مقالات

أطفال الذاكرة الحزينة لرياض البكري

خلدون جاويد

khaldoun3@hotmail.com

  " ادناه قصيدة للشاعر العراقي الشهيد رياض البكري، وهي من ملف اوراقه الذي احتفظ َ به رفاقه وأصدقاؤه، آملين نشره في مجموعة شعرية مع قصص وخواطر ومقالات عديدة كان قد كتبها الشاعر مابين بغداد وبيروت وعواصم اخرى... استشهد البكري في آب 78 بعد اصدار حكم الاعدام بحقه وقد نفذ به على خلفية اعترافات في صفوف القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، خط الكفاح المسلح، وقد ارتأى رياض البكري ان تكون كل الاعترافات موجهة ضده انقاذا منه لأرواح الكثير من الرفاق وصونا لحياة كثير من العوائل. "

 

أطفال الذاكرة الحزينة

 

رياض البكري

 * ومن الحزن اني اعيد كتابة قصة حب، يقال له هكذا، لست ادري لماذا، الوطنْ، حفنة من تراب وخوف ينام على الفِكَر ِ المستباحة، تهذي الاذاعات والصحف المستغيثة بالقارئين، وتبكي المسافات، طال انتظار المحطات، أين القطار الذي قيل يأتي، أيأتي قطار من الصمت. ياعربات الشتاء القديمة. أنى ّ يكون اللجوء، لقد صفعت جبهتي الف باب، ودقت حواجزها في دمي، لحظة كنت اذكرها، مابرحتُ اراودها، كلما خذلتني الشوارع، ماذا لديك، وماذا تبقى، تفتش عن مخرج لحصار العواطف، في قلبك المتبلد، أنى يكون اللجوء، لقد هرعت كل مجموعة نحو باب، فماتت. اتبقى تجوع الدماء، اذا بقيت زهرة فوق غصن ٍ معلقة، فلذلك معنى، لماذا تظل المعاني وتندثر الكلمات، على جرحنا كتب الليل أشعاره، نامت الريح متعبة الكبرياء على صمت ابوابنا، نحن نزرع، نزرع، نزرع، نسقي وننتظر الريح تأتي، ويأتي جراد الشوارع والمدن المدلهمة، يحصد ما زرع الآخرون، وهم يركضون على اوجه الطرقات، يضجون، يكتئبون، يصيرون صفرا وسودا، يخطون فوق اللوائح الف احتجاج، مطالبة لو بربع الحصاد، بعشر الذي ماتبقى، ولو بقبول الكتابة عن هذه الملحمة.

 * أتسمعني ؟. انني اصرخ الآن من كل اعماق حزني، اضمخ في داخلي المتوتر رجع الصراخ، لماذا رجعت الى هذه المسرحية، قلت لك استرحم الموت ان لايفوتك، هذا البكاء المكرر فوق الخرائط والصبوة الوثنية لاينتهي، قلت ياسيدي لك لاينتهي، فرفضت، لماذا تصوّف نفسك، اذعن الى آلة النوم، واستلق في حلم ٍ بالهدوء، كما يفعل الآخرون، لماذا تكدس كل القوافل والشهداء، العيون القريرة، في رأسك المتوزع بين الشوارع والكاميرات، وبين خيول العواصف.

 * اغثني، لقد سئم اليأس تكراره، ياعيون الرقابة، اني أنا مايئست ُ وما زعزعت نفسها فكرة الانتظار ببالي، ولا خطرت دمعة في عيوني، ولا هجرتني حبيبة حزني، من الحزن اني اقول اغثني، ولكنني اتعادل بالاستغاثة من كتبي، وحنيني الى رسم تلك الخطوط المعرّجة الحمر فوق الخريطة، ياوطني.

 *أخبروني بأنك ماعدت غير خطوط، ورقم صغير على اللآئحة، أكدوا لي َ انك صرت جبانا، بليدا، وتكفيك وجبة ضرب وشتم، وقطعة خبز شعير، وثم نصلي.

 لا اصدق، انك انت الذي كنت ارسمه، ليس فوق الخرائط، لكن اعانقه، وبه يتحول حزني ألها، واسمي َ صوت مغنيه، اقرؤ أشعاره في مظاهرة ضد حلف ٍ جديد، وأرقب أطفاله يلعبون، واعرفه وطني، كل مافيه يوقظني، ربما تغيرت ُيا أبتي، غير اني َ ارفض ان الدماء تصير خطوطا، وعمراً من الحزن والحب والشهداء، يصير على صفحات الجريدة رقما، اغثني لقد تهت ُ ياوطني.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com