مقالات

نازك الملائكة شاعرة المحبة والسلام

خلدون جاويد

khaldoun3@hotmail.com

 تذكرنا الشاعرة نازك الملائكة بالمآسي والأهوال عندما ترسم بيدها الفنانة وروحها السامية الشعور  قصيدة " الحرب العالمية الثانية " وذلك لنستقي العبرة مما سلف من تجارب القتل . وهي ترد بشاعريتها المحصنة بالحكمة وفي أرقى نسيج عقلاني وعاطفي من أبيات حميمية ، ترد بكل قوة على كل نزعات الشرور وحب الهيمنة والامتلاك . وتهيب بنا الى تمثل غنى الحياة لا بالأموال التي يتناحرون من اجلها بل بالثراء الذي تمتلكه الحياة والذي تهبه لنا بكل سخاء ، وعلينا ان نقدر نعمة ذلك ! ان الثراء هو بلا شك ، الضياء والسلام والصداقة كأثمن أنواع الحقائق على الأرض . تقول الشاعرة :

 

وصحا العالم العميق الأسى

وانتهت الحرب بانتصار المنايا

شهدت هذه القبور لها بالنصر

يارحمتا لتلك الضحايا

ثم ماذا ياساكني العالم

المجوّع ماذا من القتال جنينا

هل وصلنا الى النجوم العوالي

ولمسنا اسرارها بيدينا

ضمخوها بالعطر لفوا

بقاياها بزهر الليمون والياسمين

احملوا الميتين في نعش موسيقى

وحب وعطر دمع سخين

واجمعوا الصبية الصغار ليلقوا

اغنيات فجرية الأنغام ِ

وليكن آخر اللحون التي تلقى  

على سمعهم نشيد السلام ِ

فيم هذا الصراع ؟ فيم الدماء

الحمر تجري على الثرى العطشان ِ

والشباب البرئ في زهرة العمر

لماذا يلقى الى النيران ِ

في سبيل الثراء هذا ؟ أليس

الضوء والحب والورود ثراءا

وليالي السلام والأمن هل في

العمر أغلى منها وأحلى ضياءا .

 

 ان الحرب هنا رديف الشر . واننا لن ننال منها وساما ورفعة ونيافة . كلا ولا ادعاء الأفراح والابتهاج بأزهار النصر على جماجم وأشلاء البشرية . ان الرفعة في نظر الشاعرة هنا وكل حكماء العصور من محبي السلام واحترام الانسان هو المعرفة ، والريادة لما هو راق ٍ ومؤنق ٍ ومؤتلق وهو الفتح الفكري والفلسفي :

 

هل وصلنا الى النجوم العوالي

ولمسنا أسرارها بيدينا ؟

 

 ان ضياء الحياة أثمن من صفقات المرابين والتجار في خزائنهم الباردة . خزائن الدم والغدر والموت . والسلام هو الغنى . والى ان يطل ذلك اليوم الذي ندرك فيه تلك البديهية ، سيجري نهر ثالث بالدم والدموع ! . وهذا ليس من فعل الشعوب بل تجار الحروب . ومهما يكن فلابد لوعي العراقيين المعرش بالفكر والفلسفة والشعر والايمان أن يرقى الى تمثل القيم الابداعية والانسانية لشاعرة العراق الكبيرة نازك الملائكة انموذجا ساميا وسامقا من ارض الرافدين العاطرة ونبل تاريخها الباهر العظيم .

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com