مقالات

عمارة مناكبها

محسن ظـافـر غـريـب - لاهاي

algharib@kabelfoon.nl

لاشك أن بعضنا سمع بأن خديوي مصر أوفد الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي الى الفرنجة سنة 1836م داعية في عقر دار الحرب الغرب، وبعضنا قرأ أن الشيخ السنهوري تعلم في فرنسا ليضع مؤلفا زاوج فيه سنة 1949م بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي الأوربي، وأن باصرة عميد الأدب العربي الدكتورطه حسين أبصرت نور باريس، وأن المستشرق الفرنسي الشهير" جاك بيريك" المتوفى سنة 1994م قال:" أن أوربا سوف تكون منطلق تجدد الإسلام"!.

قد كان أول مبعوث للخلافة الإسلامية العثمانية الى أوربا العجوز، هو الشاعرالدبلوماسي التركي"علي عزيزأفندي"، إيذانا ببداية التحالف الإسلامي التركي مع الدولة البروسية قبل أن تتحول تركيا الى ما عُرف بالرجل المريض المهيض الجناح في موضع القلب منه، الذي تنازعت أقطار أوربية أخرى على تقاسم أسلاب تركته مترامية الأطراف الطاعنة في تاريخ وجغرافيا العمق الأوربي بدء بليالي الأنس في فيينا وما بلغ صوت الأذان من حيطان حولها آنذاك حتى تخوم القرن 18م.

في شهرتشرين الأول 1798م توفي المبعوث المذكور دون أن تسع منزلته السامية مقبرة إسلامية يُدفن فيها، فبادر ملك بروسيا " فريدريش فيلهلم الثالث" لإستقطاع قطعة أرض في عاصمة ملكه برلين لتقام عليها "مقبرة الشهداء" الشهيرة باللغة التركية اللآتينية( Sehitlik Friedhof ) على أساس أن كل غريب " شهيد "( Sehit ) وإن لم ينتمي الى التجديد ( البعث) الإسلامي، إبّـان الحرب الكونية الأولى، ولم يكن أسيرا كسيرا حسيرا ضمن 15 ألف من المغضوب عليهم؛ مغربي وجزائري وسنغالي وسيبيري وهندي ( وباكستاني) وتاتاري، لدى عسكر دول (المحور)، في معسكر الهلال الألماني الكائن في منطقة فونسدورف بالعاصمة برلين حيث تم بناء أول مسجد منتصف شهر تموز1915م من الخشب العازل للصخب أو النصب، على مساحة إجمالية مقدارها 18م بإرتفاع 12م ومنارة تعلو 23م لإستيعاب 4 آلاف مصلّ تحت ظل هلال المنارة، الموجّه شطر البيت الحرام. يومها كتبت صحيفة"Teltower Kriegsblatt   ":" تجمهرت عند مدخل المعسكر الذي كتبت عليه آيات التبريك باللغة العربية، ثلة من الضيوف الأوربيين والمسلمين من شتى أقطارالمعمورة؛ ترك وفرس وتتار وبلغار ومسؤولين المان".

خلال صيف العام الجاري2006م، يتم إفتتاح أضخم وأكبر مسجد في الإتحادالأوربي، على تلكم الأرض البرلينية بإسم " مسجد الشهداء"، يضاهي آية العمارة المسيحية( مسجد) " آياصوفيا" في القسطنطينية، يسع لما يزيد على ألف و500 مصل بعد 7 سنوات من سجال البناء المتقطع المشفوع بتقديم غرامات مالية ضخمة لسلطات هذا القطر الأوربي ألمانيا، لمخالفة البناء للأصول المعمول بها، لجهة علو القباب والمآذن الباسقة التي تشرف للإشراف عليها المهندس المعماري التركي المبرز"حلمي سينالب" الشهير ببناء مساجد عدة في أقطارعدة، وذلك بمؤازرة تبرعات الجالية الإسلامية في الإتحادالأوربي والقطرالأوربي المضيف ألمانيا، وبدعم مالي يعلو سقفه على مليون ونصف المليون يورو.

يقول المهندس سينالب : " حاولنا أن نحافظ على الهندسة المعمارية العثمانية سيما بخصوص النقش على الخشب ( الذي تجاوزعمره القرن من الزمن) دون اللجوء الى أيّ صنف لاصق لتثبيت الزخرفة على إفريز الأبواب التي تُعمر لألف و500 سنة مقبلة، من أجل إضفاء جمالية إضافية ".  إذ إستعمل الحجر والرمل الأوربيين، أما مواد البناء الأخرى من خزف ورخام الواجهة وخشب الأبواب والنوافذ المعشقة بالنقوش والمطعمة بالفسيفساء والذهب، فكله  ُجلب من تركيا.  وأن هذا المشروع الحضاري الإسلامي يلحق به مركز ثقافي إسلامي من جنس العمارة ذاتها. وأن " مسجد الشهداء " هذا، برعاية رجل الأعمال التركي  " أحمد أكبابا " الذي وفد بصفة عامل في النجارة فأضحى صاحب شركة معمارية أخصائية مركزها مدينة أسين القريبة من حدود القطر الهولندي والذي يقول:"قد عرفنا قدرنا جيدا بأننا نعيش في هذا القطرالأوربي الأمرالذي يدعونا لتأسيس مركزلقاء وإتصال إجتماعي يكون صرحا وآية جمال وبيتا من بيوت الله". وقد إستهل أكبابا نشاطه الخيري المبارك مع" النادي الثقافي الإسلامي التركي" في مدينة "مونشينغلاد باخ" لبناء منارة المسجد هناك. فكان في سرب مهاجر حزين يمتد من بغداد الى بكين، يسعى في مناكبها ليعمر مساجد يعلو فيها بإسم الله إسم الله.

                      

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com