مقالات

في نقد التأليف

عرض ونقد لكتاب الحاج علي كريم دبوس

سيف الدولة الأمير صدقة بن منصور المز يدي مؤسس الحلة

ودوره في النهضة العلمية والأدبية

عامر عجاج حميد

amer_ajaj@yahoo.com

صدر حديثا من دار الضياء كتاب للباحث الحاج علي كريم دبوس تحت عنوان (سيف الدولة الأمير صدقة بن منصور المز يدي مؤسس الحلة ودوره في النهضة العلمية والأدبية)ب \"197\" صفحة ويتكون الكتاب من تمهيد وأربعة فصول ،تضمن الفصل الأول أمراء الإمارة المزيدية ،أما الفصل الثاني فتناول الأمير صدقة وقد مهد لهذا الأمير في الفصل الأول مؤكدا (مقاومة)الأمير صدقة للسلاجقة ومعاركه القبلية وتوسع نفوذه وكذلك أسباب فشل اسماه (ثورة)الأمير صدقة ،أما الفصل الثالث فتناول فيه الحلة وموقعها وأهميته، وفي الفصل الرابع تمت الكتابة في النهضة العلمية والأدبية في الحلة وختم الكتاب بقائمة المصادر.

وفي البدء نود الإيضاح بان المكتبة بحاجة إلى مثل هكذا مؤلفات تبين تاريخنا ورجاله عموما وما يخص تاريخنا المحلي الذي كان نطاقه الجغرافي الحلة ومنطقتها.ونود أن ندين بالفضل للمؤلف وكتابه في إثارة الحوار فيما كتبه ورغم انه يمكن القول أن لا حقائق نهائية في الآراء التي تطرح في التاريخ لا سباب يمكن إرجاعها إلى وجهة النظر الأحادية التي كتبت اغلب الأحداث التاريخية تحت هيمنتها والى قلة المصادر التي كتبت في أحداث التاريخ الإسلامي واعتمادها غالبا على راو واحد يتم النقل عنه .أقول فالكلمات الناقدة لبعض ما ورد في الكتاب ربما تكون وجهات نظر غير مكتملة وهدفها التعريف بالكتاب أولا وهدفها إثارة نقاش تفتقده أجواؤنا الثقافية التي تجتذبها الأحداث السياسية الحالية الضاغطة.

لنا ملاحظات منهجية وعلمية على هذا الكتاب والذي نرى أن مؤلفه استوفى جزءا مهما من المصادر والمراجع التي بحثت في هذا الموضوع ومن اهمهاكتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي والكامل لابن الاثيروتاريخ ابن الوردي وتاريخ ابن خلدون ووفيات الأعيان لابن خلكان وفوات الوفيات لابن شاكر ألكتبي ومن المراجع تاريخ الحلة للمرحوم يوسف كركوش والإمارة المزيدية لأستاذي وشيخي الدكتور عبد الجبار ناجي(لم يضعه المؤلف في ثبت المصادر سهوا)وغيرها من المصادر .

مهما يبذل باحث من جهد فان جهده يبقى بحاجة إلى بعض التصويبات والملاحظات وأولى هذه الملاحظات حول العنوان حيث بدا عنوانه بسيف الدولة الأمير وربما لو عنون ب الأمير سيف الدولة صدقة لكان أفضل ,أما وضعه عبارة الجزء الأول على غلاف الكتاب هل تعني إن هناك جزء ثان يكمل حياة أو إنجازات الأمير صدقة أم أن الكتاب جزء من سلسلة تتناول أمراء مزيد يين والتاريخ اللاحق للأمراء المزيد يين وهذا لم يوضحه المؤلف الكريم.

وفي موضوع التوازن بين فصول الكتاب نجد إن التوازن مفقود حيث تضمنت بعض الفصول 17 صفحة والبعض 32 صفحة,أما الفصل الأخير فكان 64صفحة وقد تكون الموضوعان ونوع معلوماتها حتمت أحجام الفصول الاان التوازن ضروري لكي لايتم التركيز على موضوع واهمال الاخر ويبدو ان الجزء الاول حتى الفصل الرابع بحث في الشأن السياسي والعسكري أما القسم الثاني فقد تناول الحياة الفكرية والأدبية في الحلة على امتداد عمر الإمارة المزيدية الأمر الذي كان مخالفا للعنوان الذي كان يبدو انه بحث في عصر الأمير صدقة بن منصور فقط.

وفي مجال الملاحظات العلمية فان المؤلف اعتمد في المقدمة أسلوبا إنشائيا كان يبتعد أحيانا عن الدقة العلمية التي من المفترض أن تتصف بها المؤلفات التي تحرص على عدم إضاعة وقت القاري,في عصر يتسم بتقنين الاستخدام اللغوي حتى في المجالات التي تكون اللغة عنصرا مؤثرا فيها مثل ا لدراسات اللغوية او الإنسانية عامة فلغة المنفلوطي او عثمان بن سند لم تعد تصلح لعصر يبحث عن الفكرة في لغة مقتصدة ومباشرة.

فألفاظ تتحدث عن أن الحلة تتصف بطيب الهواء هل هو في الصيف ام الشتاء او عن دماثة التربة!او ان الحلة (تتحف سكانها بأنواع الفواكه الشهية والثمار الجنية وتمثل لهم جنة الفردوس ونفحات من منازل النعيم ....وان لتربتها ومائها تأثيرا عجيبا في تلطيف الشعور وتنشيط القرائح وتوسيع الخيال...).الخ.(وهي البلدة التي أتحفت بما ليحصى من نوابغ الشعراء) فهل حقا لايمكن إحصاء ذلك اللهم الابمعنى شعراءها الذين لم تدون قصائدهم في مجتمع يعتمد الشفاهية أسلوبا في نقل الخبرات ولا يعتمد التدوين والتوثيق الافي نطاق ضيق ولحد ألان.

وفي الصفحة 12 وفي المقدمة أيضا يتكلم المؤلف عن أن الأمير صدقة كان له الأثر الفعال في تقويض النفوذ السلجوقي عندما أعلن ثورته وهنا لنا أن نتساءل عن الثورة ومعناها وهل يحق للكاتب في موضوع تاريخي أن يكتب في شعارات سياسية أم علية إن يعني ما يقول ولا يسقط شعارات عصره السياسية على عصر يبعد زمنيا عنه؟وهل نجد مصدرا يتحدث عن إن الأمير صدقة كان ثائرا بمعنى أن في ذهنه برامج سياسية محددة للاستيلاء على السلطة في بغداد أو إسقاط السلطة السلجوقية .إن نشوء إمارة ما يمكن دراسته ضمن علم الاجتماع السياسي حيث أن تحول الأسر إلى قبائل ومن ثم إلى إمارات لها بعض خصائص الدول من نفوذ سياسي على ارض أوان لها جيش(ونحن لا نعرف إن كان للإمارة المزيدية جيشا محترفا أم انه يتم تجميع مقاتليها عند الحاجة وهل كانوا يعطون مرتبات أم يعتمدون على ما يحصلون عليه من النهب بعد الانتصارات؟)ولها وضعها الاقتصادي الذي نزعم انه اعتمد أسلوب الإنتاج الخاص باقتصاد الغزو وهي ليست قوى اقتصادية خالصة بل هي قوى حربية تعتمد القوى العضلية والخبرة الحربية فضلا عن الشجاعة لذا فعلاقاتها ليست علاقات إنتاج حسب المفهوم الماركسي بل تعتمد اقتصادا يمكن وصفه بأنه اقتصاد غزو فالأموال تنفقها الدولة على شكل اعطيات وهدايا وتعود الأموال عن طريق الجباية بمختلف أنواعها من ضرائب ومغارم وجزية ومصادرات وربما بصورة أهم من الغزو في حالة الأمارات الصغيرة الناشئة.

وموضوعان هذه الإمارات وأسباب نشوئها وازدهارها بعوامله المختلفة حري بدراسته والبحث فيه ومعرفة آليات النشوء والتطور وهل حدث بتأثيرات دوافع سياسية أم دينية مذهبية أم اجتماعية باعتبار التطور الطبيعي للعوائل التي تتطور إلى عشائر ثم قبائل دائما ما تعتمد القوة أسلوبا في الحياة ا

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com