مقالات

حرمة الدم في الكتاب والسنة ومصادر التشريع (3)

حرمة الدم في السنة النبوية الشريفة 

لؤي قاسم عباس

loaay_kassim@yahoo.com

1- حرمة دم الإنسان في السنة النبوية.

2- حرمة دماء اهل الذمة في السنة النبوية.

3- حرمة دم المسلم في السنة النبوية.

4- حرمة دم المؤمن في السنة النبوية.

5- حقوق الحيوان في السنة النبوية.

6- شريك القتل

7- حرمة قتل النفس ( الانتحار )

8- انها الفتنة

  

لقد حرمت السنة النبوية المطهرة دم الإنسان بصورة عامة فهي لم تنظر إلى الإنسان حسب الجنس واللون والانتماء وإنما نظرت الى الانسان كونه قيمة عليا فضله الله على كثير ممن خلق تفضيلاً بينا قلد جاءت الأحاديث النبوية بصيغ عديدة فتارة يحرم فيها دم الإنسان بصورة عامة وتارة أخرى يحرم فيها دم الإنسان المسلم وتارة أخرى يشدد على تحريم دم الإنسان المؤمن وهي على العموم لم تبيح سفك الدماء العشوائي لبني البشر بل على العكس من ذلك أقرت بحق الإنسان بالحرية والحياة ومبدأ التعايش السلمي مع الأديان بما يرضي الله سبحانه وتعالى.

لم تحرم السنة النبوية دماء الإنسان فقط بل امتد تحريمها لدم الحيوان أيضا بشكلها العبثي او من دون حاجة للانتفاع به وبما احل الله للإنسان وجاءت الأحاديث في هذا المجال – حرمة دم الحيوان – كثيرة ومتعددة.

لقد وضع الرسول الكريم حقوقاً للإنسان والحيوان والبيئة

في هذا الفصل نتطرق إلى حرمة دم الإنسان وقد وجدنا إن الأحاديث قد جاءت بصيغ متعددة لذا ارتأينا أن نبوب هذا الفصل حسب ترتيب الاحاديث، فمنها ما جاء بصيغة الانسان عامة، ومنها ما جاء بصورة خاصة الى اهل الذمة، ومنها ما جاء بلفظ المسلم، ومنها ما جاء بلفظ المؤمن مع إيماننا بان لا احد يستطيع ان يميز ما بين المسلم والمؤمن لانه امرُ متروك الى الله سبحانه وتعالى، لكننا عمدنا الى فصل الأحاديث لتطمئن قلوب الذين يقولون إنما حرم الإسلام دماء المؤمنين من المسلمين وأباح قتل من سواهم، وقد تعمدت ان أكثر من ذكر المصادر لتطمئن إليها القلوب ونلقي الحجة على من يريد تزييف الحقائق وتشويه صورة الإسلام...

 

(1)

حرمة دم الانسان

الإنسان ذلك المخلوق الذي خلقه الله سبحانه وفضله على كثيراً من خلقه تفضيلاً بيناً، خلق الإنسان لحكمة بالغة، خلقه لأجل أن يعمر الأرض ويظهر عظمة الله سبحانه في هذا الكائن العظيم، وفي داخل هذا الكائن الروح المستودعة فيه وهو الذي أوجد الروح وهو الذي يسلبها لو اراد ذلك ولم يعطي هذا الحق لأحدٍ إلا للدفاع عن نفسه اتجاه من يروم سلب حق الحياة من الإنسان نفسه، فهذه الروح هي سرٌ من أسرار عظمة الإله وهي من شأنه وحده " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "، لم يكن الله سبحانه ليخلق الروح ويأمر الآخرين بسلب هذه الروح تقرباً لله سبحانه ولم يكن سبحانه يخلق الإنسان ليأمرنا بقتله جهاداً باسمه تعالى، اننا لا نملك لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياتاً ولا نشورا.

أن الله سبحانه لا ينظر الى الإنسان بمنظار قومي وطائفي بل ينظر إلى الإنسان كونه سر عظمته وقدرته المستودعة فيه.

ان الذي يصنع دمية بسيطة دون ان يستطيع ان يهب لها الروح تكون تلك الدمية عزيزة على قلبه، فما بالك بالذي يخلق انسان وينفخ فيه من روحه لتتجلى في ذلك الكائن عظمته سبحانه وتعالى. إننا نسئ الله تعالى بمخلوقاته، فالانسان اياً كان قوميته ولونه ومذهبه وانتمائه هو كائن مقدر عند الله سبحانه وتعالى ودمه مصان وكرمته محفوظة و الإسلام لا يقبل بنظرة التعالي على البشر واعتبار الاخرين اقوام اقل شأناً يجب قتلهم لتستقيم الحياة ونتقرب بدمائهم الى الله، نعم هناك فرق بين الذين يعلون حرباً على الاسلام فهذا حق مشروع يمنحه الله سبحانه للبشر للدفاع عن انفسهم اتجاه المخاطر التي تهدد دين الله وتهدد الانسان ( من قتل دون ماله وعرضة ونفسه ووطنه ) هو شهيد وهو حق مشروع تقرَه شرائع السماء والا لصارت الحياة فوضى يزيح القوي منهم الضعيف لذلك اوجب الدفاع عن النفس ليعلم الجميع بان للانسان قدرة على ردع الظلم والوقوف بوجه الجريمة اما القتل العبثي فهو مبدأ مرفوض من قبل جميع الشرائع السماوية...

لقد اعتبر الله سبحانه قتل النفس جريمة كبرى. لذلك يقول سبحانه وتعالى" ومن قتل نفساً بغير نفس او فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال المعنى قتل نفساً واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا، ومن ترك قتل النفس الواحدة وصان حرمتها مخافة من الله فهو كمن احيا الناس جميعا(1). وفي تفسير أخر لمعنى هذه الاية يقول يونس عن الحسن... " ومن أحياها فكأنما قتل الناس جميعا " قال العفو بعد المقدرة (2)، بينما يذهب فريق أخر إلى إن معنى ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " وهذا ما يذهب إليه مجاهد قل: الحرق والغرق والهدم (3).

ولا يوجد مانع من ان تكون الآراء كلها صحيحة ففيها احياءٌ للنفس البشرية فالذي يعفو هو كمن أحيا نفساً والذي يقوم بعمليات إنقاذ الأرواح البرئية من الحرق والهدم والغرق هي إحياءٌ للنفس البشرية. وفي رأي ثالث عن الإمام الصادق (ع) (4) قال:- " من أحياها من أخرجها من الظلال إلى الهدى فكأنما أحياها، ومن أخرجها من الهدى إلى الظلال فقد آماتها " وفي هذا الرأي صواب ايضاً فهو أن تدل الآخرين على طريق الأيمان الصحيح هو إنقاذ لهم من الوقوع في الخطيئة فكأنما أحيا الناس جميعا، ومن يظل الناس عن طريق الله إلى طريق الكفر فكأنما قتل الناس جميعاً ولا اختلاف في الآراء.

 والنفس التي يتحدث عنها القرآن هي النفس المحترمة وهي ليست نفس تنتمي الى دين او قومية او مذهب معين بل هي نفس الانسان التي بين جنبيه فقد جاء عن عمرو بن الحمق: سمعتُ رسول الله يقول:" من آمن رجلاً على دمه فقتله، فأنا برئ من القاتل وان كان المقتول كافراً " (5).

وحرمة الانسان تكمن كونه يشترك معك بالخاصية الانسانية اذا لم يشترك معك في الدين وقد قال علي بن ابي طالب في نهج البلاغة ( الناس صنفان: اما نظير لك في الخلق او اخو لك في الدين )

لذلك ورد عن مُعَاذُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"مَنْ أَمَّنَ رَجُلا فَقَتَلَهُ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا" (6).

إن للدماء حرمة عظيمة عند الله سبحانه لذلك كان قد جرى القضاء على لسان نبيه الكريم فهي من اولويات الحساب يوم القيامة ( اول ما يقضى بين الناس في الدماء ) (7). وجاء عن محمد بن علي بن الحسين (الباقر):" اول ما يحكم يوم القيامة فهو حق بنى آدم فيوقف بنى آدم فيفصل بينهم ثم الذين يلونهم من اصحاب الدماء حتى لا يبقى منهم أحد ثم الناس بعد ذلك فيأتى المقتول قاتله يشخب دمه في وجهه فيقول هذا قتلني فيقول انت قاتله ولا يستطيع ان يكتم الله حديثا ".

 وعن جندب رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (( من سَمّعَ سَمّعَ اللهُ به يوم القيامة، قال: ومن يشاقق يشقق الله عليه يوم القيامة، فقالوا: أوصنا. فقال: إنَّ أول ما ينتن من الإنسان بطنه فمن استطاعَ أنْ لا يأكل إلاّ طيباً فليفعل، ومن استطاع أنْ لا يحال بينه وبين الجنة ملء كف منْ دم أهراقه فليفعل )) (8)

وان ابغض خلق الله الى الله سبحانه " مطلب دم امرئ بغير حق ليسفكه دون وجه حق، فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (ص) قال:- " ابغض الناس على الله ثلاث، ملحدٌ في الحرم، مبتغ في الاسلام سنة جاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه "، وعن الصادق (ع)، " ان اعتى الناس على الله من قتل غير قاتله ومن ضرب غير ضاربه "(9). وجاء في مسند الإمام احمد " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ " (10) وثبت عن النبي قوله " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً. وفي رواية أخرى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقًا – طويل العنق - صَالِحًا مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ " (11)

لذلك جعل الله سبحانه جائزة من لم يتورط بهذا الجرم الشنيع الجنة فلد ورد عن النبي ( ص ):" ليس من عبد يلقى الله لا يشرك به شيئاً، ولم يندِ بدمٍ حرام الا دخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء". وهذه جائزة يستحقها الذين لم يتورطوا في بحر الدماء الجارف الذي يغرق فيه المتورطون من ابناء هذه الأمة.

اما الذين تلوثت أيديهم بدماء البشر فان غمرات جهنم كفيلة بهم فقد ورد عن أبي سعيد XE "¢أبي سعيد" رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يخرج عنق من النار يتكلم يقول: وكِّلت اليوم بثلاثة: بكلّ جبار, وبمن جعل مع الله إلهاً آخر, وبمن قتل نفساً بغير نفس, فينطوي عليهم فيقذفهم في غمرات جهنم)(12)

وعن عبد الله بن عمر XE "¢عبد الله بن عمر" رضي الله عنهما قال: «إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسَه فيها سفكَ الدم الحرام بغير حلّه»(13). وقد أخرج النسائي XE "¢النسائي" وغيره عنْ ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه في يده وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب قتلني، حتى يدنيه من العرش)(14)، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نبه أشد التنبيه على هذا الأمر الخطير، فقال فيما أخرجه البخاري XE "¢البخاري" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن في فسحةٍ من دينه ما لم يرق دماً بغير حله)(15).

وجاء عن الإمام الصادق عن آبائه عن رسول الله (ص): أوحى الله عزوجل إلى موسى " عليه السلام " قل للملا من بنى إسرائيل إياكم وقتل النفس الحرام بغير الحق فمن قتل منكم نفسا في الدنيا قتله الله في النار مائة قتلة مثل قتلته صاحبه. (16) ونقتطع هذه الشذرة من رسالة الحقوق لعلي بن الحسين في حق اهل الإسلام على أهل الإسلام " وحق أهل ملتك إظهار السلامة لهم والرفق بمسيئهم وتآلفهم واستصلاحهم وشكر محسنيهم وكف الأذى عنهم، وتكره لهم ما تكره لنفسك وان يكون شيوخهم بمنزلة أبيك وشبانهم بمنزلة أخوتك، وعجائزهم بمنزلة أمك والصغار بمنزلة أولادك " (17)

ومهما يكن فان للإنسان حرمة عظيمة عند الله فلقد ولى ذلك الزمان الذي تهدي به رؤوس البشرية تقرباً للآلهة الصماء، وانتهت تلك العصور التي تقدم بها القرابين على مذابح الآلهة، وولت معه عصر تقدم عروس النيل قرباناً ليهدأ غضب الإله العظيم، وما كان الله ليرضى بان يذبح إسماعيل قرباناً لله سبحانه حتى فداه بكبش عظيم.

 

(2)

حرمة دماء اهل الذمة في الإسلام

 اتفقت مصادر التشريع الإسلامي على حرمة دم الإنسان بصورة عامة وحرمة دم المسلم بصورة خاصة ونزلت آيات السماء تترى بعضها اثر بعضها يحملها الأمين جبريل لتنزل على صدر سيد الكائنات محمد بن عبد الله تشدد على حرمة دم الإنسان لكونه قيمة عليا ( ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ).

ولم يكن دم الإنسان وحده مصان من عبث العابثين بل ان الإنسان بمجمله وما يتعلق به من حقوق وممتلكات مصانة في شريعة الله سبحانه. فلقد جاء الإسلام ليرفع من شان الإنسان ويرفع من مكانته ويحفظ له كرامته وحقه بالحياة و يضمن له الحياة الحرة الكريمة، فلم يأذن الشارع الإسلامي لأحدٍ ان يسخر من احد ولم يسمح بالانتقاص من كرامته بل الإنسان مصان الكرامة في غيبه فلا يحق لأحد ان يغتابه بأي كلمة ( يا أيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكونوا خير منهن )، ناهيك عن حرمة الممتلكات الخاصة ومهما كان انتماء الديني لأصحاب تلك الممتلكات فلم يفرق الشارع الإسلامي في رؤيته للإنسان ما بين مسلم ومسيحي أو يهودي فهو لم يسمح بسرقة أموال اليهود ولا سبي نسائهم ولا حتى الاعتداء عليهم ما لم يسبقوهم هم بالاعتداء، و الأمر ينطبق على الديانات الأخرى وما وقع من حرمات على المسلمين يقع ايضاً على الأقليات الدينية الأخرى التي تحظى بحماية المجتمع الإسلامي. بل ويتوجب على المجتمع الإسلامي ذو الأغلبية ان يدافع عن حقوق الأقليات الدينية الأخرى فقد ورد عن أبي هريرة (رضي الله عنه )، عن النبي قال: " الا من قتل نفساً معاهدة له ذمة الله وذمة رسوله فقد اخفر بذمة الله، فلا يُرَح رائحة الجنة، وان ريحها ليوجد على مسيرة سبعين خريفاً "(18).

وعن أبي بكرة قال، قال رسول الله (ص): من قتل معاهداً في غير كُنهه حرم الله عليه الجنة ) (19).

وعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا..؟ (20)

كما جاء في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (ع)

" وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده " (21) وفي تطبيق عملي لهذه الأساسيات ما ورد في هذه القصة فقد مر شيخ كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين ( علي بن ابي طالب ): ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال (ع): استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه انفقوا عليه من بيت المال (22). وبذلك خصص الإمام علي راتباً تقاعدياً لهذه الشخص الذمي من بيت مال المسلمين اذ لم يكن هناك فرقاً بين المسلم والذمي في هذا الأمر.

وبلغه ايضاً ان ظلماً لحق بامراة مسلمة ومعاهدة فقال " لو إن امرءاً مسلماً مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما، بل كان عندي جديرا، يا عجبا " (23).

لقد جاء الرسول الكريم محمد يحمل رسالة السماء السمحاء رحمة للعالمين في زمن انتهكت فيه كرامة الإنسان واتسع نطاق القتل إلى ابعد مداه حيث كانت القبائل الجاهلية يغير بعضها على بعض وينهب بعضها بعضا وينهش بعضهم لحوم بعض وكان احدهم يفتخر بقتله الأعداد الوفيرة من أبناء تلك القبائل ويتباهى بسلبه للأموال وانتهاك المحارم والاعتداء على ممتلكات الآخرين. فجاء الرسول الكريم ليضع حداً لانتهاك حقوق الإنسان وليبلغه مأمنه في دار الإسلام، فوقف معلناً وصوته يدوي على مسامع البشرية " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده " وتنزل ايات الله يتلوها المسلمون على مسامع البشرية ( ان الله يأمر بالعدل والاحسان إيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تتقون ).

وفي تفسير الاية ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (24) جاء عن ابن عباس معناه الذين يناصبونكم القتال، لا تعتدوا – كابتداء القتال او قتال المعاهد او المفاجاة. (25)

- عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ص- قَتَلَ مُسْلِمًا بِمُعَاهَدٍ وَقَالَ « أَنَا أَكْرَمُ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ ». (26) لذلك يذهب بعض الفقهاء الى جواز القصاص- المسلم يقتل بالذمي – ويذهب الى هذا المذهب أبو حنيفة، و النخعي، والشعبي وقد استندوا إلى قوله تعالى " والنفس بالنفس "

إن أول عهد - تحت أيدينا - استعملت فيه كلمة (الذمة) هو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إلى أهل نجران، فقد كتب لهم:

"... ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم... وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته... ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين...".(27)

والذمة في اللغة كما جاء في قاموس المحيط القاموس المحيط " والذِّمَّةُ، بالكسر: العَهْدُ، والكَفالَةُ، كالذَّمامَةِ، ويكسر، والذِّمِّ، بالكسر،، والقَوْمُ المعاهَدونَ. وأذَمَّ له عليه: أخَذَ له الذِّمَّةَ، و فلاناً: أجارَه، (28) وجاء في مختار الصحاح: والذِّمام الحُرْمة. وأَهْلُ الذِّمّة أهل العَقْد. قال أبو عبيد الذِّمة الأَمَان في قوله صلى الله عليه وسلم (ويَسْعَى بِذِمَّتهِم أَدنَاهُم) وأَذَمَّه أَجَاره. (29) والمقصود ان أي مسلم يعطي الامان فأنه يتحتم على بقية المسلمين الالتزام بهذا الامان وفي الوقت الحاضر يعتبر جواز السفر بمثابة عقد الامان الذي تمنحه الدولة للوافدين عليها، كما ان المواطنين – ابناء البلد - لهم ذمة الله في عقودهم سكناهم وعقود استئجارهم وحملهم الهوية الانتماء لهذا البلد اوذاك ( وسنعرض اراء الفقهاء بالتفصيل في الفصل الخامس من الكتاب ).

 وجاء في الحديث عن علي بن ابي طالب عن النبي انه قال:- صحيح البخاري - ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ(30).

ومما جاء في الحديث النبي لام هاني لما آجرت اثنين من المشركين، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:- قَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ (31) وبهذا يستدل اهل العلم على جواز ان تعطي المرأة العهد والذمة فيكون المسلمين ملزمين بها. فجاء عن السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ذمة المسلمين واحدة فان أجارت عليهم جارية فلا تخفروها فان لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به (32)

و قَالَ (ص):مَنْ قَذَفَ ذِمِّيًّا حُدَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِياطٍ مِنْ نَارٍ (33)

بل ان النبي الكريم نهى عن الدخول على بيوت اهل الذمة الا بأذن، فقال:- "لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلا بِإِذْنٍ" (34).

 ونهى النبي ان تحرق الكنائس فكان يوصي سراياه: انطلقوا بسم الله، وبالله، وفي سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله، أبعثكم على أن لا تغلوا، ولا تجبنوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، ولا تحرقوا كنيسة، ولا تعقروا نخلا...(35).

 وكان الرسول الكريم يمشي في جنائز أهل الذمة، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: " أَلَيْسَتْ نَفْسًا" (36). وطالما اوصى الرسول الكريم بالقبط خيراً فعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ملكتم القبط فأحسنوا إليهم، فإن لهم ذمة، وإن لهم رحما. (37)

والان عزيزي القارئ تعال نتأمل مع هذه النظرة للكاتب الإسلامي الاديب مصطفى لطفي المنفلوطي (38) وهو يتحدث عن حرمة دماء اهل الذمة من المسيحين خاصة واترك المقال والمقام للكاتب الكبير في رائعته ( لا همجية في الإسلام ):

" ايها المسلمون: ان كنتم تعتقدون ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق المسيحيين الا ليموتوا ذبحاً بالسيوف وقطعاً بالرماح، وحرقاً بالنيران، فقد اسأتم بربكم ظناً، وأنكرتم عليه حكمته في أفعاله وتدبيره في شؤونه وأعماله، وأنزلتموه منزلة العابث اللاعب الذي يبني الجدار ليهدمه ويزرع الزرع ليحرقه، ويخيط الثوب ليمزقه، وينظم العقد ليبدده.

لم يزل الله سبحانه وتعالى مذ كان الإنسان نطفة في رحم أمه يتعهده بعطفه وحنانه. ويمد برحمته وإحسانه، ويرسل إليه في ذلك السجن المظلم الهواء من منافذه، والغذاء من مجاريه، ويذود عنه آفات الحياة وغوائلها: نطفة، فعلقة، فمضغة، فجنيناً، فبشراً سويا.

إن الهاً شأنه مع عبده، وهذه رحمته به وإحسانه إليه، محال عليه أن يأمر بسلبه الروح التي وهبها إياها، او يرضى بسفك دمه الذي أمده به ليجرى في شرايينه وعروقه لا ليسيل بين التلال والرمال وفوق شعاف الجبال.

في أي كتاب من كتب الله، وفي أي سنة من سنن أنبيائه ورسله قرأتم جواز ان يعمد الرجل إلى الرجل الآمن في سربه، والقابع في كسر بيته، فينزع نفسه من بين جنبيه، ويفجع فيه أهله وقومه، لان لا يدين بدينه، ولا يذهب مذهبه في عقائده.

لو جاز لكل إنسان ان يقتل كل من يخالفه في رأيه ومذهبه، لأقفرت البلاد من ساكنيها وأصبح ظهر الأرض أعرى من سراة أديم.

ان وجود الاختلاف بين الناس في المذاهب والأديان والطبائع سنة من سنن الكون، لا يمكن تحويلها وتبديلها، حتى لو لم يبق على ظهر الأرض الا رجل واحد، لجرد من نفسه رجلاً أخر يخاصمه وينازعه " ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ".

ان الحياة في هذا العالم كالحرارة لا تنتج الا التحاك بين جسمين مختلفين، فمحاولة توحيد المذاهب والأديان محاولة القضاء على هذا العالم وسلبه روحه ونظامه.

 ايها المسلمون: ليس ما كان يجري في صدر الاسلام من محاربة المسلمين المسيحين كان مراداً منه التشفي والانتقام منهم، او القضاء عليهم، وانما كان لحماية الدعوة الإسلامية ان يتعرضها في طريقها معترض او يحول بين انتشارها في مشارق الأرض ومغاربها حائل، أي ان القتال كان ذوداً ودفاعاً لا تشفياً و انتقاماً.

وآية ذلك إن السرية من الجيش ما كانت تخطو خطوة واحدة في سبيلها الذي تذهب فيه حتى يصل إليها أمر الخليفة القائم أن لا تزعج الرهبان في أديرتهم، والقساوسة في صوامعهم، وان لا تحارب الا من يقاومها ولا تقاتل الا من يقف في سبيلها، ولقد كان أحرى إن تسفك دماء رؤساء الدين المسيحي وتسلب أرواحهم لو أن غرض المسلمين من قتال المسيحين كان الانتقام منهم والقضاء عليهم.

لو إنكم قبضتم على كل من يتدين بدين غير دينكم حتى أصبحت رقعة الأرض خالصة لكم، لانقسمتم على أنفسكم مذاهب وشيعاً، لتقاتلتم على مذهبكم تقاتل أرباب الأديان على أديانهم، حتى لا يبقى على وجه الأرض مذهب ٌ ولا متمذهب.

أيها المسلمون: ما جاء الإسلام الا ليقضي على مثل هذه الهمجية والوحشية التي تزعمون انها الإسلام.

ما جاء الإسلام الا ليستل من القلوب اضغانها وأحقادها، ثم يملآها بعدد ذلك حكمة و رحمة، فيعيش الناس في سعادة وهناء، ما هذا القطرات من الدماء التي أراقها في هذا السبيل الا بمثابة العمل الجراحي الذي يتذرع به الطبيب إلى شفاء المريض.

عذرتكم لو إن هؤلاء الذين تريقون دماءهم كانوا ظالمين لكم في شأن من شؤون حياتكم، او ذاهبين في معاشرتكم والكون معكم مذاهب سوء تخافون مغبتها، وتخشون عاقبتها، أما القوم في ظلالكم والكون تحت أجنحتكم اضعف من أن يمدوا إليكم يد السوء، او يبتدرونكم ببادرة شر، فلا عذر لكم.

عذرتكم ببعض العذر لو لم تقتلوا الأطفال الذين لا يسألهم الله عن دين ولا مذهب قبل أن يبلغوا سن الحلم، والنساء الضعيفات اللواتي لا يحسن في الحياة أخذاً ولا رداً، والشيوخ الهالكين الزاحفين وحدهم الى القبور قبل ان تزحفوا إليهم، وتتعجلوا قضاء الله فيهم.

اما وقد أخذتم البرئ بجريرة المذنب فانتم مجرمون لا مجاهدون وسفاكون لا محاربون.

من أي صخرة من الصخور، او هضبة من الهضبات، نحتم هذه القلوب التي تنطوي عليها جوانحكم، والتي لا تروعها أنات الثكالى، ولا تحركها رنات الايامى؟

من أي نوع من الأحجار صيغت هذه العيون التي تستطيعون ان روا بها منظر الطفل الصغير والنار تأكل أطرافه وتتمشى في أحشائه على مرأى ومسمع من أمه، وأمهُ عاجزة عن معونته، لأن النار لم تترك لها يداً تحركها، ولا قدماً تمشي عليها؟

لا أستطيع أن أهنئكم بهذا الظفر والانتصار، لأني اعتقد ان قتل الضعفاء جبن ومعجزة، وان سفك الدماء بغير ذنب ولا جريرة وحشية أحرى ان يعزَّى فيها صاحبها، لا يهنأ بها.

ايها المسلمون: اقتلوا المسيحيين ما شئتم وشاءت شراستكم ووحشيتكم، ولكن حذار ان تذكروا اسم الله على هذه الذبائح البشرية فالله سبحانه وتعالى اجل من ان يأمر بقتل الأبرياء، او يرضى باستعطاف الضعفاء، فهو احكم الحاكمين، وارحم الراحمين ".

 

(3)

حرمة دم المسلم

 

 للمسلم حرمة عظيمة ايا كان مذهبه فلا يحل لاحدٍ قتله اوسفك دمه وانتهاك حرمته لذلك كان الرسول الكريم يشدد على حرمة دم المسلم، وتتفق مصادر التشريع الإسلامي - كما رأينا في الفصل الثاني من هذا الكتاب – على ان المسلم من نطق بالشهادتين لذلك كان عثمان بن عفان(*) (رض) يقول عن النبي (ص): " لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث: كفر بعد إسلامه، او زنى بعد إحصانه او قتل نفساً بنفس "(39) وفي نفس اللفظ عن ام المؤمنين عائشة (رض) قَالَتْ:" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ وَرَجُلٌ خَرَجَ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْضِ أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا " (40)

ثم اذا وقع في شئ من هذه الثلاث فليس لاحدٍ من آحاد الرعية ان يقتله، وإنما ذلك الى الإمام او نائبه (41).

وجاء عن انس بن مالك (رض): فإذا شهدوا أن لا اله الا الله وان محمداً رسول واستقبلوا قبلتنا واكلوا ذبيحتنا وصلوا صلاتنا حرمت علينا دمائهم وأموالهم الا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم " (42).

وبلغ الأمر ان المقداد بن الأسود الكندي، قال: سألتُ رسول الله: أرايت ان لقيت كافراً فقاتلتهُ فقطع يدي ثم أهويت لأضربهُ فلاذ بشجرة، فقال: أسلمت لله أ أقتلهُ؟.

قال: " لا "

قلتُ يا رسول الله انه قطع يدي، أأقتله ُ؟

قال: " لأ "، " لأنك ان قتلته كان بمنزلتك قبل ان تقتلهُ، وكنت بمنزلته قبل ان يقولها " (43).

لذلك كان المسلمون يتورعون في الامور التي فيها الحدود لئلا يقع ظلم من جراء مكيدة من احد فجاء التشديد من قبل المشرع الإسلامي فجاء عن عائشة رضي الله عنها: قالت: قال رسول الله (ص) أدْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ (44)

وورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أَأُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): " نَعَمْ "(45).

ان دم المسلم لا يقل حرمة عن حرمة الكعبة فقد ورد سعيد بن ميناء قال: إني لاطوف بالبيت مع عبد الله بن عمرو بعد حريق البيت، إذ قال: أي سعيد أعظمتم ما صنع البيت؟ قال: قلت: وما أعظم منه؟ قال: دم المسلم يسفك بغير حقه. (46)

لقد كان الرسول الكريم حريصاً على ارواح المسلمين فقد نهى النبي " ان يشار المسلم الى اخيه المسلم بالسلاح، فعن أبو هريرة، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار » (47).

وعن أَبَي هُرَيْرَةَ ايضاً:قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ "(48). لقد كان الرسول الكريم حريصاً على ان لا يتأذى احد من المسلمين فكان يوصي أصحابه " إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ "(49) ونهى الرسول الكريم (ص) ان يتعاطى السيف مسلولاً (50).

ونهى رسول الله ان ينظر المسلم إلى المسلم بنظرة يخيفه بها المسلم فقال (ص):" من نظر إلى أخيه المسلم نظرة يخيفه بها، أخافه الله يوم القيامة ". (51)

كما نهى الرسول الكريم عن قتال المسلمين بعضهم بعضاً فقال " إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ " (52)، وقال (ص) " إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلَاحَ فَهُمَا عَلَى جُرْفِ جَهَنَّمَ فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَخَلَاهَا جَمِيعًا " (53).

وفي هذا تحريم قاطع لأي حرب قد تنشب بين المسلمين.

وجاء في تفسير قوله:( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) (54) ولا يقتُلْ بعضكم بعضا لأن الله تعالى ذكره جعل المؤمنين إخوة، فقاتل أخيه كقاتل نفسه. (55)

 

(4)

حرمة دم المؤمن في السنة النبوية

 

قتل النفس المؤمنة من أعظم الحرمات التي ترتكب على وجه الأرض فلم يبيح الإسلام قتل هذه النفس لاي سبب كان وبذلك يمكننا ان نعرف النفس المؤمنة هي تلك النفس التي اقرت بالله رباً وبالإسلام ديناً ولم ترتكب المعاصي التي تستوجب الحدود في الشريعة الإسلامية بل ان النفس المؤمنة هي اشد رحمة من الكعبة الشريفة فروي عن ابن عباس و عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا.(56)

والسوأل لماذا أعطى الله سبحانه وتعالى هذه الميزة للمؤمن دون غيره، والجواب ان للمؤمن ثلاث حرمات فحرمته الأولى كونه انسان وقد رأينا من خلال البحث ان الله سبحانه وتعالى قد حرم دم الانسان قاطبة، وحرمته الثانية كونه مسلم، وحرمته الثالثة كونه مؤمن فالأحاديث السابقة كلها تنطبق على حرمة دم المؤمن بالإضافة الى انه ينفرد بهذه الأحاديث التي نوردها هنا.

فجاء عن رسول الله (ص) " كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا " (57)

وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا (58).

ولقد سأل الرسول الكريم الله عز وجل ثلاث مرات ان يجعل لقاتل المؤمن توبة فأبى عليه ذلك (59).

وسئل أبو هريرة؛ عن قَاتِلِ المُؤْمِنِ، هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لاَ، وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ، لاَ يَدْخُلُ الجَنَّة حتى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخيَاطِ، قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَشْرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ إلاَّ كَبَّهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فِي النَّارِ» (60).

و جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَتَلَ مُؤْمِنًا قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: { جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا... }إِلَى آخِرِ الْآيَةِ

قَالَ: فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ إِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا

 قَالَ: ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) إِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ قَالَ بِشِمَالِهِ آخِذًا صَاحِبَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا فِي قُبُلِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ فَيَقُولُ رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي (61).

وقد ورد عن الإمام الصادق ( جعفر بن محمد ) " لا يوفق قاتل المؤمن متعمداً للتوبة ابداً (62).

وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا " (63).

عن ابن عباس في قوله { من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم } فقال: ما نسخها شيء.(64)

  

(5)

حقوق الحيوان في الإسلام

 

قد يسأل البعض ما علاقة حقوق الحيوان بحرمة دم الإنسان؟ وهل منح الإنسان كامل الحقوق لنبحث الآن عن حقوق الحيوان؟ والجواب إن هناك ارتباط كبير بينهما إذ كلما ازداد احترام الإنسان الى الكائنات الحية ازداد معه احترام الإنسان للإنسان، فهناك علاقة سببية بينهما فانتهاك حقوق الحيوان هو سبب والنتيجة هي انتهاك حقوق الإنسان يولد لدى الإنسان رغبة في انتهاك حقوق الآخرين من بني جنسه وان الإسلام كدين سماوي ينظر الى مخلوقات الله سبحانه وتعالى نظرة احترام لا نظرة ازدراء وان النظرة الى الدين لا تتجزأ بل هي نظرة عامة للحياة تشمل جميع مرافق الحياة ومن بينها علاقة الانسان مع الكائنات الحية والبيئة ايضاً، ان الإسلام لم يترك الامور دون تنظيم فقد بين القرآن الكريم ان الكائنات الحية ما هي الا امم امثالنا " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ " (65) " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " (66) وضع الرسول الكريم اسس لهذه العلاقة بين الحيوان والانسان فعن أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ:" يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ "

 قَالَ: لَا

قَالَ: " لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا"، (67) فإذا كان هذا حال الحيوانات فكيف سيكون حال اولئك الذين لا يرتون من الدماء بني البشر الزكية البريئة من التي تسفك هنا وهناك بدون سبب او أتفه الأسباب. لقد بيّن الرسول الكريم (ص) ان الله سبحانه سيقتص من البهائم التي تصارع مع بعضها البعض واراد من ذلك ان يتعض الانسان.عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: " إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وحشر الله الخلائق الإنس والجن والدواب والوحوش فإذا كان ذلك اليوم جعل الله القصاص بين الدواب حتى تقص الشاة الجماء من القرناء بنطحتها فإذا فرغ الله من القصاص بين الدواب قال لها: كوني ترابا، فتكون ترابا فيراها الكافر فيقول: يا ليتني كنت ترابا " (68)

حين بعث الله رسوله الكريم برسالته السمحاء لم يكن الإنسان وحده الذي انس بالإسلام نفساً وامن روحاً لهذا الدين الجديد، حتى قدم من شرق الأرض وغربها من كانت روحه تتوق للثورة على الواقع الفاسد بل تعدى ذلك إلى جميع مخلوقات الله فلقد آمنت على نفسها من العبث " فلا ضرر ولا ضرر " يصيبها إلا ما احل الله دون إسراف أو تبذير، فلقد روي عن معمر عن قتادة قال، قال رسول الله (ص): " من قتل عصفوراً فما دونه بغير حق عجَّ إلى الله يوم القيامة فقال: يارب قتلني فلان بغير منفعة " (69)، ولعل قصة المرأة التي دخلت النار بسبب قطة هي اشهر قصة في التاريخ وأوثق دليل على احترام الإسلام لجميع الكائنات الحية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تَدَعْهَا تُصِيبُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ وَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا حَتَّى مَاتَتْ... (70)

وثبت عن الرسول الاكرم قوله "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ " (71).

وراى النبي (ص) رجلاً وهو يجر شاة بِأُذُنِهَا فَقَالَ دَعْ أُذُنَهَا وَخُذْ بِسَالِفَتِهَا (72)

هلم معي عزيزي القارئ لنرى خليفة المسلمين أبا بكر الصديق ( رضي الله تعالى عنه ) كيف يستن بسنة الرسول الكريم وهو يوصي جيشه فعن يحيى بن سعيد، إن أبا بكر الصديق بعث جيوشاً إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فزعموا ان يزيد قال لأبي بكر: اما أن تركب، وإما ان انزل، فقال له أبو بكر: ما أنت بنازل وما أنا براكب اني احتسب خطاي هذه في سبيل، ثم قال....أني موصيك بعشر ٍ: وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ وَلَا تَحْرِقَنَّ نَخلًا وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ وَلَا تَغْلُلْ وَلَا تَجْبُنْ) (73).

بهذه الوصايا كان يوصي خليفة رسول الله قادته وجنده فمنها ما يتعلق بحقوق الإنسان وهي عدم قتل من لا يقاتل مثل ( امرأة وطفل وشيخ ) ومنها ما يتعلق بحماية البيئة وذلك بالنهي عن ( قطع الأشجار وتخريب الأعمار ) ومنها ما يتعلق بحقوق الحيوان بأن ( لا يعقر شاة أو بعيراً إلا لمأكله ولا تحرقن نخلاً ولا تفرقنه ) فهو يحافظ على الثروة الحيوانية والبيئة من الهدر. وهذه الوصايا هي نفسها وصايا الرسول الكريم وجاء عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَغُلُّوا وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ...(74)

وثبت في وصية الإمام علي بن أبي طالب حين أوصى ولده الحسن (ع) بعد إن ضربه ابن ملجم: ان عشت فالأمر لي وان مت فاضربوه ضربة بضربة وإياكم والمثلة فاني سمعت رسول الله يقول: " إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ".

ان المؤسسات الدولية التي تدعوا الى الرفق بالحيوان ليست اكثر رحمة من الإسلام الذي اولى عناية فائقة بهذه المخلوقات فيروى عن النبي (ص) ان طبيباً سأله عن ضفدع يجعله ُ في دواء، فنهاه النبي عن قتلها (75). بل ان الإسلام حرم كذلك قتل النمل وباقي الحشرات الغير ضارة في المجتمع ولعل القصة المروية عن ابي هريرة عن النبي (ص) " ان نملة قرصت نبياً من الانبياء، فامر بقرية النمل فاحرقت، فأوحى الله اليه أفِي ان قرصتك نملة اهلكت امة من الامم تسبح " (76).

وثبت عن أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ إِذْ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ وَخَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فَقَالَ فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (77).

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ:مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُنَاسٍ وَهُمْ يَرْمُونَ كَبْشًا بِالنَّبْلِ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ لَا تَمْثُلُوا بِالْبَهَائِمِ (78).

عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ فَرَأَى غِلْمَانًا أَوْ فِتْيَانًا نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا فَقَالَ أَنَسٌ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ (79).

 ونهى النبي (ص) ان تصبر الروح وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ (80).

ولننظر الى رفق النبي الاكرم بهذه الحيوانات فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن ابيه قال: كنا مع رسول الله في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حمَّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمَّرة فجعلت تعرِّش ( تُفرِّش ) فجاء النبي (ص) فقال: " من فجع هذه بولدها ردوا ولدها اليها " (81).

ومرّ النبي (ص) على حمار قد وسم في وجهه فقال: لعن الله من وسمه.

ونهى النبي الاكرم عن سب الديك ( 82) لقوله (ص)" لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاة ِ". وعن علي بن ابي طالب (ع) أن رسول الله ( ص ) قال: يجب للدابة على صاحبها ست خصال، يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضربها إلا على حق، ولا يحملها ما لا تطيق عليه، ولا يكلفها من السير ما لا تقدر عليه، ولا يقف عليها فواقا. (83)

أمام هذه الأحاديث الشريفة في حقوق الحيوان أقف مندهشاً حين ارى مسلماً ينتهك حرمة الإنسان والحيوان معاً ويسترخص الدماء

أيا كان مصدرها، ولا عجب ان نرى هذه الابتسامة الحزينة من فم عبد الله بن عمر حين جاء جماعة يستفتوه في دم البعوض فسألهم من اين انتم؟، فأجابوه نحن من العراق! فالتفت الى أصحابه وقال: يسألوني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت رسول الله!!. (84)

" فاي قيمة لما يمتصه البعوض من جسم الانسان مجتمعاً في جانب ما يمتصه القاتل من جسم المقتول منفرداً؟.

ان البعوض في امتصاصه دم من جسم الإنسان اقل من القاتل ضرراً واشرف غاية وأجمل مقصداً، لأنه ان أذى الجسم فقد أبقى على الحياة، ولآنه يطلب عيشه الذي يحيا به، وهذا طريقه الطبيعي الذي لا يعرف له طريقاً سواه ولا يستطيع ان يرى لنفسه غيره ولو استطاع ان يرى لنفسه غيره لعافت نفسه ان يكون كالإنسان يتطوع للشر ويتعبد بالضر "(85).

لذلك يقول ابن العربي: (ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق والوعيد في ذلك فكيف بقتل الآدمي فكيف بالتقي الصالح) (86)

والآن عزيزي القارئ الكريم اذا كان الإسلام يولي كل هذه العناية الكريمة بالكائنات الحية فكيف عنايته بالإنسان وهو سيد المخلوقات جميع وهل يأذن الاسلام بقتله وانتهاك حرمته...

 

(6)

شريك القاتل

 للقاتل شريك قد اكون "انا" وقد تكون "انت " فلكل منا نصيب في هذه الجريمة النكراء ما لم نتصدى لها...

لصاحب الكامة نصيب كبير من الدماء ومن يحرض على القتل فله نصيب، من يفتي بغير علم يريد ان يشعل حرباً طائفية بين ابناء الامة الاسلامية له نصيب اخر فهو يحتمل على عاتقه انهار الدم التي تجري من جارء فتواه، ومن يشهد عمليات القتل فله نصيب اخر ومن يساعد ويساند القاتل له نصيب أخر ومن استطاع ان يردع القتل ولم يفعل فله نصيب اخر ومن رضى بهذه الجريمة فهو شريك فيها...

للكلمة نصيب كبير فقد ثبت عن النبي الكريم: " من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبٌ ما بين عينيه ايس من رحمة الله "

وعن ابي جعفر الصادق عن آبائه (ع) عن جده (ص):- " يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دماً فيدفع إليه شبه محجمة او فوق ذلك فيقال له: هذا سهمك من دم فلان! فيقول: يا رب انك قبضتني وما سفكت دماً، فيقول: سمعت من فلان رواية كذا وكذا فرويتها عليه فثقلت حتى صارت الى فلان الجبار، فقتله عليه، وهذا سهمك من دمه " (87).

فلنتصور جميعاً كم من الكلمات اطلقنا جزافاً بدون ان نعلم اننا نحرض فيها فلان على فلان ونساند فلان على فلان فكم من محجمة لحد الآن هي في أعناقنا نتلقاها يوم القيامة...

ان للكاتب دوراً كبير ويتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية فالكلمة دور كبير في الترويج للفتنة العمياء ولعل كل قطرة دم سقطت في الفتنة لأصحاب الأقلام سهم يصيبهم من هذه الدماء.

اما الفتاوى التكفيرية التي تحمل الناس على القتل وإشاعة الدمار فالأمر يختلف هنا فالفقيه الذي يفتي بهذه الفتاوى أما أن يكون لا يدري بان له نصيب فتلك مصيبة حينها يصح عليه ذنب الإفتاء بغير علم او انه يعلم بهذه الأمور حينها يأخذ نصيب المشارك في عملية القتل وكم من الدماء البرئية التي سالت في العالم الإسلامي بسبب تلك الفتاوى التي تصدر عن أناس لا يعلمون ان هذه الفتاوى أكثر إساءة للإسلام من أي شئ آخر والمفتي هنا لا يدخل في حديث الرسول" إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ " (88) لانه لا اجتهاد في النص، والنصوص صريحة وواضحة وضوح الشمس في حرمة دم الإنسان من غير حرب وحرمة دم المسلم قاطبة...

فقد جاء عن رسول الله (ص) " لا يشهد احدكم قتيلاً فلعله ان يكون قتل مظلوماً فتصيبه السخطة " (89) وقول خر " فعسى ان يقتل مظلوماً فتنزل السخطة عليهم ".

فالرسول الكريم (ص) نهى ان نشهد عملية القتل فكيف يأمرنا بالقتل وكيف يرضى بالقتل،

وروي عن رسول انه جاء احد الصحابة الى رسول فأتى رسول الله (ص) فقيل له: قتيل في جهينة، فقال رسول الله (ص) يمشي حتى انتهى الى مسجدهم فقال: وتسامع الناس فاتوه، فقال من قتل ذا؟،قال: يا رسول الله ما ندري، فقال:- " قتيل بين بين المسلمين لا يدرى من قتله؟! والذي بعثني بالحق لوان اهل السماء والارض اشتركوا في دم مسلم او رضوا به لأكبهم الله على مناخرهم في النار او قال على وجوههم " (90).

وجاء في الحديث " لو ان اهل الثقلين اجتمعوا على قتل مؤمن لأكبهم الله تعالى على مناخرهم في النار وان الله حرم الجنة على القاتل والآمر ) (91)

وجاء عن الامام الصادق (ع)... وقال صلى الله عليه وآله: لو ان رجلا قتل بالمشرق وآخر رضي بالمغرب كان كمن قتله واشترك في دمه. (92)

لقد وضع الفقهاء أحكام مختلفة لمن يشترك في جريمة القتل ففي الفقه المالكي يرى الامام مالك " في رجل يمسك الرجل للرجل فيضربه فيموت مكانه " " انه ان امسكه وهو يرى انه انما يريد قتله قتلا به جميعاً _ أي ان الامام مالك اعتبر الشخصين قاتلان الضارب والممسك – ".

 " اما اذا امسكه وهو يرى انه انما يريد الضرب مما يضرب به الناس فهنا ينتفي العمد عند الممسك فيقتص من الضارب ويعاقب الممسك اشد العقوبة ويسجن سنة لأنه امسكه ".(93) ويرى الإمام مالك في القاتل عمداً اذا عفى عنه أولياء المقتول فانه لا يترك بل يجب ان يعاقب عقوبة تعزيرية وهي الجلد مائة جلدة ويسجن سنة.

وفي الفقه الجعفري جاء عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله فقال: يقتل به الذي قتله ويحبس الآمر بقتله في الحبس حتى يموت. (94) وهو ما يعرف بالحبس المؤبد، مما تقدم عزيزي القارئ الكريم يتبين أن شريك القاتل يبدأ بالنية – الرضى عن القاتل – وتنتهي بمد يد العون إليه بأي وسيلة كانت ومنها شطر الكلمة.

 

(7)

(( من قتل نفسه))

 

لا يملك المسلم روحه التي بين جنبيه فهي ملك لخالقهِ وهي من شأنِه وحده جلَّ في علاه فلقد حفظ الاسلام كيان الإنسان من عبث الآخرين ومن عبث نفسه فليس لاحد ٍ حق بان يعبث بروحه كيفما شاء وآنّى شاء وهذه المفخخات التي تطيح برؤوس المسلمين في شرق الارض وغربها لا تمت باي صلة بالعمليات الجهادية لقد بين الرسول الكريم الحلال والحرام وبين ما يجب ان يكون عليه المسلم في الشبهات فقال (ص) " الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ " (95) و قيل لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ الله (ص)، قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ..." (96). وهذه العمليات التي تطال أسواق بغداد وعواصم الدول العربية والاسلامية لا تدخل في باب الجهاد لان أرواح المسلمين الآمنين وأرواح النفوس المعاهدة معها تذهب ضحية هذه العمليات والتي يقودها انتحاريون وثبت في بحثنا هذا حرمة دم الانسان بصورة عامة وحرمة دم المسلم والمؤمن بصورة خاصة فاذا كان الذي تقتله لم يكن مؤمناً فهو مسلم وان لم يكن مسلماً فهو إنسان حفظ الله سبحانه وتعالى دمه وكرامته مذ ان خلقه وليست التفخيخات والتفجيرات الا إعمال إرهابية لا علاقة لها بالإسلام الحنيف فاي جهاد هذا الذي يطال الأسواق وأماكن العبادة واي جهاد ذلك الذي يستهدف الأطفال والشيوخ والنساء وقد ثبت في كتب الصحاح نهي الرسول الكريم عن قتل النساء والأطفال والشيوخ وإذا كان لنا أن نصنف هذه العمليات فهي لا تقع الا في باب الانتحار.

" صحيح ان ( الجهاد ) هو احد الفرائض والواجبات الإسلامية المهمة جداً، ولكن لا يعني الجهاد قط إجبار الآخرين على اعتناق الإسلام، بل المقصود منه إزالة الموانع والعراقيل عن طريق الدعوة الإسلامية وإبلاغ الرسالة الإلهية إلى مسامع الناس حتى يتبين الرشد من الغي " (97).

فلقد نهي النبي عن قتل النفس نهياً قاطعاً فقد ورد " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". (98)

وعن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ:" لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " (99).

وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) أَنَّهُ قَالَ:-الْغَزْوُ غَزْوَانِ فَأَمَّا مَنْ ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ وَأَطَاعَ الْإِمَامَ وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَسُمْعَةً وَعَصَى الْإِمَامَ وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ " (100) وهل هناك فساد اكثر من القتل العشوائي الذي يستهدف التجمعات والاماكن العامة.

ان الجهاد عندما فرض على المسلمين إنما فرض لدرء الخطر والدفاع عن الأمة الإسلامية وليست للاعتداء على الآمنين ولأغراض دنيوية كالبحث عن المناصب السياسية او تحقيق غايات خاصة في النفوس المريضة.

فجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا

فَقَالَ (ص): لَا أَجْرَ لَهُ

فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ وَقَالُوا لِلرَّجُلِ عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ (ص) فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِّمْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا.

 فَقَالَ: لَا أَجْرَ لَهُ

 فَقَالُوا لِلرَّجُلِ عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ (ص) فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ

 فَقَالَ لَهُ: لَا أَجْرَ لَهُ (101).

لقد كان الرسول الكريم منتبهاً لما ستوؤل إليه الأحداث فالجهاد لا يتم بأعمال فردية وإنما هو قرار امة بأكملها لذلك نهي النبي عن قتل النفس وقتل الآخرين وإمامنا احاديث كثيرة تخص حرمة قتل النفس ( الانتحار ) فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا (102).

وثبت في الحديث من قتل نفسهُ متعمداً فهو في نار جهنم خالداً فيها(103).

وجاء في السيرة النبوية العطرة إن الرسول قد بايع الصحابة الكرام على اساسيات الإسلام ومنها ما جاء عن ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ: أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِي شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ (104)، وعنه ايضاً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ فَاجِرَةٍ (105)

وجاء في حديث شعبة " وَمَنْ ذَبَحَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ ذُبِحَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "

وعن جُنْدب بن عبد الله البَجَلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان رَجُلٌ ممن كان قبلكم وكان به جُرْح، فأخذ سكينًا نَحَر بهَا يَدَهُ، فما رَقأ الدَّمُ حتى ماتَ، قال الله عز وجل: عَبْدِي بادرنِي بِنَفْسه، حرَّمت عليه الْجَنَّة" (106)

َوعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ(107)

وقد ابى الرسول الكريم ان يصلي على رجل قتل نفسه بالمشاقص وقال: " لا اصلي عليه " (108)

عن أَبِي هُرَيْرَةَ:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا " (109) والأحاديث كثيرة جداً في هذا المجال

  

(8)

انها الفتنة

 

فتن جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ وفي الصحاح إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه ودينار مَفْتُون والفَتْنُ الإِحْراقُ ومن هذا قوله عز وجل يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ أَي يُحْرَقون بالنار ويسمى الصائغ الفَتَّان وكذلك الشيطان ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار الفَتِينُ وقيل في قوله يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ قال يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة ابن الأَعرابي الفِتْنة الاختبار والفِتْنة المِحْنة والفِتْنة المال والفِتْنة الأَوْلادُ والفِتْنة الكُفْرُ والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء والفِتْنةُ الإِحراق بالنار وقيل الفِتْنة في التأْويل الظُّلْم وقيل الفِتْنةُ الإِضلال في قوله ما أَنتم عليه بفاتنين يقول ما أَنتم بِمُضِلِّين إِلا من أَضَلَّه الله أَي لستم تُضِلُّونَ إِلا أَهلَ النار الذين سبق علم الله في ضلالهم والفِتْنةُ الكُفْر وفي التنزيل العزيز وقاتِلُوهم حتى لا تكونَ فِتْنة والفِتْنةُ الفَضِيحة وقوله عز وجل ومن يرد الله فِتْنَتَه قيل معناه فضيحته وقيل كفره والفِتْنةُ ما يقع بين الناس من القتال والفِتْنةُ القتل ومنه قوله تعالى إِن خِفْتم أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا قال وكذلك قوله في سورة يونس على خَوْفٍ من فرعونَ ومَلَئِهِم أَن يَفْتِنَهُم أَي يقتلهم وأَما قول النبي صلى الله عليه وسلم إِني أَرى الفِتَنَ خِلالَ بُيوتِكم (110).

والفتنة ليست مقتصرة كونها علامة من علامات قيام الساعة بل ان الفتنة تحيط بالأمة الإسلامية منذ نشوء الدولة العربية الإسلامية وقد مرَّ التاريخ العربي الإسلامي بعدد كبير من الفتن التي أطاحت برؤوس المسلمين، وكانت الفتنة التي ذهب ضحيتها الخليفة الراشدي (عثمان بن عفان ) الفتنة الأولى التي أحدثت شقاقاً كبيراً في صفوف المسلمين رغم حرص الخليفة ( عثمان بن عفان (رض)) على حقن دماء المسلمين وعدم إراقة الدماء من اجله فقد جاء في رواية شداد بن اوس

" ان علياً رضي الله عنه، خرج من منزله يومئذ معتماً بعمامة رسول الله متقلداً سيفه، أمامه الحسن والحسين وعبد الله بن عمر في نفر من المهاجرين والانصار حتى حملوا على الناس وفرقوهم، ثم دخلوا على الخليفة فسلم علي عليه... وقال: لا ارى القوم الا قاتليك، فمرنا فلنقاتل، فقال عثمان: " انشد الله رجلاً راى الله حقاً، ان يهريق في سببي ملء محجمة من دم او يهريق دمه في َّ " فأعاد علي القول فأعاد عليه الجواب ثم خرج وحضرت الصلاة فنادوه: يا ابا الحسن... تقدم فصلي بالناس.

فقال: لا اصلي بكم والامام محصور ولكن اصلي وحدي ثم صلى وحده وانصرف الى البيت وترك ولداه الحسن والحسين عند باب الخليفة لحراسته مع بقية أبناء الصحابة (111).

في هذا النص نرى حرص الخليفة على دماء المسلمين من ان تراق بسببه لعلمه ان للدماء حرمة عظيمة عند الله. فمضى الى ربه صابراً محتسباً لم يعلق في رقبته ملْ محجمة من دماء المسلمين او حتى اصغر من ذلك.

لقد استمرت هذه الفتنة طيلة خلافة الإمام علي بن ابي طالب ونرى بعض الصحابة الكرام قد كسروا سيوفهم وصنعوا سيوفاً من خشب لئلا يضطروا ليقاتلوا في الفتنة وعندما اعتزل سعد بن مالك وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين قال ايضاً: (( للهِ دَرُّ منـزلٍ نَزلَه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، واللهِ إنْ كان ذنباً إنه لصغير مغفور، ولئن كان حسناً إنه لعظيم مشكور )) (112).

وقد قال الإمام علي بن أبي طالب " كن في الفتنة كالابن اللبون لاضرعٌ فيحلب ولا ظهرٌ فيركب "(113).

. وتجددت الفتنة بصبغة أخرى في خلافة يزيد بن معاوية عندما خلع اهل المدينة بيعة يزيد وعقدوها الى عبد الله بن الزبير فكانت الفتنة التي ادت الى نشوب قتال بين المسلمين وأدت الى حرق الكعبة الشريفة وفي هذه الفتنة جاء رجل الى عبد الله بن عمر فقال ما يمنعك أن تخرج؟ قال: يمنعني أن الله تعالى قد حرم دم أخي، قال: ألا تسمع ما ذكره الله عز وجل "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" (114).

قال يا ابن أخي: لأن أعير بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي من أن أعير بالآية التي يقول الله عز وجل فيها "ومن يقتل مؤمنا متعمدا" (115)

قال ألم يقل الله { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } قال قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان الإسلام قليلا وكان الرجل يفتن في دينه إما يقتلونه أو يعذبونه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة وكان الدين كله لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله.

 وعن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عمر: كيف ترى في قتال الفتنة؟ فقال: هل تدري ما الفتنة؟ كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول عليهم فتنة وليس بقتالكم على الملك (116).

ثم كانت الفتنة بين الأمين والمأمون من أشهر الفتن الداخلية وانتهت بمقتل الخليفة الأمين على يد أخيه المأمون وكانت محنة القول بخلق القران من أعظم الفتن التي امتحن الله بها المسلمين وأدت إلى سجن الإمام احمد بن حنبل، ولم يكن المغرب العربي بمنأئ عن الفتن فكانت الفتنة التي احاطت بقرطبة ايام الاغالبة من أعظم الفتن التي مرت بها الأمة الإسلامية.

والفتنة هي وضع شاذ في حياة المجتمع وقد تنتهي في أحايين كثير إلى ايجاد صيغة توافقية بين أبناء المجتمع الواحد.

ان ما يميز الفتنة عن غيرها هي الضبابية التي تلفها بحيث تصعب الرؤية لحقيقة الأمور لذلك كان الصحابة الكرام يستعيذون من شرور الفتن وكان عمار بن ياسر من أولئك الصحابة الذين يستعيذون بالله من شرور الفتن.

ان الناس في الغالب تشترك في الفتنة لإغراض عصبية قبليِّة وقد قال الرسول الكريم ( من قاتل تحت راية عصبية او ينصر عصبية فقتلهُ جاهلية ) (117).

لقد كان الصحابة يعتزلون القتال وهم يفرون بدينهم ومن أولئك الصحابة كان سعد بن ابي وقاص اعتزل الناس وهو يقول " لا اقاتل حتى تأتوني سيفاً يعقل ويبصر وينطق فيقول أصاب هذا و اخطأ ذاك "

لم يكن موقف سعد هذا ناجماً من رفضه للفريقين بل لان الصورة لم تكن واضحة عنده فقد أشكل الأمر عليه وكان قد سمع قولاً من رسول الله فقال " اشهدوا اني سمعت رسول الله يقول " انها ستكون فتن القاعد فيها خير من الماشي، والماشي خير من الساعي ن قال افرايت إن دخل علي بيتي وبسط يده الي ليقتلني، قال: كن كأبن ادم ) (118)

وجاء عن ابي هريرة رض، عن النبي (ص) قال: يتقارب الزمان ويقبض العلم ويلقى الشح ويكثر الهرج: فقيل: وما الهرج، قال " القتل " (119).

وعن أبو أمامة الباهلي XE "¢أبو أمامة الباهلي" رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لتنتقضن عرى الإسلام عروةً عروةً، فكلما انتقضت عروة تشبث الناسُ بالتي تليها، فأولهن نقضا الحُكمُ، وآخرهنَّ الصلاة) (120).

و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم...)(121)، وقال صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إليَّ)(122) وعند أحمد XE "¢أحمد": (العبادة في الفتنة كالهجرة إليَّ) (123).

وعن ابي موسى " ان بين يدي الساعة لهرجاً "،قال: قلت: يا رسول الله ما الهرج؟، قال " القتل "، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، إننا نقتل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا، فقال رسول الله (ص): ليس بقتل المشركين، ولكن بقتل بعضكم بعضا، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته، فقال بعض القوم: يا رسول الله ومهنا عقولنا ذلك اليوم فقال رسول الله (ص)، لا تنزع عقول اكثر ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم " (124).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ (ص) تَكُونُ فِتْنَةٌ النَّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْيَقْظَانِ وَالْيَقْظَانُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَسْتَعِذْ (125)

وعن جندب رضي الله عنه قال: (( ستكون فتن، فعليكم بالأرض، وليكن أحدكم حلس بيته ؛ فإنه لا ينبجس لها أحدٌ إلاّ أَرْدَتْهُ )) (126)

وهذا حديث ابو بكرة قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ قَالَ يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي قَالَ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (127).

ولنستمع الى هذه الحديث ونتأمله جيداً، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا (128).

عن الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ

ايْمُ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا (129)

جاء عن ابي هريرة عن النبي انه قال: لا تقوم الساعة حتى يمر الرحل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني كنت مكانه "(130)

 

 هوامش الفصل الثالث

(1) الثعالبي، الجواهر الحسان، ص 427.

(2):- الطبرسي، الامام ابو جعفر محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج5 ( دار احياء التراث العربي: بيروت لبنان ) 2001- 1431هـ ص 245.

(3):- الطبرسي، المصدر السابق، ص 244.

(4):- الكافي،ج2، ص 210 ; تفسير نور الثقلين، الحويزي، ج 1، ص 681.; العياشي، محمد بن مسعود العياشي، ج 1، ص 313.

(5):- السنن الكبرى للبيهقي - (ج 9 / ص 142) ; مصنف عبد الرزاق - (ج 5 / ص 300) ح9679 ; المعجم الكبير للطبراني - (ج 20 / ص 222) ح1692; صحيح ابن حبان - (ج 25 / ص 1) ح6082.

(6):- المعجم الكبير للطبراني - (ج 14 / ص 434)ح 16494

(7):- البخاري، ص 9 ج 9.

(8):- صحيح البخاري - (ج 22 / ص 65) ح6619 ; شعب الإيمان للبيهقي - (ج 12 / ص 241) ح5513.

(9):- فروع الكافي، ص274.

(10): مسند احمد، (ج 14 / ص 6)ح6468.

(11):- سنن أبي داود - (ج 11 / ص 341).

(12):- أخرجه الإمام أحمد (11372) واللفظ له, وابن أبي شيبة (7/51), والطبراني في الأوسط (4/203).

(13):- أخرجه البخاري في الديات (6863).

(14):- الترمذي (3029)، والنسائي (7/87)، وصححه الألباني في الجامع الصحيح (7066).

(15):- أخرجه البخاري (6469).

(16): روضة الواعظين، ص 461.

(17): الصحيفة السجادية للامام علي بن الحسين نقلاً عن " من لا يحضره الفقيه ص 427".

(18):الترمذي، ابي عيسى محمد بن عيسى بن سورة، سنن الترمذي،ت 279 ( دار الفكر للطباعة والنشر: بيروت – لبنان ) ج3، ص 103 ; اخرجه ابن ماجه في الروايات ح 2678 ; سنن النسائي - (ج 14 / ص 379) ح4668.

(19):- السجستاني، الامام ابي داود سلمان بن الاشعث الازدي، ت 575،سنن ابي داود ( دار احياء التراث العربي: بيروت – لبنان ) ط1، 1421هـ- 200م،ص461، ح 2757.

(20):- صحيح البخاري - (ج 5، ص 72، ح1229 ).

(21):- الصدوق، الشيخ الصدوق ت 381، من لا يحضره الفقيه ( مؤسسة الاعلمي للمطبوعات: بيروت – لبنان ) ط1، 1426هـ - 2005 م ص 427.

(22):- عباس، قاسم خضير، الإمام علي رائد العدالة الاجتماعية ( دار الأضواء: بيروت – لبنان ) ط1، ص 6.

(23):- المغربي القاضي النعمان، شرح الأخبار،ج2،ص 75.

(24):- البقرة الاية 190.

(25):- الالوسي، روح المعاني ج3، ص 17.

(26):- سنن الدارقطني - (ج 8 / ص 55)ح3307.

(27):- دلائل النبوة للبيهقي - (ج 5 / ص 485).

(28):- (ج 3 / ص 227).

(29):- مختار الصحاح - (ج 1 / ص 109)

(30):- (ج 6 / ص 420) ح1737.

(31):- سنن الترمذي - (ج 6 / ص 97) ح1505.

(32):- بغية الحارث - (ج 1 / ص 211)

(33):- تفسير الألوسي - (ج 13 / ص 338) ; المعجم الكبير للطبراني - (ج 15 / ص 434) ح 17601.

(34):- المعجم الكبير للطبراني - (ج 5 / ص 443)ح5717.

(35):- مصنف عبد الرزاق - (ج 5 / ص 220) ح9430.

(36): - صحيح البخاري - (ج 5 / ص 72) ح 1229 ; صحيح مسلم - (ج 5 / ص 68) ح1596 ; سنن النسائي - (ج 6 / ص 491)ح1895 ; مسند أحمد - (ج 48 / ص 363) ح22722.

(37):- مصنف عبد الرزاق - (ج 6 / ص 58)ح (9996)

(38):- المنفلوطي، مصطفى لطفي، النظرات، ( لا همجية في الاسلام )

 (*):- ورد الحديث في مسلم والبخاري باسناد حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ... الحديث 6370،صحيح البخاري - (ج 21 / ص 171) وفي مسلم صحيح مسلم ح 3175،(ج 9 / ص 25).

(39): سنن أبي داود - (ج 12 / ص 87) ح3903 ; سنن ابن ماجه - (ج 7 / ص 424) ح 2524 ; مسند أحمد - (ج 1 / ص 443) ح438; المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 18 / ص 403) ح8142.

(40):- سنن أبي داود - (ج 11 / ص 430)ح3789; سنن النسائي - (ج 12 / ص 405) ح3980.

(41): - تفسير ابن كثير - (ج 2 / ص 373).

(42):- سنن أبي داود - (ج 7 / ص 233) ح2271 ; سنن الترمذي - (ج 9 / ص 188) ح2533; مسند أحمد - (ج 26 / ص 130) ح 12583; صحيح ابن حبان - (ج 24 / ص 330) ح 5994.

(43): المعجم الكبير للطبراني - (ج 15 / ص 185) ح16977 ; صحيح ابن حبان - (ج 20 / ص 15) ح4836.

(44): سنن الترمذي - (ج 5 / ص 322)1344 ; سنن الدارقطني - (ج 7 / ص 389) ح3141.

(45): موطأ مالك - (ج 5 / ص 14) ح 1221 ; صحيح مسلم - (ج 7 / ص 496) ح2753; مسند أحمد - (ج 20 / ص 169) ح 9626.

(46):- مصنف عبد الرزاق - (ج 5 / ص 139)ح9186.

(47):- شعب الإيمان للبيهقي - (ج 11 / ص 319) ح5102.

(48):- صحيح مسلم - (ج 13 / ص 42) ح4741; المعجم الكبير للطبراني - (ج 19 / ص 328) ح800.

(49):- صحيح البخاري - (ج 21 / ص 465) ح 6548 ; صحيح مسلم - (ج 13 / ص 39) ح4739; سنن أبي داود - (ج 7 / ص 150) ح2220; سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 219)ح 3768.

(50):- سنن أبي داود - (ج 7 / ص 152) ح2221; سنن الترمذي - (ج 8 / ص 65) ح2089; مسند أحمد - (ج 28 / ص 234) ح 13685.

(51):- مصنف عبد الرزاق - (ج 5 / ص 139) ح 9187.

(52):- صحيح البخاري - (ج 1 / ص 54) ح 30 ; سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 459) ح 3954.

(53):- صحيح مسلم - (ج 14 / ص 64) ح5141; سنن النسائي - (ج 12 / ص 490) ح 4047; سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 460) ح3955; السنن الكبرى للنسائي - (ج 2 / ص 315) ح3582.

(54):- سورة النساء، الاية 29.

(55):- تفسير الطبري - (ج 3 / ص 548)

(56) سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 418)ح3922 ; المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 249) ح10804; سنن الترمذي - (ج 7 / ص 337) ح1955.

(57):- سنن أبي داود - (ج 11 / ص 341) ح3724; المعجم الكبير للطبراني - (ج 20 / ص 264) ح1777; المعجم الأوسط للطبراني - (ج 20 / ص 68) ح 11284; صحيح ابن حبان - (ج 24 / ص 497)ح 6080.

(58):- سنن أبي داود - (ج 11 / ص 341) ح3724.

(59):- مسند أحمد - (ج 45 / ص 475) ح21452.

(60): الثعالبي: تفسير الثعالبي.

(61):- مسند أحمد - (ج 6 / ص 83) ح2551

(62):- الكافي، ج7، ص 272، من لا يحضره الفقيه، ج4، ص93 ; وسائل الشيعة، ج19، ص6 ; بجار الانوا، ج8، ص 409.

(63): سنن النسائي - (ج 12 / ص 337) ; السنن الكبرى للنسائي - (ج 2 / ص 284) ح(3448) ; المعجم الكبير للطبراني - (ج 20 / ص 87) ح1406; المعجم الأوسط للطبراني - (ج 10 / ص 54) ح.4500.

(64):- السنن الكبرى للنسائي - (ج 6 / ص 326) ح(11115) ; انظر الفصل الثاني من هذا الكتاب، تفسير ابن كثير والطبري والخازن والدر المنثور...الخ..

(65): سورة الانعام الاية 38.

(66): سورة هود الاية 6.

(67):- مسند أحمد - (ج 43 / ص 432) ح20466.

(68):- المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 20 / ص 128) ح8867.

(69):- الصنعاني، عبد الرزاق بن همام، مختصر المصنف، اختصره، مصطفى بن علي بن عوض، مج (1) ( دار الجيل: بيروت – لبنان ) ط1 1417هـ - 1997 م، ص 160 رقم الحديث 1774.

(70):- مسند أحمد - (ج 21 / ص 223)10179 ; المعجم الكبير للطبراني - (ج 19 / ص 386)ح 940 ; المعجم الأوسط للطبراني - (ج 16 / ص 269) ح 7693.

(71):- صحيح البخاري - (ج 21 / ص 247) ح 6415 ; صحيح مسلم - (ج 12 / ص 486) ح4697 ; سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 88) ح 3679 ;

(72):- سنن ابن ماجه - (ج 9 / ص 343)ح3162.

(73):- انس، الإمام مالك ( رضي ) ت 179 هـ، كتاب الموطأ، رواية يحيى بن يحيى المصمودي ( دار إحياء التراث العربي: بيروت – لبنان ) 1424 هـ - 2003م، ص 268.

(74):- سنن أبي داود - (ج 7 / ص 195)ح 2247.

(75):- الحديث مرفوع عن عبد الرحمن بن عبد الله عن ابيه، سنن ابي داود، ح 5260، ص 874.

(76):- سنن ابي داود، ح 5257، ص873.

(77):- موطأ مالك - (ج 5 / ص 458)ح 1455 ; صحيح البخاري - (ج 8 / ص 182) ح 2190 ; صحيح مسلم - (ج 11 / ص 304) ح4162.

(78): سنن النسائي - (ج 13 / ص 448) ح4364 ; مسند أبي يعلى الموصلي - (ج 14 / ص 30) ح 6643.

(79):- صحيح البخاري - (ج 17 / ص 189) ح 5089 ; صحيح مسلم - (ج 10 / ص 124) ح3616.

(80):- سنن أبي داود - (ج 7 / ص 113)ح2199 ; الكافي - الشيخ الكليني ج 6،ص 553.

(81):- سنن ابي داود،ح 6259، ص 873.

(82):- سنن أبي داود - (ج 13 / ص 300).

(83):- دعائم الإسلام - القاضي النعمان المغربي( ج 1، ص 347 ).

(84): صحيح البخاري - (ج 18 / ص 400) ح 5535 ; سنن الترمذي - (ج 12 / ص 240) ح 3703 ; المعجم الكبير للطبراني - (ج 3 / ص 209) ح 2815.

(85):- المنفلوطي، مصطفى لطفي، النظرات، "البعوض والإنسان "،( منشورات مكتبة النهضة – بغداد ) ج1، ص 227 – 228.

(86):- فتح الباري ج12، ص 189.

(87):- الكليني، ابو جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق، ت 328، اصول الكافي، دار الكتب الاسلام، ج2، كتاب الايمان والكفر ص 370.

(88):- صحيح البخاري - (ج 22 / ص 335) ح 6805 ; صحيح مسلم - (ج 9 / ص 114)ح3240.

(89):- احمد في مسنده 4/ 167، مجمع الزوائد ح 10709ج6.

(90):- فروع الكافي، ج7، 272.

(91): تفسير الالوسي، ج 3، ص 111; الدر المنثور - (ج 3 / ص 200)

(92): روضة الواعظين، الفتال النيسابوري، ص 461.

(93): موطأ الامام مالك، ص536-537.

(94):- - الشيخ الكليني، الكافي ج7، ص 285 ; الشيخ الصدوق من لايحضره الفقيه ج3 -، ص 30; - الشيخ الطوسي، الاستبصار، ج4، ص 283،ح 1071 ;الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام،ج10 - ص 219.

(95):- صحيح البخاري - (ج 1 / ص 90) ح50 ; صحيح مسلم - (ج 8 / ص 290) 2996; سنن الترمذي - (ج 4 / ص 464) ح 1126 ; سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 482) ح 3974 ; مسند أحمد - (ج 37 / ص 326) ح17645.

(96):- سنن الترمذي - (ج 9 / ص 58) ح2442 ; مسند أحمد - (ج 4 / ص 151) ح 1630 ; مصنف عبد الرزاق - (ج 3 / ص 117) ح 4984 ; المعجم الكبير للطبراني - (ج 3 / ص 128) ح2642.

(97):- السيحاني، المحقق جعفر، العقيدة الاسلامية على ضوء مدرسة اهل البيت، 39.

(98):- صحيح البخاري - (ج 10 / ص 28) ح2683.

(99):- صحيح مسلم - (ج 1 / ص 290) ح165.

(100):- سنن أبي داود - (ج 7 / ص 37) ح2154.

(101):- سنن أبي داود - (ج 7 / ص 38) ح2155.

(102):- من لا يحضره الفقيه، ص 316 ; مسند الشافعي - (ج 2 / ص 334)ح889.

(103):- صحيح مسلم - (ج 1 / ص 283) ح159.

(104):- صحيح مسلم - (ج 1 / ص 284) ح160.

(105):- صحيح البخاري - (ج 5 / ص 152) ح.

(106) 1275 تفسير ابن كثير - (ج 2 / ص 270).

(107): صحيح البخاري - (ج 5 / ص 153) 1276.

(108):- سنن أبي داود - (ج 8 / ص 468)ح2770: صحيح مسلم - (ج 5 / ص 109) ح1624.

(109):- سنن الترمذي - (ج 7 / ص 360) ح1967.

(110):- لسان العرب - (ج 13 / ص 317).

(111): العقاد، عبقرية الامام علي، ص 56.

(112):- الطبراني في جامعه الكبير ح( 319 )

(113):- نهج البلاغة، الشيخ محمد عبده.

(114): ( 9-الحجرات )

(115):- ( 93-النساء ).

(116):- تفسير البغوي، ( ج 1، ص 214).

(117): الطبراني، ح 10717.

(118):- مسلم، ج 2887، باب 3.

(119):- رواه البخاري 8 / 17( ح 6037 ) ; مسلم 8/50 (157) 11.

(120) أخرجه الإمام أحمد (36/485). وأخرجه الطبراني (8/98)،، وقال الألباني: (صحيح). انظر: حديث رقم: (5075) في صحيح الجامع.

(121) مسلم (118)، الترمذي (2195) من حديث أبي هريرة.

(122):- مسلم (2948)، الترمذي (2201) من حديث معقل بن يسار.

(123) أحمد (5/27) (ح:20258).

(124):- ابن ماجه، ح (3189).

(125):- صحيح مسلم - (ج 14 / ص 59)ح 5137.

(126): أخرجه: نعيم بن حماد في الفتن ( 490 ).

(127):- صحيح مسلم - (ج 14 / ص 60) ح 5138.

(128):- صحيح مسلم - (ج 14 / ص 68) ح5144.

(129):- سنن أبي داود - (ج 11 / ص 332)ح3719.

(130):- موطأ مالك - (ج 2 / ص 237) ح508; صحيح البخاري - (ج 22 / ص 13)6582 ; صحيح مسلم - (ج 14 / ص 112) ح5175 ; مسند أحمد - (ج 21 / ص 490) ح10446.

 

 

للاطلاع على الفصل الاول

 http://www.brob.org/bohoth/bohoth1/bohoth137.htm

للطلاع على الفصل الثاني

http://www.brob.org/bohoth/bohoth1/bohoth139.htm

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com