مقالات

رمضاني ورمضان أبي

سارة الطائي (عضوة في منظمة بنت الرافدين) / بابل

جلس ابي على مائدة الافطار بعد يوم شاق من الصيام وكانت المائدة عامرة بشتى انواع الطعام واذا به ينظر الى تلك المائدة ويتنهد تنهيدة تنم عن فقدان شيء استوقفني حال ابي هذا وانتظرت الى ان انهى افطاره وبادرته سائلة عن سبب تنهيدته تلك فأجاب قائلا: تذكرت ايام رمضاننا فيما مضى . فسألته مستغربة وما الفرق بين رمضانك سابقا ورمضاننا اليوم؟ فاجاب كان لرمضاننا بريقا لا يمكن اطفائه كنا ننتظره بفارغ الصبر على الرغم من بساطته مقارنتا هذا اليوم فقد كانت مائدته بسيطة جدا مقارنة بمائدة اليوم لكنه كان يحوي من الحب وطيب النفس اضعاف ما يحويه اليوم فلا يمكن ان نفطر دون ان نعطي من زادنا الى جيراننا اما اليوم فنحن نعيش خلف ابواب واسوار احطنا انفسنا بها لانسأل عن صديق او قريب او جار نعمل بسياسة (وآني شيخصني) .

كنا ايام رمضاننا نخرج بعد تناول الافطار لنؤدي طقوس هذا الشهر الفضيل بعد ذلك نذهب لنمارس طقس طالما ارتبط بهذا الشهر الا وهو (لعبة المحيبس) نذهب للعب جماعات من الاقارب والاصدقاء ولا نعود الا في ساعات متأخرة من الليل . اما اليوم فشبابنا يفطرون ثم يتسمرون امام شاشات التلفزيون ليشاهدوا ما يبثه من مسلسلات المسلسل تلو الآخر حتى تاهت عنا المسميات واختلطت علينا المفاهيم واذا اراد احد ابنائنا ان يخرج لاداء مناسك شهر رمضان في احد المساجد الموجودة في نفس منطقة سكناه حتى تتعلق باعناقه الام طالبة منه عدم الخروج وذلك لعدم توفر الامن في ليلنا فنجده يستسلم لرغبة امه ليعود مرغما الى داره طائعا توسلاتها.

ارايت يا فتاتي الفرق بين رمضان في ايامنا ورمضان على ايامكم؟ فاجبته قائلة: لقد نسيت يا والدي العزيز ان هناك شيئا مشتركاً بين رمضاننا ورمضانك يا أبي فسألني مستغربا وما هو يا ابنتي؟ أجبته الكهرباء... نعم ... الكهرباء لقد كنتم تفطرون وتتسحرون على ضوء الفوانيس واللالات واليوم نحن نفعل نفس الشيء مع فارق بسيط جذاً أنتم كنتم راضين بالحال الذي أنتم فيه وذلك لأنه لايوجد بديل له أما نحن فغير راضين عما نحن فيه وذلك لتوفر البديل وعدم استطاعتنا الحصول عليه.

بعد انتهاء حواري مع أبي اكتشفت أننا لا نحتاج إلى كهرباء أو ماء لنعيد رمضاننا إلى سابق عهده كل ما نحتاجه الأمان ثم الأمان إننا نحتاج ان يعود الانسان انسان يحس بجاره وبصديقه وباخيه يلبي احتياجات من يحتاجه اذا وجد هذان الطلبان عاد رمضاننا الى سابق عهده وعادت اليه نكهته التي نفتقدها اليوم (فرمضاننا اليوم ليس سوى جوع وعطش).

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com