مقالات

رسالة إلى وطني

 

امنة الكفيشي / جامعة بابل

بسم الله الرحمن الرحيم

تحية عطرة مفعمة بالتفاؤل والإيمان إلى أغلى وطن إلى وطني العراق .

ألثم أرضك وسمائك الكريمتين ، وأرجو تعالى أن يطيب أيامنا بوجودك.

وطني الحبيب:

هذه أولى رسائلي إليك ولذلك فمن الصعب علي مهما حاولت أن أنقل عبر سطورها القليلة عن مشاعر الحب والحزن التي تعتريني وتغمر صدري، ورجائي أن تساعدني في ترجمة أفكاري ومشاعري.

لا شك يا بلدي في أن جوّك يختلف عن جوّ البلدان الأخرى وقد يتأثر بهذا الجوّ العاصف، المشحون بالمؤامرات الذي لم يألفه من لم يعش فيه. فينساق في تيار الحزن والأسى والآلام والمشقة كما وقع لكثير من الذين عادوا إليك واستقروا في أرضك. لا أنكر عليك أنني لقيت بعض المصاعب في أول دخولي ولكن لهفتي وشوقي إليك التف حولي وشكّل حاجزاً منيعاً ضد أي حزن أو ألم.

يا عراقي العزيز:

عندما كنت أجول بين شوارعك المنهكة من القصف والتدمير، والخوف يملؤني وتكاد خطواتي تسبقني للوصول إلى بيتي خوفاً من أي انفجار يدمرك ويجرحني لا في الجلد والعظم بل في القلب لذا، تذكرتك أيام العصر الإٍسلامي عندما كانت بسمة الإيمان والثقة تعلو على وجوه أبنائك ناصعة كالثلج صادقة كلون الدم.

وأما نحن، وإن كنا وراء قضبان القتل والذبح والتشريد فإننا نتمتع بروحٍ عالية وراحة في النفس. فقد دفعَت أبنائك إلى حلبة الشهادة وهم يضحون بدمائهم ثمناً رخيصاً في سبيل استرداد حريتك، فلا تحزن على فقيدك الغالي، بل ارفع رأسك شامخاً، وسترى بطولة أبناءك تزين كبد السماء، وتحنو عليهم النجوم، حنو الأم على رضيعها، فكن صبوراً على بلاءك هذا وستستعيد مجدك الغابر بسواعد أبطالك البواسل.

يا وطني:

كنتُ أود أن أتحدث طويلاً ولكنني لا أجد لدّي متسعاً من الوقت لكل ذلك، فأنا اكتب إليك هذه الرسالة بعد أن طال شوقي إلى ماضيك العريق ماضي علي وعمر، وهاهي الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، كل ما حولي ساكن، خلا صرير هذا القلم، وخفقان هذا القلب الذي ينبض لرؤيتك سعيداً مبتهجاً لا تمسك أيادي الظلم والطغيان.

وختاماً أرجو أن أفوز برضاك، وأن أكون عند حسن ظنك. فداك روحي ودمي يا حبيبي الغالي. وسلامي إلى كل الشرفاء الذين لم يقفوا مكتوفي الأيدي في الدفاع عنك وتغمّد الله شهدائك بالرحمة والغفران.

 

ابنتك المخلصة: آمنة الكفيشي

 

  

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com