بحوث

مفاعلات الكيان الصهيوني والتاثيرات البيئية على المنطقة

 

 

د.مؤيد الحسيني العابد

الحلقة الأولى

تعتبر مشكلة النفايات النووية مشكلة العالم على وجه العموم، ناهيك عن كون منطقتنا تتصف بمواصفات تزيد من خطورة التعامل مع هذه النتائج الخطيرة القادمة من معامل ومفاعلات وغير ذلك من المصادر الاخرى، والمحتوية على العديد من المؤثرات، أولها النشاط الاشعاعي الذي تحويه هذه النفايات النووية المتضمنة من ضمن ما تتضمن تلك النظائر المتنوعة والتي تمتلك اعماراً نصفية مختلفة وشدّة مختلفة المقادير، ينشأ عن ذلك العديد من التأثيرات الخطيرة على الصحة خصوصاً، وعلى البيئة المحيطة عموماً كالارض والمياه والهواء المستنشق وغير ذلك. ولا شكّ أنّ هذه النظائر المشعة بما تحتويه من مواصفات خطيرة يصبح من الصعب السيطرة عليها إن لم تتوفر التقنية المتقدمة للتعامل معها عموماً بعد أن يتم التعامل معها بالخصوص، أيّ لكلّ مجموعة منها لها تعامل خاص وفق تقسيمها حسب خواصها الفيزيائية الى الصلبة والسائلة والغازية علاوة على تقسيمها وفق الاعمار النصفية أي الى ذات الاعمار النصفية القصيرة وذات الاعمار النصفية الطويلة. الى غير ذلك من التقسيمات التي يراد منها تقليص نفوذها بعد أن تبرمج مجموعة التعاملات معها كما ورد.
إنّ من الامور التي بدأت تظهر على السطح لغايات عديدة هي تلك المعلومات المتعلّقة بدفن النفايات النووية سرّاً في منطقتنا (بالطبع نشير الى الدفن غير القانوني وبالتالي سيكون دفناً طويل الزمن يصل الى عشرات السنين أو مئات وربّما الى آلاف السنين!) بعنوان القرصنة النووية في منطقة الشرق الاوسط. وخاصة في المناطق التي تخضع للتأثير السياسي أو الامني لدول النادي النووي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، وعلاقاتها السرية مع بعض الانظمة المستبدة دون الرجوع الى رأي الجماهير ولا الى مجالس برلماناتها بل ولا الى وزراء حكومات الموقّّعين على هذه الاعمال التي تتجاوز كلّ الحدود الاخلاقية. ومما يزيد الخطورة هو التعامل مع هذه المشكلة بعدم الجدّية من قبل جهلة أو متجاهلي تلك الحكومات مما يترتب عليه من كوارث كبيرة قد تمتد الى ما شاء الله من السنوات مؤدية الى قتل أجيال مختلفة من الشعوب التي تسكن بالقرب من مكان الدفن بل وتلك التي تعتمد على مياه ونباتات بالقرب من هذا المكان. ولقد ظهرت العديد من الدلائل على القرصنة التي تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية وكيان اسرائيل بشكل ملفت للنظر. فإن لم تكن هناك إمكانية لقتال أو تغطية على الفعل المشين يكون هناك إستعداد للضغط على الحكومات بالتوقيع على إتفاقيات غير شرعية لدفن هذه النفايات التي تضرّ بالحرث والنسل. فمن التاريخ القريب نقرأ العديد من الاتفاقيات السرّية والاتفاقيات غير المباشرة رغم أنف الحكومات المستقبلة للنفايات النووية المذكورة(إن كانت هذه الحكومات تمتلك شيئاً من الضميرقلنا رغم أنفها!) من ضمن هذه الاتفاقيات، الاتفاقية التي وقّعها الرئيس السوداني الاسبق جعفر النميري. تلك الاتفاقية التي سمحت للولايات المتحدة الامريكية بدفن أنواع مختلفة من النفايات النووية السامة والقاتلة قتلاً بطيئاً في الغابات السودانية التي حدّدت على أنّها الاماكن المناسبة للدفن. كما حدث الامر في دول مثل الصومال إبّان وجود القوات الامريكية على أراضيها وكذلك في موريتانيا التي دفنت المئات من الاطنان من تلك النفايات النووية في صحراء الدولة المذكورة في ثمانينيات القرن الماضي. وقد ظهرت العديد من الاشارات تدلّل على الدفن في بعض دول المنطقة كما حصل يوم قامت إسرائيل بدفن كميات من هذه النفايات في أرض جنوب لبنان يوم كانت أرض الجنوب محتلّة من قبل هذه القوات. وقد أشرنا في وقتها الى هذا الموضوع وأوضحنا الى أنّ قيام الجرافات الاسرائيلية وقتذاك بعمل الحفر الكبيرة في الارض بحجّة نقل كميات من التراب الى المستعمرات الاسرائيلية القريبة إلاّ أن الملاحظ بعد فترة لم تتجاوز السنوات الخمس ظهور العديد من حالات الاصابة بأنواع مختلفة من السرطان خاصة اذا ما علمنا ان العديد من المزارعين هناك يعتمدون على الزراعة والمياه الجوفية والمياه الجارية ذهاباً واياباً من منطقة الدفن المذكورة.
وفي مقالاتنا نشير الى العديد من المعلومات التي غالباً ما تكون مؤكّدة من مصادر موثوقة الى أنّ القرصنة النووية من قبل الولايات المتحدة مستمرّة الى الآن حيث نشير الى الخوف والخشية من إستخدام العديد من أنواع الاراضي التي تقع بعيدة عن التأثيرات الجيولوجية السلبية كمرور الخط الزلزالي من خلال هذه الاراضي لذلك تكون فرصة مهمّة لدفن مثل هذه النفايات الخطيرة (هناك تسريبات الى أنّ جزءاً من إتّفاق يتمّ الآن بين الولايات المتحدة الامريكية وبعض الأنظمة العربية في شمال أفريقيا لدفن النفايات في الصحراء الجنوبية لهذه الدولة بحجة تعاون نووي سيتمّ بموجبه أن تقوم الولايات المتحدة بمساعدة النظام المذكورعلى التوجّه النووي ببناء بعض المنشآت البسيطة التي يعتقد أن يقوم من خلالها بناء بعض المدافن في مناطق محيطة). كما وتشير الكثير من المعلومات الى التخطيط المنشود من قبل الولايات المتحدة الامريكية لدفن كميات من النفايات في أماكن عديدة أخرى في بعض دول العالم العربي الاخرى كالسعودية واليمن ودول أخرى(وهي أراض مختلفة التضاريس وفيها الامكانية للاحتفاظ بهذه النفايات لفترات طويلة!) ..وسنشير في مقالات أخرى الى عدد منها كلما أمكن ذلك!!
لكن الذي يهمّنا الان هو ما يشار الى الاتفاقية الامنية المزمع عقدها مع الولايات المتحدة من قبل الحكومة العراقية. وتكن الاشارة الى هذا الموضوع بالذات هذه الايام كيّ نضع الجميع أمام مسؤولياته ونشير الى إحتمالية تخصيص أراض يتمّ مسحها من قبل متخصصين في المجال المتعلق بعمليات دفن النفايات النووية تعمل مع الجيش الامريكي لتقوم هذه الوحدات بتهيئة الاجواء المناسبة لاستقدام كميات من النفايات الى العراق ودفنها هناك دون علم الحكومة ولا الجهات الرسمية وهي مهمة قد قام بها عسكر الولايات المتحدة في أكثر من مكان كما أشرنا. وفي موضوعنا هذا لا نشير الى صرعات للاثارة هنا أو هناك إنّما نشير محذّرين الجهات الرسمية أن تأخذ الموضوع بكلّ جدّية، لانّ ذلك يمسّ أجيال البلد لسنوات طويلة. كما نشير الى أنّ هناك رغبة لدى العديد من الجهات العلمية وغير العلمية الى إعادة العمل بمراكز البحوث النووية للاغراض المتعددة من زراعة وصناعة وغير ذلك ونقول الى أنّ الوقت الآن غير مناسب بالمطلق لمثل هذا التطبيق قبل أن تقوم جهات مختصّة بهذا الجانب بإجراء مسح كامل للارض عموماً والى تلك الاماكن التي شغلت سابقاً لهذه الاغراض خصوصاً إبان الحكم السابق والتي يعتقد أنّها غير نظيفة وغير مناسبة الى تلك المراكز البحثية المرتقبة. كما يمكن للجهات الامريكية أن يكون لها هذا التفكير لتمرير ما يمكن تمريره ممّا يتعلّق بمواقع النفايات النووية التي نشير لها!! خاصة وأنّ هناك من الاراضي والاماكن ما يمكن أن تمرّر لداخلها مثل هذه النفايات بشكل غير رسمي كصحراء الرمادي والصحراء الواقعة ما بين العراق والسعودية.
هل هناك ما يبعث على الاشارة الى الخطورة؟
لقد بقيت كميات هائلة من خامات اليورانيوم مدفونة أو مخزونة بشكل غير علمي وغير قانوني أحياناً في أماكن المراكز السابقة في التويثة وعكاشات وغيرها (وقد أثرنا الموضوع حول وجود مئات الاطنان من هذا الخام ومن الكعكة الصفراء في مواقع مختلفة في بغداد وحصراً في التويثة وما يحيط بها لكن العديد من المصادر لم تقتنع في حينها من أنّ الامريكي لا يهمّه الامر كثيراً إن تسبّبت هذه المواد بالتلوّث للمناطق المحيطة!!) ناهيك عن حالات تعرض موقع الطاقة الذرية العراقية الى النهب والسلب حين دخول قوات الاحتلال عام 2003 وعدم الاكتراث ممّا يجري، فقد أدّى هذا الوضع الى مئات الاصابات التي ظهرت في مستشفيات مختلفة من بغداد والتي يعاني أصحابها من كوارث التأثير ونسيان الحكومة النظر الى أحوالهم وعدم أخذ أمر التأمين الصحّي لهم بنظر الاعتبار والذي يكلّفها مبالغ كبيرة جداً.
يمكن أن يثار سؤال أن ما علاقة الكيان الصهيوني بهذا؟!
نقول أنّ ما قامت وتقوم به هذه الدويلة من أعمال عدائية في هذا الجانب يثير كلّ الشكّ الى إحتمالية تطبيق نفس الفكرة على العراق والذي أقصده ما قامت به دويلة الكيان الصهيوني من مناورات في منطقة الجولان بين الفترة والاخرى. وفي اماكن اخرى على ارض فلسطين والذي يعتبر دليلاً على نوايا خطيرة تحملها رؤوس قادة هذه الدويلة( لقد علم الكثير من الساسة الى انّ ما تتضمنه خطة مقلاع داود الصهيونية في منطقة الجولان من إقامة الشريط الاشعاعي المسمّم للمنطقة والذي يحوي الصواريخ الجاهزة لتحميلها بالمواد النووية والقنابل الاشعاعية التي تحويها المنطقة ضمن الخطة المذكورة والقيام بعمليات دفن لنفايات نووية في أرض الجولان المحتلّ بالاضافة الى ما يعانيه أهل الجولان المحتل نفسه من تأثير هذه النفايات النووية التي من المفترض دفنها في أماكن أخرى غير تلك الاماكن القريبة من الحدود السورية الفلسطينية المحتلة حيث تحتوي المنطقة مواقع تصل الى 20 موقعاً في الجولان المحتل مخصصة لدفن النفايات النووية الاسرائيلية القادمة من النقب ومن مواقع أخرى، وقد أشير الى واحد من هذه المواقع وهو موقع ((نشبة)) الواقع في جبل الشيخ بالاضافة الى وجود العديد من الالات المستخدمة لدفع التسريبات المفترضة الى الهواء بإتّجاه المنطقة السورية! ويحصل ذلك بعلم الولايات المتحدة الساندة لهذا الكيان.
ربما يظهر لنا من يدّعي الى أنّنا نشبك اللحى كما يقال! لكنّنا نقول أنّ الامر يظهر الى العامّة مزوّقاً أو هكذا تريده مجاميع الاعلام المتأمرك!! إلاّ أنّنا نرى من الواجب الوطني والاخلاقي علينا أن نثير هذه الامور لخطورتها التي إن دُفِعَ بها فستكون الخسارة أكبر بكثير ممّا يتوقعه الاخر!

 

مفاعلات الكيان الصهيوني والتاثيرات البيئية على المنطقة

الحلقة الثانية

إنّ ممّا يثير الدهشة والإستهجان معاً أن تتمّ المبالغة في مكان فيه جملة من الشكوك لم تصل بها كلّ مجاميع المفتّشين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذريّة الى أيّ نتيجة تؤكّد وجود برنامج نووي يستخدم للاغراض العسكرية في هذا البلد أو ذاك، وتتمّ عملية إهمال أو تجاهل لبرنامج خصّص منذ البداية للاغراض العسكرية بل وصل الامر الى أن تظهر دلائل فعلية ونقلية ووثائقية عن البرنامج النووي المذكور بل والتطوير المستمر لهذا البرنامج من قبل تلك الدول التي تدّعي العدل والعدالة والتي نفسها تقوم برمي التهم على هذه الدولة أو تلك. والمقصود من تلك الدولة أو الدويلة هي كيان إسرائيل التي وصل بها الامر أن تهدّد الدول التي تفكّر في وضع خطط لبرنامج نووي وإن كان ضعيفاً وإن كان غير مكتمل ناهيك عن أنّ هذا البرنامج مخصّص للاغراض السلمية بالتفصيل.
ارجو ان اكون مبالغاً اذا قلت ان المستقبل الذي ينتظر الناس على الارض وخاصة منطقة الشرق الاوسط تحيط به غيوم الشك والخوف، لكن الواقع يشير الى ان هناك ما يبرر هذا الخوف..يلاحظ المتخصص وغيره ان دول النادي النووي الكبرى تعتبر العامل الاساس في ايجاد التمايز وعدم العدل في التعامل مع قضية الطاقة النووية واستخداماتها السلمية كما أشرت آنفاً. ان مثل هذا التصرف او الخلل الذي نلاحظه على صعيد التعامل مع هذه القضية يهدد العالم حينما تتّخذ قوى الارهاب العالمي من هذا اللاعدل في التعامل مع هذه الحالة الى أن تقوم تلك القوى بالسعي الى إمتلاك القوة النووية بالفعل متخذة ذلك العمل حجة للتعامل غير الصحيح مع الطاقة النووية وبالتالي قد تغرق المنطقة بل العالم كله بالدم والدمار.
صحيح ان دول النادي النووي الكبرى ابرمت معاهدة فيما بينها للحد من انتشار الاسلحة النووية، لكنّ هذه الدول كانت اول من خرق هذه المعاهدة عندما بدأت تغضّ النظر بسبب او بغيرسبب عن هذه الدولة او تلك في سعيها لامتلاك السلاح النووي بينما تقيم الدنيا وتقعدها اذا حاولت دولة اخرى لا تسير في فلكها ان تسعى لاصلاح الخلل في ميزان القوى بامتلاك سلاح استراتيجي ما يدفع عنها شر اولئك الراغبين بالدمار لها..ولا يخفى على احد ان امتلاك دويلة غريبة في جسم الوطن العربي والاسلامي مثل اسرائيل للسلاح النووي امر لا يدعو الى الاطمئنان، خاصّة وانّ مجانين العظمة التاريخية في اسرائيل مشهورون بمغامراتهم العسكرية التي تتعاظم يوماً بعد يوم تحت نظر وسمع الدول النووية الكبرى بل وتشجيع ومساعدة من بعض هذه الدول (كما أشرنا). وقصة

اسرائيل ومحاولة امتلاكها للسلاح النووي قديمة تعود الى بداية الخمسينيات حيث سعت في البداية الى امتلاك المفاعلات النووية تحت ذريعة الاستخدام السّلمي فقط ، لكنّ الخديعة سرعان ما تكشّفت.
عندما حاولت الولايات المتحدة الامريكية وهي اقرب صديق لاسرائيل في عهد جون كندي الضغط عليها لفتح منشآتها امام مفتشي وكالة الطاقة الذرية الامريكية مانعت اسرائيل طويلاً رغم العلاقة الوطيدة بينهما.( ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين تلك الدويلة ودولة مثل ليبيا سنلاحظ الفرق الكبير بين السلوكين! حيث ان دولة مثل ليبيا هي في غنى عن الكثير من الضغوط خاصة بعد تسوية اعمالها ضد الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا فيما يتعلق بقضية لوكربي هي في غنى عن هذا التنازل المهين وبهذه الطريقة التي لم تسلم ما طلب منها الى الوكالة المسؤولة انما الى الولايات المتحدة خصم الامس القريب ولسنوات بني عليها فكر الدولة التي اوجدها القذافي نفسه!!). ولم تنجح الوكالة الذرّية الامريكية في دخول هذه المنشآت عامي 1961 و 1962 . لكن التفتيش المذكور (كما يقال) كلف الرئيس الامريكي جون كندي حياته، حيث اغتيل في ظروف اريد لها ان تبقى غامضة!! ومنذ ذلك التاريخ طويت صفحة التفتيش على المنشآت النووية الاسرائيلية فيما تشتد اللهجة الامريكية تهديداً وحصاراً واحياناً حروباً على اي دولة تستشعر الخطر وتفكر بالاعتماد على نفسها واي دولة تسعى حالياً اذا لم تكن من النادي النووي او غيره- الى امتلاك المفاعلات النووية للاغراض السلمية كمجالات الكهرباء والصناعة والزراعة، مثلاً يدرج اسمها على قائمة الدول التي يجب اضعافها وافقارها الى الدرجة التي لا تستطيع معها ان تقف فيها على رجليها. ولا يختلف اثنان حول اهمية الطاقة النووية، فلو اخذنا بعض الارقام البسيطة والرسمية لاستطعنا ان ندرك هذه الحقيقة وهي معرفة اهمية هذا النوع من الطاقة الذي لاتستطيع الكثير من الدول الاستغناء عنه.فهناك مثلاً 400 مفاعل نووي يعمل في الوقت الحالي في العالم( باستثناء تلك التي تعمل بصورة سرية للخدمات العسكرية طبعاً) حيث تصل سعة هذه المفاعلات الى اكثر من 260000 ميغا واط وتنتج من كهرباء عموم العالم ما يصل الى 17% (والنسبة تزداد كلّ عام إذا ما أضفنا التوجّه الجديد لبعض الدول التي لم تكن تمتلك هذه الطاقة) حيث تغطي الكهرباء النووية للبلدان نسباً مهمة من اجمالي كهرباء هذه البلدان حيث تتراوح مابين 5%، 12% لتصل الى 65% بينما تعتبر الطاقة النووية احد المصادر الرئيسة للطاقة عموماً. لكن هل لإسرائيل هذه الحاجة الكبيرة للطاقة النووية في مجالات سلمية كالصناعة والزراعة وغيره؟ الجواب بالطبع كلّا، انطلاقاً من ارقام بسيطة للموضوع، لو عرفنا أنّ مفاعلاً واحداً يكلف بناءه اكثر من مليار دولار أمريكي بينما تصرف مبالغ اخرى تقدر بثلاثة اضعاف المبلغ السابق لإعادة معالجة النفايات المشعة والتخلص منها علاوة على الخطورة البيئية والصحية لذلك.. فلو قارنّا هذه الارقام مع اقتصاد اسرائيل وعدد نفوسها الذي لا يتجاوز أربعة ملايين لوجدنا ان الارقام مبالغ فيها. ان كان الهدف سلميا من الممكن القول ان يختلف المتخصصون وغيرهم حول استخدام الطاقة النووية في المجالات العسكرية لكن لا يختلف أولئك ما لهذه الاستخدامات من تأثيرات بيئية وصحية باتجاهاتها السلبية خاصة لو عرفنا ان التقنية النووية تقوم على مجموعة نظريات وقوانين فيزيائية وكيميائية ورياضية وغيرها. وهي نفس النظريات والقوانين ان إستخدمت فيها الطاقة النووية للاغراض العسكرية او السلمية.وان فكرة الطاقة النووية عموماً تعتمد على عملية أساسية هي عملية الانشطار النووي الذي يحدث بفعل خارجي عندما تقوم النيوترونات، تلك الجسيمات النووية عديمة الشحنة بخرق حجاب النواة- الهدف (كنواة اليورانيوم او غيره) مبتدئة عملية لن تنتهي الا بالحصول على الطاقة فتعرف هذه الدورة بدورة التفاعل النووي فتشتمل على مرحلة قصف النيوترون للهدف، تهيج الهدف( اي النواة)، شطر النواة بواسطتها، تحرر طاقة، إضافة الى تحرّر نيوترون او أكثر يسمّى بالنيوترون الثانوي لتميّزه عن الاول المعروف بالابتدائي لتعود الدورة مرة أخرى وهكذا.. لقد اثبتت التقارير المتعددة لوكالة الطاقة الذرية الدولية خلو دول الشرق الاوسط من اي نشاط نووي غير طبيعي باستثناء إسرائيل التي امتنعت لأكثر من مرّة عن فتح منشآتها النووية للتفتيش. إنّ مما يبعث على الدّهشة أنّ هذا الكيان قد إمتلك كلّ هذه الترسانة خلال فترة وجيزة وبدون أيّ ضغط سياسي أو غيره ويسعى لإمتلاك كلّ ما يمتّ للتقدم التكنولوجي النووي وبشروطه هو، لا بشروط غيره ولا يعبأ بأيّ معاهدات ولا إتّفاقات دولية في هذا الخصوص. إنّ المفاعلات الإسرائيلية وفعّالياتها المتقدّمة تهدّد المنطقة بكارثة لا يتصور الآخر حدودها، لكنّني سأسلّط بعض الضوء عليها ليقدّر القاريء الكريم مدى خطورة هذه المفاعلات في هذه المنطقة بالذات. حيث أنّ هذه الكوارث المتوقعة ستكون لتشمل دائرة لايقل قطرها عن ألف كيلو متر ولا أبالغ إذا قلت أكثر من هذا الرقم الى ضعفه.
لقد إمتلكت إسرائيل قدرة غير محدودة بعد أن أصدرت قرارها بالتوجّه إلى إستخدامات التقنية النووية في (الدفاع عن نفسها) فمنذ عام 1948 حاولت وتحاول تطوير نشاطاتها ووضع خطط مرحلية لإمتلاك التكنولوجيا النووية إبتداء من مرحلة الإعتماد على خبرات بعض الدول (مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها) الى مرحلة إعداد الكوادر العلمية والفنيّة الإسرائيلية، ثم الإنفكاك من خبرة الدول الأخرى للإعتماد على كوادرها ثم مرحلة التطوير إلى الوصول إلى التجارب النووية وبالتالي وضع السلاح النووي في الطابق الإسفل(وهي مرحلة متقدمة للإستخدام الفعلي للسلاح النووي لإعداده للإطلاق!). وقد بدأت بالفعل بالدّراسات البحثيّة المتواصلة لكيفيّة إستخراج اليورانيوم من المنجم وتحويله الى إوكسيده ثم إثراؤه أو تخصيبه أي زيادة نسبة اليورانيوم 235 فيه من نسبة 0.7% الى 2% او أكثر من ذلك). وكذلك وصولاً بالمراحل الأخرى إلى إنتاج السلاح النووي، وإزالة الوقود المستهلك من المفاعل وإعادة تصنيع الوقود وخزن النفايات النووية المشعّة، حتى وصل البحث والتطبيق الى الإعتماد الكامل على أنفسهم في فصل البلوتونيوم وإنتاج الماء الثقيل ( علماً ان كميات الماء الثقيل المنتجة داخلياً لن تسد الطموحات لذلك يقومون باستيراد كميات إضافية من الخارج) فليس من الغريب ان يكون حاييم وايزمان المتخصّص في الكيمياء العضوية أول رئيس لوزراء إسرائيل. حيث قام هذا بارسال بعثات للطلبة المتفوقين الى بلدان متقدمة بالمجال النووي لتطوير خبراتهم ودراساتهم في تطبيق البحوث النووية( حصل ذلك عام 1949 اي بعد تاسيس الدولة باقل من سنة!)بينما من جهة اخرى كان العرب والمسلمون باغلب بلدانهم منشغلين بكفاحهم ضد المستعمر الاجنبي المحتل او بامور اخرى!).

 

مفاعلات إسرائيل النووية:

هناك العديد من المفاعلات والمراكز البحثية العسكرية في إسرائيل بالاضافة الى المفاعلات المتعددة الصغيرة في الجامعات التي تستخدم لاغراض الابحاث العسكرية أيضاً. إلاّ أنّ الشيء الذي يثير الكثير من التساؤلات هو لم هذا العدد الكبير للمفاعلات النووية والابحاث بهذا الاتجاه في دويلة صغيرة الحجم قليلة العدد السكاني؟! وهي في محيط تتوزّع فيه النفوس البشرية بشكل غير منتظم. فقسم من المدن المحيطة بهذه الدويلة تبلغ نفوسها أضعاف مضاعفة لعدد سكان مدينة تعدّ من المدن التي تسمّى بمدن الاحاطة بالمحطات النووية. وسنلاحظ ذلك من خلال تسليط الضوء على بعض المعلومات لبعض المفاعلات الاسرائيلية:

 

اولا: مفاعل ديمونة:

يقع هذا المفاعل على بعد 14 كم من مركز ديمونا البلدة الصحراوية الواقعة في صحراء النقب بالقرب من بئر السبع.تتالف المنطقة التصنيعية النووية في ديمونا من ابنية متعددة يصل عددها الى تسعة ابنية. البناءات 1,2,8,9 تصنع بشكل مباشر السلاح النووي والنووي الحراري . اما البقية فتقدم لسابقاتها الدعم الخدمي من اجهزة ثانوية ومركبات الكترونية كما يحتوي بعضها على معامل لمعالجة النفايات المشعة ذات الاشعة العالية والمحتوية على منتجات انشطار نووي فتقوم بتخزينها وتعبئتها في براميل خاصة لتخزن في مقابر جهزت لهذا الغرض علماً ان هذه المقابر او المستودعات المؤقتة مطمورة تحت الارض وقد يرشح بعضها وترتفع درجات حرارتها فتولد غازات قابلة للاشتعال خلال فترة زمنية قصيرة لتحدث كارثة في المنطقة لاتقل عن الكوارث التي شابهتها بالاساس. اما اذا حدث ما لاتحمد عقباه كالزلازل او الهزات الارضية كالتي حدثت قبل فترة قصيرة في مثلث العقبة- سيناء, فان هذه المستودعات ستتحول الى مزابل اشعاعية قاتلة لا يمكن السيطرة على اشعاعاتها باي شكل من الاشكال ومن الغازات المتوقع تسربها مثلاً الكربتون – 85 وعمره النصفي 10.72 ساعة (يسبب سرطان الدم ويهاجم كل الاعضاء) الزينون- 133 وعمره النصفي 5.25يوم (يهاجم كل الجسم ويسبب عدداً من الامراض الخطيرة).[ العمر النصفي : هو الفترة الزمنية اللازمة لهبوط النشاط الاشعاعي للنظير المشع الى النصف, فمن النظائر ما يصل عمرها النصفي الى 4.5 مليار سنة ومنها ما يصل الى اجزاء الثانية] إضافة الى النظائر الظاهرة في النفايات مثل اليورانيوم 235 و 238 والبلوتونيوم 238, 239, 240 (اعمارها النصفية تصل الى 24390 سنة كما في البلوتونيوم239 ).اما النفايات ذات الاشعاع المتباين السائلة فتوضع في اوعية خاصة كما ان هذه النفايات المشعة تحتوي على اشعاعات كاما وبيتا والنظائر المعروفة بالثقيلة مثل النبتونيوم والبلوتونيوم والامريسيوم والكوريوم وهي مواد ذات فعالية اشعاعية عالية تؤثر مباشرة بالطبيعة والكائنات عموماً بضمنها الانسان[كل هذه العناصر تتسرب في العظام فتسبب ارتخاءها وعدم استطاعتها حمل الجسم].
لقد كان الهدف من انشاء مفاعل ديمونا بالذات عام 1963 ليتم انتاج البلوتونيوم , اضافة الى انتاج الطاقة الحرارية التي تقدر ب26 ميكاواط بعد ان كان 24 ميكاواط. وفي هذا المفاعل استخدمت هندسة مدنية متقدمة لحمايتها من اي خطر(اعتداء) حيث انشئت هذه الابنية من الخرسانة المحكمة, اطوالها 24 ×60 متراً ويبلغ سمكها عدة اقدام لحمايتها من الضربات الجوية. فقد ساعدت فرنسا في تصميمه وبنائه وتدريب العاملين فيه حيث قدمت مساعدة فرنسا تحت لواء وتمتلك فيها الحكومة الفرنسية نسبة 66%بينما استمرت اسرائيل بتطوير المفاعل الى حد ادى الى تطور قدرة المفاعل الى حوالي 70 ميكاواط اي ان بامكانة لوحده انتاج مالايقل عن عشر قنابل من الوزن المتوسط والشيء المثير حقاً والخطير. ان عملية التوسيع والتطوير الجارية على هذا المفاعل تسير بشكل مخيف لا يعرف احد عواقبه , فمن المعلومات التي ذكرها موردخاي فعنونو الاسرائيلي المغربي الاصل الذي هرب من اسرائيل في آذار عام 1988 ونشرتها صحيفة سانداي تايمز البريطانية انه(( تم توسيع مفاعل ديمونة بحيث من المحتمل انه يعمل الان بطاقة 150 ميكاواط لاستخلاص كمية اكبر من البلوتونيوم يبلغ معدلها 40 كغم سنوياً فيقوم نظام للتبريد في المفاعل باخفاء الكمية المنتجة)).

 

بعض خواص مفاعل ديمونة:

1- تتم التهدئة بالماء الثقيل الذي يتم انتاج اكبر قدر منه داخل اسرائيل نفسها( المهديء: يعمل بشكل اساسي لتقليل طاقة النيوترونات السريعة الناتجة من انشطار نوى اليورانيوم وذلك لتتم السيطرة على احداث اي تفاعل قادم وهو يحيط باليورانيوم الطبيعي المستخدم كوقود نووي بحيث اذا اصطدم النيوترون بهذا المهديء يفقده جزءاً كبيراً من سرعته( او من طاقته) وجزيئة الماء الثقيل عبارة عن اوكسيد الديتيريوم , ذرتان للهيدروجين الثقيل المعروف بالديتيريوم( نواته تحتوي على نيوترون وبروتون) وذرة اوكسجين واحدة.

2- ان الوقود المستخدم في مفاعل ديمونة , اليورانيوم الطبيعي على شكل قضبان طويلة موزعة بشكل منتظم في قلب
المفاعل المذكور, ويتحول الماء الثقيل ( المهديء) من خلاله.
3- يستخدم الماء الثقيل كذلك كمبرد للتقليل من درجة الحرارة الناتجة من انشطار نوى اليورانيوم اذا ما ازدادت عن الحد المتفق عليه كي لا يحدث انفجاراً ويهدم قلب المفاعل.
4- هناك مبادل حراري يحول الماء الى بخار خلال دورة ثانوية. يطلق خلاله البخار الى الجو الخارجي( علماً ان هذا البخار يحتوي على كمية كبيرة من الاشعاع , وانه ( اي البخار) في المفاعلات الاخرى يستخدم لتدوير التوربينات لتوليد الكهرباء ولا يظهر منه الا القليل لاي سبب .

5- يعمل المفاعل كل ثمانية اشهر سنوياً ينتج 5 كغم من البلوتونيوم شهرياً.

6- يتوفر في ديمونة معمل لاعادة التصنيع , وفيها يتم فصل البلوتونيوم بالطرق الكيميائية عن وقود اليورانيوم غير المستخدم , باستخدام طريقة معروفة اسمها بيوريكس وفيها تستخدم مادة ثلاثي بوتيل الفوسفات المذاب في هيدروكربون الكيروسين كونه عاملاً لفصل المواد.
7- تنتج عن المفاعل حوالي 100 طن من النفايات المشعة سنوياً. لقد تمت مساعدة اسرائيل بواسطة دول اخرى كذلك على التنقيب عن كميات كبيرة من الفوسفات المشتملة على اليورانيوم منخفض الدرجة في صحراء النقب الغنية به.

 

من مشكلات النفايات النووية في منطقتنا

 الحلقة الثالثة

 هذه هي الحلقة الثالثة من مشكلات النفايات النووية في منطقتنا ـ حول مفاعلات الكيان الصهيوني.

لقد تطرّقنا في الحلقة الاولى والثانية الى بعض المعلومات حول مفاعلات هذا الكيان حيث أشرنا في (أولاً) الى مفاعل ديمونا والآن الى (ثانياً).

 

ثانياً:

 مفاعل ناحال سوريك

 هناك مركز يطلق عليه مركز الابحاث النووية في سوريك :

Soreq Nuclear Research Center

يقصد بكلمة ناحال بالعبرية الوحدات العسكرية التابعة للجيش والتي تقيم في المستوطنات مع الهدف الاستراتيجي الذي (تناضل!!) من أجله. وهناك معنى آخر ليس بعيداً عن المعنى الاول(بالممارسة العملية التي نراها ونسمعها!!) وهو التيّار والنهر. وقد قيل في العديد من الكتب المتداولة في داخل دولة الكيان الصهيوني أن الاسم مقتبس من إسم آخر هو نوار هالوتزي لوحيم، وترجمته الشبيبة العسكرية المتطوعة(أو هكذا!). وهي منظّمة عسكرية خصّصت لبناء قرى جديدة أو مستوطنات زراعية أو تكوين بلدة ما إلى آخره. وقد أصبحت أخيراً إسماً لوحدة عسكرية قتالية أساسيّة. فتأمّل المعنى وما تصبو اليه يد عتاة الصهاينة من صانعى الاسلحة الفتّاكة لتدمير المنطقة.

يضمّ مجمّع ناحال سوريك حسب المعلومات العامّة أكثر من 150 من العلماء والمهندسين كما ويضمّ العديد من المختبرات والمراكز البحثيّة والمراكز المتعلقة بتطوير وتوسيع المشاريع بهذا الاتّجاه. كما وتتبع هذا المركز مركز يختصّ بتحديد الاعمال التجارية مع الشركات العاملة في تطوير التطبيقات التجارية للتكنولوجيا النووية المتقدمة وهو الشريك المهم مع نيتزنانيم الحاضنة التكنولوجية والتي تتبع النشاط النووي المذكور والتي يديرها رئيس علماء من وزارة الصناعة والتجارة.

 وتقع المنشأة النووية في قرية ناحال سوريك على البحر المتوسط غرب يافن ورحبوت بالقرب من يافني الى الغرب من بيرشيب، بحيث يعتبر هذا الموقع مع القاعدة الجويّة بالميشيم مركزاً أمنياً مهماً لاسرائيل. وقد إبتديء العمل بإنشائه عام 1953 وإفتتح بشكل رسميّ يوم 18 كانون الثاني من عام 1959. نوع المفاعل الذي يحتويه الموقع هو :

IRR-1

ويعتبر من المفاعلات التي تستخدم أسلوب التقنية القديمة وقد إبتدأت قدرته بحدود 1 ميغاواط.

يعدّ سوريك من المرافق المهمّة والخطيرة في الكيان الصهيوني لكنّ المشكلة التي لم تكن بالهيّنة أنّ السرّية ترافق العمل في هذا المجمّع (كما هي العادة عن كيان إسرائيل!). فلا معلومات دقيقة حول المصادر المتاحة لمعرفة الكثير من التصاميم والمرافق السرّية. وليس هناك قدر كاف من الصور من الاقمار للاسباب المعروفة! إلاّ من تلك الصور القديمة منذ عام 1971.

في المفاعل يستخدم الماء الخفيف للتهدئة وقادر على إنتاج البلوتونيوم وقد بدأ تشغيله عام 1960 بالقدرة المذكورة التي طوّرت بعد ذلك الى 5 ميغا واط في العام 1969.  وقوده الإنشطاري اليورانيوم المخصّب بنسبة 90% وقد تطور في سنين السبعينيات الى 10 ميغاواط. وحيث أنّ الزيادة المقررة قد توفّرت إمكانيّاً للمفاعل وبهذه القدرة المذكورة فهو قادر على إنتاج الأسلحة النووية، حيث يذكر أحد المتخصّصين في هذا المجال أنّه(( خلال الفترة الواقعة ما بين 1960، 1966 وافقت الولايات المتحدة على تزويد إسرائيل بخمسين كيلو غراماً من اليورانيوم ـ 235 بإغناء 90% لتزويد مفاعل ناحال سوريك بالطاقة)).[نقلاً عن كتاب الاسلحة النووية في اسرائيل للدكتور تيسير الناشف .المؤسسة العربية للدراسات والنشر.1990 ].  ولمركز ناحال سوريك النووي توأمة مع المختبرات القومية للاسلحة في لوس ألاموس في الولايات المتحدة الامريكية. وهي مختبرات مهمّة للغاية تعمل على التطوير العملي المستمر للاسلحة النووية بالاضافة الى عملية تصميمها وتصنيعها والمسؤولة عن الكثير من التصاميم لاسلحة متنوّعة ضربت العديد من الاماكن في العالم كالعراق في سنوات 1991 و1997 ومن 2003 في العديد من الاماكن التي قصفت من الجوّ. وقد إستخدمت في غزّة من قبل الكيان الصهيوني وكلّ هذه الاسلحة  أسلحة محرّمة دوليّاً!

 

التجارب النووية:

تعتبر التجارب النووية من الضرورات لاختبار مادة التفاعل النووي وقدرتها على التدمير(اضافة الى تاثيرها بالمحيط الخارجي المشابه الى محيط جو العدوالمفترض)، بالرغم من عدم إمكانيّة الكثير من الدول اجراؤها لكثير من الاسباب، منها الجانب الامني اضافة الى حساسية اجرائها لما يرتبط بابعادها السياسية كذلك. ففي عام 1945 القت الولايات المتحدة الامريكية (كما هو معروف ) قنبلتين على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين، بالرغم من استسلام اليابان بشكل ميداني وواقعي وكانت هاتان القنبلتان بحق من اسوأ التجارب النووية التي اختبرت فيها القدرة النووية حتى اصبحت هاتان التجربتان معياراً للمتخصصين في هذا المجال! وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية استمرت التجارب النووية في عدد من الاماكن في العالم حتى بالرغم من توقيع عدد من الاتفاقيات بعدم اجرائها، حيث من المعروف ان معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية ومعاهدة الخطر الذي فرضته دول النادي النووي ابدتا شروطاً قاسية على دول (نووية) اخرى باستثناء دول النادي نفسها..فقد قامت فرنسا باستئناف تجاربها النووية اكثر من مرة فقد قامت بهذا الاستئناف عام 1995 جنوب المحيط الهادي وتصريح الولايات المتحدة الامريكية باعادة تحاربها النووية رداً على ذلك وكادت الامور ان تاخذ منحىً خطيراً الا ان دول النادي النووي المذكور عملت على تهدئة الموقف بسبب ما يمر به العالم من ظروف معقدة لاتحمل هذا الوضع علاوة على تاثير التجارب النووية على الصحة والبيئة اضافة الى الخسائر الاقتصادية حيث تكلف التجربة النووية الواحدة (من النوع الاعتيادي اذا اخذنا بنظر الاعتبار قدرتها المتواضعة ومادة التفجير دون التوجه الى تعقيدات البيئة التي لا تقدر مفاجآتها بثمن معين ) ما يقارب 90 مليون دولار امريكي. لقد وقعت العديد من الدول على معاهدة الحظر المذكورة ابتداء من تاريخ 25\1\1994 بالرغم من امتناع دول قليلة على التوقيع من ضمنها (اسرائيل) طبعاً اضافة الى الهند( علاقاتها جيدة مع اسرائيل من جهة اجراء التجارب المشتركة وبصورة غير معلنة وفي عدة اماكن ، حيث اجرت الهند تجربتها الاولى عام 1974 تحت سطح الارض اضافة الى التجارب الخمس التي قامت عام 1998 والتي ساهمت اسرائيل باكثر من واحدة على الاقل عدا التجارب المجراة بشكل غير رسمي!)

لكن يبقى السؤال الذي يثار كثيراً: هل فعلاً اجرت اسرائيل تجارب نووية مسجلة؟ متى واين؟             

في عام 1960 لغاية 1964 استفادت اسرائيل من المعلومات المعطاة لها من فرنسا عندما اجرت تجاربها النووية المعروفة حينذاك . فقد اجرت عدداً منها في الصحراء الكبرى شمال افريقيا، وقد قامت فرنسا بتزويد اسرائيل بمعلومات نتائج هذه التجارب بالتفصيل وقد قيل ان اسرائيل قد شاركت بالفعل  بعدد منها وخاصة تلك التي اجريت في صحراء الجزائر خلال السنوات المذكورة، اي لغاية عام 1964.

لقد وردت عدة تقارير كان مصدرها الولايات المتحدة الامريكية، انّ اسرائيل قد اجرت تجربة تحت سطح الارض في النقب بقوة تفجير ضعيفة بحيث لا تستطيع اجهزة الرصد الاشعاعي رصدها. كذلك يقول بعض الخبراء ان اسرائيل اجرت تجربة في النقب تحت سطح الارض على عمق 800 متر عام 1966 ومعروف ان التجربة او التجربتين كانتا معدتين لاختبار سلاح نووي جهز لخوض حرب قريبة (حزيران 1967 ) حيث اكد الكثير من العسكريين ان اسرائيل كانت على اهبة الاستعداد فعلاً لاستخدام مثل هذا السلاح لو حدث شيء لم يحسب حسابه!! حيث اكد عالم امريكي على صحة حدوث تجربة العام 1966 ، ذلك العالم الذي عمل على سفينة ابحاث بحرية، حيث رصد زيادة النسبة المئوية للتركيز الاشعاعي في مياه البحر المتوسط في ذلك الوقت، حيث ارتفعت بشكل ملفت للانتباه، وقد سجلت نسب متباينة لذلك في خليج العقبة حينذاك وفي عام 1979 وبالتحديد يوم 22 ايلول، سجل القمر الاصطناعي الامريكي (فيلا) المحلق فوق منطقة المحيط الهندي وجنوب المحيط الاطلسي، سجل وميضاً من الضوء ودونت التقارير ان هذا الوميض ناتج عن تجربة نووية اجريت مع جنوب افريقيا ( حيث كانت العلاقة متميزة بين جنوب افريقيا العنصرية واسرائيل). اضافة لما ذكر وعلى مسمع من العالم اجرت الهند بالتعاون مع اسرائيل التجارب الخمس انفة الذكر، وساهمت اسرائيل بخبرائهاونقلت العديد من المعدات والمواد للمشاركة في بعض من هذه التجارب التي ضمت احداها قوة تفجير تعادل 12 قنبلة نووية من التي سقطت على هيروشيما عام 1945. ولو القينا نظرة بسيطة على سنوات التفجير( 1961- 1966 ) ، 1970 ، 1998  نلاحظ الفرق البسيط بين كل منها.

 

 

تأثيرات مستقبلية:

يعتقد الكثير من المتخصصين ان اسرائيل ستقدم على التصريح الرسمي بانها تمتلك السلاح النووي بالرغم من انها رفضت لاكثر من مرة ان تنظم الى دول النادي النووي او ان تسمح لوكالة الطاقة الذرية الدولية بتفتيش منشآتها النووية ومفاعل ديمونة بالذات الذي يعتبر من المفاعلات المتخصصة لانتاج السلاح النووي. لكن يبقى السؤال الاكثر حساسية هو ان لم تتوفر الظروف المؤدية الى استخدام هذه الترسانة النووية الاسرائيلية ، هل تبقى خطورة تذكر ام نقول ماذا لو حدث حادث كالتسرب الاشعاعي من المفاعلات المذكورة لاي سبب كان؟                                                                             

ان المشكلة الاساسية في الموضوع تكمن في عدة اخطار منها التأثير السلبي للتجارب النووية التي تحدثها اسرائيل في ارض النقب او في مناطق تحت البحر مما يؤدي الى حدوث الزلازل او الهزات الارضية او التعجل بحدوثها ( يعتقد البعض ان الهزة الارضية التي حدثت في مثلث العقبة – سيناء في تسعينيات القرن الماضي هو نتيجة لتفجير نووي بقدرة معينة في قاع البحر الابيض المتوسط) او بالتسرب الاشعاعي المتوقع لاي سبب..

ان الخطورة الاساسية في استخدام الطاقة النووية ( لاغراضها السلمية) تكمن في تسرب جزء من النظائر المشعة والاشعاعات المؤينة الى الطبيعة بضمنها الانسان فتحدث تأثيراتها على المدى القريب والبعيد. ويمكن انتقال هذه الاشعاعات ومتعلقاتها بعدة طرق منها المباشرة ومنها غير المباشرة ففي الحالة الاولى يحدث الانتقال الى الانسان مباشرة بالتنفس او التعرض الشامل او الجزئي ، وكلما كانت كمية الاشعاع كبيرة كلما اصابت اكثر عدداً . وتتراوح الاصابات بشدتها لعدة اسباب منها، نسبة التعرض للاشعاع، مساحة التعرض ، اضافة الى حساسية العضو المتعرض للاشعاع علاوة على الواقع المناخي الذي يساعد في انتقال الاشعة من مكان الى آخر، كالريح والمطر( تشير التقارير المستمدة من واقع الحوادث النووية الى ان نسبة الوفاة تزداد عند تعرض انسان سوي الى 5 غراي او اكثر بتأثير هذه الجرعة في جهاز تكوين الدم بينما اذا تعرض الى جرعة 20 غراي فان تلفاً يصيب خلايا الدماغ والاوعية الدماغية فيحدث الوفاة:(الغراي: جرعة من الاشعة الممتصة طاقتها جول واحد ليصيب مادة كتلتها كيلو غرام واحد) كما ان نسبة الوفيات تزداد من 1% الى اكثر من 80% بين دائرة نصف قطرها كيلومتران الى ستة كيلومترات ودائرة نصف قطرها 1.3 كيلومتر.اما النسب الاخرى للتأثير فتبتديء من الاصابات بتأثير قصير المدى كامراض الجهاز الهضمي والتنفسي والبصري وسرطان الغدة الدرقية وتساقط الشعر الى تأثير بعيد المدى كالتاثير في الكروموسومات البشرية لتغير من طبيعتها كما حدث في تأثير تشرنوبيل في جمهورية اوكرانيا ، فقد ازدادت نسبة التشوهات بشكل ملحوظ في الجيل الاول بعد الاصابة ، ويعتقد انها ستزداد اكثر في الجيل الثاني والثالث) اما التاثير غير المباشر فينتقل عن طريق المياه والتربة والغذاء، ناهيك عن التاثير المباشر وغير المباشر للنفايات النووية التي باتت مشكلة معقدة في كيفية التخلص منها ، ولها مجال آخر في موضوع آخر اما لو عملنا مقارنة بسيطة لنسبة التسرب الاشعاعي من مفاعل تشرنوبيل ونفس النسبة من التسرب الاشعاعي  المتوقع من مفاعل ديمونة الذي يعتبر اكبر واخطر ان من الغرض الذي صمم من اجله او من ناحية كمية المواد المنشطرة ونفاياتها.

 

العودة الى ديمونا!

 ان من اهم المعلومات التي سربها فعنونو هي تلك التي تتطرق الى إمكانيّة اسرائيل النووية، فقد ذكر بان اسرائيل ( قد انتجت بالفعل المواد النووية التي تكفي لصنع 150 سلاحاً نووياً ونووياً حرارياً) لذلك فان هذه المعلومات يضع الكيان الصهيوني في مقدمة الدول المصنعة للسلاح النووي ، علماً ان التوجه الذي تسعى اليه هو إمتلاك الاسلحة التي تساعد على إيصال هذا السلاح بصور متعددة الى جميع الدول العربية إبتداء من موريتانيا الى حدود العراق بل وحتى تشمل ذلك الدول الاسلامية الاخرى علماً انها ( اي اسرائيل) مستمرة بالعمل والانتاج لحد هذه الساعة ، ولا تخضع هذه المفاعلات لاية رقابة دولية!

انّ التجارب النووية الصهيونية كانت تجرى بعلم الولايات المتحدة الامريكية من هذه التجارب التي علمت بها الولايات المتحدة مثلاً تجربتها مع نظام جنوب أفريقيا العنصري في منتصف سبعينيات القرن الماضي. وهناك معلومات وتكهنات في هذه الايام ( وليس سرّاً) على وجود امكانيات لتجربة نووية جديدة باسلوب جديد ولا يعرف مكانها الى الآن مثلما حدث لتلك التجربة التي اذاعتها اذاعة بي بي سي يوم 18 حزيران 1998 حيث تقول بان هناك معلومات باتت مؤثرة على إجراء هذه التجربة، وبنفس الاسلوب سنحصل على المعلومات من خلال الوسائط لا من خلال التنبّه الى ما اشرنا اليه أو لتراقب مراصد الدول المحيطة مراقبة جيّدة دون دخول التاثيرات السياسية على الخط  ويا ليت تلك المراصد تصرّح ان تحرّك مؤشّرها!!!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org