراف النزاع او في مواجهة الكافة، ذلك ان قرار الحكم الذي اكتسب الدرجة القطعية يتمتع بحجية الشئ المقضى به، وتتضمن هذه الحجية معنيين، معنى شكلي يتمثل في ان قرار الحكم القضائي يتضمن الحقيقة القانونية ويترتب على ذلك ان موضوع النزاع المقضى فيه لا يمكن ان يكون محلا لاية دعوى مستقبلاً، ومعنى مادي يتعلق بتنفيذ قرار الحكم، فاذا لم ينفذ القرار من قبل من صدر في مواجهتهم اذعاناً للحكم، تتولى السلطة العامة تنفيذه بالقوة من اجل ايصال الشئ المقضى به الى المنتفعين من القرار.

وعليه اذا كانت الادارة طرفاً في النزاع فانها ملزمة بتنفيذ قرار الحكم، واذا لم تكن طرفاً في النزاع فانها لا تلتزم به الا اذا كان مما يحتج به على الكافة.

واستقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على اعتبار مخالفة الشيء المقضي به، مخالفة للقانون، ورتب عليها نفس الاثر المترتب على مخالفة القوانين.

وتأكيداً لمبدأ الولاية العامة للقضاء جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم162 في 20/12/1994( تبقى قابلة للنقض امام المجلس قرارات الهيئات الادارية ذات الصفة القضائية حتى ولو كانت نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة.)

ولاشك ان في ذلك اقرار لمبدأ مهم للغاية، فعلى الرغم من نص القوانين الادارية على ان قرارات الادارة بشأن من الشؤون تعتبر نهائية وغير قابلة للطعن، فان القضاء اكد ولايته على الرغم هذه النصوص ويمكن ان نفسر هذا التوجه بان المجلس فسر النص القانوني على ان المقصود من النهائية وعدم جوازالطعن هو عدم جواز الطعن به امام الجهات الادارية وليس امام القضاء.

وبصدد الامتناع عن تطبيق احكام القضاء جاء في قراره رقم 167 في 14/12/1993انه ( وبما انه يستفاد مما تقدم ان اللجنة المذكورة بدل ان تذعن لقراري هذا المجلس بهذا الشأن اعادت الاوراق اليه مجددا، الامر الذي يخالف احكام المادة 120 من قانون مجلس شورى الدولة لجهة مخالفة قوة القضية المحكمة.وبما ان مخالفة القانون او القضية المحكمة هي من الاسباب التي تؤدي الى نقض القرار المطعون فيه وفاقا لاحكام المادة 119 معطوفة على المادة 108 من قانون مجلس شورى الدولة.وبما ان القرارين رقم 17 و18 المطعون فيهما يكونان مستوجبي النقض بما ذكر اعلاه. )

 

7ـ مخالفة الادارة للعقود التي تبرمها مع الافراد

لاتضع العقود قواعد قانونية وإنما تضع أحكام فردية بين المتعاقدين فهي تنشىء حقوق شخصية وإلتزامات، ومخالفة العقود تعطي الحق لإطرافها فقط بإقامة الدعوى أمام قاضي العقد لا قاضي الالغاء.

والقضاء الاداري مستقر على عدم قبول دعوى الالغاء في التعاقد مع الادارة ضد إجراءاتها وتصرفاتها التي تخالف الالتزامات التعاقدية، وسبيل المتضرر الوحيد في هذا الشأن إقامة دعوى القضاء الكامل أمام قاضي العقد.

أما بالنسبة لغير المتعاقدين فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي بعد فترة من التردد طعونهم في الاجراءات والتصرفات التي تتجاهل الشروط التنظيمية الواردة في عقد الامتياز، فقد يخل الملتزم بهذه الشروط فيتقدم المنتفعون من المرفق العام الذي يديره الملتزم الى الادارة طلباً لإجبار الملتزم على تنفيذ هذه الشروط وقد ترفض الادارة ذلك، وعندها يحق للمنتفعين الإستناد الى الشروط التنظيمية واللائحية ورفع دعوى الالغاء على قرار الادارة بالرفض.

وبصدد عقود الامتياز جاء في قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 130لسنة 1986( تفسير بنود الامتياز يخضع لقاضي العقد لا لارادة الادارة المنفردة – مبدأ تكييف المرفق العام يبرر توسيع نطاق الامتياز. وبما ان القاضي في هذا المضمار تحفزه روح العدالة، ويبعد بالتالي عن الشكليات الزائدة، فيعتمد التفسير، الذي يخدم المرفق العام دون الحاق الضرر بالمصالح الخاصة المحقة للمتعاقد مع الادارة. وبما انه ثابت ان الادارة قد وافقت على طلبات الشركة بامداد بعض الافراد والمرافق بالطاقة الكهربائية فيكون قد تحقق الشرط المنصوص عليه في المادة 3 من دفتر الشروط ويكون الامتياز قد شمل بالفعل الافراد والمصالح المشار اليها علماً انه ليس من حاجة كما يستفاد جلياً من احكام المادة 3 المذكورة ان تكون موافقة الادارة صريحة بل يمكن ان تكون ضمنية.
وبما ان الاشغال موضوع النزاع تشكل توسيع الامتياز اكثر من توقعات الفرقاء الاصلية ولكنها متناسبة مع هدفه الاساسي الا وهو المنفعة العامة ومع نية الفرقاء المشتركة اثناء التنفيذ، فيجب اعتبار هذه الاشغال داخلة ضمن الامتياز. وبما انه يقتضي بالتالي القول ان الامتياز يتضمن الانشاءات موضوع النزاع مع كل النتائج التي تنجم عن ذلك. وبما ان كل ما ادلي به خلافاً لما تقدم يكون مردوداً لعدم ارتكازه على اساس قانوني صحيح..)

 

السلطة التقديرية ومحل القرار الاداري

تعني السلطة التقديرية في هذا المقام، ان يكون لرجل الادارة قدر من حرية التصرف في اختيار القرار الملائم لمقتضيات المصلحة العامة.

فالسلطة التقديرية منوطة باستهداف المصلحة العامة وليست امتيازاً شخصياً لرجل الادارة يمارسه اويمنعه حسب اهوائه الشخصية.

وترتبط السلطة التقديرية بالتنظيم القانوني والقواعد القانونية التي تنظم نشاط معين من الانشطة الادارية او الاجتماعية، وتختلف طبيعة السلطة التقديرية بحسب مضمون تلك القواعد، فقد تكون قواعد امرة بالنسبة لمختلف عناصر القرار الاداري فتكون سلطة رجل الادارة مقيدة بمحل محدد قانونا، فلا تتوفر له امكانية الاختيار بين عدة حلول.

وعلى خلاف ذلك يتمتع رجل الادارة بسلطة تقديرية تتصل بمحل القرار الاداري الذي يختص بإصداره كلما كانت قاعدة القانون قد تركت له حرية الاختيار بين عدة حلول كلها في ميزان الشرعية سواء. فيستطيع بذلك ان يحدد بحرية محل القرار الاداري الذي منحه القانون حق إصداره.

بعبارة أخرى إن السلطة التقديرية تتجسد في قدرة الادارة على الاختيار بين محلين أو أكثر.

أما الاختصاص المقيد فيبدو في عدم قدرة الادارة على الاختيار، لإنها لاتستطيع أن تختار إلا إجراءاً معينا هو الذي ينطبق مع النص القانوني الذي قرره وإذا لم تلتزم الادارة هذا التطابق في قرارها، كان قرارها مشوبا بعيب مخالفة القانون.

الا انه لاينبغي النظر للسلطة التقديرية على انها تصنف دائماً الى هاتين الطائفتين مطلقاً، بمعنى ان تكون السلطة تقديرية بالكامل او مقيدة بالكامل، حيث توجد طائفة ثالثة تتضمن الغالبية من القرارات الادارية، هي طائفة من الصلاحيات الممنوحة لرجل الادارة التي تكون في جزء منها تقديرية وفي جزئها الاخر مقيدة، ففي اطار العقوبات الادارية مثلا، عادة ما يخول المشرع الرئيس الاداري اختيار احد عقوبتين او ثلاث نص عليها في القانون، ويكون للرئيس الاداري في مثل هذه الاحوال اختيار احدى هذه العقوبات لفرضها بحق الموظف وفقاً لسلطته التقديرية لجسامة الذنب الاداري، ولكن سلطته مقيدة باختيار احداها دون ان يتجاوزها الى عقوبات اخرى لم يشر اليها النص.

وينبغي ان نلاحظ،ان السلطة التقديرية للموظف لا تتعلق بعنصري الاختصاص والشكل لانهما يتعلقان بكيفية ممارسة السلطة ويدخلان في اطار النظام العام، اما عناصر القرار الاداري الاخرى وهي المحل والسبب والغرض او الغاية، فهي تشكل جوهر السلطة الادارية وقوامها وهي التي يمكن ان تكون محلاً للسلطة التقديرية.

وجاء في قرار لمجلس شورى الدولة اللبناني برقم 130لسنة 1994 ان ( السلطة الاستنسابية لا تمارس بصورة كيفية وترقية الضباط بمفعول رجعي تنفيذاً لقانون استثنائي يجب ان تتم مع احترام مبدأ المساواة والاحالة على التقاعد قبل صدور مرسوم الترقية ليست سبباً كافياً للاخلال بمبدأ المساواة. )

وجاء في قراره رقم 134 في 29/11/1993انه ( اعطاء الترخيص بالبناء هو اختصاص مقيد، ووضع المنطقة قيد الدرس وفق قانون التنظيم المدني، كما اقامة دعوى امام القضاء لا يبرران رفض اعطاء الترخيص بالبناء.)

وبصدد مدى ملائمة القرار الاداري للوقائع القانونية او المادية جاء في قراره رقم 137 لسنة 1987 ( سلطة الادارة في انشاء البلدية أو الغائها استنسابية ورقابة القضاء تقتصر على التثبت من مادية الوقائع دون تقديرها الا في الخطأ الساطع. وبما ان الوقائع التي استند اليها القرار المطعون فيه مثبتة بتقارير رسمية صادرة عن الجهات المعنية ولا مجال لعدم الأخذ بها. وبما أن القرار المذكور، في ضوء مستندات القضية ووقائعها، غير مشوب باي خطأ بارز وهو منسجم ومتناسب قانونا مع الوقائع التي استند اليها. وبما أن حصول وقائع جديدة بعد صدور القرار المطعون فيه لا يؤثر في صحته بتاريخ صدوره باعتبار أن أسباب الابطال لتجاوز حد السلطة التي يمكن التذرع بها أمام مجلس شورى الدولة لإبطال عمل اداري معين انما هي الأسباب التي تكون متوفرة بتاريخ اتخاذ القرار المشكو منه. وبما ان القرار المطعون فيه، يكون والحال هذه، واقعا في محله وتكون المراجعة الحالية بالتالي مستوجب الرد، لذلك )

يتبع.....

(1) ـ نصت الفقرة (ثالثا) من المادة (80) من الدستورعلى انه (يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الاتية... ثالثا: اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين.)

(2) ـ الغلط الشائع يقوم مقام القانون، مبدأ قانوني مهم وراسخ تاريخياً، متفرع من نظرية الاوضاع الظاهرة،التي تستند الى مبدأ امن واستقرار المعاملات في المجتمع، فاذا شاعت فكرة مغلوطة بين الناس وترتب عليها نشوء قواعد سار عليها افراد المجتمع ونظموا شؤونهم ومصالحهم على اساسها فانها تصبح كالقاعدة القانونية، فان جاء احدهم وخرج على تلك القاعدة، استحق الجزاء المترتب على مخالفة القانون ولايقبل منه احتجاجه بانها قاعدة مغلوطة. ومن تطبيقات ذلك ما نصت عليه المادة (384) مدني عراقي، من اعتبار الوفاء للدائن الظاهر مبرئاً لذمة المدين، واعتبار تصرفات الوارث الظاهر صحيحة ونافذة في مواجهة الوارث الحقيقي،فاذا وضع شخص يده على تركة متوفي باعتباره وارثاً وتصرف باموال التركة للاخرين حسني النية، ثم تبين انه ليس بوارث،في هذه الحالة تبقى التصرفات التي اجراها صحيحة، ومن تطبيقات حماية الوضع الظاهر قاعدة ( الحيازة في المنقول سند الملكية ).

المراجع العلمية :

ـ الدكتور سليمان الطيماوي، النظرية العامة للقرارات الادارية، مطبعة جامعة عين شمس، الطبعة السادسة 1991.

ـ الدكتور سليمان الطيماوي، مباديء القانون الاداري، القاهرة 1978.

الدكتور ابراهيم عبد العزيز شيحا، القضاء الاداري، منشأة المعارف في الاسكندرية، طبعة 2006.

ـ الدكتور شاب توما منصور، القانون الاداري، 1980.

ـ د. سمير تناغو، القرار الاداري مصدر للحق، دراسة في القانون المدني، منشأة المعارف ـ الاسكندرية 1972.

ـ الدكتور محمود محمد حافظ، القضاء الاداري في القانون المصري والمقارن، دار النهضة العربية 1993.

ـ الدكتور عادل سيد فهيم، القوة التنفيذية للقرار الاداري، الدار القومية للطباعة والنشر.

الكتور عبد المنعم محفوظ، علاقة الفرد بسلطة الحريات العامة وضمانات ممارستها، دار الهناء للطباعة، القاهرة.

ـ علي محمد بدير، د. مهدي ياسين السلامي د. عصام البرزنجى،مباديء واحكام القانون الاداري 1993.

ـ الدكتور ثروت بدوي مباديء القانون الاداري 1966.

ـ الدكتور طعيمة الجرف – القانون الاداري والمبادئ العامة في تنظيم ونشاط السلطات الادارية – دار النهضة العربية 1978.

ـ الدكتور عبد الغني بسيوني – القانون الاداري – منشأة المعارف 1991.

ـ الدكتور سامي جمال الدين – اللوائح الادارية – منشاة المعارف – الاسكندرية 1984.

ـ الدكتور شوقي شحاته – مبادئ القانون الاداري – القاهرة – دار النشر بالجامعات المصرية 1955.

ـ الدكتور عصام البرزنجي، مجموعة محاضرات القيت على طلبة الدراسات العليا ـ الماجستير ـ كلية القانون جامعة بغداد، للعام الدراسي 1998ـ 1999.

ـ القرارات الادارية ـ انس جعفر، استاذ القانون العام، الناشر دار النهضة العربية، الطبعة الثانية 2005.

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد السادس سنة 1991 و1992 ص (407).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الرابع سنة 1989 ص (204)

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ عدد خاص بالقرارات المتعلقة بالقضايا الانتخابية سنة 1998 ص (379).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثالث سنة 1987 - 1988 ص (189). لسنة 1987

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثامن سنة 1993 ص (95).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد التاسع سنة 1994 - 1995 ص (119).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثامن سنة 1993 ص (121).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثالث سنة 1987 - 1988 ص (144).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثامن سنة 1993 ص (98).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ عدد خاص بالقرارات المتعلقة بالقضايا الانتخابية سنة 1998 ص (370).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد السادس سنة 1991 و1992 ص (362).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثالث سنة 1987 - 1988 ص (168).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الرابع سنة 1989 ص (227).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثامن سنة 1993 ص (171).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد الثالث سنة 1987 - 1988 ص (171).

ـ مجلة القضاء الاداري ـ الجمهورية اللبنانية ـ العدد التاسع سنة 1994 - 1995 ص (137).

ـ مجلة القضاء الاداري العدد الرابع سنة 1989 ص (230).

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org