مقالات

قصيدة النثر العربي .. حمار الشعراء

علي هاشم المالكي

alialmalki1980@yahoo.com

اتخذ تنامي قصيدة النثرالعربي بزيادة مطردة حتى غدت تحتل اليوم موقعاً هاماً في المشهد الشعري العربي ـ من حيث الكم على الاقل ـ فعلى الرغم من وفرة المنتوج الشعري على السمتوى الابداعي، الا ان ذلك لم يبلور بشكل حاسم ونهائي جميع الاسس النظرية لهذا الجنس الادبي، فالكتابات النقدية ما زالت تراوح مكانها.

فمنذ ان بشرت حركة مجلة شعر بقصيدة النثر العربي بصفتها منفذ لأزمة الحداثة الشعرية، وقد مضى اكثر من خمسين سنة على منح شهادة ميلاد لقصيدة النثر، لكن الازمة ما زالت تتفاقم وتزداد الهوة بين النقاد، فقد اتجه رد فعل النقد العربي المعاصر على قصيدة النثر عند ظهورها الى جانبين رئيسيين : يتعلق الجانب الاول بعلاقتها بالتراث العربي من ناحية، وبالشعر الوارد من الغرب من ناحية ثانية، والجانب الثاني يميل الى النظر الى هذا المولود الجديد انطلاقاً من صفاته وخصائصه الفنية على اعتبار ان الشعر والنثر فنين لا تصالح بينهما.

وكان المفروض ان يعمل النقد العربي بوصفه العين الساهرة والراعية للادب العربي على تقويم هذا الجنس الادبي وفق قوانين الخطاب، ويزيل عنه عيوب البدايات، لكن الامر جرى بما لا تشته قصيدة النثر العربي، فيلاحظ ان مفهوم قصيدة النثر لم يزدد مع الايام الا غموضاً وضبابية فاغلب الدراسات والابتكارات تبدو عاجزة عن احتواء واستيعاب ما بدأته مجلة شعر من مجهودات، الشيء الذي دفع بالتالي الى فوضى في الكتابات الشعرية التي كتبت وفق هذا النمط الأدبي وبالخصوص عند الشعراء الشباب الامر الذي جعل من قصدية النثر العربي (حمار الشعراء) يركبه كل من افتقر الى الرقي الى سلم الشعر الطويل والصعب.

فيفترض بالنقد العربي ان يسعى جاهداً الى اكمال ما بدأه رواد هذه الحركة امثال انس الحاج واودونيس وغيرهما فبدل من ان يجهد الناقد نفسه في ايجاد رداً مناسباً حول الاشكالية القائلة (ان قصيدة النثر هو صنف ادبي اتى الينا من خلال بعض الرواد المتأثرين بشعراء الحداثة الغربية امثال تي، اس اليوت الانكليزي، ورامبو الفرنسي واعتبروه دخيلاً على الشعر العربي ويجب استئصاله كونه يؤدي الى نسف الذاكرة العربية) وبالتالي يخوض في جولة يشق بها عباب الايام ليجد تأويلاً تاريخياً مناسباً ويجعل منه جذوراً لهذا الجنس الادبي في تراثنا العربي فيرمي بها تارة على فن المقامات واخرى يبعثها من رحم النثر الشعري لدى الصوفية وتارة اخرى ينشأ لها جذوراً من النثر الشعري الرومانسي وخاصة في كتابات جبران خليل جبران وامين الريحاني، فبدل هذا المجهود الكبير عليه ان يعترف بان قصيدة النثر العربي قد عرفت انطلاقتها الاولى في رحاب مجلة شعر في الخمسينات من القرن العشرين والتعامل معها وكما هي وجعلها باطار خاص يفصلها ويميزها اولاً عن النثر بصورة كاملة و بالدرجة الثانية عن باق الاجناس الادبية الاخرى.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com