مقالات

انها اعتقال الطائي

 سعد البغدادي

saadkeion@hotmail.com

 لم اكن اصدق ماقاله لي زميلي في شارع المتنبي ان السيدة اعتقال الطائي في مقهى الشابندر

بالكاد لملمنا كتبنا التي اتعبها الرصيف لنذهب الى المقهى ونرى اعتقال الطائي

  جلسنا في الاريكة المقابلة لها وجدنا جميع الشعراء والمثقفين ملتفين حولها يحيونها بالسلام نهضنا وسلمنا عليها كانت خجلة وهي ترى هذا الاحتفاء بها  من قبل المثقفين العراقيين كل منهم يسالها عن صحتها وكيف وجدت العراق بعد الغربة الطويلة  ثم دارت الاسئلة حول برنامج السينما والناس كانت تجيب بكل خجل لم تألف حياة بغداد بعد , شارع المتنبي  ومقهى الشابندر التي تحولت  الى ملتقى كبير للمثقفين العراقين ليس هناك فنان او مثقف لم تحط قدماه في الشابندر رايت كوكب حمزة وفالح عبد الجبار وفاطمة محسن  وكثير من الادباء لكني لم ارى خجلا  وغربة مثل اعتقال الطائي , جلسنا قبالها ننظر اليها نتمعن في وجها الملائكي نعم انها هي اعتقال التي علمتنا حب الثقافة لم نكن كبار جدا ولكن كان برنامج السينما والناس يشدنا لابنوعية الافلام التي تختارها ولا بقيمة الضيف التي تستدعيه في البرنامج وجمعيهم من المثقفين بل باسلوبها الساحر حين تاخذنا الى عالم الاحلام وترسم لنا طريقا اخر غير ماهو شائع في تلك الفترة من السبيعينيات حيث كانت الفاشية اخذة في الصعود, كانت السيدة اعتقال الطائي تمثل لنا رمزا وثيمة مقدسة لايستطيع احد ان يتجاوزها, مزيج حافل من الوعي والاصرار والارادة يمنحها ايانا برنامج السينما والناس, لم تجلس طويلا في المقهى ربما ساعة قضتها اتذكر في الساعة الثانية عشر او كثر بقليل وحينما همت بالخروج كانت انظارنا تحدق صوبها  ولاشعوريا نهضنا جمعيا لخروجها ورافقناها في شارع المتنبي ازددننا معها الفة اقتربت اكثر من اي وقت منا كل ا يسالها عن حاجته

 هل ستبقين في العراق سيدة اعتقال

 لااعرف كيف تجرات وسألتها

 انشاء الله حينما تكون الامور جيدة وهل لي غير العراق

 لم اتصور اني اسمع صوتها عن قريب وبهذه اللهجة العراقية ترىلم تفعل الغربة ابدا بتغير لهجتك,  سيدتي العزيزة

  رافقناها وزملائها  كاننا اطفال  وجاءنا ضيف عزيز نحبه لانرجو مفارقته ابدا

 منحتنا شعورا اخر غير الذي انتابنا قبل ان نرى اعتقال, لاول مرة نشعر بالانتماء ولاول مرة نشعر بالجذور ولاول مرة نشعر بقيمة مافقدناه

 تركناه تذهب لم نشعر باننا ثقلاء ابدا فقد كانت واحدة منا

  رجعنا بعدها الى المقهى كانت تراودني افكار لم ابح بها لزملائي  باني ساجلس في المكان الذي جلست فيه اعتقال وحينما وصلنا وجدت اصدقائي كلهم يسرعون الى نفس الاريكة التي وجدناها ممتلئة بمن سبقنا من الكتاب والشعراء ضحكنا بصوت عالي  وتجمعنا حول الاريكة المقدسة

 تحول حديث الشابندر الى حديث عن السيدة اعتقال الطائي ودورها في رفد الثقافة السبيعينية بمعين لاينضب من الوعي السينمائي وجرنا الحديث عن فاشية البعث وديكتاتورية السلطة البعثية التي ارعبها برنامج اعتقال مما اضطرها الى منعه ثم التضيق على مقدمة البرنامج الى حين هجرتها

 وغربتها المؤلمة عن الوطن والتي طبعت فيها هذا الحزن الابدي الذي رايناها على وجه اعتقال

ومنذ تاريخ السينما والناس لم يتقدم احد ابدا ببرنامج بل لم يتجرء اي من المثقفين ان يقلد السينما والناس لان الحضور الذي تركته اعتقال لايمكن ان يتكرر, ربما كان ذلك من الوفاء لها والاعتراف بجميلها للثقافة العراقية  وهل تدرك اعتقال ذلك.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com