بحوث

المباهلة .. حق وحقوق وحقيقة

الشيخ محمد حسن الحبيب

قَالَ تَعَالى ﴿ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63) ﴾ سورة آل عمران

بعث رسول الله (ص) إلى نصارى نجران كتابا خيرهم فيه بين ثلاثة أمور: الإسلام، أو الجزية، أو الحرب، وقد جاء في الكتاب الذي بعثه النبي (ص) إليهم:

﴿ بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب (1)، من محمد النبي (ص) إلى أسقف نجران وأهل نجران، إن أسلمتم فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب.

أما بعد.. فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام ﴾ (2)

وصل الكتاب إلى الأسقف أبو حارثة بن علقمة، ودفع الكتاب إلى العاقب والسيد وتداعوا لعقد مؤتمر بنجران يناقش فيه سبل التعاطي مع ما ورد في كتاب رسول الله (ص)، وفعلا انعقد المؤتمر وتعالت الأصوات بين داع للحرب والمواجهة وآخر مقر بنبوة النبي ومعترف بها طبقا لما ورد في الإنجيل، وثالث يدعوا إلى التريث وأخذ الحيطة والحذر والتأني في التعاطي مع هذا الأمر، وانتهى المؤتمر بقرار إيفاد وفد من وجوه نجران وأعيانها إلى يثرب لملاقات رسول الله (ص) والنظر في أمر الخيارات التي وردت في كتابه (ص).

وفعلا توجه الوفد إلى يثرب وقد ضم " ستون راكباً، فيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم، منهم العاقب وهو عبد المسيح، والسيد وهو الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل، وأوس، والحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله، ويحنس، منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم: العاقب أمير القوم، وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه. واسمه عبد المسيح، والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم، ومجتمعهم، واسمه الأيهم... فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم، ولبسوا حللاً لهم يجرونها من حبرة، وتختموا بالذهب". (3)

وبعد حوار طويل مع رسول الله (ص) في أمر نبي الله عيسى وولادته ونبوته انتهى الأمر بدعوة رسول الله (ص) لهم للمباهلة. (4)

وقد روى جابر، وابن عباس، وقتادة، وسلمة بن عبد يسوع عن أبيه عن جده، وعن حذيفة، والأزرق بن قيس، والشعبي: أن رسول الله لما نزلت هذه الآيات دعا وفد نجران إلى المباهلة، فقال (ص): ﴿ إن الله تعالى أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم ﴾. (5) 

فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا.

وفي حديث آخر فقالوا: أخرنا ثلاثة أيام، فخلا بعضهم إلى بعض وتصادقوا.

فقال السيد العاقب: والله يا معشر النصارى، لقد عرفتم أن محمداً لنبي مرسل، ولئن لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين، إنه للاستئصال لكم، وما لاعن قوم قط نبياً فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم.

وفي رواية: فقال شرحبيل: لئن كان هذا الرجل نبياً مرسلاً فلاعنَّاه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك.

وفي رواية: لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا.

قالوا: فما الرأي يا أبا مريم؟

فقال: رأيي أن أُحَكِّمَه، فإني أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً.

فقال السيد: فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل، ثم انصرفوا إلى بلادكم.

فلما انقضت المدة "جاء النبي (ص) آخذا بيد علي بن أبي طالب (ع)، والحسن والحسين (ع) بين يديه يمشيان وفاطمة (ع) تمشي خلفه، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم فلما رأى النبي قد أقبل بمن معه سأل عنهم فقيل له : هذا ابن عمه وزوج ابنته وأحب الخلق إليه وهذان ابنا بنته من علي ، وهذه الجارية بنته فاطمة أعز الناس عليه وأقربهم إليه. (6)

وروى غير واحد أن النبي (ص) قال لهم: ﴿ إن أنا دعوت فأمنوا ﴾. (7)  

وقبل أن يرفع رسول الله بالدعاء عليهم قال أسقفهم: إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله. فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. والله، لقد عرفتم نبوته، ولقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم، أي عيسى. فوالله، ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا، فإن أبيتم إلا دينكم فوادعوا الرجل، وانصرفوا. (8)

فقرر النجرانيون التراجع عن المباهلة والقبول بالجزية.

فكتب لهم رسول الله عهدا بين فيه ما لهم من حقوق في مختلف الأبعاد الدينية والسياسية والاقتصادية، وما عليهم من واجبات كذلك. 

  • المباهلة وثبوت الحق

بالرغم من إيمان المسلمين بالنبي (ص) واعتقادهم بنوبته ورسالته إلا أن التوافق على المباهلة أدخل في قلوبهم الوجل والخوف والخشية على ما هم عليه، وإن كانوا متأكدين من أن النتيجة ستكون لصالحهم ووبالا على مناوئيهم.

وهذا ما حدث فعلا فقد أظهر الله الحق وأزهق الباطل في يوم المباهلة.

قال تعالى: ﴿ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ (60) ﴾ سورة آل عمران

الحق كل الحق من الله ابتداء واستمرارا وحينما يكون الإنسان ملتزما بما أنزل الله من الحق فعليه أن يدفع كل الأوهام المنبعثة من الشك والزيغ وما يبثه أصحاب الهوى والأطماع والمصالح، وحينها ستكون الطمأنينة واليقين في النفس والتسليم بما جاء من الحق.

والآية الكريمة بعد أن أبانت أن الحق من الله مما يعني وجوب إتباعه حذرت من تسلل الشك والريب إلى النفس ونهت عنه لغرض الارتقاء بالإنسان إلى مستوى التعاطي مع الحق وإبعاده عن التسافل في التعاطي مع قضاياه وخصوصا المصيرية منها بالشك والريبة وما إلى ذلك من الأوهام التي تؤثر في النفس وتمنعه عن الانطلاق في رحاب الحق. 

  • المباهلة وثبوت الحقيقة

نزلت آية المباهلة على رسول الله ووضعت حدا فاصلا للجدل الذي أثاره نصارى نجران. وآية المباهلة هي قول الله تعالى: ﴿ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) ﴾ سورة آل عمران

وورد في بعض النصوص أن نصارى نجران قالوا لرسول الله (ص): لم لا تباهلنا بأهل الكرامة والكبر، وأهل الشارة ممن آمن بك واتبعك؟!

فأجابهم (ص): أجل، أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض، وأفضل الخلق.

والمراد بهؤلاء هم علي وفاطمة والحسن والحسين، ومن الواضح البين أن المباهلة أبانت حقيقة الآل (ع) أما الجميع مسلمين ونصارى غيرهم، ومكانتهم عند الله ورسوله، وما قيل من أن عادة العرب الخروج بالأهل بالمعنى الأخص عند المباهلة، لا يلتفت إليه فهي دعوى بلا دليل وشاهد الحال لا يتفق مع هذه الأقاويل المنبعثة من الحقد والكراهية لعلي وآل علي (ع).

وقول الأسقف لأصحابه: " أرى وجوها لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله... إلى أن قال: أفلا تنظرون محمدا رافعا يديه، ينظر ما تجيئان به، وحق المسيح - إن نطق فوه بكلمة - لا نرجع إلى أهل ، ولا إلى مال ! ! !  ألا ترون الشمس قد تغير لونها ، والأفق تنجع فيه السحب الداكنة والريح تهب هائجة سوداء، حمراء، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان، لقد أطل علينا العذاب، انظروا إلى الطير وهي تقئ حواصلها والى الشجر كيف تتساقط أوراقها، والى هذه الأرض كيف ترجف تحت أقدامنا ! ! !. (9) 

يبين حقيقتين إحداهما: المكانة والمنزلة لأهل بيت الرسالة، والثانية النصر المؤزر للمسلمين بالغيب والتسديد الإلهي لهم من دون أن يسل أحد منهم سيفه من غمده.

قال رسول الله (ص) : ﴿ والذي نفسي بيده لو لاعنوني لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم الوادي عليهم نارا ، ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا كلهم ﴾. (10)

  • المباهلة والحقوق

تعرض أهالي نجران في مستهل القرن السادس الميلادي إلى غزو من قبل اليهود، وينقل بعض المؤرخين أن الغزو كان على يد أحد ملوكهم ويدعى (يوسف) ويلقب بـ (ذو نواس) وكان الهدف من الغزو تحويل ديانتهم من النصرانية إلى اليهودية ولما لم يستجب أهالي نجران لتلك الدعوة وأصروا على التمسك بدينهم خد لهم الأخدود فحرق بعضهم وقتل بعضا آخر.

 وقد ذكر القرآن الكريم هذه الحادثة في قوله تعالى: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) ﴾ سورة البروج

وحينما جائت الدعوة من النبي (ص) لهم بالدخول في دين الإسلام أو الجزية أو القتال أبوا ذلك حتى كان ما كان من المباهلة وعدولهم عنها إلى الجزية، وهنا كتب النبي (ص) لهم عهدا أبان لهم فيه مالهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وهذا نص العهد الذي أملاه رسول الله (ص) وكتبه أمير المؤمنين علي (ع):

﴿ بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب محمد النبي رسول الله لأهل نجران ـ إذا كان عليهم حكمه ـ في كل ثمرة، وفي كل صفراء وبيضاء ورقيق فأفضل ذلك عليهم، وترك ذلك كله [لهم] على ألفي حلة من حلل الأواقي، في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، مع كل حلة أوقية من الفضة، فما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب، وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عروض أخذ منهم بالحساب، وعلى نجران مؤنة رسلي ومتعتهم ما بين عشرين يوماً فما دون ذلك، ولا تحبس رسلي فوق شهر.
وعليهم عارية ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً، إذا كان كيد ومعرة، وما هلك مما أعاروا رسلي من دروع، أو خيل أو ركاب، [أو عروض] فهو ضمين على رسلي حتى يؤدوه إليهم.

ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم، وأرضهم وأموالهم، وغائبهم وشاهدهم، وعشيرتهم، وبيعهم [وصلواتهم]، [وكل ما تحت أيد يهم من قليل أو كثير]، وألا يغيروا مما كانوا عليه بغير حق من حقوقهم ولا ملتهم، ولا يغير أسقف عن أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته.

وليس عليهم دنية، ولا دم جاهلية، ولا يحشرون، ولا يعشرون، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقاً فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين. [على ألا يأكلوا الربا] فمن أكل الربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله، وذمة النبي محمد رسول الله أبداً، حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا ما عليهم، غير مثقلين بظلم ﴾. (11)

وعليك أن تلاحظ الفرق بين منهجين في التعاطي؛ منهج يفرض ما يعتقد به بالقوة وإن أدى ذلك إلى البطش والقتل والحرق كما فعل اليهود وكما هم يفعلون الآن، ومنهج آخر يعتمد الحوار والإقناع أولا وتنظيم العلاقة من خلال التوافق على الحقوق والواجبات لكلا الطرفين كما فعل رسول الله (ص) ومن سار على دربه وهداه.

ويمكن لنا التوقف قليلا عند الوثيقة أو العهد الذي كتبه النبي لنصارى نجران لاستخلاص الدروس والعبر منها:

1. الاعتراف بمكونات المجتمع لا يكون إلا من خلال تنظيم العلاقة بين الجزء وبقية الأجزاء المكونة للمجتمع وبينه وبين السلطة السياسية فيه.
2. الحقوق ليست هبات تهدى من قبل السلطة وإنما اعتراف من قبلها ورفع اليد عن منعها وتقديم ما ينبغي للحصول عليها.
3. إذا اختلف مكون ما عن سائر المكونات في العقيدة فله كامل الحق في ممارسة عقائده وإدارة كل ما يتصل بالعقيدة باستقلال تام من دون تدخل السلطة السياسية والدينية في شأن ذلك المكون، ولعل التركيز في هذا العهد على البعد الديني لأهمية الاستقلال فيه واعتباره الأس والأساس التي تبتني عليها سائر الحقوق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه الرسالة كانت قبل أن تنزل عليه (ص): ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾.

(2) الصحيح من سيرة النبي؛ ج 28، ص 300.

(3) الصحيح من سيرة النبي؛ ج 28، ص 302.

(4) المباهلة: من البهل، والبهل في اللغة بمعنى تخلية الشيء وتركه غير مراعى، وقيل أن المباهلة تعني الملاعنة أي الطرد ولعل هذا المعني هو ما يؤول له المعنى الأول.

(5) روى البعض أن النصارى هم من طالبوا بالمباهلة والصحيح كما جاء في الكتاب العزيز والروايات الكثيرة هو أن النبي (ص) هو من طلب المباهلة.

(6) بحار الأنوار، العلامة المجلسي؛ ج 21، ص 277.

(7) تفسير القرطبي، القرطبي؛ ج 4، ص 104. وغيره كثير.

(8) الصحيح من سيرة النبي؛ ج 28، ص 309.

(9) حياة الإمام الحسين (ع)؛ الشيخ باقر شريف القرشي؛ ج 1، ص 72.

(10) بحار الأنوار، العلامة المجلسي؛ ج 21، ص 277 - 278.

(11) الصحيح من سيرة النبي؛ ج 28، ص 315.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org