بحوث

الرقابة على دستورية القوانين في العراق

 

حسن ناصر المحنّه

ماجستير في القانون العام – ناشط في حقوق الإنسان

 

في هذا البحث نتناول وفي مبحثين الرقابة على دستورية القوانين في العراق من تأسيس الدولة العراقية وحتى الوقت الحاضر.

المبحث الأول :

الرقابة الدستورية في العراق من عام 1925- 2003

تلعب الرقابة على دستورية القوانين دورا" مزدوجا" في دولة القانون , فهي عنصرا" داخلا" في تكوينها من جهة وضمانة فاعلة لسيادة القانون ومنع انتهاكه من جهة أخرى , فالقضاء بوصفه الجهة المحايدة من بين السلطات الثلاثة لعدم تأثره بأي اعتبار سياسي وعدم استجابته لأي تأثير شخصي ينبغي أن يبسط رقابته على عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية , فله أن يبسط رقابته على أعمال السلطة التشريعية للتأكد من مدى موافقته التشريعات الصادرة عنها لمضمون الدستور , فإذا خالفت أحكامه جاز له أن يلغيها أو يمتنع عن تطبيقها وبذلك يكون الحامي الأمين للدستور شكلا" وموضوعا" , لذلك نجد الكثير من الدساتير تجنح إلى النص في صلبها على تنظيم هذا الموضوع .([1])

وعلى هذا الأساس نجد أن بعض الدساتير العراقية نصت على إنشاء محاكم مهمتها مراقبة دستورية القوانين وتفسير نصوص الدستور , كما هو الحال في القانون الأساسي لعام  (1925), ودستور  عام (1968) , إلا أن الدساتير العراقية الأخرى منذ دستور( 1958) , إلى مشروع دستور جمهورية العراق  لعام (1990) , لم تنص على إنشاء محكمة للنظر في دستورية القوانين.

وقد اسند المشرع الدستوري إلى القضاء مهمة الرقابة في التجربتين المذكورتين اعترافا" بحق السلطة القضائية في أداء هذه المهمة  وتوافق ذلك مع المبادئ العامة والعرف الدستوري , كما إن مبدأ استقلال القضاء عامل مهم في إسناد هذا الحق للقضاء في تقرير الرقابة الدستورية , ولإبراز العلاقة بين مبدأ استقلالية السلطة القضائية والرقابة على دستورية القوانين في الدساتير العراقية ارتأينا البحث في الرقابة على دستورية القوانين في الدساتير العراقية من القانون الأساسي لعام (1925) إلى عام (2003) في مطلبين : الأول الرقابة الدستورية في القانون الأساسي لعام (1925), والثاني الرقابة الدستورية في الدساتير العراقية المؤقتة.

المطلب الأول :

الرقابة الدستورية في القانون الأساسي لعام 1925

 

إن الحاجة إلى وجود جهة قضائية تأخذ على عاتقها النظر في موضوع دستورية القوانين أمر بالغ الأهمية لما يتمتع به القضاء من استقلال وحياد بعيد عن هوى وآراء السياسيين , لذا عمدت معظم دساتير الدول إلى تشكيل محاكم دستورية واختارت لها أفضل القضاة علما وسلوكا لكي يفصلوا في موضوع دستورية القوانين , لكون القضاء هو الجهة المؤهلة مهنيا" للفصل في موضوع الرقابة الدستورية , وعلى هذا الأساس تبنى القانون الأساسي لعام (1925) , الرقابة على دستورية القوانين من خلال إنشاء محكمة أسماها ( المحكمة العليا) ومن مهامها محاكمة الوزراء وأعضاء مجلس الأمة المتهمين بجرائم سياسية أو بجرائم تتعلق بوظائفهم العامة , ولمحاكمة حكام محكمة التمييز عن الجرائم الناشئة عن وظائفهم , وللبت في الأمور المتعلقة بتفسير الدستور وموافقة القوانين لأحكام الدستور , إلا أن هذه المحكمة تختلف من حيث نوعية أعضائها ولم تقتصر على القضاة فقط بل إن أكثرية أعضائها من مجلس الأعيان الذين لا يتمتعون بمؤهلات قانونية , ولغرض التعرف على الرقابة الدستورية في القانون الأساسي لعام (1925) نقسم هذا المطلب إلى ثلاث فروع متتالية :

الفرع الأول: تكوين المحكمة العليا 

الفرع الثاني: اختصاصات المحكمة العليا

الفرع الثالث: طبيعة قرارات المحكمة العليا

 

الفرع الأول:

تكوين المحكمة العليا

تقتصر الرقابة في العراق على التشريع بعد نفاذه , وتختلف الجهة المختصة بالرقابة على دستورية القوانين باختلاف ما مر به العراق من أوضاع دستورية , فقد أناط القانون الأساسي العراقي وهو دستور عام (1925) , مهمة البت في الأمور المتعلقة بتفسيره وموافقة القوانين الأخرى لأحكامه بمحكمة خاصة أطلق عليها اسم المحكمة العليا([2])

كما نص عليها القانون الأساسي (( تؤلف محكمة عليا لمحاكمة الوزراء وأعضاء مجلس الأمة المتهمين بجرائم سياسية تتعلق بوظائفهم العامة ولمحاكمة حكام محكمة التمييز عن الجرائم الناشئة من وظائفهم , والبت بالأمور المتعلقة بتفسير هذا القانون وموافقة القوانين لأحكامه ))([3])

 

والقانون الأساسي جعل اختصاصات المحكمة العليا بشكل حصري هي:

أولا: محاكمة الوزراء وأعضاء مجلس الأمة عن نوعين من الجرائم ( الجرائم السياسية , والجرائم المتعلقة بوظائفهم العامة)

ثانيا: محاكمة حكام محكمة التمييز عن الجرائم الناشئة من وظائفهم.

ثالثا: البت في الأمور المتعلقة بتفسير الدستور وموافقة القوانين الأخرى لأحكامه .

وتؤلف المحكمة من ثمانية أعضاء عدا الرئيس ينتخبهم مجلس الأعيان أربعة من بين أعضائه وأربعة من حكام محكمة التمييز أو غيرهم من كبار الحكام وتنعقد برئاسة رئيس مجلس الأعيان , وإذا لم يتمكن الرئيس من الحضور يترأس جلسة المحكمة نائبه ([4])

ونجد هنا أن سلطة مجلس الأعيان واضحة في اختيار أعضاء المحكمة العليا.

والقانون الأساسي اشترط أن يكونوا من حكام محكمة التمييز , فلمجلس الأعيان أن يختار غيرهم من كبار الحكام , كذلك نجد أن انعقاد المحكمة العليا لأجل محاكمة الوزراء أو أعضاء مجلس الأمة أو حكام محكمة التمييز عن الجرائم التي نص عليها الدستور , فأمر انعقاد المحكمة يكون من مسؤولية مجلس الأعيان دون غيره باختيار أعضاء المحكمة ولا دخل للإرادة الملكية بذلك إذا اقتضى إجراء المحاكمة أمام المحكمة العليا , وتحال القضية إليها بناء على قرار اتهامي صادر من مجلس النواب بأكثرية ثلثي الآراء من الأعضاء الحاضرين في كل قضية على حدة ([5])        

ويتوقف تحريك الدعوى على طبيعة الموضوع المراد عرضه على المحكمة العليا وذلك إذا كان مجلس النواب مجتمعا , أما إذا لم يكن مجلس النواب مجتمعا فان القانون الأساسي عالج هذا الأمر (( أما الأمور الأخرى فتحال إلى المحكمة العليا بقرار من مجلس الوزراء , أو بقرار من احد مجلسي الأمة )) ([6])               

وهنا تتدخل الإرادة الملكية عن طريق مجلس الوزراء لتشكيل المحكمة العليا , وانتقاء أعضاء المحكمة العليا من قبل السلطة التنفيذية , وعندما تختار فإنها تختار من يحمي مصالحها , وهنا يتدخل عامل الولاء للسلطة التنفيذية وإطاعتها لانجاز الغرض التي تشكلت من اجله المحكمة العليا.

ونلاحظ إن عدد الحكام الذين يتم اختيارهم أربعة حكام من أصل تسعة أعضاء من بينهم رئيس المحكمة الذي يشغل منصب رئيس مجلس الأعيان مع أربعة أعضاء من مجلس الأعيان , وهنا يكون العدد خمسة مقابل أربعة , علاوة على ذلك إن أعضاء مجلس الأعيان هم من المعينين من قبل الإرادة الملكية ولم يكونوا منتخبين , فمن الطبيعي أن تصدر الأحكام من المحكمة العليا وفقا" لما تشتهيه السلطة التنفيذية , ومن الجدير بالذكر إن المحكمة لم تمارس اختصاصها بمحاكمة من حددتهم المادة (81) من القانون الأساسي , ولم يذكر أن حاكمت احد من هؤلاء.

الفرع الثاني :

اختصاصات المحكمة العليا

ثبت اختصاص المحكمة في القانون الأساسي فضلا عن اختصاصها في محاكمة الوزراء وأعضاء مجلس الأمة المتكون من مجلس الأعيان , ومجلس النواب وحكام محكمة التمييز المتهمين بجرائم سياسية أو جرائم تتعلق بوظائفهم العامة فان القانون الأساسي أسند إلى المحكمة تفسير النصوص الدستورية ومراقبة دستورية القوانين, من خلال ما ورد وللبت في الأمور المتعلقة بتفسير هذا القانون وموافقة القوانين الأخرى لأحكامه (م 81) وتنعقد المحكمة العليا بإرادة ملكية فيما يخص تفسير الدستور ورقابة دستورية القوانين , وتؤلف المحكمة في هذه الحالة وفق المادة (82/3 ) أي تؤلف من نفس العدد من حكام محكمة التمييز, والأعضاء الباقين من مجلس الأعيان برئاسة رئيس مجلس الأعيان , هذا فيما إذا كان مجلس الأمة مجتمعا" , أما إذا لم يكن مجلس الأمة مجتمعا" فهنا يتدخل مجلس الوزراء في اختيار أعضاء المحكمة بإرادة ملكية , هذا ما نص عليه الدستور (( إذا وجب البت في أمر يتعلق بتفسير أحكام هذا القانون أو فيما إذا كان احد القوانين المرعية يخالف هذا القانون , تجتمع المحكمة العليا بإرادة ملكية تصدر بموافقة مجلس الوزراء بعد أن تؤلف وفق الفقرة الثالثة من المادة السابقة ( أي المادة 82) أما إذا لم يكن مجلس الأمة مجتمعا يكون نصب الأعضاء المذكورين من المادة السابقة بقرار من مجلس الوزراء وإرادة ملكية))([7])

 

                                                      

وقد مارست المحكمة اختصاصها بالرقابة على دستورية القوانين بطعنها بقانون منع الدعايات المضرة رقم (20 لسنة 1938) , ولم يحدث أن نظرت المحكمة بدستورية المراسيم التشريعية الصادرة عن السلطة التنفيذية رغم مخالفتها لأحكام الدستور ([8])

ومارست المحكمة العليا اختصاصها في تفسير المواد ( 20 و22 ) من القانون الأساسي.

 ومن التطبيقات القضائية للمحكمة العليا الخاصة  بتفسير المادة (22/1) من القانون الأساسي التي تمنع إدخال تعديل ما مدة الوصاية بشأن حقوق الملك ووراثته .

 انه قد اجتمعت المحكمة العليا المشكلة بموجب الإرادة الملكية المرقمة 794 والمؤرخة في (16) كانون الأول (1941) في يوم الأربعاء المصادف (24) كانون الأول (1941) , برئاسة سماحة السيد (محمد الصدر) رئيس مجلس الأعيان , وعضوية كل من السادة محمد صبحي الدفتري , وعمر نظمي , وصالح باش أعيان , وعبد المحسن شلاش , أعضاء مجلس الأعيان , والسادة داود سمرة , وعبد العزيز المطير , وحسن تاتار , ومصطفى التكرلي , أعضاء محكمة التمييز وهم من كبار الحكام , وبعد أن تليت الإرادة الملكية المنوه عنها والمتضمنة تشكيل المحكمة العليا لغرض تفسير المادتين (20 و22 ) من القانون الأساسي وكذلك النظر في إحداث منصب باسم ( نائب أو مساعد أو وكيل وزير ) من أعضاء مجلس الأمة وتليت كذلك المذكرة في الفقرة 1  من القرار المذكور والتي هذا نصها (( هل أن إضافة حقوق إلى الملك في لائحة قانون الدستور الجديد خلال مدة الوصاية يعتبر مساسا" بحقوق جلالته)) أصدرت قرارها الذي جاء فيه :

 ( لدى النظر في الموضوع وبعد المداولة رأت أكثرية المحكمة انه إذا كان القصد إضافة حقوق إلى جلالة الملك في لائحة الدستور الجديد فذلك جائز لعدم مخالفته نص العبارة الأخيرة في الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون الأساسي التي تمنع إدخال تعديل ما مدة الوصاية بشأن حقوق الملك , إذ لا يعد تعديلا في هذا الباب وقد خالف هذا القرار ثلاثة أعضاء وهم السادة ( محمد صبحي الدفتري وعبد العزيز المطير ومصطفى التكرلي ) ونص شرح أسباب المخالفة للسيدين الأوليين محمد صبحي الدفتري وعبد العزيز المطير " إن ما جاء في آخر الفقرة الأولى من المادة الثانية والعشرين من القانون الأساسي يمنع إدخال أي تعديل في القانون الأساسي مدة الوصاية بشان حقوق الملك ووراثته , وقد أيدت الفقرة القانونية هذا المنع بكلمة (ما) التي يجب والحالة هذه أن تكون شاملة ومانعة أي تعديل بما فيه تنقيص الحقوق وتزيدها إذ إن الغاية من هذا المنع والتحذير ليس

ملاحظة تنقيص حقوق الملك في عهد الوصاية فقط بل أراد القانون أن تمارس هذه الحقوق في عهد الوصاية كما تمارس في عهد الملك السابق دون زيادة أو نقصان إلى أن يبلغ الصبي سن الرشد ويتولى العرش , إن المقصود من حقوق الملك التي جاءت في المادة هي وجائب الملك , والوجائب التي يقوم فيها الملك في المواد

( 19 و 20 و 21 و 22 و 23 و 24 و 25 و 26 ) تحت عنوان ( الملك وحقوقه) لذا نرى إضافة حقوق جديدة للملك هو تعديل أيضا وهذا يخالف نص الفقرة المذكورة التي جاءت مطلقة "

وقد كانت مخالفة السيد مصطفى التكرلي مبنية على الأسباب التالية:

(( إن الفقرة الأخيرة من المادة الثانية والعشرين من القانون الأساسي المطلوب تفسيرها وهي لا يجوز إدخال تعديل ما في القانون الأساسي مدة الوصاية بشأن

 

حقوق الملك وليس فيها غموض من حيث السبك ومن حيث اللفظ غير أن ظاهر مفهومها الإطلاق غير المقصود من قبل المشرع , وبالنظر لتقيدها بالمنطق والأسس المتبعة في كافة القوانين الأساسية في الحكومات الدستورية فينبغي إذن أن يكون التفسير معنويا" لا لفضيا" : إن واضع القانون إنما تعرض لمنع إدخال التعديل لغاية صيانة حقوق الملك المنصوص عليها في القانون الأساسي وعدم فسح المجال للتنقيص منها وإناطة أمر التعديل في تنقيصها إلى لحوق رضاء جلالة الملك عند اكتسابه سن الرشد أما الزيادة في حقوق الملك فغير مقصودة في المنع الواردة في هذه المادة , عليه أرى أن التعديل بتزيد حقوق الملك في القانون أمر جائز مستنبط من قصد المشرع الذي استهدف حماية هذه الحقوق بعدم التعرض لها بالتنقيص فإدخال الحقوق الجديدة الزائدة سواء كانت عن طريق التعديل أو الإضافة كما تفتكر الأكثرية لا يتناولها المنع , فأنا والأكثرية على وفاق من حيث الموضوع والنتيجة في أمر إمكان التعديل في الزيادة لان التعديل أو الإضافة سيّان في نظري ولكني أختلف مع الأكثرية بأني أرى أن تكون هذه

 

الحقوق الجديدة المراد إدخالها في القانون الأساسي غير منقصة من حقوق الشعب وحقوق مجلس الأمة الواردة في الدستور فأخالف الأكثرية من هذه الناحية فقط)))([9])  .

 

ومن خلال هذا التفسير الذي أفتت به المحكمة العليا للمادة( 22/ 1) جرى التعديل الثاني للقانون الأساسي في 27/10/1943([10])

 

 

  

الفرع الثالث :

طبيعة قرارات المحكمة العليا

 

عندما تفصل المحكمة بدستورية أو عدم دستورية قانون ما فان الدستور اشترط على أن تصدر قراراتها بأكثرية ثلثي أعضاء المحكمة كما ورد في القانون الأساسي (( كل قرار يصدر من المحكمة العليا ينص على مخالفة احد القوانين أو نص أحكامه لأحكام هذا القانون ويجب أن يصدر بأكثرية ثلثي الآراء وإذا صدر قرار من هذا القبيل يكون ذلك القانون أو القسم المخالف منه ملغي من تاريخ صدور قرار المحكمة على أن تقوم الحكومة بتشريع يكفل إزالة الأضرار المتولدة من تطبيق الأحكام الملغاة )) ([11]

 

والقرارات الصادرة من المحكمة العليا بهذا الشأن لها قوة الشئ المحكوم فيه , وهي قطعية وملزمة للكافة وغير قابلة للطعن فيها أمام أي هيئة أخرى ويجب تطبيقها في جميع المحاكم والدوائر الحكومية ([12]) وتخرج من اختصاصات المحكمة العليا , الوزراء الاتحاديون وأعضاء مجلس الاتحاد العربي الذي أنشئ بين العراق والأردن الذي بموجبه صدر دستور الاتحاد العربي في (29 / 3 / 1958) ,حيث نص على تشكيل محكمة عليا تتألف من رئيس وستة قضاة , ثلاثة منهم من محكمة التمييز في كل من دولتي الاتحاد أو من كان في مستواهم من كبار رجال القانون ([13])

 

وأسندت إليها الاختصاصات التالية:

 

أ- محاكمة أعضاء مجلس الاتحاد ووزراء الاتحاد

ب- الفصل في الخلافات التي تقع بين حكومة الاتحاد وواحد أو أكثرية من أعضائه أو التي تقع بين الأعضاء أنفسهم .

ت- إعطاء المشورة القانونية في المسائل التي يحيلها عليها رئيس مجلس وزراء الاتحاد.

ث- تفسير دستور الاتحاد وتكون لقراراتها الصادرة في هذا الشأن قوة النص المفسر.

ج- مراقبة دستورية القوانين والمراسيم الاتحادية بناء على طلب من رئيس مجلس وزراء الاتحاد , ورئيس مجلس وزراء إحدى الدول الأعضاء ويعتبر القرار الصادر بعدم دستورية القانون أو المرسوم ملغيا له من تاريخ صدور القرار.

ح- استئناف الأحكام القطعية الصادرة من حكام الدول الأعضاء إذا تضمنت هذه الأحكام الفصل في نزاع ذي مساس بأحكام هذا الدستور أو أي قانون اتحادي

خ- استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الاتحادية وفقا للقوانين ([14]).

 

كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين في العراق في ظل القانون الأساسي لعام (1925), رقابة لاحقة على الرغم من أن الواقع الدستوري المميز لهذا النوع من الرقابة  ,  لم تكن  تجربة العراق هذه في مأمن من الانجراف بالتيارات السياسية , كما إنها كانت ضعيفة أمام التأثيرات المختلفة التي كانت تباشرها السلطة التنفيذية , ولعل ذلك راجع إلى أن المشرع التأسيسي لم يتمكن من التخلص من آثار الظروف والتيارات السياسية عند تنظيمه للمحكمة العليا , وجاء هذا

التنظيم متأثرا" بالاتجاه العام الذي هيمن على نصوص الدستور وهو تقوية السلطة التنفيذية على حساب بقية السلطات , وهذا جعل المحكمة العليا لا تتمتع بالاستقلالية بسبب نوعية أعضاء المحكمة التي يطغى عليها الطابع السياسي أكثر من وجود الطابع القانوني , فمن حيث أعضاء المحكمة فإنها كانت تنعقد برئاسة رئيس مجلس الأعيان و أربعة أعضاء  يتم اختيارهم من المجلس نفسه وهم معينين من قبل السلطة التنفيذية , وهذا التعيين له الأثر الكبير في عدم الاستقلالية باعتبارهم واجهة السلطة التنفيذية أمام مجلس النواب  ومن الطبيعي أن تتأثر قرارات المحكمة لتصب في صالح السلطة التنفيذية .

أما من حيث عدد أعضاء المحكمة فان أكثرية الأعضاء من مجلس الأعيان , والقانون الأساسي لم يشترط لعضوية مجلس الأعيان أي تحصيل دراسي ومن أي درجة كانت , ولا حتى الإلمام بالقراءة والكتابة , ولعل القانون يختار من هؤلاء الأعضاء دون شروط لعضوية المحكمة العليا , وبما إن المحكمة تنعقد بإرادة ملكية مما لاشك فيه أن تتأثر قراراتها باتجاه السلطة التنفيذية , علاوة على ذلك فهي محكمة وقتية تنعقد تبعا للقضية المعروضة أمامها وتحل بانتهائها.        

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني :

الرقابة الدستورية في الدساتير العراقية المؤقتة

على الرغم من أن الدساتير العراقية المؤقتة لم تتضمن الرقابة على دستورية القوانين بنصوص صريحة باستثناء دستور (21) أيلول لعام (1968 ), حيث نص هذا الدستور نصا صريحا على تشكيل محكمة دستورية عليا , وأسند إليها مهمة الرقابة على دستورية القوانين ابتداء من دستور (1985) إلى مشروع دستور جمهورية العراق لعام (1990) , لم تنص على الرقابة الدستورية , وتفريعا" على ذلك نقسم هذا المطلب إلى ثلاث فروع متتالية:

الفرع الأول: الرقابة الدستورية في دستور عام 1958 المؤقت

الفرع الثاني: الرقابة الدستورية في دستور عام 1968 المؤقت

الفرع الثالث: الرقابة الدستورية في دستور عام 1970 المؤقت

 

 

الفرع الأول :

الرقابة الدستورية في دستور عام 1958 المؤقت

مما لا شك فيه أن المشرع عند وضعه أحكام الدستور المؤقت لعام (1958) , اتجه إلى تنظيم المجتمع السياسي بشكل أكد فيه على مبدأ سيادة الشعب وعلى صيانة حقوقه , ولما كان من طبيعة الدساتير المؤقتة إنها لا تتعرض إلى ذكر جميع التفاصيل فيما يخص المبادئ الدستورية فإنها تكتفي عادة بالنص على أهم المبادئ العامة والعرف الدستوري , وتنظيما لذلك فان الدستور العراقي المؤقت لم يتطرق إلى تنظيم رقابة دستورية القوانين , واكتفى بالنص على أهم المبادئ بهذا الخصوص فقد نصت المادة (21) منه على أن السلطة التشريعية يتولاها مجلس الوزراء بتصديق مجلس السيادة وهذا الحل منطقي في فترة الثورة تقتضيه ضرورة السرعة للبت في الأمور بغية وضع الفكرة القانونية الجديدة موضع التنفيذ ويترتب على تمتع السلطة التنفيذية بسلطة التشريع , أن ليس لها في هذه الفترة إصدار مراسيم تشريعية طالما أنها تتمكن بموجب الدستور في تشريع القوانين , كما يترتب على ذلك أن ليس في الدولة خلال هذه المدة إلا فئة واحدة من القواعد هي القانون العادي , وهذا الوضع يبسط بشكل واضح رقابة دستورية القوانين , كما لم يغب على المشرع أهمية الدور الذي يلعبه القضاء في هذه الفترة , فنص على انه (( القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة أو فرد التدخل في استقلال القضاء أو في شئون العدالة ...)) ([15]

 

واكتفى الدستور بهذا القدر , ولا شك أن عدم التطرق إلى تنظيم الرقابة الدستورية وعدم وجود سلطة ذات اختصاص مانع معناه أن الدستور اكتفى بالمبادئ العامة وما جرى عليه العمل في أغلب المجتمعات السياسية وكأنه أحال فيما يخص تنظيم

الموضوع على تلك الأحكام والتطبيقات بالرجوع إلى تلك التطبيقات في الدول استنادا إلى أرجح آراء الفقهاء ([16])

 

وبالرغم من أن الطريق السليم يتمثل في أن يكون  للقضاء الحق  في الرقابة على الدستورية إلا أن الدول قد تختلف بصدد كيفية إعمالها للرقابة  و تحديد الهيئة القضائية المنوط بها هذه المهمة , و كيفية تحريك الرقابة أمام تلك الهيئة , و الوقت الذي تم فيه هذا التحريك , ويعتمد تحديد الجهة القضائية التي تتولى مباشرة الرقابة الدستورية على موقف المشرع الدستوري , فقد يصمت المشرع عن تنظيم هذا الموضوع ومن ثم تذهب المحاكم إلى تقرير حقها جميعا" في مباشرة رقابة الدستورية أيا كانت درجاتها في السلّم القضائي وهو ما أطلق  عليه الفقه اصطلاح ( لا مركزية الرقابة )  ولكن ليست ثمة ما يمنع المشرع الدستوري من تقرير هذا الحق لجميع المحاكم بنص صريح فيكون النص الدستوري سندا" لمباشرة المحاكم هذه الرقابة , غير أن الغالب الأعم من الأحوال أن يصمت المشرع عن ذلك وهنا يعود سند مباشرة المحاكم لتلك الرقابة إلى وظيفة القاضي الأصلية في تطبيق القوانين , وحل مشكلة التنازع في التطبيق بينها, ومن ثم تحديد القانون الواجب التطبيق عند تعارضها مما يؤدي إلى امتناع هذه المحاكم عن تطبيق أي تشريع ترى انه مخالف للدستور ([17])

 

ويكاد الفقه الدستوري يجمع على أن الرقابة على دستورية القوانين بطريقة الدفع بعدم الدستورية هي من صميم واجبات القضاء مما لا يحتاج إلى نص خاص عليها, وهذا ما ذهب إليه الأستاذ الكبير الدكتور عبد الرزاق احمد السنهوري في مقالة له في مجلة مجلس الدولة لسنة (1950) فقد قال (( على القضاء ممارسة هذه الرقابة لأنه يتعين عليه أن يمتنع عن تطبيق تشريع يكون في تقديره باطلا" لمخالفته الدستور )) ([18])

 

 

 

                                                                            

وأكثر من ذلك ذهب كبار الفقهاء الفرنسيين أمثال( ليون ديكي , ومارسيل فالين) ,وغيرهم إلى حق القضاء في الرقابة على دستورية القوانين بالرغم من وجود نصوص صريحة تمنعها .

والقضاء العراقي لم يكن بعيدا عن ممارسة الرقابة على دستورية القوانين بطريقة الدفع بعدم الدستورية والامتناع عن تطبيق النص المخالف للدستور , فقد مورست هذه الرقابة في ظل الدستور المؤقت للجمهورية الأولى ولو لمرة واحدة عندما امتنعت إحدى المحاكم عن تطبيق نص أحد قوانين الإصلاح الزراعي ([19]) فقد امتنع القاضي المرحوم حسين سيف الدين في فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي رقم (30 لسنة 1959) إذ قرر إن هذا القانون الصادر يخالف الدستور , فالدستور يحقق العدالة لكل العراقيين ويمنع استلاب الأرض بثمن بخس إلا في حالة الضرورة القصوى وللمصلحة العامة مع التعويض العادل , ولم يجد القاضي أي مبرر من إصدار هذا القانون وقرر الحكم للمدعي بتعويض عادل مما أستملك من أراضيه وحدد قيمة التعويض خمسة دنانير للدونم الواحد في لواء الحلة آنذاك  لمخالفته الدستور. ([20])   

 

الفرع الثاني :

الرقابة الدستورية في دستور عام 1968 المؤقت

 

أناط دستور (21 أيلول لعام 1968 ) مهمة الرقابة الدستورية إلى محكمة دستورية عليا , وأسند إلى القانون تشكيل هذه المحكمة حيث جاء (( تشكل بقانون محكمة دستورية عليا تقوم بتفسير أحكام هذا الدستور والبت في دستورية القوانين , وتفسير القوانين الإدارية والمالية والبت بمخالفة الأنظمة للقوانين الصادرة بمقتضاها ويكون قرارها ملزما" )) ([21])

وعلى أثر ذلك صدر قانون رقم (159 لعام 1968) الخاص بتكوين المحكمة الدستورية العليا , وجاء في الأسباب الموجبة للقانون  إن إنشاء هذه المحكمة لأجل أن تتولى تفسير أحكام الدستور تفسيرا" ملزما" لرفع ما يعتور نصوصه من غموض وكذلك تختص بتدقيق صحة استناد النظام إلى القانون وعدم تجاوزه أو مخالفته لأحكامه وكذلك المراسيم وعدم مخالفتها لسندها القانوني , أما تكوين المحكمة وأسلوب اختيار أعضائها فقد روعي فيها اختيار العناصر القانونية ([22])

 

وطريقة ممارستها لصلاحياتها بمقتضى القانون , وتشكل من رئيس محكمة تمييز العراق , ومن ثمانية أعضاء أصليين وأربعة أعضاء احتياط , أما الأعضاء الأصليون فمنهم رئيس مجلس الرقابة المالية , ورئيس ديوان التدوين القانوني , وستة أعضاء يعينهم مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل , ويصدر تعينهم بمرسوم جمهوري على أن يكون ثلاثة منهم من أعضاء محكمة التمييز الدائمين , والثلاثة الآخرون من كبار موظفي الدولة ممن لا تقل درجتهم عن درجة مدير عام , أما الأعضاء الاحتياط فمنهم حاكمان من حكام محكمة التمييز, واثنان من كبار موظفي الدولة ممن لا تقل درجاتهم عن درجة مدير عام ويتم تعين الأعضاء الاحتياط بنفس طريقة تعين الأعضاء الستة الأصليين ([23])

أما مدة العضوية فهي ثلاث سنوات قابلة للتجديد , أما مهام المحكمة فقد حددت في المادة 4 من القانون وتشمل مايلي:

1- تفسير أحكام الدستور    

2- البت في دستورية القوانين

3- تفسير القوانين الإدارية والمالية

4- البت في مخالفة الأنظمة للقوانين الصادرة بمقتضاها

5- البت في المراسيم لسندها القانوني ([24])

وأجازت المحكمة بالطعن بعدم الدستورية لرئيس الجمهورية , ورئيس الوزراء , ووزير العدل , والوزير المختص , ومحكمة تمييز العراق عند النظر في القضية المعروضة عليها , وإذا قررت المحكمة أن قانونا" ما قد خالف الدستور فانه يعد ملغيا" من تاريخ صدور الحكم , ومن ثم لم يكن للأفراد في ظل هذا الدستور الحق أن يتقدموا بطعن إلى هذه المحكمة وبذلك فقدت ضمانة أساسية لكفالة حقوق

الأفراد وحرياتهم من الاعتداء عليها , ولم تمارس المحكمة الدستورية العليا أي شكل من أشكال الرقابة على دستورية القوانين طوال مدة نفاذ دستور 1968 .

 

 

 

 

 

الفرع الثالث :

الرقابة الدستورية في دستور عام 1970 المؤقت

 

 أما دستور عام 1970 المؤقت , فقد جاء خاليا" من الإشارة للرقابة على دستورية القوانين , وكذلك فعل مشروع دستور جمهورية العراق لعام 1990 , وعلى الرغم من النقص الدستوري الخطير لم يتجرأ القضاء العراقي على الأخذ بالدفع بعدم الدستورية والامتناع عن تطبيق النص المخالف لأحكام الدستور ([25])

واستثناءا" من ذلك إن القضاء العراقي مارس تلك الرقابة للمرة الثانية بطريقة الدفع بعدم الدستورية والامتناع عن تطبيق النص المخالف للدستور عندما امتنعت إحدى المحاكم في بغداد عن تطبيق أحد قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل لمخالفته للدستور ([26]) وهذا ما تأكد في قرار محكمة بداءة الكرخ في الدعوى رقم (80/ ب/1990) الصادر بتاريخ (31 / 12/ 1990) الذي أصدره القاضي دارا نور الدين بهاء الدين عندما امتنع عن تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (581 الصادر في 5/5/1981) لمخالفته لحكم الفقرة ب من المادة (16) من دستور (16 تموز 1970) وقد اكتسب هذا القرار الدرجة القطعية بعد المصادقة عليه بقرار محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية المرقم (507/ حقوقية / 1991) إعلام (666) وقد تعرض بسببه (القاضي دارا نور الدين)(*) لغضب السلطة وقتذاك وعوقب بعقوبة سالبة للحرية ([27] )         

ونرى أن عدم تجرؤ القضاء العراقي على الأخذ بالرقابة على دستورية القوانين بطريقة الدفع بعدم الدستورية والامتناع عن تطبيق النص المخالف للدستور باستثناء حالتين سجلت في تاريخ القضاء العراقي وتحديدا" في الدساتير المؤقتة , الحالة الأولى في دستور (1958) تتحدد في الامتناع عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي رقم (30 لسنة 1959 ) والثانية في عام (1990) في قضية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 581 الصادر في 5/5/1981 , وسبب ذلك يعود لخضوع القضاة للسلطة التنفيذية في تعينهم ونقلهم ومعاقبتهم , ولم يكونوا مستقلين استقلالا" يمكنهم من النهوض بهذا الأمر من جهة ,  و للقيود التي وضعت على القضاء سواء كان الإداري أو العادي بتحصين أعمال السيادة من رقابة القضاء , فقد ورد الحظر في قانون مجلس شورى الدولة رقم (65 لسنة 1979 ) 

المعدل  من جهة أخرى , حيث نص في (م 7/خامسا") من القانون (( لا تختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في الطعون المتعلقة بما يأتي :

أ- أعمال السيادة وتعتبر من أعمال السيادة المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية ))

كما ورد في  المادة العاشرة من قانون التنظيم القضائي رقم (160 لسنة 1979) المعدل (( لا ينظر في كل ما يعتبر من أعمال السيادة ))

وهذا التحصين لم يميز بين ما هو من قبيل القرارات الإدارية التي تصدرها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة إدارة , ولا الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فيما يخص القرارات التي تتصل بسيادة الدولة الخارجية والداخلية , التي تسمى بأعمال السيادة , وحسنا فعل المشرع في دستور العراق الدائم لعام (2005) عندما نص على أن (( يحضر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من الطعن )) ([28]) .

 

وباستثناء المحكمة العليا التي تم إنشائها في دستور عام (1925) , ظل العراق منذ تأسيس الدولة العراقية يفتقر إلى وجود محكمة عليا فاعلة تعنى بالفصل في دستورية القوانين والقرارات والأوامر والأنظمة والتعليمات التي تصدر من السلطتين التشريعية والتنفيذية , مما ولّد فراغا" قضائيا" انعكس سلبا" على حقوق الإنسان وعلى سيادة القانون بالفصل في دستورية القوانين وشرعيتها بداعي انه قضاء مهمته تطبيق القانون وليس البحث في شرعيته , وكثيرا" ما اصطدم القضاء العادي في العراق مع السلطة التنفيذية في محاولاته المتكررة بمناقشة عدم شرعية

بعض القوانين والقرارات التي لها قوة القانون فكان لابد من إنشاء محكمة عليا تتولى هذه المهمة لضمان احترام قيام السلطة التشريعية أو التنفيذية , بمخالفة المبادئ الأساسية أو النصوص الواردة في الدستور والفصل في المنازعات التي تنشأ بين السلطات. ([29])       

 

 

 

 

 

 

 

 

                                               

 ومن الجدير بالذكر أن  الدساتير المؤقتة باستثناء دستور عام (1968) لم تنص  على الرقابة على دستورية القوانين , بسبب طبيعة نظم  الحكم الشمولية التي تتابعت على العراق عقب الانقلابات العسكرية والتي كانت تكتب الدساتير وفق فلسفتها القائمة على الاستئثار بالسلطة بعيدا" عن الرقابة كما إن الأوضاع غير المستقرة في الدولة قد انعكست سلبا" على دور القضاء في مراقبة دستورية القوانين . فالقضاء وان ذكرت النصوص الدستورية استقلاليته بقي استقلاله وفق منظور السلطة السياسية القابضة على دفة الحكم وليس استقلالا" بما يقره النظام القانوني والعرف الدستوري .

 

 ومن جانب آخر لم يتمكن القضاء من الرجوع إلى المبادئ العامة في تغليب القواعد الدستورية على غيرها من القواعد المخالفة للدستور فيأخذ بأسلوب الدفع الفرعي أو الدفع بعدم الدستورية وهو أمر كان متاحا" إلى حد كبير , فلم يكن جريئا" ليمارس مهامه بمعزل عن السلطة التنفيذية التي لها اليد الطولى والتسلط على باقي الهيئات الدستورية الأخرى ومنها السلطة القضائية التي يخضع أعضائها للتعيين بمن فيهم وزير العدل الذي يمارس مهامه كجزء منها, وعندما تكون الجهات القضائية تابعة إلى وزير العدل , هذا يعني إن السلطة القضائية برمتها خاضعة للسلطة التنفيذية وجزء منها وهو ما يجعل القضاء ضعيفا" في أداء مهامه في ممارسة الرقابة الدستورية , وحسنا" فعل المشرع عندما أعاد تشكيل مجلس القضاء الأعلى في العراق وجعله مستقلا" عن وزارة العدل , وهذه خطوة متقدمة بأن يمارس القضاء الدستوري المهام الموكلة إليه دستوريا بمراقبة دستورية القوانين عن طريق المحكمة الاتحادية العليا , ونأمل أن تمارس هذه المحكمة اختصاصها بكل حيدة واستقلال ومهنية دون تدخل القوى السياسية والحزبية في مهامها , وكنا نتوسم بالمشرع أن يدعم استقلالية القضاء الإداري ولا يقتصر على القضاء العادي وذلك إن القضاء الإداري في العراق ولد ضعيفا" ومقيدا" واختصاصاته محددة قياسا" باختصاصات القضاء الإداري في الدولة الأخرى التي

 

لها باع طويل في القضاء الإداري مثل فرنسا وبلجيكا ومصر , ولهذا نرى أن توسيع اختصاصات القضاء الإداري وجعلها منبسطة على كل المنازعات الإدارية , تأسيس لولادة قضاء إداري سليم ومعافى , ولا تتم هذه المعافاة ما لم يكن القضاء الإداري مستقلا" ومن ضمن تشكيلات مجلس القضاء الأعلى , وإذا كنا ندعو إلى استقلالية القضاء الإداري والقضاء العادي هذا لا يعني إننا نؤيد الاستقلال المطلق بقدر ما ندعو إلى استقلال نسبي ومتوازن يحفظ للقضاء هيبته , ونرى إن الاستقلالية المطلقة فكرة مثالية لا يمكن تحقيقها في الواقع العملي الملموس بسبب تداخل عمل السلطات .

 

 

 

 

المبحث الثاني :

الرقابة الدستورية في قانون إدارة الدولة ودستور عام 2005

 

بعد أن انتقل العراق  في ظل دستور عام (2005) من دولة بسيطة إلى دولة اتحادية, وانتقل نظام الحكم من النظام الرئاسي إلى البرلماني  وتم اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات والتأكيد على احترام الحقوق والحريات الأساسية سواء في وثيقة قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية أو في وثيقة الدستور الحالي , كذلك نص على مبدأ استقلالية السلطة القضائية والضمانات التي يتمتع بها القضاة من خلال إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى وجعله مستقل عن وزارة العدل , وعدم تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية في استقلال القضاء , وحفاظا" على صيانة الوثيقة الدستورية كان لابد من إنشاء محكمة عليا للحفاظ على سيادة القانون وتحقيق العدالة .

وأراد المشرع الدستوري أن يوضح معالم الدولة القانونية الجديدة من خلال النص على إنشاء محكمة اتحادية عليا تختص بالرقابة على دستورية القوانين إلى جانب اختصاصات أخرى مهمة .

ولغرض التعرف على الرقابة الدستورية في قانون إدارة الدولة ودستور عام 2005 , نقسم هذا المبحث إلى ثلاث مطالب متتالية:

المطلب الأول: تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية

المطلب الثاني: اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا

المطلب الثالث: إجراءات رفع الدعوى الدستورية

     

 

 

 

 

 

 

                                      

 

                          

 

 

 

 

 

المطلب الأول:

تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية

 

يختلف تكوين المحكمة الاتحادية العليا في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام (2004) عن تكوين المحكمة في دستور عام (2005) من حيث إجراءات تعين رئيس وأعضاء المحكمة كما أن الرقابة التي تمارسها المحكمة جمعت بين المزج بين طريقتي الدفع الفرعي والدعوى الأصلية , حسب ما قرره النظام الداخلي للمحكمة, والدعوى المباشرة (دعوى الإلغاء) في قانون المحكمة ولأهمية التعرف على تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية نتناول هذا المطلب في فرعين متتاليين:

الفرع الأول : تكوين المحكمة الاتحادية العليا

الفرع الثاني : طرق ممارسة الرقابة الدستورية 

 

الفرع الأول :

تكوين المحكمة الاتحادية العليا

 

 

أوكل قانون إدارة الدولة في المادة (39/ ج ) منه إصدار تعين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا إلى مجلس الرئاسة , إذ نصت على انه (( يقوم مجلس الرئاسة كما هو مفصل في الباب السادس بتعين رئيس وأعضاء المحكمة العليا , بناء على توصية من مجلس القضاء الأعلى )) بينما نجد أن المادة (92 / ثانيا) من الدستور الدائم أحالت الاختيار إلى مجلس النواب .

و تتكون وفقا لقانون إدارة الدولة  المحكمة الاتحادية العليا من تسعة أعضاء , وقام مجلس القضاء الأعلى أوليا" بالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم بترشيح ما لا يقل عن ثمانية عشر إلى سبعة وعشرين فردا" لغرض ملئ الشواغر في المحكمة المذكورة ويقوم بالطريقة نفسها فيما بعد بترشيح ثلاثة أعضاء لكل شاغر لاحق يحصل بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العزل , ويقوم مجلس الرئاسة بتعين أعضاء هذه المحكمة وتسمية أحدهم رئيسا" لها , وفي حالة رفض أي تعين يرشح مجلس القضاء الأعلى مجموعة جديدة من ثلاثة مرشحين ([30])

وبعد التشاور مع المجالس القضائية في كردستان , ومن خلال عملية اقتراع سري وحر , خضعت أسماء المرشحين للتمحيص من قبل مجلس الرئاسة استمر سبعة أشهر اختير بعدها رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا , حيث صدر المرسوم الجمهوري المرقم (398 والمؤرخ في 30 /3 / 2005) بالتعين , وبعد إجراء انتخابات الجمعية الوطنية وتشكيل الحكومة أعيد تعين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا بالقرار الجمهوري المرقم (2 الصادر من هيئة الرئاسة في 1/ 6/ 2005) ([31])

ولعل هذه الطريقة بتعين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا سوف تختلف عما ورد بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وذلك أن دستور عام (2005) أسند إلى القانون اختيار أعضاء المحكمة بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب , والمحكمة لا تتكون من القضاة فقط بل أضاف الدستور إليها خبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون , كما نص على ذلك (( تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون , يحدد عددهم وتنظيم طريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب )) ([32])

ولكل من هذه العناوين صفات تختلف فيما يؤديه من عمل :

فالقضاء: هي الجهة التي تختص بفض المنازعات بمقتضى القانون سواء أكانت هذه المنازعات واقعة بين الأفراد أو بين الأفراد والحكومة , والقضاء في اللغة بمعنى الحكم والإلزام ([33])

قال تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ))([34])

ويذهب فقهاء الشريعة في تعريف القضاء مذهبين الأول يرى أن القضاء صفة حكمية في القاضي توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي . والثاني يرى أن القضاء هو فعل يصدر عن القاضي فهو فض الخصومات وقطع المنازعات على وجه مخصوص ([35])

أما في الاصطلاح فهو قول ملزم يصدر عن ولاية عامة وهو في حقيقة الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام ([36])

 

 

 

 

إن الغاية الأساسية للقضاء هي ضمان الحماية القانونية للناس كافة على سواء بينهم في ذلك ([37])

 

أما خبراء الفقه الإسلامي : فهم أهل العلم والفضل وتؤخذ مشورتهم فيما يعرض من نزاع ما لمعرفة ماهية الحكم الشرعي المناسب , وهذه المشورة أمر مطلوب في عمل القاضي .

أما الخبرة القانونية : فهي استشارة فنية يستعين بها القاضي للوصول إلى معرفة علمية أو فنية فيما يتعلق بالواقعة المعروضة أمامه تنير الطريق ليبني حكمه على أساس سليم ([38])

 

وجاء في قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل (( تتناول الخبرة الأمور العلمية والفنية وغيرها من الأمور اللازمة للفصل في الدعوى دون المسائل القانونية )) ([39])

 

وتأسيسا على ذلك ذهبت المحكمة الاتحادية العليا في نظامها الداخلي على انه (( إذا اقتضى موضوع الدعوى الاستعانة برأي المستشارين لديها أو خبراء من خارجها فتقرر الاستعانة بهم ويكون رأيهم استشاريا" ))([40])

 

وفي خضم هذا الجدل بخصوص خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون انقسم رجال القانون والمختصين إلى فريقين :

الفريق الأول : يرى أن عمل المحكمة الاتحادية العليا وسواها من المحاكم الدستورية في العالم هو عمل قضائي بحت ويستمد هذا المبدأ أساسه من الدستور ذاته كما جاء في المادة (92 / أولا) (( المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا" وإداريا" ))

 

ويعني ذلك أن تفسير نصوص الدستور تلك المهمة الشاقة التي تجعل من قرار التفسير قوة النص الدستوري , وهو أيضا" عمل قضائي , والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات عمل قضائي , كما أن الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء , عمل قضائي إضافة إلى جميع الصلاحيات التي خول فيها الدستور المحكمة الاتحادية العليا موضوع المادة 93 منه هي أعمال قضائية لا يمكن الفصل فيها إلا

من قبل قاضي مؤهل لهذا العمل , والمحكمة ينحصر عملها في تطبيق القانون وقول كلمة العدالة , ولما كان الأمر كذلك فليس لغير القضاة الصلاحية لممارسة عمل خارج عن اختصاصهم , وان الخبراء والحالة هذه غير مؤهلين من الوجهة المهنية للفصل في قضاء لان تأهيلهم انحصر في مجال الخبرة حصرا" .

إن الخبرة والخبراء وحسب المفهوم اللغوي والفقهي والقانوني هو عمل استشاري لا يتعدى المشورة مطلقا" وان القول بخلاف ذلك يخرج الخبرة عن وصفها القانوني , ومما لاشك فيه أن خبراء الفقه الإسلامي هم أعضاء في المحكمة الاتحادية العليا لان الدستور وضعهم موضع الخبير الذي ليس له سوى إبداء المشورة ([41])

أما الفريق الثاني: يرى عكس ما ذهب إلية الفريق الأول وسبب ذلك هو التخوف من الغموض الوارد في (م2 / أولا / أ) من الدستور التي جاء فيها (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام )) والبند (أولا / ب) من نفس المادة التي جاء فيها (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ))

وهذين النصين يبدو للوهلة الأولى أن هناك تناقضا" بينهما , وفي تصورهم أن مبادئ الديمقراطية ليس لها محددات وبالتالي ستكون بحاجة ملحة أن تكون هناك جهة لتفسير تلك المحددات , وعلى ضوء ذلك يرى الفريق الثاني لابد من مشاركة خبراء الفقه الإسلامي في اتخاذ القرار مع الهيئة القضائية ([42])

 

ونرى أن التجربة الجديدة في العراق تثير المخاوف لدى البعض بضم خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون إلى عضوية المحكمة واعتبرها البعض مخالفة لاستقلالية القضاء وتدخلا" في عمل السلطة القضائية , وعدم جواز زج خبراء الفقه الإسلامي في عضوية المحكمة باعتبار العضوية أمرا" محصورا" بالقضاة فقط , وهي نظرة لا تخلو من القصور فمفردات الدستور واضحة في المادة 2 منه مما لا شك فيه أن سن قانون يخالف هذه الثوابت هو قانون غير دستوري وهنا يبرز دور

خبراء الفقه الإسلامي ليبينوا أن هذا القانون يخالف أو لا يخالف ثوابت أحكام الإسلام , فمن المعلوم أن القضاة لا يملكون ما يملكه خبراء الفقه الإسلامي , كما أن خبراء الفقه الإسلامي لا يملكون ما يملكه القضاة في حسم الدعاوى القضائية , وعليه يكون التميز بين خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون والقضاة , يحدده طبيعة الموضوع المراد حسمه أمام المحكمة , إذا كان الموضوع ذو طبيعة قضائية فان دور خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون لا يتعدى المشورة فقط دون التصويت , أما إذا كان الموضوع ذو طبيعة غير قضائية يتعلق بالمادة 2 من الدستور والمصادقة على نتائج الانتخابات أرى من الضروري أن يكون لهم حق التصويت , وبهذا نخلص إلى التمييز بين ما هو من الاختصاصات الحصرية للقضاء الذي يكون البت فيه للقضاة حصرا" مع مشورة خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون دون التصويت وذلك للتخلص من إشكالية الجدل الدائر حول خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون . 

 

الفرع الثاني :

طرق ممارسة الرقابة الدستورية

    نتطرق إلى طرق ممارسة الرقابة على دستورية القوانين التي يتبعها التنظيم القضائي العراقي مثل ( المزج بين طريقتي الدفع الفرع والدعوى الأصلية , وفي طريقة الدعوى المباشرة )

أولا": المزج بين طريقتي الدفع الفرعي و الدعوى الأصلية

إن طرق الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الدول أما أن تتم بطريقة الدفع الفرعي وهي رقابة الامتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور أو رقابة الدعوى المباشرة وتسمى أيضا" الدعوى الأصلية أو ( دعوى الإلغاء), أو بطريقة المزج بين الدعوى الأصلية المباشرة والدفع بعدم الدستورية ويتم الأسلوب الأخير بان يتقدم الأفراد بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام المحاكم , فان اقتنعت بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية 

وهذه الطريقة تفترض وجود دعوى يراد فيها تطبيق قانون معين فيدفع أحد الخصوم بعدم دستورية هذا القانون , وفي هذه الحالة لا تفصل المحكمة في صحة الدفع بل تؤجل النظر في الدعوى وتحيل الطعن في دستورية القانون إلى المحكمة الدستورية التي يكون لحكمها حجية مطلقة تجاه الكافة .

ويبدو أن الرقابة التي تمارسها المحكمة الاتحادية العليا في العراق    تتمثل أولا":  بأسلوب المزج بين طريقتي الدفع الفرعي والدعوى الأصلية ويتم الطعن في دستورية القوانين حسب هذا الطريق بأسلوبين :

1- أن يتم الطعن من خلال المحاكم بطلب من تلقاء نفسها أثناء نظرها دعوى ودون دفع من المتقاضيين  ويتضح هذا من نص المادة 3  من النظام الداخلي للمحكمة حيث ورد : (( إذا طلبت إحدى المحاكم من تلقاء نفسها أثناء نظرها دعوى البت في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات يتعلق بتلك الدعوى فترسل الطلب معللا" إلى المحكمة الاتحادية العليا للبت فيه ولا يخضع هذا الطلب إلى الرسم )) ([43])

 

وهذا النص أعطى للمحاكم على اختلاف درجاتها أثناء نظرها دعوى مدنية أو جزائية , عندما تجد أن النص القانوني أو القرار أو التعليمات أو النظام واجب التطبيق على وقائع الدعوى مخالف للدستور فلها أن تطلب من تلقاء نفسها البت في شرعية النص وترسل طلبا" معللا" إلى المحكمة الاتحادية العليا غير خاضع للرسم , وهنا فان محكمة الموضوع لا تلغي النص وإنما تحيله إلى المحكمة الاتحادية العليا التي تقوم بدورها التحقق من دستورية أو عدم دستورية النص المحال إليها من محكمة الموضوع , والإلغاء يكون من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا دون غيرها .

 

ومن التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا على ضوء المادة 3 من النظام الداخلي للمحكمة في الدعوى : 10 / اتحادية / 2006 التاريخ : 29 / 5 / 2006 الخاص بطلب محكمة التمييز الاتحادية بمدى دستورية  نص المادة ( 20 / أولا – ثانيا ) من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 ولأهمية القرار ووقائعه ارتأينا ايرادة كاملا" :

( طلبت محكمة التمييز الاتحادية بموجب كتابها المرقم 52 / 53 / 71 / الهيئة العامة / 2006 والمؤرخ في 11 / 4 / 2006 النظر في دستورية نص المادة (20/ أولا – ثالثا ) من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 والبت في شرعيته والتي نصت على انه ( للمعترض وللمعترض عليه أن يميز قرار لجنة

 

تدقيق قضايا المتقاعدين لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال ستين يوما من تاريخ تبليغه بقرار اللجنة المذكورة ويكون قرار الهيئة العامة الصادر بذلك قطعيا ) حيث ترى الهيئة العامة وبرأي أكثرية أعضائها بان النص المذكور غير دستوري للأسباب الواردة في قرارها المرقم 52 / الهيئة العامة / 2005 والمؤرخ في 29 / 3 / 2006 والمتضمن بان المادة 47 من دستور جمهورية العراق نصت بان تكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات

وحيث أن مجلس شورى الدولة يرتبط بوزارة العدل ولا يعد من أجهزة السلطة القضائية فهو تابع للسلطة التنفيذية ويتكون من رئيس وأعضاء غالبيتهم المطلقة من غير القضاة وبالتالي فان نظر الطعون من قبل المجلس المذكور يخل بمبدأ الفصل بين السلطات وان المادة 29 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 نصت بان تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة وتختص بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص وان التشريع المذكور من شانه الإخلال بهذا المبدأ خاصة وان الدستور الدائم وقبله قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية نص على استقلالية القضاء سيما وان المشرع أوجب أن يرأس هيئة قضايا المتقاعدين قاضي منتدب من مجلس القضاء وأعضاء آخرين فلا يجوز النظر تميزا" في القرارات الصادرة منها من قبل هيئة قضائية ولأسباب أخرى المسرودة في القرار المذكور ولدى ورود طلب محكمة التمييز الاتحادية تم تسجيله لدى هذه المحكمة وأشعرت المحكمة وزارة المالية بيان رأيها بشان الموضوع خلال خمسة عشر يوما" وإنها أوضحت رأيها في الموضوع بموجب كتابها المرقم / القانونية / الوظيفة العامة / القسم 802 / 14 وبعدد 16486 في 15 /5 / 2006 والمتضمن بان لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين تشكل برئاسة قاضي من الصنف الثاني وعضوين من الموظفين القانونيين من وزارة المالية وآخر من وزارة الدفاع تتخذ قراراتها بالأكثرية وهي لجنة مشكلة بموجب قانون التقاعد الموحد , وهو قانون يختص بتنظيم شؤون المتقاعدين من موظفي الدولة من حيث الحقوق التقاعدية لذا فإنها تعتبر لجنة إدارية وان القرارات التي تصدرها هي قرارات إدارية وليست قضائية وحيث أن الفقرة ( ثالثا" من البند أولا" من المادة 20 من قانون التقاعد الموحد ) قد نصت بأنه ( للمعترض وللمعترض عليه أن يميز قرار لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال ستين يوما" من تاريخ تبليغه بقرار اللجنة ويكون قرار الهيئة العامة الصادر بذلك قطعيا ) لذا فان الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة هي المختصة للنظر في الطعون التميزية بقرارات لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين وبعد الاطلاع على إجابة وزارة المالية حددت المحكمة موعدا للنظر في القرار.)

 وقد خلصت المحكمة إلى قرارا ورد فيه ( لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد أن الفقرة (أ) من البند أولا" من المادة 20 من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 نصت بتشكيل لجنة تسمى ( لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين ) برئاسة قاضي من الصنف الثاني ينتدبه مجلس القضاء وعضوين من الموظفين القانونيين لا تقل درجتهما عن مدير احدهما من وزارة المالية والآخر من وزارة الدفاع تتخذ قراراتها بالأكثرية وينظر في جميع قضايا التقاعد المعترض عليها الناشئة من تطبيق أحكام القانون المذكور , لذا تجد هذه المحكمة أن هذه اللجنة هي لجنة خاصة شكلت بموجب قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 للنظر في شؤون المتقاعدين من موظفي الدولة من حيث الحقوق التقاعدية وان القرارات التي تصدرها هي قرارات إدارية ذات طبيعة خاصة تغلب عليها

الصفة الإدارية وليست قرارات قضائية صرفة بالرغم من أن اللجنة يترأسها قاضي ينتدبه مجلس القضاء لذا فان القرارات التي تصدرها تعتبر قرارات ذات طبيعة خاصة وحيث أن البند أولا" من المادة 20 من قانون التقاعد الموحد عين مرجع الطعن في القرارات التي تصدرها اللجنة المذكورة لدى الهيئة العامة لذا للأسباب المتقدمة فان النص المتقدم المنصوص عليه في البند ثالثا" من المادة 20 من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 لا يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال القضاء والتدخل في شؤون السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية ويكون طلب الهيئة العامة لمحكمة التميز المشار إليه أعلاه غير وارد , لذا قرر رد الطلب ) ([44]) .

 2- أن يدفع احد الخصوم في دعوى تنظرها احد المحاكم بان النص القانوني أو القرار المراد تطبيقه علية غير دستوري فيكلف الخصم بتقديم هذا الدفع بدعوى فتبت هي  في قبول الدعوى فإذا قبلتها ترسلها مع المستندات إلى المحكمة الاتحادية العليا للبت بعدم الشرعية وفق تفصيل أوردته المادة 4 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا التي جاء فيها (( إذا طلبت إحدى المحاكم الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو تعليمات أو أمر بناء" على دفع احد الخصوم بعدم الشرعية فيكلف الخصم بتقديم هذا الدفع بدعوى , وبعد استيفاء الرسم عنها تبت في قبول الدعوى فإذا قبلتها ترسلها مع المستندات إلى المحكمة الاتحادية العليا للبت بعدم الشرعية وتتخذ قرارا" باستئخار الدعوى الأصلية للنتيجة , أما إذا رفضت الدفع فيكون قرارها بالرفض قابلا" للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا)) ([45])

نجد أن هذا النص جاء خاليا" من تحديد مدة للخصم في رفع الدعوى هذا لان تحديد المدة يعطي رؤية للمحكمة للتحقق من أن رغبة الطاعن أمامها جدية وليس مجرد كسب الوقت أو إضاعته  , وهنا يبدو الخلل في عدم تحديد مدة محددة وعليه يجب معالجة هذه المسألة .       

هذا وتقرر المحكمة استئخار الدعوى التي تنظرها أصلا إلى حين البت من المحكمة الاتحادية العليا في دستورية القانون المراد تطبيقه من عدمه  استنادا" إلى أحكام (م 83 / 1) من قانون المرافعات المدنية رقم(83 لسنة 1969) بقولها (( إذا رأت المحكمة أن الحكم يتوقف على الفصل في موضوع آخر قررت إيقاف المرافعة واعتبار الدعوى مستأخرة حتى يتم الفصل في ذلك الموضوع وعندئذ تستأنف المحكمة السير في الدعوى من النقطة التي وقفت عندها ويجوز الطعن في هذا القرار بطريق التمييز ))

 ثانيا": طريقة الدعوى المباشرة ( دعوى الإلغاء )

 الأسلوب الأخر الذي اتبعته المحكمة الاتحادية العليا للرقابة على دستورية القوانين هو طريق الدعوى الأصلية أو المباشرة , وهو ما يتبين من نص المادة الخامسة من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا حيث جاء في النص أنه (( إذا طلبت إحدى الجهات الرسمية بمناسبة منازعة قائمة بينها وبين جهة أخرى الفصل في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات أو أمر فترسل الطلب بدعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا معللا" مع أسانيده وذلك بكتاب موقع من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة )) .

وهذه المادة تطرقت إلى المنازعات التي قد تنشأ بين جهة رسمية و جهة أخرى   سواء أكانت تلك الجهة رسمية أو غير رسمية .

ومن ثم فان إقامة الدعوى من تلك الجهة يفترض وجود منازعة قائمة و أن تقدم الأسباب بكتاب موقع من الوزير إذا كانت جهة رسمية مرتبطة بوزارة , أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة ويطلق على هذه الدعوى بالدعوى المباشرة أو دعوى الإلغاء .

 و تستند المحكمة الاتحادية العليا في اختصاصها هذا  إلى نص المادة (4 / ثانيا") من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم ( 30 لسنة 2005) التي نصت على انه ((الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من أية جهة تملك حق إصدارها وإلغاء التي تتعارض منها مع أحكام قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية , ويكون ذلك بناءا" على طلب من محكمة أو جهة رسمية أو من مدع بمصلحة )) .

 ومن الجدير بالذكر أن هذا النص يسمح لكل مدع بمصلحة بما في ذلك الأفراد  أن يرفع الدعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا للنظر بشرعية القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من أية جهة تملك حق إصدارها وإلغاء التي تتعارض منها مع أحكام الدستور .

 

ومن التطبيقات القضائية لدعوى الإلغاء قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية المادة 15 / ثانيا" من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 ذي العدد15 / ت / 2006 بتاريخ 26 / 4 / 2007  والذي ادعى فيه  وكلاء المدعية أمام هذه المحكمة بأن الجمعية الوطنية العراقية أصدرت بتاريخ 5 /10 / 2005 قانون انتخابات رقم 16 لسنة 2005 والذي حل بديلا" لقانون الانتخابات السابق رقم 96 لسنة 2004 وقد جاء في المادة 15 /ثانيا" منه بأن تكون كل محافظة وفقا" للحدود الإدارية الرسمية دائرة انتخابية تختص بعدد من المقاعد يتناسب مع عدد الناخبين المسجلين في المحافظة حسب انتخابات ( 30 / كانون الثاني/ 2005 ) المعتمد على نظام البطاقة التموينية أي أن القانون اعتمد معيار الناخبين المسجلين في حين أن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وفي المادة (49 / ثانيا") منه قد نص على أن يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة 1 لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق أي أن الدستور اعتمد معيار عدد النفوس الكلي لذا يكون نص المادة (15 / ثانيا") من قانون انتخابات رقم 16 لسنة 2005 مخالفا" لنص صريح في الدستور في المادة (49 / ثانيا") منه إضافة إلى ما يترتب على هذه المخالفة الدستورية من ضرر وحيف سيلحق عددا" من المحافظات ( نينوى وصلاح الدين وديالى وبابل ) لأنها ستفقد عددا" من المقاعد في الجمعية الوطنية العراقية هي من استحقاقها فيما إذا اعتمد المعيار الوارد في الدستور , لذا فإنهم بادروا بالطعن بعدم دستورية نص المادة (15 / ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لذا طلبوا بعد إجراء اللازم الحكم بعدم دستورية نص المادة (15 / ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 وإلغاء كافة الأنظمة والتعليمات التي صدرت استنادا" إلى هذه المادة وذلك استنادا" لنص المادة ( 13 / أولا" وثانيا" ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وذلك بسبب مخالفتها لنص صريح في الدستور تمثل في المادة 49 منه .

وبعد تسجيل الدعوى وفقا" للفقرة ثالثا" من المادة 1 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا واستكمال الإجراءات المطلوبة وفق الفقرة ثانيا" من المادة 2 من النظام المذكور تم تعين موعدا" للمرافعة ... وقد تبين بان وكلاء المدعي وقبل حلول الجلسة كانوا قد قدموا لائحة توضيحية إلى هذه المحكمة مؤرخة في 11 / 9 / 2006 طلبوا فيها اعتبار المدعى عليه هو رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته وهو الخصم الحقيقي بدلا" من رئيس الجمعية الوطنية / إضافة لوظيفته وقد استجابت المحكمة طلبهم وقررت اعتبار المدعى عليه هو رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته بدلا" من رئيس الجمعية الوطنية العراقية وقرر اتخاذ الإجراءات القضائية في الدعوى تبعا" لذلك  وقد أوضح وكلاء المدعية : أن القانون الذي جرت الانتخابات في ظله هو قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وان نص المادة ( 15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 جاءت مخالفة لروح ونص المادة ( 31 / أ ) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية للأسباب التي أوضحوها في لوائحهم وقد اطلعت المحكمة عليها كما اطلعت على اللوائح المقدمة من وكيل المدعى عليه ... والذي طلب فيها رد الدعوى مع تحميل المدعية المصاريف والأتعاب لان الدعوى غير مستوفية للشرط الخامس من المادة 6 من النظام الداخلي رقم 1 لسنة 2005 أجار سير العمل في المحكمة الاتحادية العليا . وان نص المادة ( 15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات جاء متفقا" مع نص المادة 49 من الدستور في الموضوع ولغيرها من الأسباب التي وردت فيها.

 وبعد ذلك خلصت المحكمة إلى قرارها المتضمن (أن الانتخابات التي جرت في العراق لانتخابات أعضاء مجلس النواب قد جرت في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وان الفقرة ثانيا" من المادة 15 من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 نصت بأن تكون كل محافظة وفقا" للحدود الإدارية الرسمية دائرة انتخابية تختص بعدد من المقاعد يتناسب مع عدد الناخبين المسجلين في المحافظة حسب انتخابات ( 30/ كانون الثاني / 2005) (المعتمد على نظام البطاقة التموينية ) يتضح مما تقدم آنفا" أن المادة (31 /أ) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لم تعتمد معيار عدد نفوس العراق عند توزيع مقاعد مجلس النواب ولم تتطرق إلى ذلك وإنما سكتت عنها وان المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات المشار إليه أعلاه اعتمدت عدد الناخبين المسجلين في كل محافظة حسب انتخابات (30/ كانون الثاني/ 2005) المعتمد على نظام البطاقة التموينية لذا فليس هناك ثمة تعارض بين نص المادة (15/ ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 وبين نص المادة (31/أ) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لذا يكون طلب وكلاء المدعية بالحكم بعدم دستورية المادة ( 15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لا يستند على أساس قانوني سليم مما يقضي رده لذا قرر رده ,أما بخصوص طلبهم الوارد في عريضة الدعوى المتضمنة طلب الحكم بعدم دستورية المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لمخالفتها المادة 49 من الدستور النافذ فقد وجد أن المادة ( 49/أولا") من الدستور نصت ( بأنه يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه ) وحيث أن المادة (49/أولا") من الدستور اعتمدت معيار عدد نفوس العراق في الانتخابات بنسبة واحد لكل مائة ألف نسمة من سكان العراق

بخلاف المعيار المعتمد في المادة ( 15/ ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 حيث اعتمدت معيار عدد الناخبين المسجلين في السجلات في كل محافظة وفقا" لما ذكر آنفا" لذا فان نص المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات أصبح متعارضا" مع نص المادة (49/أولا") من الدستور وحيث أن المادة (13/ثانيا") من

الدستور نصت على انه ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ويعد باطلا" كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قانوني آخر يتعارض معه ) وان الفقرة (أولا") من المادة نفسها نصت بأنه ( يعد هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق ويكون ملزما" في أنحائه كافة وبدون استثناء ) لذا ولما تقدم أعلاه قررت المحكمة الحكم بعدم دستورية المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لتعارضها مع أحكام المادة (49/ أولا") من الدستور وللسلطة التشريعية تشريع نص جديد يكون موافقا" لأحكام المادة (49/أولا") من الدستور على أن لا يمس الإجراءات التي جرت بموجبها انتخابات المجلس النيابي الحالي في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ). ([46])

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني :

اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا

تباينت اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية , ودستور العراق الدائم حيث أن اختصاصات المحكمة في الدستور جاءت أوسع مما وردت في قانون أدارة الدولة وأوسع من قانون المحكمة النافذ حيث أضاف الدستور إليها تفسير النصوص الدستورية , والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء , والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب .

ولغرض بيان اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا نقسم هذا المطلب إلى ثلاث فروع متتابعة :

الفرع الأول : اختصاصات المحكمة في قانون إدارة الدولة

الفرع الثاني : اختصاصات المحكمة في الدستور الدائم

الفرع الثالث : حجية الأحكام الدستورية

 

 

 

 

 

الفرع الأول :

اختصاصات المحكمة في قانون إدارة الدولة

بعد انتقال العراق إلى مرحلة جديدة وتبني الفدرالية كشكل للدولة وإقرار واقع إقليم كردستان في الوثيقة الدستورية المتمثلة بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية التي نصت مبادئها على الحقوق والحريات الأساسية , ولأجل ضمان عدم التجاوز على تلك الحقوق والنظر فيما يحصل من منازعات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان أو الأقاليم الأخرى والمحافظات والإدارات المحلية كان لابد من جهة تتولى مهمة الرقابة على شرعية القوانين وإلغاء ما يتعارض منها مع قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ([47]).

 

 

 

 

 

  لذلك حدد قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الصادر عام 2004 اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا في المادة 44 حيث نصت على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا :

1- الاختصاص ألحصري والأصيل في الدعاوى بين الحكومة العراقية الانتقالية وحكومات الأقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية .

2- الاختصاص ألحصري والأصيل , بناء" على دعوى من مدع أو بناء" على إحالة من محكمة أخرى في دعاوى بأن قانونا" أو نظاما" أو تعليمات صادرة عن الحكومة الاتحادية أو الحكومات الإقليمية أو إدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية لا تتفق مع هذا القانون.

3- تحديد الصلاحيات الاستئنافية التقديرية للمحكمة العليا الاتحادية بقانون اتحادي

وقد أضاف النص انه إذا قررت المحكمة العليا أن قانونا" أو نظاما" أو تعليمات أو إجراء جرى الطعن به غير متفق مع هذا القانون فيعتبر ملغيا" .

 

وقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية في هذه الحالة أخذ بدعوى الإلغاء , ومن خلال التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا إنها لم تلغ النص المخالف للدستور بأثر رجعي وإنما من تاريخ صدور الحكم كما في حكمها بعدم دستورية المادة (15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لتعارضها مع أحكام المادة (49 / أولا") من الدستور الدائم لعام 2005 .

 

هذا و تضع المحكمة الاتحادية العليا نظاما" لها بالإجراءات اللازمة لرفع الدعوى وللسماح للمحامين بالترافع أمامها وتقوم بنشره وتتخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة ما عدا القرارات بخصوص الدعاوى المنصوص عليها في المادة (44/ب/1) التي يجب أن تكون بأغلبية الثلثين وتكون ملزمة ولها مطلق السلطة بتنفيذ قراراتها بضمن ذلك إصدار قرار بازدراء المحكمة وما يترتب على ذلك من إجراء.

 

وعلى ذلك فان المحكمة تصدر قراراتها في الدعاوى الناشئة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية , حيث  تصدر المحكمة قراراتها بأغلبية خاصة وهي الثلثين استثناءا.

واستنادا" للمادة 44 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية والقسم الثاني من ملحقه وبناءا" على موافقة مجلس الرئاسة أصدر مجلس الوزراء قانون

 

 

 

 

 

                                                                               

  

المحكمة الاتحادية العليا رقم (30 لسنة 2005) وعلى ضوء المادة 9 من قانون المحكمة الذي جاء فيه (( تصدر المحكمة الاتحادية العليا نظاما" داخليا" تحدد فيه الإجراءات التي تنظم سير العمل في المحكمة وكيفية قبول طلبات وإجراءات الترافع وما يسهل تنفيذ أحكام هذا القانون... ))

وقد نص في المادة الرابعة من قانون المحكمة رقم (30 لسنة 2005)على اختصاصات المحكمة وهي :

أولا" : الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية .

ثانيا" : الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من أية جهة تملك حق إصدارها وإلغاء التي تتعارض منها مع أحكام قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ويكون ذلك بناء" على طلب من محكمة أو جهة رسمية أو من مدع بمصلحة .

ثالثا" : النظر في الطعون المقدمة على الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الإداري .

رابعا" : النظر بالدعاوى المقامة أمامها بصفة استئنافية وينظم اختصاصها بقانون اتحادي .

إن المحكمة الاتحادية العليا علاوة على ممارستها لاختصاصاتها التي حددت بالرقابة على دستورية القوانين والفصل في المنازعات بين الحكومة الاتحادية والأقاليم أو بين الأقاليم فيما بينها أو بينها وبين المحافظات , فقد أنيط بها اختصاص آخر يتعلق بالطعن في الأحكام والقرارات التي تصدرها محكمة القضاء الإداري والتي تخضع للطعن أمام الهيئة التمييزية في مجلس شورى الدولة قبل صدور قانون المحكمة الاتحادية العليا بالأمر رقم (30 لسنة 2005) فالمحكمة الاتحادية العليا تمارس اختصاص محكمة التمييز بالنسبة للأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري , ويقدم الطعن في الأحكام والقرارات التي تصدرها محكمة القضاء الإداري بواسطة رئيس محكمة القضاء الإداري بعد استيفاء الرسم القانوني عنها وتسجل الدعوى حسب أسبقية ورودها في سجل خاص للقضايا التمييزية التي تخص القضاء الإداري , وتنظر المحكمة الاتحادية العليا بالطعن ويجوز لها عند الاقتضاء دعوة الخصوم للاستيضاح منهم عن بعض النقاط التي تروم الاستيضاح عنها .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفرع الثاني :

اختصاصات المحكمة في دستور عام 2005

أورد دستور العراق لسنة (2005) اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا بشكل أوسع مما جاء في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 كما إن الاختصاص المتعلق بالنظر في الدعاوى المقامة أمام المحكمة بصفة استئنافية والواردة في المادة (4 / رابعا") من قانون المحكمة رقم (30 لسنة 2005) استبعد من اختصاصات المحكمة في ظل الدستور  .

والاختصاصات التي نص عليها الدستور في المادة 93 مايلي :

أولا" : الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة .

والمحكمة هنا تنظر في شرعية القوانين والأنظمة النافذة , وتكون رقابتها لاحقة ولا تنظر في مشروعات أو مقترحات القوانين قبل صدورها .

 وعلى ذلك فقد رفضت المحكمة اختصاصها في النظر بصحة التصويت على مشروع قانون تشكيل الأقاليم في العراق  على الرغم من استناد المدعين الى نص المادة ( 52 /ثانيا" ) من الدستور التي نصت على انه (( يجوز الطعن في قرار المجلس أمام المحكمة الاتحادية العليا خلال ثلاثين يوما" من تاريخ صدوره )) في الواقع هذا البند متعلق بصحة عضوية أعضاء مجلس النواب ولا دخل له بإجراءات التصويت في مجلس النواب على مشاريع قوانين وفي ذلك ورد في الدعوى عدد (18 / اتحادية / 2006) بتاريخ (5 / 3 /2007) ( ادعى المدعي لدى المحكمة الاتحادية العليا أن مجلس النواب العراقي عقد جلسته الاعتيادية بتاريخ (11/ 10 /2006) وكان مدرجا" على جدول أعماله طرح مقترح مشروع ( قانون الأقاليم ) للتصويت عليه عملا" بنص المادة (118) من الدستور , وأن هيئة رئاسة مجلس النواب خالفت أحكام النظام الداخلي للمجلس بالمادة (24) منه وبدلالة المادة (23)ولم تلتزم بالآلية الواجب إتباعها عند عرض مقترحات مشاريع القوانين المطلوب التصويت عليها وفض النزاع بها من خلال أخذ رأي أعضاء المجلس بالتصويت , وهذه المخالفة سبقتها مخالفات أخرى منها تحديد حالة الطوارئ حين لم يتوفر النصاب القانوني للتصويت عليه , وان صيغة مقترح مشروع القانون المقدم للتصويت عليه بهذه الجلسة كان من الخطورة بمكان بحيث يوجب على هيئة الرئاسة أن تلتزم وبدقة بما ورد بأحكام النظام الداخلي للمجلس خاصة وان هذا المشروع قد أثير حوله جدل كثير وصاحبته معارضة من الكتل النيابية وذلك من طبيعة الإجراءات التي اتبعت لتبرير هذا القانون . وكان هنالك خرق آخر للمادة (136 ) من النظام الداخلي عندما تصرفت هيئة الرئاسة بتعدي منها على مشروع قانون تشكيل الأقاليم للتصويت عليه قبل يومين من المدة القانونية المنصوص عليها في المادة (136) من النظام الداخلي لمجلس النواب لان مدة الأربعة أيام التي نصت عليها المشار إليها تمثل الحد الأدنى لدمج المقترحات التي يتقدم بها أعضاء المجلس أثناء فترة المناقشة وهذه المدة تحتسب من تاريخ غلق النقاش على مقترح مشروع القانون وان هيئة الرئاسة قلصت هذه المدة ليومين خلافا" للنظام . وعليه والاختصاص ألحصري للمحكمة الاتحادية العليا للنظر بدستورية القوانين والأنظمة والإجراءات المتبعة في مجلس النواب طلب إلغاء وإبطال إجراءات التصويت على مشروع قانون تشكيل الأقاليم في العراق لان المبني على باطل فهو باطل علما" أن نصاب مجلس النواب من الحضور متوفرة فيه الأغلبية النسبية وهي ( النصف + 1 ) أي ( 138 + عضو واحد ) في حين أن الأغلبية المطلقة هي ( 184 + عضو واحد ) ومن ثم تحميل المدعى عليه بالإضافة لوظيفته الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة . بعد أن اتبعت المحكمة الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة ( ثالثا") من المادة 1 والفقرة ( ثانيا") من المادة 2 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005 أجرت المرافعة واستمعت لأقوال الطرفين وطلباتهم وأفهمت ختام المرافعة . دققت المحكمة الاتحادية العليا عريضة الدعوى والطلبات الواردة فيها واللوائح المتبادلة بين الطرفين ومستندات الدعوى فوجدت أن المدعي يطلب في عريضة الدعوى إبطال إجراءات التصويت على مشروع قانون تشكيل الأقاليم في العراق وقد أيد وكيل المدعي هذا الطلب بما ورد بلائحته المؤرخة 13/12/2006 والتي بين فيها انه يطعن بالآلية التي تم فيها إحصاء عدد الأصوات وأكد على ذلك بلائحته المؤرخة  5/ 3 / 2006 حيث بين أن طريقة عد الأصوات كان غير دقيق . وإذ أن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا محددة بأحكام المادة 4 من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 والمادة 93 من الدستور ولم يكن من بين هذه الأحكام صلاحية النظر في صحة التصويت والمبينة في البرلمان العراقي . وان ما أشار إليه وكيل المدعي بلائحته المؤرخة 5 / 2 / 2006 في ثانيا" منها من أن المحكمة الاتحادية العليا مختصة بموجب أحكام المادة (52 / ثانيا") من الدستور فان ما ذهب إليه غير صحيح إذ أن أحكام هذه المادة تتعلق بصحة عضوية أعضاء مجلس النواب وبينت في الفقرة أولا" منها أن مجلس النواب يبت في صحة عضوية أعضائه خلال ثلاثين يوما" وفي الفقرة ثانيا" منها بينت انه يجوز الطعن على هذا القرار ( أي قرار صحة العضوية من عدمها ) لدى المحكمة الاتحادية العليا وهذا لا يعني أن هذه المحكمة لها صلاحية النظر على صحة التصويت في مجلس النواب . ومن كل ما تقدم نجد هذه المحكمة أنها غير مختصة بنظر الدعاوى وان دعوى المدعي إضافة لوظيفته لا سند لها من القانون باختصاص هذه المحكمة بنظرها . فقرر رد دعوى المدعي إضافة لوظيفته وتحميله الرسوم)([48])

 

 

 

 

ثانيا": تفسير نصوص الدستور

لم يكن من بين اختصاصات المحكمة الاتحادية بموجب قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية , ولا في قانون المحكمة رقم 30 لسنة 2005 تفسير النصوص الدستورية , إلا أن الدستور الدائم في المادة 93 / ثانيا" منه أضاف هذا الاختصاص إلى اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا , وحسنا" فعل المشرع الدستوري عندما أضاف هذا الاختصاص إلى المحكمة وذلك تلافيا" لما قد يحدث من جدل حول تفسير نصوص الدستور , كما وان المادة 2 من الدستور المتعلقة بثوابت أحكام الإسلام , وتلك المتعلقة بالديمقراطية تحتاج إلى أن يناط بالمحكمة هذا الاختصاص , إضافة إلى ما يحدث مستقبلا" بشأن تنازع القوانين بين الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم وتوزيع إيرادات مصادر الثروات الطبيعية , كذلك فيما يتعلق بالحقوق والحريات , وخير من يقوم بهذه المهمة المحكمة الاتحادية العليا خصوصا" إذا كان الدستور اتحادي يمنح الحق إلى الأقاليم بتشكيل سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية , كما أن الدستور منح الأقاليم اختصاصات واسعة منها كما جاء في المادة ( 121 / ثانيا" )  حيث ورد (( يحق لسلطة الأقاليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم , في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية )) وهذا البند يكاد أن يكون فريدا" من نوعه في الدول الفدرالية حيث يغلّب قانون الإقليم على القانون الاتحادي .

وعلى ضوء هذا البند الخاص بتفسير نصوص الدستور وبعد أن انتهى العمل بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 يجب أن يعدّل قانون المحكمة وكذلك النظام الداخلي للمحكمة تماشيا" مع ما قرره الدستور الدائم لعام 2005 , وهنا تقع مهمة تعديل القانون أو سن قانون جديد على عاتق مجلس النواب استنادا" إلى أحكام المادة 92 / ثانيا" من الدستور , وبما أن الدستور لم يكشف من له الحق طلب التفسير فقد أخذت طلبات التفسير تصل إلى المحكمة الاتحادية العليا من السلطات الدستورية , التشريعية والتنفيذية والقضائية , والمحكمة تستند في تفسيرها لنصوص الدستور إلى أحكام المادة 93 / ثانيا" منه .

ومن التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا على ضوء المادة 93 / ثانيا" من دستور عام 2005 , قرار المحكمة رقم 227 / ت / 2006 بتاريخ 9 / 10 / 2006 بشأن طلب تفسير من مجلس النواب مفاده (هل يمكن إضافة كلمة ( العامة) إلى نهاية عبارة هيئة النزاهة الواردة في المادة ( 102) من الدستور , في قانون الهيئة و ما هي صلاحيات هيئة النزاهة وهل من بينها السلطة القضائية . واستنادا" إلى أحكام المادة ( 93 / ثانيا" ) من الدستور وضعت المحكمة الاتحادية العليا الاستفسار موضع التدقيق والمداولة وتوصلت إلى الرأي الآتي :                                 

 

(أولا"- لا يمكن إضافة كلمة ( العامة ) إلى نهاية عبارة هيئة النزاهة الواردة في المادة ( 102) من الدستور وذلك إلى قانون هيئة النزاهة عند تشريعه , لان نص المادة ( 102 ) من الدستور قد حدد الاسم ابتداء" ولا يجوز مخالفته ولان إضافة ( العامة ) إليه يشعر بوجود هيئتين ( هيئة النزاهة ) و ( هيئة النزاهة العامة ) .

ثانيا"- حدد أمر تشكيل ( المفوضية العراقية المعنية بالنزاهة العامة ) رقم 55 لسنة 2004 اختصاصاتها وصلاحياتها وليس من بينها الصلاحيات التي تمس صلاحيات السلطة القضائية أو ممارسة اختصاصاتها ذلك أن السلطة القضائية مستقلة بموجب المادة ( 87) من الدستور وتدار من ( مجلس القضاء الأعلى ) كما هو منصوص عليه في المادة ( 90 ) من الدستور ولا يجوز لأية جهة التدخل في شؤونها استنادا" إلى أحكام المادة ( 88 ) من الدستور وأن هذه السلطة تدير نفسها بنفسها وفقا" للقانون , فإذا ما حاد أحد منتسبيها عن أداء مهامه فأن طرق الطعن القانونية في الأحكام والقرارات كفيلة بمعالجة ذلك , وبالإضافة لذلك تتولى الجهات الرقابية المرتبطة بمجلس القضاء الأعلى تشخيص أي خلل وتقديم مرتكبه إلى اللجان الانضباطية وإذا ما شكل هذا الخلل جريمة فانه يقدم إلى المحاكم الجزائية لينال عقابه وفي مقدمة هذه الجهات جهاز الادعاء العام وهيئة الإشراف القضائي لذا لا يجوز لأي جهة أخرى وبضمنها هيئة النزاهة بسط صلاحياتها على السلطة القضائية لان ذلك يخل بمبدأ فصل السلطات الذي تبناه الدستور في المادة ( 47 ) منه ويصادر استقلال القضاء ويخل بحياده ويجعله رهين الجهة التي تريد بسط صلاحياتها عليه. )([49])

 

 

ولابد لطلب التفسير من ضوابط تحدده بأن يكون النص المطلوب تفسيره قد أثار خلافا" في التطبيق وان يكون ذا أهمية تستدعي تفسيره تفسيرا" واحدا" تحقيقا" لوحدة تطبيقه وعليه يجب التقيد بضوابط التفسير ومراعاتها عند طلب تفسير نص دستوري وأهم هذه الضوابط ([50]):

1- عدم جواز تقديم طلب التفسير بمناسبة منازعة مطروحة أمام القضاء لان ذلك يعد نزع للخصومة من قاضيها الطبيعي ومنع الخصوم من الدفاع عن وجهة نظرهم إذا تم التفسير في غيابهم حيث أن مثل هذا الطلب سيقوم من السلطة القضائية عند طلب المحكمة المختصة ذلك.

 

2- أن يكون النص قد أثار خلافا" فعليا" في التطبيق وظهرت بصدده وجهات نظر متباينة.

 

 

 

 

ولا يقتصر تفسير المحكمة الاتحادية العليا لنصوص الدستور فقط وإنما يتعدى ذلك إلى تفسير نصوص القانون العادي . ومن التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا تفسير المادة ( 1 / سادسا" ) من قانون التقاعد رقم 27 لسنة 2006 طالب التفسير المقدم مجلس القضاء الأعلى عدد 67 / ت / 2006 بتاريخ 3 /5 / 2006.

والذي جاء في رأي المحكمة (عرض مجلس القضاء الأعلى نص الفقرة ( سادسا" ) من المادة 1 من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 التي تنص ( يحال الموظف المعين بمرسوم جمهوري أو بأمر من مجلس الوزراء على التقاعد بالكيفية التي تم تعينه فيها ) وطلب الرأي فيما إذا كانت هذه الفقرة تعطل أحكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم ( 498 ) في 12 / 7 / 1987 حيث خولت الفقرة ( أولا") منه( للوزير المختص ومن هو بدرجته إحالة أصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامون ومن هم بدرجتهم والموظفون الآخرون ممن يتم تعينهم بمرسوم جمهوري عدا ضباط الجيش وقوى الأمن الداخلي عند إكمالهم السن القانونية للإحالة على التقاعد , وفيما إذا كانت تعطل أحكام الفقرة ( خامسا") من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل  رقم ( 691) في 1 /9 / 1987 التي خولت الوزير المختص ومن هو بدرجته صلاحية إحالة ممن ذكروا في الفقرة (أولا") من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم ( 498 ) في  12 / 7 / 1978 على التقاعد بسبب عدم الصلاحية للخدمة المؤيدة بتقرير اللجنة الطبية المختصة .

وفي الجلسة المنعقدة بتاريخ 30 / 4 / 2006 ناقشت المحكمة الاتحادية العليا الطلب ورجعت إلى النصوص المتقدم ذكرها وتوصلت إلى مايأتي :

أن نص الفقرة سادسا" من المادة 1 من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 ينصرف إلى حالات الإحالة على التقاعد في غير حالتي إكمال السن القانونية للإحالة على التقاعد وعدم صلاحية الموظف للخدمة المؤيدة بتقرير اللجنة المختصة من الحالات التي تلزم بإحالة الموظف على التقاعد بحكم القانون وبخلافه يستلزم الأمر اتخاذ إجراءات طويلة ومعقدة وبالتالي فان الفقرة ( سادسا") من المادة الأولى من قانون التقاعد الموحد لا تنصرف إلى هاتين الحالتين وتبقى صلاحية الإحالة على التقاعد بموجبهما للوزير المختص ولرئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة واتخذ القرار بالاتفاق ).([51])

 

 

 

 

 

الفرع الثالث :

حجية الأحكام الدستورية

إن أحكام المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى الدستورية وقراراتها ملزمة لكافة سلطات الدولة كما ورد في المادة ( 94) من الدستور التي نصت على أن((قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة )).

ولكن الإشكالية في تعارض نصوص الدستور التي  تتقاطع فيما بينها خصوصا" المادة (61 / سادسا" / ب ) التي ذكرت إعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في إحدى الحالات الآتية:

1- الحنث في اليمين الدستورية

2- انتهاك الدستور

3- الخيانة العظمى

وهنا نورد بعض الملاحظات التي يجب الالتفات إليها :

 

أولا" : إن هذا البند لا يتفق مع ما ذكرته المادة 94 من الدستور , والسؤال هنا كيف تكون قرارات المحكمة باتة وملزمة للسلطات كافة إذا كان إعفاء رئيس الجمهورية بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا يخضع لتصويت أعضاء مجلس النواب ؟ 

ففي هذه الحالة لا تكون قرارات المحكمة ملزمة للسلطات كافة في الدولة , وعليه على المشرع أن يزيل هذا التعارض بين المادة ( 61 / سادسا" / ب ) والمادة 94 من الدستور , وفي حالة إبقاء النص على ما هو عليه يكون لمجلس النواب سلطة إلغاء الأحكام التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا وهذا مخالف لأحكام المادة 94 من الدستور.

 

ثانيا" : ورد في المادة ( 121 / ثانيا" ) من الدستور التي نصت على انه (( يحق لسلطة الأقاليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم , في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية )) .

 

وهنا نجد عبارة تعديل تطبيق القانون الاتحادي تعني الإلغاء جزئيا" أو كليا", وان ممارسة سلطة الإلغاء منوط بالمحكمة الاتحادية العليا دون غيرها حيث تتولى

 

                          

 الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية كما نصت عليه المادة (93/ ثالثا") من الدستور , وبما أن القانون الاتحادي أعلى مرتبة من قانون الإقليم استنادا" إلى مبدأ تدرج التشريع في الفقه الدستوري والتنازع الذي يحصل بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم تفصل فيه المحكمة الاتحادية العليا وليس سلطة الإقليم , وفي هذه الحالة سنكون أمام تجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وعلى قاعدة مبدأ تدرج التشريع وعليه لابد للمشرع أن يعالج هذه المسألة التي تضعف من سلطة الحكومة الاتحادية وتتجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا .

إذ أن المادة ( 121 / ثانيا" ) تتجه نحو الكونفدرالية أكثر منها إلى الفدرالية , ومن الضرورات أن يلغى البند ثانيا" من المادة 121 من الدستور لسببين , السبب الأول لتقوية سلطة الحكومة الاتحادية , والثاني عدم التجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا.

فان بقاء هذه النصوص على حالها سوف تثير الجدل في القضاء الدستوري العراقي مستقبلا" حول حجية الأحكام الدستورية التي لا يجوز الطعن بها أو نقضها بأي حال من الأحوال , وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الاتحادية العليا في المادة ( 5 / ثانيا" ) من قانونها رقم 30 لسنة 2005 التي نصت على أنه((الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا باتة ))

المطلب الثالث :

إجراءات رفع الدعوى الدستورية وشروطها

بينا إن التنظيم الدستوري للرقابة على دستورية القوانين في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 ودستور العراق لعام 2005 مورست بطريقة الدعوى المباشرة ( دعوى الإلغاء ) وطريقة المزج بين طريقة الدفع الفرعي والدعوى الأصلية أو المباشرة.

وعلى الرغم من أن تجربة القضاء الدستوري العراقي تجربة قصيرة إلا أنها غنية بقضائها وقضاتها الذين لهم باع طويل في القضاء العراقي .

وبعد أن بينا تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية واختصاصاتها , يتعين علينا أن نتعرف على إجراءات رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا .

فقد أجاز النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005 حق التقدم بالدعاوى إلى ثلاث جهات ( الخصم أمام محكمة الموضوع , والجهات الرسمية, والأفراد الطبيعية والمعنوية ) .

ولغرض التعرف على إجراءات رفع الدعوى في النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا نتناول هذا المطلب في ثلاث فروع  نتناول في الفرع الأول: إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة الموضوع والفرع الثاني: شروط الطعن أمام المحكمة, وأخيرا"  إجراءات الفصل في الطلبات والطعون .

 

 

 

 

 

الفرع الأول :

إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة الموضوع

 

لابد للطعن أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص من توفر الشروط التالية :

أولا": أن تكون هناك دعاوى قائمة ومعروضة أمام محكمة الموضوع والمقصود بمحكمة الموضوع ( أي من المحاكم العراقية على اختلاف أنواعها ودرجاتها عدا محكمة التمييز وذلك لأنها تنحصر في الإجراءات التدقيقية لأوراق الدعوى دون حضور الخصوم إلا للاستيضاح دون المرافعة )

ثانيا": أن يدفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى بعدم شرعية النص دستوريا" الذي سيطبق على واقعة الدعوى .

ثالثا : تقدم الدعوى من قبل الخصوم بناءا" على تكليف محكمة الموضوع له.

رابعا": أن تقدم الدعوى بواسطة محام ذي صلاحية مطلقة.

خامسا": أن يدفع الرسم القانوني المقرر وفق قانون الرسوم العدلية.

سادسا": أن يبين الخصم النص التشريعي المطعون بمخالفته للدستور ونص الدستور المدعي لمخالفته ([52])

 

ويقدم موضوع المنازعة بدعوى وفق الإجراءات التالية :

أولا" : على المدعي عند تقديم عريضة دعواه أن يرفق بها نسخا" بقدر عدد المدعى عليهم وقائمة بالمستندات ويجب عليه أن يوقع هو أو وكيله على كل ورقة من الأوراق المقدمة مع إقراره بمطابقتها للأصل .

ثانيا" : لا تقبل عريضة الدعوى إذا لم ترفق بها المستندات المنصوص عليها في الفقرة أولا" من المادة (15) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا

 

ثالثا" : تؤشر عريضة الدعوى من رئيس المحكمة أو من يخوله ويستوفي الرسم عنها وتسجل في السجل الخاص وفقا" لأسبقية تقديمها ويوضع عليها ختم المحكمة وتاريخ التسجيل ويعطى المدعي وصلا" موقعا" عليه من الموظف المختص يبين فيه رقم الدعوى وتسجيلها .

وعند إكمال إجراءات دعوى المدعي:

أولا" : تبلغ عريضة الدعوى ومستنداتها إلى الخصم ويلزم الإجابة عليها تحريريا" خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما" من تاريخ التبليغ.

ثانيا" : لا يعين موعد للمرافعة في الدعوى إلا بعد إكمال التبليغات وإجابة الخصم عليها أو مضي المدة المنصوص عليها في الفقرة أولا" من المادة 2 وفي هذه الحالة لا يقبل من الخصم طلب تأجيل الدعوى لغرض الإجابة .

وأجاز النظام الداخلي للمحكمة إجراء التبليغات في مجال اختصاصها بوساطة البريد الالكتروني والفاكس والتلكس إضافة لوسائل التبليغ الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية ([53]) ومن الجدير بالذكر أن  النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1 لسنة 2005) قد نص على أن يطبق قانون المرافعات المدنية إذا لم يرد نص خاص في قانون المحكمة وفي نظامها الداخلي فقد جاء في نص المادة (19) من النظام الداخلي للمحكمة (( تطبق أحكام قانون المرافعات المدنية رقم (83 لسنة 1969) وقانون الإثبات رقم (107 لسنة 1979) فيما لم يرد نص خاص في قانون المحكمة الاتحادية العليا في هذا النظام ))

وذكرت المادة 6 من النظام الداخلي (( إذا طلب مدع الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي في نظام أو تعليمات أو أمر فيقدم الطلب بدعوى مستوفية للشروط المنصوص عليها في المواد ( 44 و 45 و 46 و 47 ) من قانون المرافعات المدنية ...)) ومن هذه الشروط ما ورد في المادة 44 من قانون المرافعات المدنية رقم (83 لسنة 1969) التي تنص على مايلي:

1- كل دعوى يجب أن تقام بعريضة.

2- يجوز الادعاء بعريضة واحدة بحق عيني على عدة عقارات إذا اتحد السبب والخصوم .

3- يجوز الادعاء بعريضة واحدة بعدة حقوق شخصية وعينية منقولة .

4- يجوز أن تتضمن الطلبات المكملة للدعوى أو المترتبة عليها أو المتفرعة منها

5- إذا تعدد المدعون وكان في ادعائهم اشتراك أو ارتباط جاز لهم إقامة الدعوى بعريضة واحدة .

6- إذا تعدد المدعى عليهم واتحد سبب الادعاء أو كان الادعاء مرتبطا" جاز إقامة الدعوى عليهم بعريضة واحدة.

في حين أوضحت المادة (46) البيانات التي اشترطت توفرها في عريضة الدعوى من شأنها أن تجعل الخصم في الدعوى على بينة كافية بكل ما يتعلق بالنزاع

المنظور من قبل المحكمة التي رفعت الدعوى إليها وأن كانت هذه البيانات من البيانات الشكلية وان أي نقص أو غموض فيها , يلزم المدعي بإكماله خلال مدة مناسبة وإلا تبطل الدعوى بقرار من المحكمة إذا كان هذا النقص أو الغموض من شأنه أن يجهل المدعى به أو المدعى عليه أو المحل أو المختار لغرض التبليغ وهي كما ورد النص .

 1- اسم المحكمة التي تقام الدعوى أمامها .

2- تاريخ تحرير العريضة .

3- اسم وكيل من المدعي والمدعى عليه ولقبه ومهنته ومحل إقامته , فان لم يكن للمدعى عليه محل إقامة معلوم فآخر محل كان فيه .

4- بيان المحل الذي يختاره المدعي لغرض التبليغ .

5- بيان موضوع الدعوى فان كان منقولا" ذكر جنسه ونوعه وقيمته وأوصافه وان كان عقارا" ذكر موقعه وحدوده ورقمه أو تسلسله .

6- وقائع الدعوى وأدلتها وطلبات المدعي وأسانيده .

7- توقيع المدعي أو وكيله إذا كان الوكيل مفوضا" بسند مصدق عليه من جهة مختصة .

الفرع الثاني :

شروط  الطعن أمام المحكمة

    تختلف شروط رفع الدعوى أمام المحكمة الاتحادية عند الطعن في دستورية القوانين حسب الجهة الطاعنة ووفقا لما يلي :

أولا" : الطعن من قبل الجهات الرسمية

إذا طلبت إحدى الجهات الرسمية , بمناسبة منازعة قائمة بينها وبين جهة أخرى , الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات أو أمر, فترسل الطلب بدعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا , معللا" مع أسانيده , وذلك بكتاب بتوقيع الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة ([54])

يجب أن تتوفر الشروط التالية في الدعوى التي تقدمها الجهات الرسمية ضد أي جهة أخرى والتي قد تكون رسمية أو غير رسمية :

1-    أن يكون هناك منازعة قائمة بين الجهات الرسمية المدعية وبين الجهة الأخرى .

 

2-يجب أن تكون الدعوى معللة بالأسانيد أي ذكر النص التشريعي المطعون بمخالفته للدستور والنص الدستوري المدعي بمخالفته معززا" بالأسانيد .

3- أن ترسل الدعوى بكتاب موقع من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة.

4- أن تكون الدعوى مستوفية للشروط الواردة في المواد ( 44 و 45 و 46 و 47) من قانون المرافعات المدنية رقم (83 لسنة 1969)

5- أن تقدم الدعوى من قبل محام بموجب وكالة أو من قبل الممثل القانوني للجهة الرسمية على أن لا تقل درجته الوظيفية عن مدير .

وعليه يجب أن تكون الوكالة المعطاة من المستدعي تخوله صراحة مخاصمة الجهة الإدارية التي أصدرت القرار وإلا فان الدعوى تكون مستوجبة الرد شكلا" وفي ذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا برد دعوى تقدم بها ممثل رئيس ديوان الوقف السني إضافة لوظيفته لان عريضة الدعوى موقعة من شخص لا صفة قانونية له بتوقيعها فورد في حكمها عدد 14 / اتحادية / 2006 بتاريخ 11/ 10/ 2006 ( لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد إن التوقيع المنسوب إلى المدعي في عريضة الدعوى يختلف عن التوقيع المنسوب إليه في الوكالة العامة المرقمة ( 5/4/ 2439) في 9/8/ 2006 الصادرة من رئاسة ديوان الوقف السني / الدائرة القانونية / الموقعة من قبل رئيس الديوان وحيث إن وكيل المدعي أوضح للمحكمة بان السبب يعود إلى التوقيع المذيل في عريضة الدعوى المنسوب إلى المدعي موقع من قبل معاون رئيس ديوان الوقف السني (ي.ع) وعليه وحيث إن عريضة الدعوى موقعة من شخص لا صفة قانونية له بتوقيعها فتكون الدعوى مقامة من شخص لا يملك حق إقامتها وتكون خصومته غير موجهة وإذا كانت الخصومة غير موجهة تحكم المحكمة ولو من تلقاء نفسها برد عريضة الدعوى قبل الدخول في أساسها وذلك عملا" بالمادة ( 80/1) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل لذا قررت المحكمة الحكم برد الدعوى مع تحميل المدعي إضافة لوظيفته كافة مصاريفها ) ([55] )                       

 

ثانيا :الطعن من قبل الأشخاص الطبيعية والمعنوية :

 

إذا طلب مدع الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي في نظام أو تعليمات أو أمر فيقدم الطلب بدعوى مستوفية للشروط المنصوص عليها في المواد ( 44 و 45 و 46 و 47 ) من قانون المرافعات المدنية ويلزم أن تقدم الدعوى بوساطة محام ذي صلاحية مطلقة وأن تتوفر في الدعوى الشروط الآتية :

1- الاستعانة بمحام : اشترط المشرع العراقي لقبول دعوى إلغاء قانون غير دستوري توقيعها من محام لضمان جدية الطعن الدستوري وموضوعيته وعدم إشغال المحكمة بطعون غير موضوعية وان تكون صلاحية هذا المحامي مطلقة.

 

2- اسم الشخص و مركزه القانوني أو المالي أو الاجتماعي . وصفته ومحل إقامته سواء أكان الطاعن فردا" أو شخصا" من أشخاص القانون الخاص , ويجوز أن يقدم مجموعة من الأفراد أو الأشخاص طلبا" في دعوى واحدة إذا كان هناك صلة في الموضوع .

 

 

 

 

 

 

 

 

3- أن يقدم المدعي الدليل على أن ضررا" واقعيا" قد لحق به من جراء التشريع المطلوب إلغاؤه . موضوع الطلب وبيانا" بالمستندات الخطية التي يستند إليها المستدعي في إثبات دعواه , والمصلحة هي شرط لقبول أي دعوى قضائية حيث أن من المبادئ الرئيسية للتقاضي انه لا دعوى بلا مصلحة , ولما كانت دعوى الإلغاء في الوقت الحاضر هي دعوى قضائية خالصة فأنه يشترط لقبولها أن يكون للمدعي فيها مصلحة في إقامتها مع اختلاف درجة المصلحة في دعوى الإلغاء عنها في سائر الدعاوى الأخرى إدارية كانت أو مدنية .

 

وهكذا فان مجلس الدولة الفرنسي ومنذ تحوله إلى جهة قضائية وبالرغم من عدم وجود نصوص تشريعية تتعلق بالمصلحة فانه يعتبرها شرط أساسي لقبول الدعوى غير أن المشرع العراقي لم يستلزم المصلحة وحدها كأساس للدعوى وإنما تطلب أن يصاب الطاعن بضرر واقعي وأن يكون الضرر مباشرا" مستقلا" بعناصره ويمكن إزالته إذا ما صدر حكم بعدم شرعية التشريع المطلوب إلغاؤه , وأن لا يكون الضرر نظريا" أو مستقبليا" أو مجهولا" , والمصلحة المباشرة يقصد بها أن تكون محسوسة وقائمة أي أن يؤثر فيها القرار تأثيرا" مباشرا".

 

4- أن لا يكون المدعي قد استفاد بجانب من النص المطلوب إلغاؤه .

ولا نرى إن هذا الشرط سليم أو منطقي فقد يوفر القانون في جانب منه بعض المزايا غير أنه يبقى مع ذلك مخالفا" للدستور , ومن المصلحة العامة إلغاؤه.

 

5- أن يكون النص المطلوب إلغاؤه قد طبق على المدعي فعلا" أو يراد تطبيقه عليه ([56])

 

   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفرع الثالث :

إجراءات الفصل في الطلبات والطعون

تتميز إجراءات رفع دعوى إلغاء القوانين غير الدستورية بأنها مستقلة عن إجراءات رفع الدعاوى الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات وهي بهذا لا تشكل استثناء" عن هذه الإجراءات بقدر ما تمثل نظاما" مستقلا" وأساسيا" لا يعتد فيه القاضي بضرورة الرجوع إلى قانون المرافعات إلا في حالة عدم وجود النص ويستمد القاضي سلطته هذه من طبيعة المنازعات الدستورية .

تحضير الدعوى: 

بعد اكتمال التبليغات تعين المحكمة موعدا" للمرافعة وتهيئة الدعاوى إلي ترسل إليها ((... من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الاتحادية العليا بواسطة رئيس محكمة القضاء الإداري الذي يقوم بالتأشير عليه واستيفاء الرسم القانوني عنه ويرفعه مع اضبارة الدعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا )) ([57])

أما بالنسبة للدعاوى التي ترفع أمام المحكمة بدعوى مباشرة فإنها (( تسجل حسب أسبقية ورودها ...))([58])

يدعو رئيس المحكمة أعضائها للانعقاد قبل الموعد المحدد بمدة لا تقل عن خمسة عشر يوما" إلا في الحالات المستعجلة وحسب تقدير رئيسها .ويرفق بكتاب الدعوى جدول الأعمال وما يتعلق به من وثائق . ([59])

هذا و تنظر المحكمة في المنازعة ولو لم يحضر الخصوم بعد أن تتحقق من صحة تبلغهم بموعد المرافعة وتنظر المحكمة المنازعات في جلسة علنية إلا إذا قررت أن تكون الجلسة سرية إذا كان ذلك ضروريا" مراعاة المصلحة العامة أو النظام العام أو الآداب العامة وبقرار من رئيسها أما إذا  كانت المحكمة تنظر الطعن بأحكام وقرارات محكمة القضاء الإداري بإجراء التدقيقات لأوراق الدعوى دون أن تجمع الطرفين ولها عند الاقتضاء دعوة الخصوم للاستيضاح منهم عن بعض النقاط التي تروم الاستيضاح عنها .

وللمحكمة أن تجري ما تراه من تحقيقات في المنازعات المعروضة عليها أو تندب لذلك أحد أعضائها ولها طلب أوراق أو بيانات من الحكومة أو أية جهة أخرى للاطلاع عليها ولها عند الضرورة أن تأمر بموافاتها بهذه الأوراق أو صورها الرسمية حتى لو كانت القوانين والأنظمة لا تسمح بالاطلاع عليها أو تسليمها ([60])

هذا و للمحكمة أن تكلف الادعاء العام بإبداء الرأي في موضوع معروض أمامها وعلى الادعاء العام إبداء رأيه تحريريا" خلال المدة التي تحددها المحكمة  .

 وعند النطق بالحكم أو القرار يجب أن تودع مسودته في اضبارة الدعوى بعد التوقيع عليها , ويلزم أن يكون الحكم والقرار مشتملا" على أسبابه (*) , فأن لم يكن بالإجماع أرفق الرأي المخالف مع أسبابه . والأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة باتة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن. ([61])

 

 

                (  الخاتمة  )  

 

 

في خاتمة هذا البحث الذي سلطنا فيه الضوء على الرقابة على دستورية القوانين في العراق وواقعها  الفعلي والدستوري في الماضي والحاضر, وضرورة تمتع السلطة القضائية بالاستقلالية لغرض ممارسة مهامها على رقابة دستورية القوانين نشير إلى جملة من النتائج التي ترشحت منه لكي يتسنى من خلاله معالجة وضع القضاء العراقي في المستقبل ولما يؤول إليه القضاء الدستوري أثناء ممارسته الرقابة على دستورية القوانين بعد أن كان مقيدا" من ممارسة هذا الحق في ظل الأنظمة الشمولية التي جعلت من السلطة القضائية مرفقا" وجزءا" من سلطة تنفيذية مقيدة بأيديولوجية حزبية وسياسية خاضعة لتعليمات وتوجيهات السلطة آنذاك فضلا" عن عدم وجود فصل للسلطات بشكل متوازن مما أثر بصورة مباشرة على حركة وإبداع القضاء العراقي وعدم قدرته على إلغاء القوانين والقرارات والأوامر التي طالما كانت تتعارض مع الدستور , وفي أحيان أخرى تنتهك حقوق وحريات المواطنين , وتعدّي على كرامة الإنسان العراقي , وان كان ذلك يعود إلى ما تمارسه السلطة من أعمال حكومية خارجة عن سلطة القضاء , كما أن القضاء العراقي لم يجرؤ على ممارسة رقابة دستورية القوانين , وسبب ذلك يعود أيضا" إلى النقص الدستوري حيث لم ينص على إنشاء محكمة دستورية تقوم بهذه المهمة باستثناء القانون الأساسي الصادر عام 1925 , ودستور عام 1968 الذي ذكر إنشاء المحكمة الدستورية العليا لكنها لم تمارس المهام الموكلة إليها .

وبما أن استقلال القضاء  يلعب دورا" فاعلا" في تنظيم دولة القانون , بل انه يدخل شرطا" أساسيا" في أحد عناصرها المكونة لها , ولا يمكن الحديث عن رقابة دستورية القوانين مؤثرة ما لم يكن القضاء مستقل وغير مقيد أو تابع إلى السلطة التنفيذية .

وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في 9 / 4 / 2003 شهد القضاء العراقي عهدا جديدا تميز بالسعي نحو استقلال القضاء حيث سلك المشرع انطلاقا" من مبدأ الفصل بين السلطات الذي اعتبر القضاء سلطة وليس مرفقا" كما ابعد القضاة من الضغوط والتدخل في شؤونهم من أية سلطة أو جهة سواء كانت سياسية أو حزبية أو اجتماعية ,  فلا سلطان عليهم لغير القانون  . وهي توسعة محمودة سلكها المشرع الدستوري.

وبعد أن تم إنشاء المحكمة الاتحادية العليا بموجب قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية , وأضاف إليها دستور العراق لعام 2005 اختصاصات أوسع مما ورد ذكرها في القانون, بقيت بعض المشاكل واجبة البحث والرعاية اشرنا إليها في هذه الدراسة  لابد من إيجاد  الصيغ العلاجية ووضع الحلول والمقترحات الخاصة بها ومنها على وجه الخصوص نوجزها بما يلي:

 

أولا": إن موضوع استقلال القضاء الذي ورد في أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 35 لسنة 2003 بشأن إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى , وقانون إدارة الدولة لعام 2004 , ودستور عام 2005  قد تم معالجة موضوع استقلال القضاء العادي دون القضاء الإداري  الذي بقي تابعا" إلى السلطة التنفيذية , وكنا نتمنى على المشرع أن يفك ارتباط محكمة القضاء الإداري عن مجلس شورى الدولة ويجعلها من  ضمن تشكيلات مجلس القضاء الأعلى .

 

ثانيا" : ورد في المادة (94) من الدستور أن قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة ومن ثم فان أحكام المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى الدستورية وقراراتها ملزمة لكافة سلطات الدولة, غير إن ذلك يتعارض مع نصوص أخرى للدستور ومن ذلك نص المادة (61 / سادسا" / ب) التي تتعلق بإعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في إحدى الحالات الآتية:

1- الحنث في اليمين الدستورية

2- انتهاك الدستور

3- الخيانة العظمى

إن هذا البند لا يتفق مع ما ذكرته المادة (94) من الدستور , إذ كيف تكون قرارات المحكمة باتة وملزمة للسلطات كافة إذا كان إعفاء رئيس الجمهورية بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا يخضع لتصويت أعضاء مجلس النواب , ففي هذه الحالة لا تكون قرارات المحكمة ملزمة للسلطات كافة , وتأسيسا" على ذلك على المشرع أن يزيل هذا التعارض بين المادة ( 61/سادسا"/ ب ) والمادة (94) من الدستور .

 

ثالثا" : ورد في المادة ( 121 / ثانيا") من الدستور انه يحق لسلطة الأقاليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية , وعبارة تعديل تطبيق القانون الاتحادي قد تعني الإلغاء جزئيا أو كليا , ولا يخفى أن ممارسة سلطة الإلغاء منوط بالمحكمة الاتحادية العليا دون غيرها حيث تتولى الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية , كما نصت عليه المادة ( 93 / ثالثا") والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية , وبما أن القانون الاتحادي أعلى مرتبة من قانون الإقليم استنادا"

إلى مبدأ تدرج التشريع في القانون الدستوري .

 

 

 

 

والتنازع الذي يحصل بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم تفصل فيه المحكمة الاتحادية العليا , وعليه لابد للمشرع أثناء تعديله لنصوص الدستور أن يعالج هذه المسألة التي تضعف من سلطة الحكومة الاتحادية وتجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا .

ومن المهم أن يعاد النظر في  البند ثانيا" من المادة (121) لسببين , السبب الأول تقوية سلطة الحكومة الاتحادية , إما الثاني  فيتمثل في عدم التجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا , وإذا بقيت هذه النصوص على حالها ستؤدي إلى إشغال القضاء الدستوري العراقي بالكثير من القضايا مستقبلا .

 

رابعا" :  بصدور دستور عام( 2005)  تمت إضافة اختصاصات إلى المحكمة الاتحادية العليا استنادا" لحكم المادة (93) من الدستور  وحذفت اختصاصات أخرى مما يقتضي تعديل قانون المحكمة رقم (30 لسنة 2005) ونظامها الداخلي رقم (1 لسنة 2005) الذي صدر في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام(  2004) وأصبح من اللازم إعادة النظر فيه بانتهاء العمل بالقانون المذكور .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قائمة المصادر والمراجع

أولا": الكتب المقدسة

1- القرآن الكريم

ثانيا"": الدساتير العراقية:

1- القانون الأساسي لعام 1925 .

2- دستور الاتحاد العربي بين العراق والأردن الصادر في29/3 /1958 .

3- دستور عام 1958 المؤقت.

4- دستور عام 1968 المؤقت .

5- دستور 16 تموز لعام  1970المؤقت .

6- قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 .

7- دستور جمهورية العراق لعام 2005 .

 ثالثا": القوانين العراقية:

 1- قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 159 لسنة 1968 .

2- قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل.

3- قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 .

4- قانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 المعدل .

5- قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل . 

رابعا": الأوامر

1- قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 .

 2- النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005 .

 خامسا": الكتب

1- د. إسماعيل مرزة – مبادئ القانون الدستوري والعلم السياسي – دار الفنون للآداب والنشر- الطبعة الثالثة 2004 .

2- د. رعد ناجي الجدة – النظام الدستوري في العراق – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – العراق 1990

3- د. سامي جمال الدين – القانون الدستوري والشرعية الدستورية – منشأة المعارف بالإسكندرية – الطبعة الثانية 2005 .

4- عبد الباقي البكري وزهير البشير – المدخل لدراسة القانون – بيت الحكمة – بغداد -  بدون سنة طبع .5- فاروق الكيلاني – استقلال القضاء – دار النهضة العربية – القاهرة- الطبعة الأولى 1977.

6- القاضي مدحت المحمود – القضاء في العراق – موسوعة القوانين العراقية – الطبعة الأولى 2005.

7- مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – دار الضياء للطباعة والتصميم – النجف الاشرف – الطبعة الأولى 2007.

 سادسا" : البحوث والدراسات والمقالات :

 أ- المنشورة في المجلات:

 1- د. سعد عبد الجبار العلوش – نظرات في موضوع الرقابة القضائية على دستورية القوانين في العراق ومستقبلها في حماية الحقوق والحريات العامة – بحث منشور في مجلة كلية الحقوق -  جامعة النهرين – المجلد 8 العدد 14 أيلول 2005 .

 ب-المنشورة في المواقع الالكترونية للشبكة العالمية الدولية(الانترنت):

 1- المستشار القانوني خالد عيسى طه – نأمل أن يكون التشريع الأمريكي منفذا" يؤدي إلى الاستقرار – مقالة منشورة في الموقع الالكتروني لصحيفة بحزاني الالكترونية في 8/11/ 2007 htt://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php/?=18316

 2- د. مازن ليلو راضي – ضمانات احترام القواعد الدستورية في العراق بحث منشور في الموقع الالكتروني للأكاديمية العربية في الدنمارك www.ao-academy.org

 3- هادي عزيز علي – خبراء الفقه الإسلامي وعضوية المحكمة الاتحادية العليا دراسة منشورة في الموقع الالكتروني لصحيفة المدى www.almadapaper.com

 ثامنا": القرارات والأحكام القضائية:

 1- قرارات وأحكام واجتهادات المحكمة الاتحادية العليا العراقية – المنشورة في الموقع الالكتروني للمحكمة http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html

 تاسعا": الرسائل الجامعية:

1- د. عدنان عاجل عبيد – أثر استقلال القضاء عن الحكومة في دولة القانون – أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق – جامعة النهرين 2007. 


(1) د. عدنان عاجل عبيد , أثر استقلال القضاء عن الحكومة في دولة القانون , أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق , جامعة النهرين 2007 ص27

 (1) عبد الباقي البكري وزهير البشير – المدخل لدراسة القانون – بيت الحكمة – بغداد ,  د.ت ص 105

 (1) المادة 81 من القانون الأساسي العراقي لعام 1925

(2) المادة 82 من القانون الأساسي العراقي لعام 1925

(3) المادة 82/1 من القانون الأساسي العراقي لعام 1925

(4) المادة 82/2 من القانون الأساسي العراقي لعام 1925

  (1) المادة 83 من القانون الأساسي العراقي لعام 1925

(2) د. رعد ناجي الجدة – النظام الدستوري في العراق – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي-العراق 1990 ص 321

(1) نشر هذا التفسير في الوقائع العراقية عدد 1985 في 12/1/1942 نقلا" عن د. إسماعيل مرزة , مبادئ القانون الدستوري والعلم السياسي , دار الفنون للآداب والنشر , ط3 2004  ص 137 – 138

(2) جاء في المادة (22/1) من القانون الأساسي " سن الرشد للملك تمام الثامنة عشر عاما فإذا انتقل العرش إلى من هو دون هذا السن يؤدي حقوق الملك الوصي الذي يختاره الملك السابق ذلك إلى أن يبلغ الملك سن الرشد ولكن ليس للوصي أن يتولى هذا المنصب ويؤدي شيئا من حقوقه ما لم يوافق مجلس الأمة على تعينه فإذا لم يوافق مجلس الأمة على ذلك أو إذا لم يعين الملك السابق وصيا فالمجلس هو الذي يعين الوصي وعلى الوصي أداء اليمين ... أمام المجلس والى أن يتم نصب الوصي وأداؤه اليمين تكون حقوق الملك الدستورية لمجلس الوزراء يتولاها باسم الأمة العراقية ويكون مسئولا عنها ولا يجوز إدخال تعديل ما في القانون الأساسي مدة الوصاية بشأن حقوق الملك ووراثته "

(1) المادة (82/2) من القانون الأساسي العراقي لعام 1925

(2) المادة 87 من القانون الأساسي العراقي لعام 1925

(3) المادة 58/ أ من دستور الاتحاد العربي الصادر في 29 / 3/ 1958 بين العراق والأردن الذي لم يكتب له التطبيق

(1) المادة 59 من دستور الاتحاد العربي بين العراق والأردن الصادر في 29 /3 / 1958

(1) المادة 23 من دستور عام 1958 المؤقت

(1) د. إسماعيل مرزة , مبادئ القانون الدستوري والعلم السياسي , مرجع سابق ص 245- 246

(2) د. سامي جمال الدين , القانون الدستوري والشرعية الدستورية, منشأة المعارف بالإسكندرية , ط2 2005 ص 152

 (3) نقلا" عن مكي ناجي , المحكمة الاتحادية العليا في العراق , دار الضياء للطباعة والتصميم , النجف الاشرف , ط 1  2007 ص 30

(1) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق  ص  31

 (2) المستشار القانوني خالد عيسى طه – نأمل أن يكون التشريع الأمريكي منفذا" يؤدي إلى الاستقرار – مقالة منشورة على الموقع الالكتروني لصحيفة بحزاني الالكترونية في 8 / 11 / 2007 www.bahzani.net/services/forum/showthread.php/?=18316 http:\\

 (3) المادة 87 من دستور عام 1968 المؤقت

 (1) د. رعد ناجي الجدة – النظام الدستوري في العراق – مرجع سابق ص 401

 (2) عبد الباقي البكري وزهير البشير – المدخل لدراسة القانون – مرجع سابق ص 105- 106

(3) المادة 4 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 159 لعام 1968 المنشور في الوقائع العراقية في العدد 1659 في 2/ 12/ 1968

(1) د. مازن ليلو راضي – ضمانات احترام القواعد الدستورية في العراق – الأكاديمية العربية في الدنمارك – مرجع سابق www.ao-academy.org

 (2) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 33

 (*) من الحالات النادرة في القضاء العراقي خصوصا" في ظل نظام شمولي أن يمتنع القاضي دارا نور الدين بهاء الدين عن تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة المنحل وهذه الميزة تسجل لصالح القاضي وقوة شخصيته , في حين صدرت الكثير من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل المنتهكة لأحكام الدستور , والمهينة لكرامة الإنسان العراقي كتلك التي صدرت بقطع الإذن والوشم على الجبين , ولم يجرؤ القضاء أن يقول كلمته وذلك بسبب سطوة السلطة في العراق . 

(3) د. سعد عبد الجبار العلوش – نظرات في موضوع الرقابة القضائية على دستورية القوانين في العراق ومستقبلها في حماية الحقوق والحريات العامة – بحث منشور في مجلة كلية الحقوق – جامعة النهرين – المجلد 8 العدد 14 أيلول 2005 ص 20 .

(1) المادة 100 من دستور العراق لعام 2005

(2) القاضي مدحت المحمود , القضاء في العراق , موسوعة القوانين العراقية , ط1 2005 ص 52                     

(1) المادة 44/ هاء / من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004

(1) مكي ناجي , المحكمة الاتحادية العليا في العراق , مرجع سابق ص 39 – 40

(2) المادة 92 / ثانيا من دستور العراق الدائم لعام 2005

(3) فاروق الكيلاني , استقلال القضاء , دار النهضة العربية , القاهرة , ط1 1977 ص 15

(4) سورة الإسراء – آية 23

(5) فاروق الكيلاني , نفس المرجع , ص 15

(6) د. عدنان عاجل عبيد , أثر استقلال القضاء عن الحكومة في دولة القانون , مرجع سابق ص 34

(1) الأسباب الموجبة لقانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل

(2) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 127

(3) المادة 132 من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل

 (4) المادة 14 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

(1) هادي عزيز علي – خبراء الفقه الإسلامي وعضوية المحكمة الاتحادية العليا – دراسة منشورة في الموقع الالكتروني لصحيفة المدى www.almadah paper.com

(2) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 128 – 129

 (1) المادة 3 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

 (1) قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية في الدعوى رقم 10 / اتحادية /  في 29 /5/ 2006 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة  http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html 

(1) المادة 4 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

(1) قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية في الدعوى 15 / ت / 2006 الصادر بتاريخ 26 / 4 / 2007 المنشور في الموقع الالكتروني http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html

(1) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 37

(1) قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية في الدعوى 18 / اتحادية / 2006 الصادر بتاريخ 5 / 3/ 2007 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://iraqijudicature.org/fedraljud.html

(1) تفسير المحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 227 / ت / 2006 الصادر  بتاريخ 9/10/2006 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://iraqijudicature.org/fedraljud.html

(2) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 85 – 86

(1) تفسير المحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 67 / ت / 2006 الصادر بتاريخ 3 / 5 /2006 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.ht

(1)   مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 103 – 104

(1) المواد ( 1 و2 و 21 ) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

(1) المادة 5 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 1 لسنة 2005

(1)  قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية عدد 14/ اتحادية / بتاريخ 11 / 10 / 2006 على الموقع الالكتروني http//www.iraqijudicature.org/fedraljud.html

 (1)  للمزيد مراجعة المادة 6 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 1 لسنة 2005

(1) المادة 7 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

(2) المادة 8 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

(3) المادة 9 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

(4) المواد 10 - 13 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

( *) بعد أن تستكمل الدعوى الدستورية شرائطها الشكلية أمام المحكمة ,

تتصدى بعدها لموضوع الدعوى وتنحصر سلطتها في بحث مشروعية القانون ودستوريته لتنتهي بالنتيجة أما إلى إلغاء قانون غير دستوري أو لا, ويترتب على الحكم بإلغاء القانون آثار معينة منها ما يتعلق بحجية الحكم بالإلغاء , ومنها ما يتعلق بتنفيذ حكم الإلغاء , وتنطوي حجية الحكم بالإلغاء على دعوى حيازة حكم الإلغاء حجية الشئ المحكوم فيه من ناحية , وعلى قوة هذه الحجية وهل إنها حجية مطلقة أو نسبية من ناحية أخرى , وتتصل من ناحية ثالثة بنطاق الإلغاء وهل يتناول القانون بأكمله أم يتناول الأجزاء المعيبة فقط دون الأجزاء السليمة .

1- الأحكام الصادرة في الدعوى الدستورية تتمتع بقوة الشئ المقضي به:

تحوز الأحكام الصادرة من المحكمة الاتحادية العليا على حجية الشئ المقضي به كسائر الأحكام القطعية , وتكون حجة في ما قضت به وهذه الخاصية لا تتناول الأحكام الصادرة بالإلغاء فحسب وإنما تشمل الأحكام الصادرة برفض الدعوى وتلك التي تتعلق بالاختصاص والقبول , فان الأحكام الصادرة في الدعوى تعد عنوانا" للحقيقة , فما تضمنه الحكم يعد قرينة غير قابلة لإثبات العكس , فلا يجوز عرض النزاع مرة أخرى على أي محكمة .

ويشترط للتمسك بحجية الحكم وسبق الفصل في الدعوى أن يكون هناك حكما" قضائيا" قطعيا" وأن تثبت الحجية لمنطوقه دون أسبابه , لان المنطوق هو الذي يشتمل ارتباطا" وثيقا" بالمنطوق , إذ تكتسب الحجية حالها حال المنطوق , ويشترط للتمسك بالحجية أيضا" اتحاد الخصوم والموضوع والسبب.

2- الحكم بالإلغاء يتمتع بحجية مطلقة                                                               

الأحكام الصادرة بإلغاء القانون غير الدستوري حجة على الكافة فحكم الإلغاء يسري على الجميع سواء" كانوا أطرافا" في الدعوى أم لم يكونوا , فيمتنع على من لم يكن طرفا" في الدعوى الاستناد إلى القانون الذي قضى بإلغائه , كما يستفيد من آثار الإلغاء من كان طرفا" في الدعوى الاستناد إلى القانون الذي قضى بإلغائه , كما يستفيد من آثار الإلغاء من كان طرفا" في دعوى أخرى تستند إلى القانون الذي تم إلغاؤه ومن لم يكن طرفا" فيها بحكم إطلاق حجية حكم الإلغاء , فللأحكام  الصادرة بالإلغاء حجة على الكافة وحجيتها من النظام العام , فإذا ما تقرر إلغاء قانون ما توجب على الإدارة المستندة إليه الالتزام بإعادة الحال إلى ما كان عليه كما لو لم يصدر القانون الملغي .

وتعد الحجية المطلقة المقررة للأحكام الصادرة بإلغاء القانون غير الدستوري استثناء من القاعدة العامة المقررة لجميع الأحكام القضائية وهي نسبية حجتها , أي اقتصار آثار الحكم على أطراف الدعوى دون سواهم , والعلة في ذلك ترجع إلى انتماء هذه الدعوى إلى طائفة القضاء الموضوعي أو العيني في إطاره توجه الخصومة إلى قانون وليس إلى أشخاص , فإلغاؤه يعني تصحيح اللامشروعية التي وصم بها القانون , ومن المنطقي أن يسري هذا التصحيح في مواجهة الكافة

3- الإلغاء الكلي والإلغاء الجزئي

إذا كان الحكم القضائي بإلغاء القانون يكتسب حجية مطلقة بمعنى أنه يزيل كل أثر للقانون في مواجهة الكافة , إلا أن مدى الإلغاء ونطاقه أمر تحدده المحكمة وما تنتهي إليه في قضائها بتحديد مدى مخالفة القانون للدستور لضمان احترام مضامين الدستور وترسيخ مبدأ سيادة القانون والحيلولة دون قيام السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية بمخالفة المبادئ الأساسية له , فقد يتناول الحكم بالإلغاء القانون بأكمله فيزيل آثاره وهو ما يسمى بالإلغاء الكلي , وقد يتناول بعض أجزاء القانون دون الأخرى فيزيل بعض آثاره وهو ما يسمى بالإلغاء الجزئي .

(1) المواد  16- 19من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org