مقالات

أسيرة باختياري .. مذكرة خيالية لم تُكتب بعد

فاطِمة فتح الله الحجاج

harakat_ja@hotmail.com

شعور غريب انتابني وانا اقرأ هذا الموضوع الذي يحكي قصة فتاة صغيرة تعرضت لانتهاك جسدي من قبل والدها ؛؛ ذهبت إلى البعيد .. تحديداً حينما تكون في ريعان الصبا .. والتقطت مذكرة من دفتر ذكرياتها الخيالي وكانت تقول فيها :
تنتابني رغبة عارمة في تحطيم رأسي اللعين على أقرب حائط كلما راودني ذلك الماضي المعتمّ؛ وتحديداً ذلك الحدث العالق في ذاكرتي بشتى تفاصيله؛.
تلك الحادثة الحالكة التي بعثرت أحلام الطفولة ومزقتها فعاتت بها الرياح وتلاشت كالسراب .
أسرح بعيداً في دهاليز وزوايا معتمة وأرى بقعة ضوء مُسلطّة على زاوية معينة لا أرى فيها سوى نفسي ؛ وعلامات ذهول ترتسم على قسمات وجهي .. أنفاس لاهثه .. ملامح قاسية.. يدٍ صلبة تمسكني بكل قوة ووحشية .
انتفض خاطري فإلى هنا أقف كل مرة ..
وبخطوات متثاقلة أنهض إلى المرآة ..
شاهدت نفسي .. ملامح غير ملامحي .. جسد ليس بجسدي .. إنها أنا .. كلا لست أنا ..
احتضنت نفسي وصرت أهزّ جسدي .. اتأكد من بقاءه .. ولكن غدة دموعي مع هز بدني كانت تتمخض دموعاً ثم تتفجر كالسيل العارم .
تحسست عيناي المتورمتان بأناملي النحيلة وكنت أشعر بألم فضيع في رأسي وأنا اتحسسهما .
مررت على عنقي .. لامسته .. كدت أخنقه وأرتاح .
ولكني في كل مرة أتراجع ؛ أحاول أن أتنفس ولكن المكان ضيقاً ؛ والهواء محدوداً بل معدوماً .
شعرت بأفول صباي وأنا امعن النظر في نفسي وتجذر تجاعيد بائسة تحت عيناي .
أطلقت زفرة حارة ألهبت أعماقي : يااااه متى سأنعم بالنسيان يا إلهي ؛ لكم أتمنى أن أصاب بفقدان الذاكرة فلكم اشتقت لذاكرة بيضاء نقية .
انتبه إلى نفسي ..يدي لازالت على جيدي .. وتنزل لاارادياً شيئاً فشيء .. تلامس أزرار قميصي ؛ أفتح أزاراه الأخيرة فتنتابني نوبة بكاء حادة ونشيج عال يدوي في أعماقي يكاد أن يصيبني بالغثيان ؛؛ يتبعه صدى قوي يكاد أن يصيبني بالصمم .
إنها هي .. ذات العلامات تحت الحمراء وفوق البنفسجية الموشومة على بطني..
تلك التي تركها على بعض تفاصيل جسدي.
أصرخ واتكيء على الحائط واسقط شيئاً فشيء إلى أن تتلقفني الأرض .
أعانقها .. وأخبيء وجهي فيها .. وأجهش بالبكاء ثانية .
أضرب رأسي على الأرض مراراً دون شعور مني إلى أن يشجّ جبيني .
فتكبر مساحات الشقاء في داخلي ويمتد افقها إلى مالانهاية حتى يصل إلى الحلقوم فأكاد ان أتقيأه .
هكذا أنا منذ أن وعيت على حقيقة أمر اختفاء أبي عن عالمي تاركاً ذكرى علامات حمر وبنفسجية على جسدي وهو يحاول انتهاكي؛ وإلى أن يطويني الموت بين جناحيه سأظل سجينة لذكرى قاتمة ؛؛ واسيرة ذاتي باختياري ..

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com