|
مقالات منير العبيدي يتحدث عن معرضه الشخصي السادس منير العبيدي في العاشر من أكتوبرـ تشرين الأول القادم يُفتتح على قاعة (Bilderschmuck Gallerie) في برلين المعرض الشخصي السادس للفنان التشكيلي العراقي منير العبيدي المقيم في برلين منذ نهاية العام 2000. سيضم المعرض تسعة أعمال مائية وستة أعمال زيتية كبيرة. أقام العبيدي خمسة معارض شخصية: الأول في آذار عام 1989 على قاعة الرشيد في بغداد والثاني في برلين عام 1993 بدعوة من " عالم موحد للبحث والإعلام " (OWM) والثالث على قاعة الأورفلي في بغداد ـ المنصور 1994 والرابع على قاعة حمواربي في عمان ـ الأردن أما الخامس فكان على قاعة ( Box 66) في العاصمة الألمانية برلين. اشترك العبيدي في العشرات من المعارض الجماعية المقامة في العراق، الأردن، سوريا، دول الخليج، تونس وألمانيا. كان الفنان العبيدي عضوا في المرسم الحر في كلية الآداب في الأعوام 1969 ـ 1970 بإشراف الدكتور الراحل خالد الجادر وأصبح عضوا في جماعة الآداب التي تشكلت في تلك الفترة، أقامت الجماعة معرضها الأول على قاعة كلية الآداب في العام 1970 وقد ضمت جماعة الآداب ضمن آخرين: عماد عبد السلام رؤوف، علا الطائي، عبد الهادي العادلي... في معرضه الشخصي الأول أشاد الفنان العبيدي بالدور الذي لعبه المربي والفنان الراحل د. خالد الجادر في تكوينه الفني وأشار الى قدرة الجادر على تزويد الفنان الدارس تحت إشرافه بقاعدة نظرية وعملية عن تاريخ الفن وتعاقب الأساليب ونظريات اللون وكيمياويتة وكذلك تقنيات العمل بالزيت والمائي والكواش وطرق البحث عن أساليب جديدة. وقد أشار العبيدي في بروشور معرضه الرابع الى أهمية دور الجادر في حياته الفنية والفترة التي قضاها في المرسم الحر قائلا: " في حينها تعلمت خلال اقل من سنة ما كنت سأحتاجه في حياتي كلها... ورغم أني نأيتُ بأسلوبي فورا بعيدا عن أسلوبه لكنه علمني الأساليب اللونية العلمية وأعطاني نصيحة لم أتخل عنها: " لا تكتف بمجموعتك اللونية وأكتشف ألوانا جديدة ". عُرف العبيدي في فترة نشاطه إثناء الثمانينات والتسعينات في قاعات العرض في بغداد بمعارضه الشخصية ومشاركاته الجماعية برسمه للطبيعة العراقية وخصوصا مناطق البساتين والدور الطينية ومشاهد تمثل العاملين في المزارع والحقول وأشجار النخيل وطرقات القرى وحياة الناس اليومية. فسواء رسم العبيدي مواضيعه الأثيرة هذه بالألوان المائية والزيتية فقد اتسمت لوحاته بألق شمسها وبريق ألوانها وبنائها المحكم وبأسلوبها الخاص الذي يعكس التفاؤل والفرح والأيمان بالحياة. كما عكست لوحاته الروابط الاجتماعية الوثيقة لمثل هذه المجتمعات شبه الأبوية قبل أن يتعرض كل ذلك الى التحطيم المنظم من قبل أنظمة القمع والحروب والحصارات. رسم العبيدي أيضا مواضيع تعبيرية عديدة عرضها الى جانب أعماله عن الطبيعة، وقد عُرف منها على سبيل المثال لا الحصر: " ليلة اغتيال القمر "، و" البحث عن الطفل المفقود " وهي لوحات ذات طابع تعبيري سردي تروي لنا حكاية ما. فـ " ليلة اغتيال القمر " مثلت مشهدا مأخوذا من منظور علوي لقرية، بوسع المرء أن يشاهد فيها ناس القرية وهم يراقبون بدون اكتراث غيمة إعصارية منذرة تحيط بالقمر رامزا بها الى الموقف السلبي الذي وقفه الناس من الكوراث التي كانت تباشيرها تلوح في الأفق. في معرضه الأول عرض لوحة سماها: " الصعود الى نقطة الضوء " تمثل ميلا صوفيا يتجسد صوريا في مسعى للصعود الى الأعلى بواسطة سلم يتسامى حتى نقطة تتلاشى في السماء. يقول العبيدي: " لقد فُتنت بإحدى الحكايات الأسطورية التي كانت ترويها لنا جدتي من أن حطابا فقيرا كان يحتطب في أرض خلاء وجد فيها بلاطة كبيرة ترتبط بها حلقة من معدن وحين سحبها انفتحت البلاطة عن مدخل يقود إلى باطن الأرض بواسطة سلم، تتبع الحطاب الفقير درجات السلم نزولا الى باطن الأرض هناك وجد بستانا جميلا كأنه من جنان الجنة ". " لقد فتنتني الفكرة تشكيليا عدا فتنتها السردية خصوصا وإنها قد اكتسبت معنى إضافيا بعد العوق الذي أصابني اثر حادث سيارة الزمني المستشفى شهورا عديدة، وسنين من السير بعكازين. كانت السلالم تحمل بالنسبة لي تناقضها الداخلي، فهي عقبات معذبة تشكل تحديا لعجزي الجسدي، ولكنها في الوقت نفسه مسلكا الى عالم آخر ينفتح على الأمل والنور، على أن الإعجاب بهذه الثيمة لا يحل مشاكل عديدة في كيفية تحويلها الى لغة صورية، الى لوحة.... بعد لوحة الصعود الى نقطة الضوء التي تمثل بساط التشريفات الأحمر مؤديا الى سلم يتسامى الى نقطة في السماء في أجواء غرائبية يسودها اللون اللازوردي، عدتُ مرة أخرى الى هذه الموضوعة هروبا من ضغوطات الوضع الشائك الذي يمر به وطني وأهلي وأحبتي: سلم في الخيال ربما يقود بطريقة ما الى الخلاص لي وللآخرين الذين افتقدهم ". يعمل العبيدي بشكل ملفت بواسطة الألوان المائية وقد اكتسبت أعماله المائية شهرة وشعبية، ويعرض بشكل دائم في قاعات العرض بعمان مثل قاعة الأورفلي ـ عمان ودار الأندى، وفي معرضه المقام في التسعينات على قاعة الأورفلي في حي المنصور ببغداد عرض العبيدي بشكل رئيسي أعمالا مائية. وأعماله الحالية التي ستعرض في هذا المعرض تمثل تطورا نوعيا أيضا، فقد اكتسب كما هو واضح حرية أكبر في التعامل مع هذه المادة التي يتعامل معها الكثير من الفنانين بحذر. نماذج الأعمال المعروضة من لوحات الفنان منير العبيدي المائية منها والزيتية تعطي انطباعا واضحا عن الميول اللونية له: استبعاد الألوان الأرضية البنيات والرماديات ومهارة استخدام الألوان الحارة وأعطاء أهمية للشعور بالعمق والتركيز على جو اللوحة. و قد طرأت على أعماله المائية المتأخرة ميول جديدة باستخدام اللون بحرية اكبر وإعطاء الشعور القوى باللون المائي لدى المشاهد من خلال الإبقاء على تداخلات اللون وعلى الإبقاء على ما تسبب من نثار الفرشاة والتقصد في إحداث مظاهر من نثر اللون على سطح الورق والإقلال من الاهتمام بالتفاصيل، كما هو واضح في لوحته المائية بغداد. نشر العبيدي العديد من المواضيع التي تبحث في الفن التشكيلي العراقي وخصوصا دراسته المهمة المنشورة والمعنونة: " الملامح العامة للفن التشكيلي العراقي في عقدي الثمانينات والتسعينات " والتي تناول فيها بالبحث والتحليل أعمال العشرات من الفنانات والفنانين العراقيين الذي أغنوا الحياة الفنية في العراق في تلك الحقبة وقدموا للمشاهدين وعشاق الفن أعمالا رائعة وقد تناول، علاوة على ذلك، بالتحليل الظرف الاجتماعي السائد في تلك الفترة والذي كان الحاضنة للعمل الإبداعي، تناول أيضا تداعيات الحروب والحصار وانعدام الحريات والتشوهات في التركيبة الاجتماعية بسبب الحروب والحصار وانحسار دور الطبقة الوسطى وانعكاسات ذلك حتى على فن العمارة والذوق السائد، كما تناول في الحلقة السادسة والأخيرة موضوع الفن النسائي وانعكاسات القضية الوجودية للمرأة على فنها من خلال أمثلة العديد قامت على تحليل أعمال الفنانات التشكيليات العراقيات البارزات وتأثير المحرمات (التابوات) التي كرسها العرف الاجتماعي والتقاليد القهرية البالية على فن المرأة وحلل كيفية تسلل مثل هذه المحاذير الى فن المرأة بوعي وقصد وبدونهما. و كان العبيدي قد نشر بشكل مبكر العديد من البحوث والمقالات في الصحف العراقية منذ أواخر السبعينات. وفي الثمانينات نشر مواضيع عن الفن التشكيلي العراقي مثل " الفن أم السوق " بحث فيه الميل المتنامي واسع النطاق لطلب اقتناء اللوحات العراقية والشروط التاريخية لتحول اللوحة الى سلعة. كما نشر موضوعا بعنوان " الفن التشكيلي ومشاكل التقييم " بحث فيه تاريخية تقييم العمل الإبداعي ودور العوامل غير الموضوعية والأنطباعات والعلاقات الشخصية في تقييم الأعمال الفنية اعتمادا على امثلة تاريخية. كما قدم مساهمة تحليلية في المحور الذي أثارته مجلة " الأفق " حول علاقة الميثولوجيا بالفن وكان قد ساهم في هذا المحور العديد من الكتاب والفنانين العراقيين. وفي الوقت الحاضر يكتب العبيدي في تاريخ الفن والنقد التشكيلي والأدبي وقد قدم للعديد من النشاطات من خلال المؤسسات الثقافية العراقية والألمانية كما ساهم قبل شهور مع فنانين آخرين في تأسيس جماعة للفن التشكيلي أعلن عن أهدافها التي نشرت في وسائل الأعلام وشارك ويشارك في العديد من المعارض الجماعية إضافة الى معرضه الشخصي السادس.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |