مقالات

حرمة الدم في الكتاب والسنة ومصادر التشريع (1)

لؤي قاسم عباس

loaay_kassim@yahoo.com

إقرار

أتنازل عن جميع الحقوق المتعلقة بنشر وتوزيع هذا الكتاب للصالح العام وليغفر الله لنا ما تقدم من ذنبنا وما تأخر

لؤي قاسم عباس

المقدمة

القتل جريمة خطيرة تتفشى في عموم المجتمعات البشرية وهي ليست وليدة الظروف الراهنة بالمنطقة العربية فحسب بل تمتد لتشمل جميع أقاليم الأرض ولكن باختلاف الدوافع لها، من منطقة إلى أخرى ولعل اخطر جرائم القتل تلك التي تركب باسم الدين فهي تحمل معها مسوغاتها وغطاء شرعي مما تتولد رغبة حقيقية في نفوس مرتكبي هذه الجريمة لقتل أعداد كبيرة ينالوا بها رضا الله سبحانه ونسي هؤلاء أنهم يتقربون إلى الله بارتكاب المعاصي والآثام التي حرمها الله سبحانه تحريماً قاطعاً وان من الغريب ان نرى بعض فتاوى رجال الدين تدعم هذه الجريمة المنظمة باعتبارها عمليات جهادية.

وليس هناك أي صلة بين جريمة القتل والجهاد فهناك فرق شاسع بينهما فالجهاد هو أمر عظيم لا يستطيع احد ان ينكر فضله وهو ما تقره شرائع السماء كحق للدفاع عن كيان الأمة ودرء الخطر عنه، لكن الذي يحدث اليوم في العراق وفي بلدان عربية أخرى كمصر والمغرب والجزائر وغيرها لا يمت الى الجهاد بصلة بل انه كان مدعاة لضعف الامة وهشاشتها وتشويه الصورة الحقيقية الناصعة للإسلام وكانت سبباً لتحامل الكثير على الإسلام ولصق تهمة الإرهاب فيه وهو بعيد عن هذه التهمة براءة الذئب من قميص يوسف.

فما يسمى بالجهاد اليوم لم يحصد الا أرواح المسلمين والأبرياء من بقية شعوب العالم والتفجيرات الكبرى لم تطول سوانا من امة الإسلام.فأي جهاد هذا الذي يستهدف الإنسان أهله وذويه من ابناء قومه بحجج واهية ومنها الاختلافات المذهبية التي هي سنة من سنن الكون.

انني اقف مذهولاً إمام هذا الكم الهائل من الآيات المباركة و الأحاديث النبوية الشريفة التي تقف بوجه انتشار هذه الجريمة ومع ذلك نجد من يسوغ لها ويجد لها الذرائع من هنا وهناك ليبيح سفك الدم وإزهاق الروح...

في بحثنا هذا نتطرق الى هذه الجريمة النكراء منذ الجريمة الأولى التي ارتكبها قابيل بحق أخيه مروراً بالعصور القديمة ووصولاً الى الواقع المرير الذي نحيا به في ظل ( المفخخات والعبوات الناسفة وما الى ذلك ) وقد قسمنا بحثنا الى ستة فصول تناولنا في الفصل الأولى جريمة القتل في العصور الأولى وتطرقنا به الى النصوص العهد القديم والجديد وفي الفصل الثاني تطرقنا إلى حرمة القتل في القرآن الكريم وفي الفصل الثالث نجد السنة النبوية الطاهرة تقف بحزم كبير ضد ارتكاب هذه المعصية الكبيرة وفي الفصل الرابع كانت السيرة النبوية العطرة مشكاة تضئ درب السلام للإنسانية نقتبس من نورها أشعة للحب والسلام وليس كما يشاع بان رسول الإنسانية رسول حرب ودمار وفي الفصل الخامس تطرقنا إلى موقف المذاهب الإسلامية على اختلافها من هذه الجريمة إما الفصل السادس( وهو من الواقع ) فقد حمل الجزء المهم من هذا البحث وهو مجموعة من فتاوى رجال الدين من شرق الأرض وغربها تشدد على حرمة الدم والاقتتال الطائفي وحرمة التهجير والغلو...

لقد اعتمدنا في بحثنا هذا على عدد كبير من المصادر على اختلاف المذاهب الإسلامية كما اعتمدنا على الكتب السماوية الثلاث...

ولابد من تسجيل كلمة شكر لكل من أفادنا بفتاوى تحرم قتل النفس من رجال الدين الأفاضل من شرق الأرض وغربها ونسال الله أن يحقن بهم دماء المسلمين ليعم الأمان والسلام بين ربوع الوطن ومن الله التوفيق...

  لؤي قاسم عباس

بسم الله الرحمن الرحيم

  وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)

 سورة المائدة

 الفصــــل الأول

لمحة تاريخية

 (جرائم القتل قبل الإسلام)

1- الجريمة الأولى

2- جرائم القتل في الحضارات القديمة

3- صور من حياة العرب قبل الإسلام

4- حكمة الله في الرقيق.

5- حرمة القتل في الكتب السماوية (التوراة والإنجيل )

 

الجريمة الأولى

 حين خلق الله سبحانه وتعالى "ادم ع" أمر سكان سماواته أن يسجدوا لقدرة الله المستودعة في هذا الكائن الجديد، فهوت ملائكة الله تمتثل لأمر ربها الخالق العظيم، لقد كان سجود الملائكة للإنسان سجوداً تعظيمياً لا سجود عبادة.

 لم يكن في هذا المخلوق الجديد ما يميزه عن مخلوقات الله إلا درة في رأسه اسمها العقل. فكان الله يخاطب تلك الدرة المكنونة في رأس الإنسان:« لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك »(1)... فمن حجز عن نفسه لب عقله واتبع هواه فهو يهوى في وادٍ سحيق اسمه " جهنم " ومن استجار بعقله من هواه، ركب النجاة، فسار على صراط مستقيم إلى جنة أعدت للمتقين وكان من الخالدين...

أشفقت الملائكة على الأرض من هذا الكائن الجديد أن يفسد فيها ويسفك الدماء كما فعل من كان قبله · من سكان الأرض (2)، جاء النداء من رب العزة " إني اعلم ما لا تعلمون ".

كان إبليس أول من التبس عليه الأمر فعصى الله سبحانه وتعالى، فقد أصابه الغرور والكبر وأخذته العزة بالإثم بأن يتحدى الله سبحانه وتوعدهُ بان يفشل مشروعه الجديد في هذا الكائن الجديد، واقسم أن يتربص به في كل مكان، وطلب من الله أن يمهله يثبت له بان هذا الكائن لا يصلح ان يكون خليفة الله في أرضه، بل سيقوده إلى إتباع هواه ويركبه المنى وحب الشهوات ويحيده عن أوامر الله ويغير له الأحكام، ويحبب إليه الكفر والعصيان، وان الدرة التي في رأسه سيحلها حجراً لا تضر ولا تنفع، وفي النهاية سيكون الإنسان عبداً للشيطان بدل ان يعبد الله سبحانه، مضى إبليس يستجمع قواه يستجمع خيله وجنده وقواه يستفز به الإنسان يتحين فيه كل فرصة، ينسج حبائل كيده في كل اتجاه، يوسوس في نفسه " ويجري في جسده مجرى الدم فيه " (3)، ليحيده عن أمر الله تعالى فهو يهون عليه المعصية ويحبب إليه الكفر ويزين إليه إتباع الشهوات ويصور اليه ان ما يقوم به هو الحلال بعينه.

وفي اول اختبار سقط الإنسان في الامتحان بسبب شجرة أوعز الله سبحانه الى ادم وزوجه ﴿﴿ وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ *﴾﴾(4)، فنسى ادم ما عهد إليه ربه (5)واتبع وساوس الشيطان الى تلك الشجرة﴿﴿ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ ﴾﴾(6) فعلما انهما قد أذنبا...

كانت تلك المعصية كافية ليصدر الإله حكماً بنفي ادم من الجنة إلى حين... إلى الأرض المقفرة التي فيها كد وعناء، فمن اجل لقمة العيش كان على ادم وبنيه ان يشقوا ويكدحوا بينما كانت الجنة " قطوفها دانية " بلا عناء او تعب، اشترط الله على ادم اذا ما أراد العودة الى الجنة فعليه أن ينجح في الامتحان، وان حق العودة الى ذلك المكان منوط بإتباع أوامر الله سبحانه وينتهوا عن نواهيه وان يتجنبوا الشيطان ولا يتبعوا هواه.

انه امتحان جديد وصراع النفس البشرية بين تجاذب قوى الشر والخير. بين شيطان ٍيمتلك الرغبة في إغواء بني ادم ليفشي الجريمة على الأرض ويعد الإنسان بالفقر ويأمر بالفحشاء وبين قوى الخير في داخل النفس البشرية وهي كلمة الله وتلك الدرة المكنونة في رأسه التي يستطيع من خلالها أن يميز ما بين الصالح والطالح ومابين الخير والشر وما بين الحق والباطل ويعرف الغث من السمين ويستطيع ان ما يميز بها طريق الشيطان والصراط الى الله.

الصراع يستمر ويستمر همزات ولمزات الشياطين من كل مكان، والشياطين من كل حدب ينسلون تلاحق ادم وبنيه في حلهم وترحالهم، معركة شرسة تداهم الإنسان وصوت الله يسكن في الضمير يردع همزات الشياطين ولمزاتهم.

كان إبليس يتحين الفرصة ما استطاع، يمحص القلوب وينتقي النفوس المريضة التي يستطيع من خلالها تحقيق غاياته وقد واتته الفرصة على طبق من ذهب حين تمكن ان يفرق بين الأخوين " قابيل وهابيل " ليتمكن من زعزعة نفس قابيل ** ويثير النعرات ضده ويحمله الضغائن والأحقاد على أخيه الذي آبى أن يكون آثما مثله لان صوت الله سبحانه يملآ قلبه وقد عرف بحسه ان هذا العمل من فعل الشيطان فقال له:- " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسطٍ يدي لأقتلك إني أريدك أن تبوء بإثمك وأثمي ".

مضى قابيل ونفسه تمتلآ بوساوس الشيطان فحمل الحجر وإبليس يتراقص من حوله مشجعاً إياه:- اقتله يا قابيل، اقتله واحتفظ بأختك لتنكحها وهوى بالحجر على رأس أخيه " هابيل " فسقط الدم من رأسه كالميزاب وهوى صريعاً، لم يكن قابيل يعلمان نزيف الدم سيفقد أخاه الحياة...

وأبت الأرض ان تستقبل ذلك الدم العبيط فهي تأبى ان تشترك بهذه الجريمة النكراء وظلت تحتفظ بمعالم هذه الجريمة.

إنها أول جريمة ارتكبت في تاريخ البشرية، خرج الشيطان من نفس قابيل بمنظر الحمل الوديع صارخاً:- أني برئ من عملك هذا يا قابيل...

شعر قابيل بعظيم ذنبه وفداحة ما ارتكبه من الإثم بحق أخيه فحمل جثته لا يدري ما يفعل بها فجاء الغراب يبحث برجله الأرض ليدفن غراباً آخر " قال: " يا ويلتي أعجزت ان أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي " فأخفى قابيل معالم جريمته بين ذرات التراب واستعد للجواب لمن يسأله عن أخيه:- " ما ادري، ما كنت عليه رقيباً " ولكن الله " لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء " لذلك كان صوتاً من السماء دوى في إذن قابيل:- يا قابيل أين أخوك هابيل ؟، كان الجواب حاضراً عند قابيل !

قال:- لا ادري، وما كنت عليه رقيباً !(7)

قال تعالى:- ان صوت دم أخيك يناديني من الأرض الآن... أنت ملعون، من الأرض فتحت فاهاً فبلعت دم أخيك...

فقال قابيل:- عظمت خطيئتي إن لم تغفرها... وهرب مسرعاً لا يلوي على شئ...

لم تكن تلك الجريمة تمر دون عقاب بل إنَّ نذير عقابها يدوي حتى الساعة على مسامع البشرية على اختلاف أديانها وصداها يصل إلى مسامع المسلمين تتدفق عبر تعاليم السماء في كتاب الله الكريم " ومن اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفساً بغير نفس او فسادا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " (8).

لقد تحمل قابيل فوق طاقته من الإثم بفعلته تلك فعن النبي ص ":- ما قتلت نفساً ظلماً الا كان على ابن ادم الأول كفل منها" وذلك لأنه أول من سن القتل (9).

لم يكن هذا التشريع السماوي لينسخ فيحل لبعض الأديان او يعطل لوقت من الأوقات بل كان يشتد في عقوبته مع كل تشريع سماوي جديد حتى وصل الى أقصاه في حكم الشريعة الإسلامية.

وحتى لا يلتبس الأمر على احد فيقول ان هذه الآية نزلت في بني إسرائيل دون المسلمين نورد هنا هذا النص، " سال سلمان بن علي الحسن في هذه الايه فقال:- قلت للحسن هذه الآية لنا يا أبا سعيد مثلما كانت لبني إسرائيل فقال:- والذي لا اله غيره كما كانت لبني إسرائيل وما جعل الله دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا ".

وفي تفسير القران لعبد الله الصنعاني سئل الإمام علي عن قوله تعالى ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس فقال ابن آدم الذي قتل آخاه وإبليس. فوزره سيبقى إلى يوم القيامة (10).

كل وزرٍ على الأرض يرتكب فأنَّ لقابيل حصة منه فهو أول من سن العصيان وابتدع القتل واخفي معالم الجريمة بين ذرات التراب...

والسوأل الآن هل كان تشريع حرمة الدم قد سبق جريمة قابيل ام ان جريمته قد سبقت هذا التشريع ؟

فأذا كان الجواب بان جريمة قابيل قد سبقت التشريع السماوي فهذا ينافي عدالة الله سبحانه وتعالى وانه لا مبرر لمحاسبة قابيل على جريمة لم يكن يعرف بان جريمته آثمة يستحق عليها العقاب...

إذن لم يبقى لنا الا ان نقول بأن التشريع السماوي قد سبق هذه الجريمة النكراء بل ان القتل من اولى المحرمات التي حرمها الله سبحانه وتعالى على عباده من البشر...

فالله سبحانه وتعالى قد عاقب سكان الأرض من الجن الذين كانوا قبلنا بان أفناهم جميعا وطردهم من الأرض إلى جزائر البحور كما مر في حديث عبد الله بن عباس بسبب الإفساد وسفك الدماء لذلك كانت حرمة الدم هي أولى تشريعات السماء إلى الساكن الجديد من بني ادم عليه السلام. ومما يثبت صحة هذا الرأي هو حديث النبي (ص)، فعن أبي ذر الغفاري عن النبي انه قال:" الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، قال: قلت يا رسول الله " كم الرسل من ذلك ؟" قال:- " ثلاثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً " (···)- كثيراً طيباً -، قال قلت: من أولهم ؟، قال: " أدم "، قلت يا رسول الله أ هو نبي مرسل ؟، قال: " نعم، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ثم سواه رجلاً، وكان ممن انزل عليه " تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وحروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة ". (11) ( ····)

 

جرائم القتل في الحضارات القديمة:

يبدو ان قابيل قد فتح الباب على مصراعيه لمن أراد أن يرتكب هذه الجريمة النكراء ومثلما رأينا سابقاً ان الجريمة الأولى ارتكبت بسبب الشهوة و حب التملك والغيرة والحسد، فهذه الأمور قد اجتمعت بشخص قابيل وكانت دافعاً وراء ارتكابه لهذه الجريمة ولم تكن تلك الجريمة متفشية آنذاك وما كان لا احدٍ أن يتصور ان يغادر الإنسان عقله ليلجأ إلى هذه الطريقة البشعة في حل المشاكل.

ان الذين يلجأؤون إلى حل مشاكلهم بالقتل هم من أمثال قابيل فهم لا يملكون واعزاً دينياً او رادعاً اجتماعياً يمنعهم من ارتكاب هذه الجريمة.

 لقد ارتبطت جريمة القتل منذ ذلك الوقت بحب الشهوة والتملك والغيرة والحسد والحقد والكراهية ومع تنامي الحاجات البشرية تعددت الدوافع لدى الإنسان في الرغبة بالانتقام والتخلص من الخصوم بهذه الطريقة البشعة.

ويصور (ول ديورانت ) المجتمع البدائي بأنه " قاسياً، قد علمته الحياة استعداده للضرب دائماً وان يكون له قلب يستسيغ القتل الطبيعي، و كانت النزاعات لا تفض الا بقتل احد المتنازعين "(12).

لقد تحولت المجتمعات البدائية مع ازدياد اعداد مرتكبي هذه الجريمة الى مجتمعات تقبل بالقاتل وكثيرا من القبائل لا يرتاع ابناءها اذا اغتال إنسان إنساناً – حتى اذا كان القتيل من أبناء العشيرة نفسها – وتحول الجزع على القتيل بمرور السنين الى شبه قبول بهذا الامر وكأنه امراً طبيعياً، فسكان " فويجي Fuegians " لا يعاقبون القاتل بأكثر من نفيه حتى ينسى زملاءهُ جريمته، وقبائل الكفيز تعد القاتل نجساً، ويطالبونه بتسويد وجهه بالفحم وتنتهي هذه العقوبة بأن يغسل المجرم وجهه بالماء، اما همج " فوتانا Futuna" فهم يعدون القاتل بطلاً، وفي قبائل اخرى ترفض النساء الزواج من الرجال الا إذا تلوثت يداه بدم المقتول ليصبح قاتلاً بطلاً يجد له مكاناً في قلوب نساء بلدته، وفي قبائل " دياك Dyak" يكون للرجل الذي يعود بأكبر عدد من الرؤوس البشرية ان يختار أي من بنات القرية، اما أبناء الاسكيمو حيث يقل الطعام فيها فأنهم يعمدون إلى قتل آبائهم إذا ما وصل بهم العمر إلى مرحلة الشيخوخة وصاروا ينافسون أبنائهم على حصتهم من الطعام، ومن لا يقتل والديه يعتبر مجافياً لأخلاق النبوة والدين... (13).

وحياة الرجل البدائي حياةٌ رخيصة يسترخص بها روحه لأتفه الأسباب حيث يعمد إلى قتل نفسه وإزهاق روحه...

ان افشاء القتل يسارع بتدني الحياة فتتحول الى غابة، الإنسان فيها اما حيوان مفتَرِس او صيدٌ مُفتَرَس، فوصل الأمر بان استرخص الانسان ليبلغ بهم الامر ان تحولت الرؤوس كبديل لخاتم الخطوبة المقدم الى العروس وصار التوشح بالدماء زينة الرجال فهم يحتفظون بدماء الضحايا ليوسموا بها جباههم وصار الناس يتباركون بدماء القتلى ويتعاهدون بها...

في هذه الفوضى من اللا قانون يأتي قانون حمو رابي ليكون أول مسلة مدنية حملت بين طياتها مبدأً القصاص من القاتل " النفس بالنفس والعين بالعين، فإذا كسر إنسان لرجل شريف سناً او فقأ عيناً، او هشم له طرفاً من أطرافه حل بنفس الأذى الذي ألحقه بغيره. (14) وبمرور الأيام استبدلت العقوبات الى غرامات مالية.

وبين أيدينا مجموعة من القوانين الصارمة لتلك الشريعة، ومنها:-

- اذا تسبب الطبيب أثناء جراحه في موت مريض او فقد عين من عينيه قطعت يد الطبيب...

وكانت جرائم كثيرة يعاقب عليها القانون بالإعدام ومنها:-

- هتك العرض

- خطف الأطفال

- وقطع الطريق

- السطو

- تسبب المرأة في قتل زوجها لتتزوج من غيره.

- دخول الكاهنة خماره او فتحها إياها.

- إيواء العبد الآبق

- الهروب من ساحة القتال.

- وسوء استعمال السلطة الوطنية

- إهمال الزوجة شوؤن بيتها أو سوء تدبيرها.

حكمة الله في الرقيق

سؤال يطرحه الجميع لماذا لم يشرع الله حرمة الرقيق ؟ !

هل إنَّ القوانين المدنية هي أكثر رحمة ببني البشر من قوانين السماء ؟!

هل أدرك الإنسان قبل الله سبحانه خطورة ان تنتهك كرامة الإنسان باستعباده واسترقاقه.

اسئلة كثيرة... لو تمعنت معي عزيزي القارئ الكريم ستجد حكمة بليغة من قبل خالق عظيم...

وكما هو معروف فان الحروب هي المصدر الرئيسي للرقيق. لنمضي معاً لننظر صورة الى ما ستؤول اليه الحرب لو يكن هناك أسرى ومن ثم يتحولون اولئك رقيق يستعبدون من قبل الآخرين...

وهذه واحدة من الصور في التاريخ القديم ومما لا شك فيه فأن التاريخ زاخر بأشباه هذه الصور البشعة:-

" كان قانون الآشوريين يمتاز بالقوة العسكرية، فكان الجنود يكافؤون على كل رأس مقطوع يحملونه في ميدان المعركة، ولهذا كانت تعقب كل معركة مجزرة تقطع فيها الرؤوس حيث يقتلون عن أخرهم حتى لا يستهلكون الطعام وحتى لا يكونوا خطراً على مؤخرة الجيش او يصبحوا مصدر متاعب للجيش، وكانت طريقة التخلص منهم ان يركعوا متجهين بظهورهم الى من أسروهم ثم يضرب الآسرون رؤوسهم بالهراوات ويقطعونها بسيوفهم القصيرة، وكان الكتبة يقفون الى جانبهم ليحصوا عدد الرؤوس ويقسمون الفئ بينهم وبين قتلاهم "

" اما الإشراف فلهم مكانه خاصة وأسلوب خاص بالتعامل، فكانت تصلم آذانهم وتقطع أيديهم وأرجلهم ويقذف بهم الى الأرض من أبراج عالية، او تقطع رؤوسهم ورؤس أبنائهم او تسلخ جلودهم وهم أحياء او تشوى أجسادهم فوق نار ٍ هادئة " (15).

ومع كل هذا فأن ليس هناك ما يدل على ان وخزة ضمير واحدة قد دبت في ضمائر المنتصرين لانه لم يكن هناك بديل عن قتل الأسير لذلك كانت تنتهي المعارك بإبادة جماعية وتعقب كل معركة تلال من الجماجم.

وأن هناك صوراً أكثر بعاشة نحجبها عن القارئ الكريم لئلا نفسد عليه متعة القراءة وحتى لا نبتعد عن صلب الموضوع...

لقد أقرت الشرائع السماوية الاستعباد لئلا يكون إسراف في القتل بين المتحاربين وان يفكر الإنسان بجدية بأن يستفاد من الرقيق كقوة للعمل بدل من إهدار حياته، وهذا الاستعباد هدية الآسرين لأنه ابقوا على حياة أسراهم وهم قادرين على إتلاف حياتهم، وهو في نفس الوقت عقوبة للأسير لأنه ذهب برجله الى الحرب فكان حريصاً على قتل أعداءه.

 لذلك وجب على الإنسان في ذلك الوقت ان يفكر طويلاً قبل ان يقدم على الحرب مع الآخرين ومع ذلك فأن الله سبحانه قد اوجب تحرير الرقاب وعدها من الإعمال الجليلة التي تستوجب الرحمة الإلهية جعله كفارة لبعض للذنوب العظام.

قال تعالى (( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)) (16)، ((لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) (17).

لقد تدرجت شريعة السماء في الحكم على الأسرى فكان إقرار استعبادهم كحل بديل عن الإسراف في قتلهم ومن اجل حفظ النوع الإنساني وتحولهم من أداة للحرب الى قوة عمل نافعة تشاركهم في الحياة المدنية، ثم شرعت عتقهم كأمور تعبدية وكفارة للذنوب وان هذا التدرج سمح لان يصل الإنسان برقيه الى ما وصل إليه اليوم وضع القوانين الدولية التي تحرم الاستعباد وان هذا القانون شأنه شأن بقية القوانين الطبيعية ما كان ليودع في عقولنا لولا يد خفية تعهدت به ليسكن عقولنا ويحرك به ضمائرنا فأقررنا به وامن به كحق من حقوق الإنسان...

  

حرمة الدم في الكتب السماوية ( التوراة والإنجيل )

لم يكن لاي دين سماوي ان يبيح القتل وليس بمقدور احد أن يتجرأ لينسب للخالق العظيم قولاً يأمر فيه عباده بقتل البشر من دون سبب، او يرضى باعتماد القتل كطريقة لحل المشاكل، نعم عندما وضع الله سبحانه القصاص كان لأجل ردع القاتل لينعم الجميع بالأمان ولا احد يستطيع القول بأن في القصاص مظلومية تلحق بالقاتل لأنه هو الذي ارتضى لغيره هذه الفعلة الشنيعة فكان حكم الله أن يسقى من الكأس الذي أذاق غيره.

ومع تقدم المدنية كان القاتل بحاجة الى موعظة جديدة تتمثل بالرغبة العميقة بالإصلاح وان لا يقابل الشر بالشر وهو ما وافقت عليه الديانة المسيحية...

لقد كانت شريعة موسى شريعة قاسية فهي لم تقبل الفدية بالقتلى لذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت قي بني اسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الديّة فقال الله تعالى لهذه الامة ﴿﴿ كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحرِّ والعبدَ بالعبدَّ والأنثى بالأنثى فمن عفى من اخيه شئ فاتباع ٌ بالمعروف و أداء إليه بإحسان ٍ ذلك تخفيف ٌ من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذابٌ اليم، ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب لعلكم تتقون ﴾﴾(18) قال ابن عباس: فالعفو ان يقبل الدية في العمد، قال: فأتباع بالمعروف ان يطلب بمعروف ويؤدي بأحسان (19).

ولقد ورد في القرآن الكريم موضوع القصاص في بني اسرائيل

﴿﴿ وكتبنا عليهم فيها ان َّ النفسَ بالنفس ِ والعين َ بالعينِ والانفَ بالأنفِ والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدقبه فهو كفارة له ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون ﴾﴾ (20).

ومما جاء في القرآن ايضاً بخصوص القتل عند بني إسرائيل

﴿﴿ من اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفساً بغير نفسٍ او فساداً في الارضِ فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ولقد جاءتهم رُسُلُنا بالبينات ثم ان كثيراً منهم بعدَ ذلك في الأرض لمسرفون َ﴾﴾ (21).

وامامنا نصٌ توراتي يشدد على حرمة الدم وعقوبته وفق شريعة موسى (ع)...

ففي هذا النص يتعرض اولاً الى تعريف القاتل، ومن ثمَ يبين من له الحق في الاقتصاص من القاتل وهو كما جاء في سفر العدد فالنص الذي أمامنا يبدأ بتعريف القاتل وأدواته وفيها تشديد على القصاص من القتل اذ يكرر قوله ان " القاتل يقتل " ويوضح النص صاحب الحق في القصاص من القاتل وهو ولي الدم.

﴿﴿ إِنْ ضَرَبَهُ بِأَدَاةِ حَدِيدٍ فَمَاتَ، فَهُوَ قَاتِلٌ. إِنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ.

وَإِنْ ضَرَبَهُ بِحَجَرِ يَدٍ مِمَّا يُقْتَلُ بِهِ فَمَاتَ، فَهُوَ قَاتِلٌ. إِنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ.

أَوْ ضَرَبَهُ بِأَدَاةِ يَدٍ مِنْ خَشَبٍ مِمَّا يُقْتَلُ بِهِ، فَهُوَ قَاتِلٌ. إِنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ.

وَلِيُّ الدَّمِ يَقْتُلُ الْقَاتِلَ. حِينَ يُصَادِفُهُ يَقْتُلُهُ.

وَإِنْ دَفَعَهُ بِبُغْضَةٍ أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ شَيْئًا بِتَعَمُّدٍ فَمَاتَ،

أَوْ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ بِعَدَاوَةٍ فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الضَّارِبُ لأَنَّهُ قَاتِلٌ. وَلِيُّ الدَّمِ يَقْتُلُ الْقَاتِلَ حِينَ يُصَادِفُهُ. ﴾﴾ (22).

و يتطرق النص التوراتي الى قضية القتل الغير متعمد فعقوبته تختلف اذ ان حكمه يعود الى مجلس الذي يقضي بنفيه عن مدينة المقتول وهنا يشترط على القاتل الغير متعمد على عدم الخروج من المدينة التي قرر المجلس ان ينفى إليها وإذا حدث أن خرج من تلك المدينة وظفر به ولي المقتول فان لولي المقتول حق في قتل القاتل عند ذلك يكون ولي القاتل غير مأثوم وغير مطالب بالدم. لان القاتل قد خالف أحكام النفي والتي تنص أيضا أن مدة النفي تنتهي بموت الكاهن العظيم الذي مسح بالدهن المقدس راس القاتل وبعد موت الكاهن تنتهي القضية اذ يحق للقاتل الغير متعمد ان يعود الى مدينته حينها يتوجب على ولي المقتول ان لا يطالبه بدم.

﴿﴿ وَلكِنْ إِنْ دَفَعَهُ بَغْتَةً بِلاَ عَدَاوَةٍ،

وَلكِنْ إِنْ دَفَعَهُ بَغْتَةً بِلاَ عَدَاوَةٍ، أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ أَدَاةً مَا بِلاَ تَعَمُّدٍ،

أَوْ حَجَرًا مَا مِمَّا يُقْتَلُ بِهِ بِلاَ رُؤْيَةٍ. أَسْقَطَهُ عَلَيْهِ فَمَاتَ، وَهُوَ لَيْسَ عَدُوًّا لَهُ وَلاَ طَالِبًا أَذِيَّتَهُ،

تَقْضِي الْجَمَاعَةُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَبَيْنَ وَلِيِّ الدَّمِ، حَسَبَ هذِهِ الأَحْكَامِ.

وَتُنْقِذُ الْجَمَاعَةُ الْقَاتِلَ مِنْ يَدِ وَلِيِّ الدَّمِ، وَتَرُدُّهُ الْجَمَاعَةُ إِلَى مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا، فَيُقِيمُ هُنَاكَ إِلَى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ الَّذِي مُسِحَ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ.

وَلكِنْ إِنْ خَرَجَ الْقَاتِلُ مِنْ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا

وَوَجَدَهُ وَلِيُّ الدَّمِ خَارِجَ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ، وَقَتَلَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَاتِلَ، فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ،

لأَنَّهُ فِي مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ يُقِيمُ إِلَى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ. وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ فَيَرْجعُ الْقَاتِلُ إِلَى أَرْضِ مُلْكِهِ.َتَكُونُ هذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةَ حُكْمٍ إِلَى أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ. ﴾﴾ (23)

ويتطرق النص التوراتي الى قضية الشهود اذ ان شاهدً واحدٌ لا يكفي لإنزال عقوبة القصاص بالقتل اذ يتطلب الامر أكثر من شاهد وكلما ازداد عدد الشهود كان أفضل

﴿﴿ كُلُّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَعَلَى فَمِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ. وَشَاهِدٌ وَاحِدٌ لاَ يَشْهَدْ عَلَى نَفْسٍ لِلْمَوْتِ. ﴾﴾ (24)

كما تطرق النص التوراتي الى عدم قبول الفدية من القاتل المذنب

﴿﴿وَلاَ تَأْخُذُوا فِدْيَةً عَنْ نَفْسِ الْقَاتِلِ الْمُذْنِبِ لِلْمَوْتِ، بَلْ إِنَّهُ يُقْتَلُ.

وَلاَ تَأْخُذُوا فِدْيَةً لِيَهْرُبَ إِلَى مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ، فَيَرْجعَ وَيَسْكُنَ فِي الأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِ الْكَاهِنِ.

لاَ تُدَنِّسُوا الأَرْضَ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، لأَنَّ الدَّمَ يُدَنِّسُ الأَرْضَ. وَعَنِ الأَرْضِ لاَ يُكَفَّرُ لأَجْلِ الدَّمِ الَّذِي سُفِكَ فِيهَا، إِلاَّ بِدَمِ سَافِكِهِ.

وَلاَ تُنَجِّسُوا الأَرْضَ الَّتِي أَنْتُمْ مُقِيمُونَ فِيهَا الَّتِي أَنَا سَاكِنٌ فِي وَسَطِهَا ﴾﴾. (25)

اما الحدود فكانت:- كما جاءت في سفر اََلاَّوِيِّينَ

﴿﴿ كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. قَدْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ. وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ، فَإِذَا زَنَى مَعَ امْرَأَةِ قَرِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ، فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ، فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ. وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَالْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا. وَإِذَا اقْتَرَبَتِ امْرَأَةٌ إِلَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا، تُمِيتُ الْمَرْأَةَ وَالْبَهِيمَةَ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ، وَرَأَى عَوْرَتَهَا وَرَأَتْ هِيَ عَوْرَتَهُ، فَذلِكَ عَارٌ. يُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ. يَحْمِلُ ذَنْبَهُ. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ طَامِثٍ وَكَشَفَ عَوْرَتَهَا، عَرَّى يَنْبُوعَهَا وَكَشَفَتْ هِيَ يَنْبُوعَ دَمِهَا، يُقْطَعَانِ كِلاَهُمَا مِنْ شَعِبْهِمَا. عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ، أَوْ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهُ قَدْ عَرَّى قَرِيبَتَهُ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ عَمِّهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ عَمِّهِ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. يَمُوتَانِ عَقِيمَيْنِ. وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةَ أَخِيهِ، فَذلِكَ نَجَاسَةٌ. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ. يَكُونَانِ عَقِيمَيْنِ.﴾﴾ (26)

وفي الإصحاح الرابع والعشرين من السفر نفسه

«وَإِذَا كَانَ فِي رَجُل أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ». (27)

ومع ذلك فان يجب ان يكون هناك اكثر من شاهد على ارتكاب أي جريمة من هذه الجرائم

﴿﴿لاَ يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَّا أَوْ خَطِيَّةٍ مَّا مِنْ جَمِيعِ الْخَطَايَا الَّتِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ الأَمْرُ. إِذَا قَامَ شَاهِدُ زُورٍ عَلَى إِنْسَانٍ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ بِزَيْغٍ، يَقِفُ الرَّجُلاَنِ اللَّذَانِ بَيْنَهُمَا الْخُصُومَةُ أَمَامَ الرَّبِّ، أَمَامَ الْكَهَنَةِ وَالْقُضَاةِ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. فَإِنْ فَحَصَ الْقُضَاةُ جَيِّدًا، وَإِذَا الشَّاهِدُ شَاهِدٌ كَاذِبٌ، قَدْ شَهِدَ بِالْكَذِبِ عَلَى أَخِيهِ، فَافْعَلُوا بِهِ كَمَا نَوَى أَنْ يَفْعَلَ بِأَخِيهِ. فَتَنْزِعُونَ الشَّرَّ مِنْ وَسْطِكُمْ. وَيَسْمَعُ الْبَاقُونَ فَيَخَافُونَ، وَلاَ يَعُودُونَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذلِكَ الأَمْرِ الْخَبِيثِ فِي وَسَطِكَ. لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ. نَفْسٌ بِنَفْسٍ. عَيْنٌ بِعَيْنٍ. سِنٌّ بِسِنٍّ. يَدٌ بِيَدٍ. رِجْلٌ بِرِجْل.﴾﴾ (28)

اما بالنسبة الى شريعة العين بالعين فقد جاء فيها

" اذا قتل احد انساناً فانه يقتل، ومن أمات بهيمة جاره يعوض عنها نفساً بنفس ومن اوقع بقريبه ضرراً فمثل ما أوقع يوقع به كسر بكسر وعين بعين وسن بسن، وكما انزل بسواه من الأذى تنزل به، ومن قتل بهيمة جاره يعوض عنها ومن قتل انساناً يقتل، حكم واحد يطبق عليكم، الغريب كالإسرائيلي، إني انا الرب إلهكم " (29)

اما بالنسبة للديانة المسيحية فقد جاءت بشريعةٍ مغايرة تماماً عن الديانة اليهودية

﴿﴿سمعتم انه قيل – الديانة السابقة – عين بعين وسن بسن، اما انا فأقول لا تقاموا من يسئ إليكم، من لطمك على خدك الأيمن، فحول له خدك الايسر، ومن أرادك أن يخاصمك ليأخذ ثوبك فاترك له ردائك ايضا ً ومن سخرك ان تمشي معه ميلاً واحداً، فأمشي معه ميلين، من طلب منك شيئاً فأعطه، ومن أراد أن يستعير منك شيئاً فلا ترده خائباً ﴾﴾ (30)

وقد نهت شريعة عيسى جريمة القتل واعتبرت ان الغضب هو من الاعمال الشنيعة التي تستوجب الحكم وان السب يستوجب نار جهنم ﴿﴿ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ - اليهود -: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ تَخْرُجُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُوفِيَ الْفَلْسَ الأَخِيرَ!﴾﴾ (31)

وفي هذا النص يقدم السيد المسيح الوصايا التي بها يدخل الانسان الى الحياة الابدية – الجنة -. ﴿﴿ وَاقبل اليه شاب وقال له:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» فَقَالَ لَهُ:«لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». قَالَ لَهُ:«أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ:«لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ.23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ:«الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ سمِّ الخياط أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!﴾﴾ (32).

وفي هذا النص يوضح السيد المسيح

﴿﴿ فدنا بطرس وقال له: " يا سيد كم يخطأ الي َّ اخي واغفر له، أ سبع مرات ؟ ".

فأجابه يسوع: " لا سبع مرات، بل سبعين سبع مرات " ﴾﴾

وما بين الإفراط في عقوبة القتل وعدم المسامحة واللا تهاون في الديانة اليهودية وبين المسامحة الكبيرة الى أقصى حدود في الديانة المسيحية، يقف الإسلام كأمة ٍ وسطية ما بين الاثنين لتفتح ذراعيها لجميع الحلول لعلها تستطيع ان توقف نزيف الدم على الأرض فتضع امام ولي المقتول خيارات ثلاث:-

أ‌- القصاص العادل من القاتل ( ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب )

ب‌- العفو التام ( فمن عفا له من أخيه شيئاً )

ت‌- القبول بالدية ( فدية مسلمة الى أهله )

وفيما يلي صورة توضحية لوسطية الإسلام في الحكم على القاتل فهي تذهب تارة أقصى اليمين وتارة أخرى أقصى اليسار وتارة أخرى امة وسطية، ولعل الأحكام الثلاث التي اقرها الله سبحانه لأمة الإسلام تعطي الحق للحاكم الإسلامي ان يختار أي طريقة يشاء وبما يتوافق مع الحالة التي عليها الامة. فإذا ازداد القتل وجب القصاص ليكون رادعاً واذا كانت هناك أسباب موجبة مع التعمد وجب اختيار حكماً أخر.

 

الاسلام                      اليهودية                             المسيحية

الدية                      القصاص                            العفو

 

صور من حياة العرب قبل الإسلام

 يكاد يتفق المؤرخون على ان للعرب قبل الإسلام حضارة عريقة وان صفة الجاهلية التي التصقت بهم، انما كان لجهله بالله سبحانه وتعالى، فلقد كانت لهم الكثير من مكارم والتي اقرها الإسلام...

والجاهلية هي كما يقول ابن منظور هي زمن فترة ولا اسلام، وقالوا جاهلية الجهلاء وفي الحديث ( انك امرؤ فيك جاهلية * ) (33)، وهي الحالة التي كانت عليها العرب قبل الاسلام من الجهل بالله سبحانه ورسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالانساب والكِبرَ والتجبَّر وغير ذلك(34).

لقد كان جهلهم بالله سبحانه وتعالى سبباً لتفشي مظاهر خطيرة في المجتمع آنذاك ولعل ظاهرة وأد البنات والإغارة والاغتيال – القتل – بالإضافة صور الزواج الشاذة من أبشع المظاهر التي انطوت عليها تلك الفترة، ومن المؤكد ان هذه المظاهر هي نتيجة حتمية للسبب الرئيسي وهو الجهل بالله تعالى...

وما يبدوا ان العرب قبل الاسلام كانوا منقسمين فرقاً شتى فمنهم الموحد المقر بخالقه المصدق بالبعث والنشور ومنهم من مال الى اليهودية والنصرانية كقس بن ساعدة الايادي وبحير الراهب، وزيد بن نوفل وخالد بن سنان وامية بن الصلت الذي قرأ الكتب وابتعد عن الاوثان وكان يخبر بأن نبياً سيبعث (35)، ومنهم من كان وثنياً امن بقوى الهية كثيرة موجودة حسب اعتقاده في بعض النباتات والجماد والطير والحيوانات وكان يتعبدون الأصنام والأوثان كانت رمزاً لآلهتهم، (36).

وقد عرف العرب الثالوث المقدس وهو عندهم ( ود واللات والعزى ) (37) وهي تعني حسب الترتيب ( القمر و الزهرة والشمس ).

 ومما لا شك فيه ان عباد الاوثان كانوا اكثر من الموحدين، وهؤلاء يعبدون آلهة شتى لا تملك لهم حولاً ولا قوة و لا تستطيع ان تنظم نفسها فكيف تستطيع أن تنظم حياة الإنسان فكانت القوانين والشرائع تملا عليهم وفق الظروف المحيطة بهم، وما يبدو ان الإنسان في شبه الجزيرة العربية لم يكن مقتنعاً بهذه الآلهة التي يعبدها لذلك لم يتم الاتفاق فيما بينهم على هوية واحدة لذلك الإله، فكان اختلاف الالهه مدعاة لتفرق القبائل العربية فيما بينها واختلاف نظمها واختلاف طرائق الحياة " فلم يكن من أحياء العرب الا وله صنم " (38) وهذا الصنم هو اله هذه القبيلة وليس اله كل القبائل لذلك فان التشريع الذي يأتي على لسان كاهن الإله يختلف عن التشريع من قبل الاله الآخر على لسان كاهن آخر. " وذا أرادت القبائل حج بيت الله الحرام وقفت كل قبيلة عند صنمها وصلوا وتلبوا " (39).

 لقد كان الاصنام هي احد أسباب تفرق العرب و كان من أثار ذلك هو خضوع العرب للسيطرة ( الفارسية والرومانية الأحباش ) وهذه الأقوام كانت قد اجتمعت قبل العرب على عبادة اله واحد.

ان حاجة الإنسان الى وجود اله يعبده ويؤمن به جعل بعض القبائل العربية يسلكون سلوك غريباً، فهم تارة يعبدون الشمس والقمر والكواكب، وتارة أخرى يصنعون ألهتهم من الحجارة " يقربونها زلفى الى الله " وتارة أخرى يصنعون إلههم مما يؤكل فهو اله لهم اذا شبعوا وطعام لهم اذا جاعوا،وكان التمر مادة رئيسية لصنع هذا النوع من الآلهة، وكان " احدهم اذا سافر فانه يحتاج الى اله يصحبه فينتقي اربعة احجار فنظر فيها ايهم أحسنها فيتخذه رباً وجعل الثلاث أثافي لقدره، فاذا اراد ان يرتحل تركه فاذا نزل منزلاً اخر فعل مثل ذلك، وكانوا ينحرون ويذبحون ويتقربون الى هذه الأحجار " (40).

كان بعضهم يطوف بالبيت عرياناً ويسمى( الحلة ) وكانوا يقولون لا نطوف بثيابٍ قارفنا فيها الذنوب وكان النساء يطفن بـ(الحلة) أي عرايا،ووصل الأمر بالعرب ان اتخذوا ( أساف ونائلة ) (41) اللذان فجرا في داخل الكعبة وتحولا إلى حجرين ان صيروهما الهين يعبدونهما تقرباً لله او من دون الله. بل كان الحجيج يبدأون باساف فيقبلونه وكانوا يختمون حجهم به (42).

وحتى تلبيتهم لم تكن موحدة فلقد كانت لكل قبيلة تلبية خاصة بها تختلف عن الأخرى فقبيلة قريش كانت تلبي بقولها: تلبية قريش: لبيك، اللهم، لبيك ! لبيك لا شريك لك، تملكه، وما ملك.

 وكانت تلبية كنانة: لبيك اللهم لبيك ! اليوم يوم التعريف، يوم الدعاء والوقوف.

 وكانت تلبية بني أسد: لبيك اللهم لبيك ! يا رب أقبلت بنو أسد أهل التواني والوفاء والجلد إليك.

وكانت تلبية بني تميم: لبيك اللهم لبيك ! لبيك لبيك عن تميم قد تراها قد أخلقت أثوابها وأثواب من وراءها، وأخلصت لربها دعاءها.

و تلبية قيس عيلان: لبيك اللهم لبيك ! لبيك أنت الرحمن، أتتك قيس عيلان راجلها والركبان.

 و تلبية ثقيف: لبيك اللهم ! ان ثقيفا قد أتوك وأخلفوا المال، وقد رجوك (43).

وبالنسبة الى صور الزواج قبل الإسلام فهي عديدة وبعضها لا يقل بشاعة من عبادة الأصنام فهي لا تنطوي على أي قيمة من قيم الغيرة والشرف العربي ومن تلك الصور

1- الجمع بين الأختين

2- زواج البدل ( حيث يبدل الرجلين زوجاتهما )

3- زوج الرهط ( حيث يشترك عدة رجال بأمراة واحدة )

4- زواج التبضع ( حيث يرسل الرجل زوجته إلى احد العظماء لتنجب منه اطفالاً يحسّن به نسله )

5- زواج امرأة الاب ( حيث يرث الابن الاكبر زوجات ابيه )

اما جرائم القتل فكانت أنواع عديدة

1- الاغتيال، او ما يعرف بالغيلة وهي الخديعة وإيصال الشر او القتل الى انسان من حيث لا يعلم وقد اتبع المغتالون اساليب شتى منها الطعن بالرمح والخنق ومنها اللجوء الحيلة بدس السم في الطعام والشراب.

2- الغارة:- حيث تهجم قبيلة على اخرى فتقتل وتنهب من تلك القبيلة، ولم تكن الغارة عملاُ مشيناً بل يعد من المفاخر العربية وعدوا المكثر منها مغواراً لما فيه من جرأة وشجاعة وإقدام.

3- الثأر:- وهي من العادات المستشرية بين القبائل وهي بمثابة طلب القصاص من القاتل وقد يشمل إفراد قبيلته، وكانت اهل المقتول لا يهدؤن دون ان يطلب الثار من قاتله لان روح المقتول تبقى تنادى اهله بالثأر لدمه، ورغم ذلك فان هناك فترة استراحة تعرف ( بالأشهر الحرم ) وهي الأشهر التي يحرم فيها القتال فكان احدهم اذا لقى رجل يخافه يقول له حجراً محجوراً، أي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدءوه بشر.

4- قتل الاولاد خشية املاق:- وهي من العادات التي ذكرها القرآ الكريم ونهى عنها نهياً شديداً ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ) و( لا تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم ).

5- وأد البنات وهو دفن البنات وهن احياء وهو من ابشع انواع القتل قبل الاسلام، والوأد كان مستعملاً في قبائل العرب قاطبة قبل الاسلام، فكان يستعمله واحد ويتركه عشراً فجاء الاسلام فقلَّ فيهم الوأد، الا في بني تميم فانه تزايد قبيل الاسلام (44)، وروي عن عبد الله بن عباس ( رضي الله عنهما ) انه قال: كانت الحامل اذا قربت ولا دتها حفرت حفرة فمخضت على رأس تلك الحفرة، فاذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة وردَّت التراب عليها، واذا ولدت ولداً حبسته ) (45).

وروي أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزال مغتما بين يدي رسول الله صلى عليه وسلم: (مالك تكون محزونا) ؟ فقال: يا رسول الله، إن أذنبت ذنبا في الجاهلية فأخاف ألا يغفره الله (لي وإن أسلمت ! فقال له: (أخبرني عن ذنبك).

فقال: يا رسول الله، إن كنت، من الذين يقتلون بناتهم، فولدت لي بنت فتشفعت إلى امرأتي أن أتركها فتركتها حتى كبرت وأدركت، وصارت من أجمل النساء فخطبوها، فدخلتني الحمية ولم يحتمل قلبي أن أزوجها أو أتركها في البيت بغير زوج، فقلت للمرأة: إني أريد أن أذهب إلقبيلة كذا وكذا في زيارة أقربائي فابعثيها معي، فسرت بذلك وزينتها بالثياب والحلي، وأخذت علي المواثيق بألا أخونها، فذهبت بها إلى رأس بئر فنظرت في البئر ففطنت الجارية أني أريد أن ألقيها في البئر، فالتزمتني وجعلت تبكي وتقول: يا أبت ! إيش تريد أن تفعل بي ! فرحمتها، ثم نظرت في البئر فدخلت علي الحمية، ثم التزمتني وجعلت تقول: يا أبت لا تضيع أمانة أمي، فجعلت مرة أنظر في البئر ومرة أنظر إليها فأرحمها، حتى غلبني الشيطان فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة، وهي تنادي في البئر: يا أبت، قتلتني.

فمكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت.

فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقال: (لو أمرت أن أعاقب أحدا بما فعل في الجاهلية لعاقبتك).(46)

لقد اختصر جعفر بن ابي طالب حين كل صفات الجاهلية البشعة حين خاطب النجاشي ملك الحبشة حين أرسل في طلب المسلمين المهاجرين إلى بلاده فجاءوا إليه، وأنابوا جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- حتى يتحدث باسمهم، فسأله النجاشي: ما هذا الدين الذي قد فارقتم به قومكم، ولم تدخلوا في ديني، ولا في دين أحد من هذه الملل؟ فَرَدَّ عليه جعفر قائلا: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات. وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدَّقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومُنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله -تعالى- وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نُظلَم عندك أيها الملك، فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به الله من شيء؟ قال جعفر: نعم. فقال النجاشي: اقرأه عليَّ.فقرأ عليه جعفر أول سورة مريم، فبكى النجاشي، ثم قال: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، ثم قال لعمرو وصاحبه: انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، وردَّ النجاشي الهدايا إلى عمرو ولم يسلم المسلمين إليه، وهكذا فشل المشركون في الإيقاع بين المسلمين وملك الحبشة. (47)

وبعد هذه اللمحة التاريخية السريعة مما يبدو للعيان إننا نعيش اليوم عصوراً حجرية أكثر صلابة من العصر الحجري وان حجريتنا لا تكمن في البيوت التي نسكنها ولكن في قلوبنا التي تسكننا،وأننا ونحيى في جاهلية لا تقل عن جاهلية العرب قبل الإسلام...

 

هوامش الفصل الاول

 

(1)- الكليني، ابي جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الرازي ت 328، الكافي، ( دار الكتب الاسلامية، بلا ) ج1 ص10 كتاب العقل والجهل ح1; البيهقي، ابي بكر احمد بن الحسين بن علي ت458هـ، شعب الإيمان،(ج 10 / ص 157) ح 4456 ; الطبراني، ابي القاسم سليمان بن احمد، المعجم الكبير ت 360هـ، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط2- (ج 7 / ص 328) ح 8012 ; المعجم الأوسط للطبراني ( دار الكتب العلمية: بيروت – لبنان ) (ج 16 / ص 25)، ح7449.

·:- اول من سكن الأرض الجن، فاقتتلوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا، فبعث الله سبحانه وتعالى إليهم إبليس وهو من الجن في جند من الملائكة فقتلوهم وطردوهم الى جزائر البحور وأطراف الجبال، ومنذ ذلك اليوم صار من المقربين الى الله.

(2)- الشيباني، عز الدين المعروف بابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق خليل مأمون شيحا ( دار المعرفة: بيروت – لبنان 1422هـ - 2002م، ط 1) ج1 ; الطبري، ابي جعفر محمد بن جرير ت 310هـ، تاريخ الأمم والملوك، تحقيق عبدا علي مهنا (مؤسسة الاعلمي للمطبوعات: بيروت- لبنان، 1998م-1418هـ) ج (1)، ص84. ; ابن كثير، عماد الدين أبي الفداء القرشي الدمشقي (ت 774هـ)، البداية والنهاية، تقديم محمد عبد الرحمن المرعشلي ( دار إحياء التراث العربي: لبنان – بيروت )، ج1، ص 61.

(3) - الحديث " ان الشيطان يجري في ابن ادم مجرى الدم فيه "; القرطبي ابي عبد الله محمد بن احمد الانصاري، الجامع لاحكام القران، ( دار احياء التراث العربي: بيروت لبنان، 1405هـ- 1985م،ط 1)، ص313،ج1; متفق عليه.

(4)- الاعراف، الاية 19-20.

(5)- عن ابن عباس:- انما سمي الانسان انساناً لانه عهد اليه فنسى، وقيل لم يقصد المخالفة استحلالاً لها ولكنهما اغترا فحلف ابليس لهما " اني لكما من الناصحين ".

(6)- الاعراف، الاية 22.

 *:- في كتاب العهد القديم اسمه قايين كما ورد في سفر التكوين، الإصحاح الرابع...

 (7) الطبري، تفسير الطبري، ج 4، ص 198 ; تاريخ الطبري، ج1، ص 141. ; ابن كثير،البداية والنهاية ج1، ص 106. ; ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج1، ص 38.

(8)- سورة المائدة، الاية 32.

(9)- الثعالبي، الامام العلامة الشيخ سيدي عبد الرحمن، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، حققه ابو محمد الغماري الادريسي الحسني ( دار الكتب العلمية: بيروت – لبنان ) ط1، 1416هـ - 1996م، ج1، ص 426; السيوطي، الامام جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر الشافعي ت 911هـ، الدر المنثور6/ 276 ; ابن كثير، الامام الحافظ عماد الدين ابي الفداء القرشي، تفسير القرآن العظيم، 6/ 27.

(10)- الصنعاني، تفسير للامام عبد الرزاق بن همام ( 126 - 211 ه‍ ). تفسير القران تحقيق مصطفى مسلم محمد ( مكتبة الرشد: الرياض – المملكة العربية السعودية )، ج 3، ص187.

 **:- العدد 313 وهو موافق لعدد المسلمين في معركة بدر، موافق لعدد الذي جاوزوا البحر مع طالوت.

 (11)- تاريخ الطبري، ج (1)، ص 151 ; الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج (1)، ص 41.

 ***:- اورد ابن عساكر الحديث نفسه لكن باختلاف حيث قال ( ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً ) للمزيد ينظر ; تاريخ دمشق الكبير، ابو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله الشافعي المعروف (ابن عساكر) ت 571هـ، تحقيق العلامة ابي عبد الله عاشور الجنوبي، (دار التراث العربي: بيروت – لبنان ) ج 72، ص 95، ح 15145.

 (12) ول ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة،د. زكي نجيب محمود ( دار الجيل – بيروت ) 1988م - 1408 هـ، ص 91.

 (13)- قصة الحضارة، مصدر سابق،92-93، بتصرف.

 (14)، المصدر السابق، ج2، 208.

 (15) ول ديورانت، قصة الحضارة، ص ص 274 – 275.

 (16) المجادلة، الاية 3.

 (17) المائدة، الاية 89.

 (18)- البقرة، ايه 83-84.

 (19)- البخاري، الامام ابي عبد الله بن اسماعيل ابن ابراهيم بن المغيرة ت 256هـ ( دار الكتب العلمية: بيروت – لبنان، ط1، 1419هـ-1998) ج21، ص 176، ح 6373.

 (20) المائدة، الآية 45.

 (21)-المائدة، الآية 32.

 (22) سفر العدد، 35/ 17-22.

 (23) سفر العدد، 35/ 23-30.

 ) 24)- سفر العدد 35/ 31.

 (25)- سفر العدد، الإصحاح 35، 32- 35.

 (26)- سفر اََلاَّوِيِّينَ، الاصحاح عشرين،9-21.

 (27)- سفر اََلاَّوِيِّينَ، الاصحاح الرابع و العشرين،27.

 (28)- سفر التثنية، الاصحاح التاسع عشر، 15-21.

 (29) - التوراة، حكم القاتل وشريعة العين بالعين، 17-22، اصحاح 24.

 (30) متي، 5: 38-42; لوقا، 6: 29-30.

 (31) متي، 5/ 21-26.

 (32)- متي 19: 16-24; لوقا 18: 18-30; مرقس 10:17-31.

·: اشارة الى حديث الرسول الى الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري حين عيَّر رجلاً بأمه فقال له الرسول الكريم ( انك امرؤ فيك جاهلية.... ).

 (33) رواه البخاري ح29ج 1 ص 52 و ح 5590 ج 18 ص 481 ; مسلم، الامام ابي الحسين مسلم بن الحجاج ابن مسلم القشيري النيسابوري، ح 3139، 3140 ص 479 – 480 ج 18 ; وابي داود سليمان بن الاشعث السجستاني ت 275هـ، سنن ابي داؤد، ح 4490 ج 13ص 371 ; حنبل، الامام احمد بن حبيل، مسند الامام احمد،(دار صادر: بيروت – لبنان )، ح 20461، ج 43، ص 427.

 (34) ابن منظور، ابي الفضل جمال الدين ممد بن مكرم الافريقي المصري، لسان العرب، ج2، ص 402.

 (35) الخربوطلي، علي حسين، تاريخ الكعبة، ( دار صادر: بيروت – لبنان، 1976 ) ص 122.

 (36) الاب، جرجيس داود داود، أديان العرب قبل الإسلام ووجهها الحضاري والاجتماعي، ( المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع: بيروت – لبنان،، ط3، 1425هـ - 2005م )، ص 185.

 (37)، المصدر السابق، ص186.

 (38)- اليعقوبي، احمد بن ابي يعقوب بن، 1413هـ - 1993م جعفر بن وهب ابن واضح، تحقيق، عبد الامير مهنا ( مؤسسة الاعلمي – بيروت ) ط1، تاريخ اليعقوبي، ج1، ص225.

 (39)- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، د. جواد علي، ( منشورات الشريف الرضي – بغداد ) ج 4، ص 337.

 (40)- المفصل، ص66.

 (41) - اساف بن عمرو ونائلة بنت سهيل وكانا قد فجرا في الكعبة فأحالهما الله سبحانه الى حجرين.

 (42) - اليعقوبي، احمد بن ابي يعقوب بن، 1413هـ - 1993م جعفر بن وهب ابن واضح، تحقيق، عبد الامير مهنا ( مؤسسة الاعلمي – بيروت ) ط1، مج (1)،ص 307.

 (43)- للمزيد ينظر اليعقوبي، المصدر السابق، ص 308.

 (44) الألوسي، محمود شكري، تحقيق محمد بهجت الاثري، بلوغ الأدب في معرفة أحوال العرب (دار الكتب العلمية )، ج3، ص 22.

 (45) بلوغ الارب، ج 3، 43; المفصل في تاريخ العرب، ص 89 ; البغوي،، أبو محمد الحسين ابن مسعود الفرّاء، تفسير البغوي، ج8، ص،348.

 (46) الحسيني، السيد علي فضل الله، سيرة الرسول وخلفاءه، ( الدار الاسلامية، 1993-1413) ط2، ص434; تفسير القرطبي، ج7 ص 97 ; المفصل، ج5، ص 93 ;

 (47)- ابن هشام ابو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري ت 218، السيرة النبوية، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ج1، 335 ; ابن كثير، السيرة النبوية، ج2،ص 20.

 

مصادر الفصل الاول

 الكتب السماوية

1- القرآن الكريم

2- العهد الجديد

أ- انجيل متي

ب- انجيل لوقا

ج – انجيل مرقس

3- العهد القديم

أ- سفر العدد.

ب- سفر اََلاَّوِيِّينَ.

ج- سفر التثنية.

 

الكتب العامة

1- ابن الأثير،، عز الدين ابي الحسن بن ابي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، الكامل في التاريخ، تحقيق خليل مأمون شيحا ( دار المعرفة: بيروت – لبنان 1422هـ - 2002م، ط 1).

2- ابن عساكر، ابو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله الشافعي المعروف ت 571هـ، تاريخ دمشق الكبير، تحقيق العلامة ابي عبد الله عاشور الجنوبي، (دار التراث العربي: بيروت – لبنان)

3- ابن كثير، عماد الدين أبي الفداء القرشي الدمشقي (ت 774هـ)،

 

 - البداية والنهاية، تقديم محمد عبد الرحمن المرعشلي ( دار إحياء التراث العربي: لبنان – بيروت )

 - نفسير القرآن العظيم.

4- ابن منظور، ابي الفضل جمال الدين ممد بن مكرم الافريقي المصري، لسان العرب

5- ابن هشام ابو محمد عبد الملك بن هشام بن ايوب الحميري ت 218، السيرة النبوية، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.

6- ابي داود سليمان بن الاشعث السجستاني ت 275هـ، سنن ابي داؤد، تحقيق سعيد محمد اللحام (دار الفكر للطباعة والنشر ).

7- الاب، جرجيس داود داود، اديان العرب قبل الاسلام ووجهها الحضاري والاجتماعي، ( المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع: بيروت – لبنان،، ط3، 1425هـ - 2005م ).

8- الالوسي، محمود شكري، تحقيق محمد بهجت الاثري، بلوغ الادب في معرفة احوال العرب (دار الكتب العلمية )

9- البخاري، الامام ابي عبد الله بن اسماعيل ابن ابراهيم بن المغيرة ت 256هـ، الجامع الصحيح،( دار الكتب العلمية: بيروت – لبنان، ط1، 1419هـ-1998)

10- البغوي،، أبو محمد الحسين ابن مسعود الفرّاء، تفسير البغوي

البيهقي، ابي بكر احمد بن الحسين بن علي ت458هـ، شعب الإيمان، دار الفكر.

11- الثعالبي، الامام العلامة الشيخ سيدي عبد الرحمن، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، حققه ابو محمد الغماري الادريسي الحسني ( دار الكتب العلمية: بيروت – لبنان ) ط1، 1416هـ - 1996م،.

12- الحسيني، السيد علي فضل الله، سيرة الرسول وخلفاءه، ( الدار الاسلامية، 1993-1413) ط2

13 - الخربوطلي، علي حسين، تاريخ الكعبة، ( دار صادر: بيروت – لبنان، 1976 ).

14- السيوطي، الامام جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر الشافعي ت 911هـ، الدر المنثور.

15- الصنعاني، تفسير للامام عبد الرزاق بن همام ( 126 - 211 ه‍ ). تفسير القران، تحقيق مصطفى مسلم محمد ( مكتبة الرشد: الرياض – المملكة العربية السعودية )

16- الطبراني، ابي القاسم سليمان بن احمد ت 360هـ

- المعجم الكبير، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط2 (دار احياء التراث العربي: بيروت – لبنان، 2002).

- المعجم الأوسط ( دار الكتب العلمية: بيروت – لبنان ).

17- الطبري، ابي جعفر محمد بن جرير ت 310هـ

- تاريخ الأمم والملوك، تحقيق عبدا علي مهنا (مؤسسة الاعلمي للمطبوعات: بيروت- لبنان، 1998م-1418هـ)

- جامع البيان في تأويل أي القران ( تفسير الطبري ) تحقيق محمود شاكر، ( دار احياء التراث العربي: بيروت – لبنان ) 2001،ط1.

18- الكليني، ابي جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الرازي ت 328، الكافي، ( دار الكتب الاسلامية، بلا ).

19- القرطبي ابي عبد الله محمد بن احمد الانصاري، الجامع لاحكام القران، ( دار احياء التراث العربي: بيروت لبنان، 1405هـ- 1985م،ط 1).

20- اليعقوبي، احمد بن ابي يعقوب بن، 1413هـ - 1993م جعفر بن وهب ابن واضح، تاريخ اليعقوبي، تحقيق، عبد الامير مهنا ( مؤسسة الاعلمي: بيروت – لبنان ) ط1.

21- النيسابوري، الامام ابي الحسين مسلم بن الحجاج ابن مسلم القشيري، الجامع الصحيح ( دار الفكر: بيروت – لبنان ).

22- حنبل، الامام احمد بن حبيل، مسند الامام احمد،(دار صادر: بيروت – لبنان ).

23- د. جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام،، ( منشورات الشريف الرضي – بغداد ).

24- ول ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة،د. زكي نجيب محمود ( دار الجيل: بيروت – لبنان، 1988م - 1408 هـ).

 

للطلاع على الفصل الثاني

http://www.brob.org/bohoth/bohoth1/bohoth139.htm

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com