مقالات

اذا كان الله نورا فالارهاب ظلام

 خلدون جاويد

khaldoun3@hotmail.com

 ادنا ه قراءآت حول الله في الدين والفلسفة والشعر.

وردت لفظة الجلالة " اله "في القرآن الكريم 80 مرة، وكلمة الله 980 مرة، ووردت كلمة خالق 8 مرات، وكلمة رب 84.

 وفي الألواح والوصايا العشر، عُهد الى النبي موسى عليه السلام أن يتكلم مع الله في وادي طور سيناء، وكانت أول الوصايا: " الرب الهك، فلا يكن لك الهة اخرى أمامي ".

 وأشارت الأناجيل الأربعة الى كون المسيح عليه السلام بشارة من الله: بشارة المسيح بخلاص البشر من الخطيئة ومجيئ ملكوت السموات، أي ملكوت الله في الأرض ".

 والقرآن هو دلالة الوحي الذي نزل على الرسول محمد " ص ". يقول العلامة الشيخ الكبير محمد رضا المظفر " ومعجزة نبينا الخالدة هي القرآن الكريم، المعجز ببلاغته وفصاحته في وقت كان فن البلاغة معروفا. وكان البلغاء هم المقدمون عند الناس بحسن بيانهم وسمو فصاحتهم فجاء القرآن كالصاعقة أذهلهم وأدهشهم وأفهمهم أنهم لاقبل لهم به، فخنعوا له مهطعين عندما عجزوا عن مجاراته وقصروا عن اللحاق بغباره ". وفي خطبة لعلي بن أبي طالب " ع " مشتملة اوصاف الله " الحمد لله المعروف من غير رؤية، والخالق من غير رؤية، الذي لم يزل قائما دائما، لاسماء ذات ابراج، ولا حجب ذات رتاج، ولا ليل داج، ولابحر ساج، ولا جبل ذو فجاج، الخلق ورازقه والشمس والقمر دائبان في مرضاته: يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد. قسم أرزاقهم، وأحصى آثارهم وأعمالهم، وعدد أنفاسهم، وخائنة أعينهم. وما تخفي صدورهم من الضمير، ومستقرهم ومستودعهم من الأرحام والظهور، الى أن تتناهى بهم الغايات ".... ).

 وهنا تتلخص الربوبية وفق المقتبسات الآنفة الذكر بكونها الصانعة الخالقة الموحية المعجزة العالمة الرازقة، وكل ماورد فيها لايمت بأية صلة او تخريج لما هو ارعاب او ارهاب.

 وبما أن الالوهية هي من صميم النظرة الفلسفية لمعنى الخالق والخلق، فلابد من تعريج على تعريف أو آخر لها. قال أبو نصر الفارابي في كتاب " فلسفة ابن سينا وتعاليم أبي نصر الفارابي ) في الصفحة د: " اسم الفلسفة يوناني وهو دخيل في العربية وهو على مذهب لسانهم" فيلوسوفيا " ومعناه ايثار الحكمة. وهو في لسانهم مركب من " فيلا " ومن " سوفيا " ففيلا: الايثار، وسوفيا: الحكمة، والفيلسوف مشتق من الفلسفة.وهو على لسانهم " فيلسوفوس ". فان هذا التغيير هو كتغيير كثير من الاشتقاقات عندهم ومعناه " المؤثر للحكمة ".

 وقد أشار في هذا الصدد، الدكتور ابراهيم العاتي في مجموعة محاضرات بعنوان المذاهب الفلسفية قائلا: " اذا كانت الفلسفة هي الحكمة، والحكمة أنبل المعارف، يتصف بها أسمى الناس ادراكا وأعمقهم فهما، فقد أشاد بها القرآن الكريم وربطها بالخير الكثير، فقال تعالى " يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أُتي خيرا كثيرا "... وكثيرا ماسمي َ فلاسفة الاسلام بالحكماء ".

 كما أشار محمد جواد مغنية (... " ان الفلسفة اذا كانت سبيلا لمعرفة الحقيقة سبيل أيضا ً للعمل. قال الامام علي:" رحم الله امرا ً أعد لنفسه، واستعد لرمسه، وعلم من أين؟ وفي أين؟ والى أين؟ " أي من أين أتى؟ والى أين ينتهي؟ وفي أي موضوع هو؟ وبكلمة أن يعلم مكانه من الوجود، ويعمل بما تستدعيه بدايته ونهايته وحياته الحالية..."

 وهذا الطرح العلوي يعبر بلا أدنى شك عن ضرورة أن يتأمل الانسان في ذاته ومحيطه وان يعمل على معرفة قيمته في هذه الحياة، وذلك من أجل ادراك حقيقته والحقائق الاخرى وان يتفادى الرذائل. وأن يتوسم بالفضيلة، وبهذا يعمل المرء على الاعداد لنفسه

والاستعداد لرمسه. وهذا بحق ماورد في قاعدة النص البلاغي للحياة والموت.

 وهنا فلسفيا تغدو الحكمة وساما يتحلى به الفضلاء والعلماء توكيدا للفضيلة ونأيا عن الرذيلة ومعرفة قيم الحياة السامية وارتباطاتها قبلا وبعدا. فأين الإرهاب والإرعاب في ذلك وكيف يتم تخريجهما من دون مسوغات ارادوية تستهدف التجاوز على الخالق بإفناء خلقه.

 وتأسيسا ً على ماورد أعلاه، يجد الشعر العربي موضعا ً له، وموقفا ًمن أحد اتجاهي الفلسفة " المثالي أو المادي " ولتقصي مايتيسر من منجزاته وما هو سائد فيه، نتأمل في أهم ماذهبت اليه قصائد الشعراء في القرن العشرين، ومن غيض ذلك، وعلى سبيل المثال، تلك الاشارات الواردة في قصيدة مهمة للشاعر أحمد شوقي في ديوانه الشوقيات: بعنوان " كبار الحوادث في وادي النيل ":

 " ذهبوا في الهوى

مذاهب شتى

جمعتها الحقيقة الزهراءُ

فإذا لقبّوا قويا ً

الها ً

فله بالقوى اليك انتهاء ُ

واذا آثروا جميلا

بتنزيه ٍ

فان الجمال منك حباء ُ

واذا انشئوا التماثيل

غرا

فاليك الرموز والايماء ُ

واذا قدروا الكواكب

أربابا ً

فمنك السنا

ومنك السناء ُ

واذا ألهوا النباتات،

فمن

آثار نعماك حسنه والنماء ُ

واذا يمموا الجبال

سجودا ً

فالمراد الجلالة الشمّاء ُ

واذا تعبد البحار

مع الاسماك

والعاصفات

والأنواء ُ

وسباع السماء

والأرض

والأرحام والامهات أباء ُ

لعلاك المذكرات

عبيد ٌ

خضّع ٌ

والمؤنثات اماء ُ

جمع الخلق والفضيلة

سر ٌ

شف ّعنه الحجاب ُ

فهو ضياء ُ

 يستند الشاعر ضمنا على ذات الفلسفة التي تتضمنها سطور البلاغة عند الإمام علي – ع – والتي هي لو نجتزأ مما ورد أعلاه ".. الحمد لله المعروف من غير رؤية، والخالق من غير رؤية. الذي لم يزل قائما ً دائما "

أو كما ورد في كتاب مدينة البلاغة حديث للرسول الكريم في صفاته تعالى ".. جل عما يصفه الواصفون نأي ٌ في قربه وقرب في نأيه، كيّف الكيف فلايقال له كيف، وأيّن الأين فلا يقال له أين، تنقطع الكيفية فيه والأينونة، هو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لايبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " وهذا مارواه الخزاز في أول كفاية الأثر مسندا عن ابن عباس في حديث.

 ان السر الذي شف ّ عنه الضياء تعبير ساطع عن كون مهندس هذه الأكوان والحيوات الغريبة هو بمثابة الوضوح والحياة والنور والتفتح والولادات والينابيع والخضرة والازدهار، انه ووفق الدين والفلسفة المثالية – لا نتطرق الى الفكر المادي هنا – انه وفق ماورد أعلاه، فان الإرهاب وحركاته قائمة على قتل العنصر البشري، افناء المخلوق وابادة الحيوان والنبات والاستهتار بالذات البشرية وقتلها بلا حق ولا ذنب، وانه لا يقتل اعداءه بل يتدنى الى حرق الاطفال والبشر الابرياء ! بينما في الاديان وفي جوهرها عشرات التخريجات من تقديس مشهد الحياة والإعلاء به وحبه بوصفها مدرسة وساحة عمل الفضائل والطهرانية.

 لقد عمل الارهاب ضد منطق الحياة فبدلا من الوضوح كان غامضا تآمريا وبدلا من التفتح كان انغلاقا وحصرا على فكرة الموت لوحدها وبدلا من الولادات فهو احصاء للوفيات وبدلا من الينابيع والخضرة والازدهار فهو خرائب وزرائب وذبول ويباس دائم. واخيرا فاذا كان الله نورا فإن الارهاب وكوارثه ظلام دامس يطمس بضياء الشاعر الكبير احمد شوقي وأضرابه الى اقبية الدم والأشلاء. حذاري من الارهاب فالشعوب باقية وهو الزائل الوحيد.ان العنف بحد ذاته وأيا كان مصدره هو عتبة للإرهاب. العنف يتناقض مع أسمى عبارة قيلت بحق الهدأة والحوار والابتسام والتعامل برفق ألا وهي: " الله جميل ويحب الجمال ".

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com