مقالات

البرلمانية العراقية في ظل الكوتا .. ما لها وما عليها

علياء الانصاري / كاتبة وروائية

مديرة منظمة بنت الرافدين ـ بابل

alyaa@brob.org

الكوتا لغة:

كلمة لاتينية، تعني في اللغة العربية الحصة.

 

الكوتا اصطلاحا:

تخصيص عدد من مقاعد البرلمان للنساء بغض النظر عن عدد الناخبين الذين تولوا انتخاب النساء اي ان ذلك يعني ان تكون للنساء حصة في عضوية السلطة التشريعية على سبيل الوجوب والإلزام بحيث لا تكتسب هذه السلطة الصفة الدستورية والمشروعية ما لم يكن بين اعضائها عدد من النساء.

سيرة تاريخية:

جميع الدساتير العراقية ابتداء من الدستور العثماني الصادر سنة 1876 وانتهاء بالدستور الصادر سنة  1970، لم تعرف نظام الكوتا.

ولد هذا النظام اصطلاحا ومفهوما على ارض العراق على يد قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية حيث نصت الفقرة (ج) من المادة (30) على: (تنتخب الجمعية الوطنية طبقات لقانون الانتخاب وقانون الاحزاب السياسية ويستهدف قانون تحقيق نسبة تمثيل نساء لا تقل عن الربع).

وبالفعل صدر قانون الانتخاب رقم 96 لسنة 2004 وقضي في القسم الرابع منه بوجوب وجود اسم امرأة ضمن اسماء اول ثلاثة مرشحين في القائمة الانتخابية، وهكذا دخلت المراة الجمعية الوطنية.

 

مزايا تطبيق نظام الكوتا في العراق

** بفضل هذا النظام استطاعت المراة العراقية الدخول الى البرلمان، حيث اوجب هذا النظام على القوائم الانتخابية وضع اسم امراة بعد كل اسمين لرجل، وبذلك اخذت الاحزاب السياسية تبحث عن النساء وتطلب ودهن!!

** هذا النظام اجراء مؤقت وتدبير مرحلي لفسح المجال امام المراة للمشاركة السياسية التي حرمت منها سنين طويلة وهمشت واقصيت عن حقها في اداء دورها الطبيعي في المجال السياسي والمجالات الاخرى.

 

مفارقات تطبيق نظام الكوتا في العراق

** استخدام عبارة (ايصال المرأة) لمواقع صنع القرار وليس وصول المرأة، وهذا يعطي انطباع بان المرأة غير قادرة على الوصول بذاتها.

** نظام الكوتا يتعارض مع مبدأ الكفاءة. فهو سيفرض وصول نساء غير كفوءات، ووجود المراة غير الكفؤءة في البرلمان اضافة الى الرجل غير الكفؤء سيعيق كثيراً العملية الديمقراطية في طريق الاصلاح والتغيير.

** وصول نساء لا يتمتعن بمؤهلات العمل السياسي، فقط لمجرد انتمائهن لطرف سياسي او ديني معين.

** تعارض نظام الكوتا مع مبادئ الديمقراطية، حيث سيفرض على الناخبين اختيار نوع اجتماعي معين قد لا يرغب بانتخابه.

** في نظام القائمة المغلقة التي اعتمدها العراق في انتخاباته لدورتين متتاليتين، صعدت الى البرلمان مجموعة من النساء اللواتي وضعت اسمائهن بفعل وجوب تنفيذ نظام الكوتا فاقتصر دورهن على الاسم المثبت في القائمة للغرض الانتخابي وحسب.

 

حقوق طبيعية

عند الحديث عن مشاركة المرأة السياسية، فاننا نتحدث عن حقها الطبيعي في ممارسة ادوارها الطبيعة في الحياة.

فكما ان للمراة الحق الطبيعي في اداء دورها الاجتماعي، لها الحق ايضا في ممارسة دورها السياسي؟

ونجد تاكيد القرآن الكريم على هذا الحق في اطروحته التاريخية التي تمثلت في قصة ملكة سبأ، حيث ان القرآن الكريم قدم نموذجا واحدا للحاكم العادل والسياسي الحكيم البارع في اروع صفاته، فاذا به يقدمه امرأة!! وذلك ان القرآن الكريم يتعامل مع المفهوم على اساس انسانية النموذج لا ذكوريته وانوثيته كما هو المتعارف في تراثياتنا وادبياتنا.

وفي السيرة النبوية العطرة وسيرة التاريخ الاسلامي الأصيل في بدايات تأريخه، كانت المرأة تمارس هذا الحق الطبيعي من خلال مشاركتها المجلس الرسمي للدولة (المسجد) آنذاك،  وطرح رأيها ومشاكلها والدخول في المناقشات المهمة، وفي الحروب، وفي حماية المدينة اثناء الغزوات، وفي البعثات الدبلوماسية كما في واقعة الجمل.

وكل ما جاء من روايات في ذم مشاركة المراة السياسية او خروجها وما الى ذلك، فهي جزء من الموروثات الفكرية والعقائدية الخاطئة التي ادخلت على الدين لاجل تحكيم السلطة الذكورية في المجتمع واضفاء الشرعية عليها.

ولكي تمارس المرأة هذا الحق الطبيعي لها، الحق الذي سلب منها وجعلها مخلوق مهمش وهامشي، منزوٍ على نفسه، خاضع للظرف المحيط به وفي كثير من الاحيان مستأنس لهذا الخضوع، غير راغب في التغيير والتحول، لابد من:

1 – العمل على اعداد المرأة اعدادا فكريا وثقافيا وعلى مختلف الاصعدة.

2 – العمل على كسر حاجز الصمت الذي يحيط بالمرأة او الذي احاطت المرأة به نفسها (اختلاف العبارة تبعا لتباين الاسباب)، لتتمكن المراة من التعبير عن نفسها وعن رأيها بحرية وصدق، ابتداء من السنوات الاولى للطفولة في البيت ومرورا بالمؤسسات التربوية والتعليمية وانتهاء بالمجتمع الكبير.

3 – العمل على بناء شخصية المرأة القيادية من الناحية النفسية والفكرية والانتاج الحضاري.

4 – تثقيف المرأة على اهمية ممارسة دورها او حقها الطبيعي في المشاركة السياسية.

5 – على الحكومة برجالاتها ومؤسساتها، والاحزاب السياسية، والتيارات الدينية، وكل من هو معني بالشأن السياسي في العراق، الاهتمام بالنقاط الانفة الذكر، لاجل خلق كوادر فعالة كفوءة جديرة بقيادة المجتمع، وان يصب هذا الاهتمام في اولويات جدول اعمالها، وان لا يكون اهتمامها بالمرأة فقط كأسم مثبت في قوائمها الانتخابية، او كشعار للإدعاء بأننا ديمقراطيون!!

6 – العمل على بناء القدرات والكفاءات للنساء اللواتي  في البرلمان، من خلال تبادل التجارب والمعارف والخبرات مع الدول الاخرى، ومن خلال دورات تأهيلية مختصة تمكنهن من اداء دورهن بشكل فعال وايجابي، وان كان يفترض ان تكون هذه العملية قبل الانتخاب ودرج اسمائهن في القوائم الانتخابية.

7 – العمل على تحرير الرجل من ثقل الموروث الفكري، الذي احكم قبضته على الرجل والمرأة خلال العقود الماضية، تحريره من الافكار السلطوية التي اسست لامبراطورية ذكورية لم ينزل الله بها من سلطان.

 

تعليقة

يكثر الحديث عن نظام الكوتا، هل هو الأمل الذي يحقق للمرأة حلمها في الوصول الى البرلمان؟ المرأة الكفوءة وغير الكفؤءة.

فلماذا لا يكون هناك حديثا ولو هامشيا حول وصول الرجل الى البرلمان؟ الرجل الكفوء وغير الكفوء؟

 

كلمة اخيرة

الحياة حتى لا تموت... تحتاج الى جهود الإنسان، الى اخلاصه... الى ابداعه.

الانسان، بغض النظر عن جنسه.

والعراق حتى لا يموت... يحتاج الى جهود ابنائه، جهود الإنسان فيه، الى اخلاص الإنسان وابداعه... وعندها سيفرض كل إنسان نفسه بجدارته وكفاءته وقدراته، لان التاريخ لا يصفق للفاشلين.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com