مقالات

صباحات عراقية

زينب الشمري

عضوة في منظمة بنت الرافدين / بابل

z_alshemary@yahoo.com

الصباح هو الصباح في كل مكان .. يستقيظ الناس بعد انجلاء غبرة الليل على يوم لطيف منعم بالاشراق والحيوية .. يذهب كل منهم لقضاء حوائجه والتزاماته متنعمين بقدر وافي من الصحة والأمان .. يودعون اطفالهم وازواجهم بإطمئنان وراحة بال.

اما صباحنا نحن فمليئ بمطبات كثيرة حيث ننهض على دوي انفجار وأصوات سيارات الاسعاف بحيث نشعر بأن اجسادنا تتصدع وتذوب كأنما ألمت بها صاعقة ..

فوداع أبائنا لنا قد لن يكون وداعاً قصيراً بل قد يطول ويطول .. ولا نلتقي بهم إلا في العالم الآخر .. وهكذا حال جميع من يخرج من منزله.

ليس على هذا الروتين فحسب، إنما نصحوا ايضاً على انقطاع الكهرباء والماء .. ننزل من اسطح المنازل لعلنا نهدأ ونرتاحح في جو البيت اللطيف المنعش البارد .. ولكن العكس هو الصحيح حيث يكون جو المنزل حاراً جداً لا يطاق .. فنحس بأنا انفاسنا تتقطع واجسادنا تتمزق من شدة القيظ.

هذا هو الروتين اليومي الذي نصحوا عليه كل يوم .. فنتمنى أن ينتهي هذا اليوم ليحل لنا الغد لعله ايسر من قبله.

فيجئ الغد الذي يحل علينا بظلام متكاثف منتشر أمام أنفسنا فنعود ونتمنى بأن يأتي الغد الذي بعده لعله يريحنا ويريح انفسنا المتعبة المرهقة .. هذا هو حال يومنا وغدنا .. حياة سيئة ومعيشة ضنكى حيث نرى أنفسنا نحن الى الماء البارد العذب والى الهواء المنعش الذي فاتنا والذي يفوتنا يوماً بعد يوم فيعاد الأمل.

فنتأمل يا ترى هذا الفرق بين صباحنا وصباح الآخرين ..

هل نستطيع ان نغيره؟

هذه علامة استفهام تجول خاطرنا نحن العراقيون ..

فنحن لن نستطيع تغيير هذا الصباح المشؤوم الى صباح مشرق مالم نغير أنفسنا وعندما ننظر الى حالنا وحال مسؤولينا نجد ان هناك مطبات كثيرة في حياتنا وهي ان تصرفاتنا واعمالنا كلها خطأ في خطأ، وأبسط مثال على ذلك هم اصحاب محلات البقالة في السوق عندما تنظر الى محلاتهم تراهم يضعون المادة الجيدة فوق نظيرتها الرديئة.

هذا هو القليل من اعمالنا الرديئة التي نداوم عليها يومياً ومع ذلك نقول لماذا لا يغير حالنا الى افضل الحال؟

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم: (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

فكيف لنا ان ننظر الى الدنيا لسواد قلوبنا.

وكيف لنا ان نميز الصح من الخطأ ونحن نفتقر الى الحقيقة .. هذه الحقيقة المرة التي نعيشها في كل لحظة ونكتشف من خلالها حقائق أكثر مرارة.

حيث اصبحت انفسنا طليقة في عقال الهموم عريقة في صفاء الهدوء.. وغدونا في هذا البلد المشابه لقلوبنا الحزينة، وحيدة النفس مطلقة العنان في متع الحياة ومسراتها.

ولأشد ما تنقبض لذلك صدورنا ويلتاع فؤادنا على حالنا ومعيشتنا الرديئة في هذه الحياة التي اصبحنا فيها كمجهولين غير مفهومين.

يرى بعض الناس ان الحياة حلم وهذا عكس ما نراه نحن ونلمسه ..

إن الحياة مرة لدرجة اننا لا نعرف العيش فيها حيث لا نرى فيها سوى الأحزان والهموم والمصائب والدموع و.. و..

فنحن لن نقول إننا لم نذق حلاوة المعيشة الهادئة الخالصة والحياة المطئمنة لأن هذا ما نحلم به في يومنا وغدنا وأصبح هذا هو حلم العراقيين الحقيقي.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com