مقالات

الى مولاتي فاطمة ..

مريم المدحوب / البحرين

marayem2@hotmail.com

سيدتي ... مولاتي ..

اليك ايتها الزهراء البتول اهدي كلماتي البسيطة ، آملة ان تشفع لي عندك يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم .

الى امي فاطمة ..

أسندت قلمي بين اناملي ، ليتنفس الصعداء ، ويعبر عما يجول بفكره من افكار ، بعيداً عن المغالطات والشبهات المنتشرة في العصر الراهن ، فتألقت الخواطر في نواحي سمائي ، وتجسدت على صفحات بياض عيوني.. الى ان اغرورقت بدموعي .. حيث اعادتني الى تلك الحقبة من الزمن ، وما جرى على سيدتي ومولاتي الزهراء البتول .. اسبلت الى القلم النحيل العنان ليكتب مقالا عن الحوراء الأنسية ، ولكنني تعجبت من صموده ، وتخلفه عن امري .. فسألته !؟ الم آمرك بالكتابة فلماذا التعنت يا هذا ؟؟ اطرق برأسه .. وقال .. وماذا عساني ان اكتب او اقول تجاه بنت الرسول ؟؟

قلت له ، جميع الكلمات وحروف القوافي تخجل وتنحني اجلالاٍ الى سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين .. اطلب التوفيق والتسديد من الله وسيزودك جل وعلى بقدرة تمكنك من الكتابة عنها عليها السلام . فانطلق بكلماته وبدأ رحلته من بعد بعثة الرسول الكريم بخمسة أعوام المصادف يوم الجمعة العظيم ، من شهر جمادى الآخرة، حيث هب النسيم وسبحت اشجار مكة المكرمة والكائنات أجمعين لرب العالمين، استعداداً وشوقاً لاستقبال تلك الطفلة النورانية ، تحفة الرب المهداة الى نبيه الأمي ، وبينما الكائنات تتهلل فرحاً لإستقبال النور ، كانت خديجة تحمل في طيات قلبها حزناً دفين ، وهواجس محرقة ، فكيف لها بتدبر امر الولاده والقابلات يرفضن المجئ اليها ومساعدتها ؟؟ وبينما افكارها ورياح مخاوفها تعصف بها ارضاً واذا بأربعة نسوة عليهن من النور والجمال مالا يستطيع وصفه شاعر في شعره ،يدخلن عليها دارها المباركه، ويتبدل شعور سيدتنا خديجة فور دخولهن ، الى شعور غريب ! فهؤلاء النسوة لم تذكر قط انها رأتهن في قريش او اية قبيلة مجاورة منها ، كما ان احساس غريب يلج في خاطرها بأنها تعرفهن ! فما سر هذا الشعور .. ويبادرنها في تلك اللحظة بالتحية الجليلة المكللة بأريج الريحان والموده فيقلن لها السلام عليك يا خديجة، السلام عليك يازوجة خاتم الرسل والأنبياء، السلام عليك يا أم الخلفاء الأوصياء، السلام عليك يا أم الآئمة العلماء الآتقياء، طبتم أهل بيت النبوة، وطهرتم يا معدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي والتنزيل. فيجيبهنّ صوتها الندي الشجي وعليكنّ منا السلام ورحمة الله وبركاته، بالله عليكنّ ايتها السيدات الجليلات من انتن؟ فيجيبونها الكريمات ـ أما أنا فأمك الأولى حوّاء،  وتقول الأخرى وأما أنا فآسية بنت مزاحم زوجة فرعون،ومن بعدها تجيب الثالثة بالقول أما أنا فكلثم بنت عمران أخت موسى وهارون (عليهما السلام)، وتختم الرابعه القول وأما أنا فمريم بنت عمران العذراء البتول، أم عيسى المسيح (عليه السلام) جئنا لنلبي أمرك ونقوم بتوليدك. فما كان منها رضي الله عنها الا ان تتبسم في وجوههن وتقول مرحباً بكنّ يا سيدات النساء، أين منكنّ قوابل قريش المشركات؟ فيقلنّ :إن الله العظيم يأبى أن تمسسك وتمسّ ابنتك المشركات النجسات يا سيدة النساء وأم سيدة نساء العالمين. فتهتف زوجة صاحب الرسالة السماوية بالحمد والثناء لله (اللهم لك مزيد الحمد والشكر على ما أنعمت وفضلت، وشكراً لكنّ أيتها السيدات الجليلات المؤمنات الطاهرات) . وبينما سيدتي خديجة تعاني من آلام المخاض ما تعانيه الأمهات ، وفي هذه الأجواء المقدسة ، واذا بالنور يبزغ للكون ، نعم اطلت الزهراء على الحياة وهي ساجده لله رافعه اصبعها لتوحيده ، فسلمتها النسوة الى والدتها وقلن اليها يا خديجة تفضليها طاهرة مطهرة ، فأمسكتها ودنتها من صدرها لترضعها اللبن الممزوج بالمكارم والفضائل، و ما ان وضعت ثديها في فمها المستدق حتى تفجرت ينابيع الأمومة الحانية في مشاعرها ، ففاطمة المولود الأول الذي ترضعه خديجة من ثديها ، فقد كانت رضي الله عنها اذا ولدت ولداً دفعته لمن يرضعه .. ولما اطلت سلام الله عليها على الحياة أوحى الله عزوجل إلى ملك فأنطق به لسان ابيها محمد صل الله عليه وآله فسماها فاطمة ، ولم يكن هذا الإسم الوحيد لها عند الله سبحانه وتعالى فكانت تنعت بالصدِّيقة والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية والمرضية، والمحدَّثة، والزهراء.. إلخ ... وتمر الأيام والزهراء تكبر ويشتد عودها ، وملامح الوجه المحمدية مازالت ترتسم  على محياها الطهر الذي التي تفتح على دروس التوحيد وأرقى العلوم الإيمانية واجمل حقائق الإسلام التي كان يزقها ابيها اليها ، ويربيها افضل التربية واحسنها ، إذ انه وجد في ابنته الفتاة المثالية التي لديها كامل الإستعداد لنهل العلوم ووعيها ، ووجد في نفسها الشريفة الطيبة كل الروحانية والنورانية، والتهيؤ لصعود مدارج الكمال. وإلى جانب هذا فقد شاءت حكمة الرب ان تكون حياتها محفوفة بالمكاره ، تحتل الآلام و المآسي النصيب الأكبر من حياتها رغم صغر سنها ، فإنها تفتح عيناها لترى اباها خائف مضطرب ، يتآمر عليه القريب والبعيد ويناوئونه الكفار والمشركون، فطالما حضرت فاطمة وشاهدت بأم عينيها اتهامات وارتشاقات قريش على والدها، فكم دمعة اسيلت من عينيك اللؤلؤيتين سيدتي؟؟  لا عفا الله عنهم!!

 وتمر الأيام ويصبح عمر مولاتي قرابة الثمان سنوات، وإذا بفاجعة في طريقها الى التخييم على قلبها ، وتزيد من وطئة تراكم المآسي والآلم على قلبها اليانع، وأي مصيبة أعظم لدى الفتاة من فقدها والدتها العطوف الرؤوف الحنون؟؟ وأي أم اعطف من خديجة؟؟ التي كانت تنظر الى ابنتها الزهراء بنظرة حزن مشحونه بالألم والتأثر لأنها كانت تعلم انها ستفجع بوالدتها الحنون، فكانت السيدة خديجة تتأوه وتبكي فقالت لها أسماء بنت عميس: أتبكين وأنت سيدة نساء العالمين؟ وأنت زوجة النبي؟ مبشَّرة على لسانه بالجنة؟ فقالت: ما لهذا بكيت، ولكن المرأة ليلة زفافها لا بدَّ لها من امرأة تفضي إليها بسرِّها وتستعين بها على حوائجها، وفاطمة حديثة عهد بصبا، وأخاف أن لا يكون لها من يتولى أمرها حينئذ!

فقالت أسماء: يا سيدتي لك عهد الله إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في هذا الأمر.. إلخ.

 هكذا غابت الشمس من الحياة الدنيا لتذهب الى عالم اسمى واجل من هذه الدنيا الدنية ، ولكنها تركت بصمات غيابها في قلوب المحبين ، في قلب الحبيب المصطفى ،وتلك الفتاة الطاهرة البريئة الجليلة .. وتستكمل الزهراء مسيرتها الحياتيه الملونه بألوان مختلفة من الآهات والعذابات ..

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com