مقالات

شخبطة على الحائط ..

النانوية او النانوتكنولوجي ستغزونا وهي واحدة من ثالوث آت

توما شماني – تورونتو / عضو اتحاد المؤرخين العرب

tshamani@rogers.com

قبل اكثر من عشر سنوات اجريت مقابلة مع الدكتور ضياء مولوي الباحث العراقي في جامعة تورونتو، لراديو كندا الدولي، انارني فيها كثيرا عن (التقنونانوية) او باختصار لنقل النانوية والتي ستحل بيننا شئنا ام ابينا. التقنية النانوية حقل واسع من العلم التطبيقي يرتكز على التفكيك والتركيب الفيزياوي للمواد ومن ثم تجميعها وخلق مواد جديدة لم نرها من قبل وكذلك خلق اجهزة وكائنات ممكننة عاقلة بحجوم دقيقة كل الدقة بالقياس النانوي. حجم النانو واحد من البليون من المتر، او واحد من مليون من الملليمتر. ولاستيعاب دقته فهو بحجم واحد من ثمانين الفاً من قطر شعرة الراس. النانو مقياس شديد الصغر لايرى بالعين كالمكروبات، وهو مقياس يستخدمه العلماء في قياس الذرة والالكترونات الدائرة حول نواة الذرة. تعود اوليات النانوية  لعالم الرياضيات فون نييمان حائز جائزة نوبل. ولتصوير النانو يقول نييمان: يرسل عالم رسالة قصيرة مكتوبة على راس دبوس الى عالم آخر متسائلا (ما رأيك، هل تستطيع تقليد هذا؟) فيجيب العالم كاتبا على راس الدبوس ذاته (حسن، ما رأيك انت بهذا الامر؟). النانوية في صورتها العلمية كانت قائمة في الخيال في قصص الخيالات العلمية كالذي نراه في السينما ولكنها الآن في واقعها تقنيات فيزياوية جديدة لم يشهدها العالم قبلا.

ترى هل النانوية تنقذ الانسانية من مشاكلها الحالية الطبية وتسد حاجات المجتعات ام ترديها موارد الفناء؟ الثقة في الكومبيوتر (بيل جوي) يقول ما نشاهده (تهديداً بفناء حضارة الانسان برمتها واندثار الجنس البشري اندثارا ليس له ضريب). ويرى (جوي) ان ثالوثا خطرا يهدد عصرنا المدجج بالتكنولوجيات، تلك هي علوم الكومبيوتر والتلاعب بالجينات والنانوية وقد تؤدي هذه التقنيات او واحدة منها الى الفناء الاكيد للبشرية والحياة باجمعها. ويرى ان التكنولوجيات الثلاث انما هي (اسلحة دمار علمية عفوية). فالتلاعب بالجينات ليس له حدود قد تقلب الانسان قردا، والكومبيوتر سيكون له القدرة على خلق مخلوقات آلية اكثر ذكاء من الانسان فتتمرد عليه وتمحيه من وجه الارض، اما النانوية فالخطر منها محتمل لدقة صغر النانو غير المرئي كالفايرسات، النانو يستطيع النفاذ الى شرايين الانسان فيخرب ما يخرب او ينتشر على الارض فيبيد الاخضر واليابس لانه يستنسخ نفسه ويتكاثر تكاثرا غريبا. والاخطر ان النانو المتكنك قد يتناحر ويتحارب داخل الشرايين فيذوب الانسان ذوبانا، ثم ينتقل الى البشر والحيوان كالفايرسات وبذلك سترث النانوات الارض.
قبل ربع القرن وضعت بدايات تكنولوجيا التحكم بالذرة المادة الدقيقة التي اسماها القدامى بالجوهر الفرد، ثم التحكم بالجزيئات التي داخل الذرة وهي الموغلة في الدقة. الرائد في هذه الدعوة النانوية عالم الرياضيات (اريك دريكسلر)، حيث اشار الى ان النانوية تفتح ممرات واسعة لخلق ادوات دقيقة غاية في الدقة يمكن ارسالها الى جسم الانسان او خلق معادن من اصول او اجزاء اخرى او ادوات ممكننة.

الفكرة الاساسية في النانوية  هي ان الذرات والجزيئيات المتواجدة بيننا تعتمد تقنية تفكيك الجزيئات ثم اعادة تشكيلاتها في انواع جديدة من المعادن، مثال ذلك تفكيك الفحم ثم تجميعة كماس، اما الفخار فبالامكان تفكيكه وجعله اقوى من الحديد خفيف الوزن لصنع هياكل السيارات منه او انتاج معدن التيتانيوم الصلد لانتاج المركبات الفضائية من معادن مرمية وكذلك تحويل النفايات العضوية الى نفط. 

النانوية في مجملها ليست بريئة من احتمالات لا ايجابية، فبالامكان بها خلق حيوانات ممكننة تعرف بالروبوتات الدقيقة بحجوم المكروبات غير مرئية لارتياد جسم الانسان من اجل الفحوصات وارسال تقارير تكشف عن مواضع المرض او في العلاجات او ملاحقة المكروبات وقتلها لانها تملك عقولا الكنرونية يمكن برمجتها للقيام بمهامها ولكن ماذا لو تمردت ونحت منحا آخر. 

المجمعات النانوية هي مركبات متناهية في الصغر، يمكنها ان تستهلك مصادر عديدة من الطاقة في الفضاء، كالضوء او الذبذبات الصوتية، لارتياد المجرات التي لايمكن الوصول لها ابدا. وكذلك جعلها غواصات ترتاد المحيطات للكشف والتحري. يمكن ارسال هذه النانويات في عملية سد ثغرة الاوزون الآخذة في التوسع، ولكن ماذا لو حدث ان ادى الامر الى خلل في كومبيوتراتها فسيؤدي ذلك الى اختفاء طبفة الاوزون بكامها عند هذا ستختفي جميع انواع الحياة بكاملها في غمضة عين.

يقولون انه بالنانوية نستطيع خلق اشياء من أي شيء او من لاشيء، ليس لنا عهد بها وكذلك لها القدرة على استنساخ نفسها، انها خيال تحول علماً وتكنكة لهذا فان رائد النانوية (أريك دريكسلر) يسميها في كتابه (محركات الخلق) وهي تسمية خيالية مماثلة لما ذكره الروائي (هـ. ج. ويلز) في كتابة (آلة الزمن) وقبله (جول فيرن) في كتابه (عشرون ألف فرسخ تحت الماء). يشيرون الى النانوية الآن بتقنية القرن الحادي والعشرين الذي نعيشه نحن الآن، والاجيال القادمة. ويرى احد ثقاة الفيزياء الكمية ان هذا هو آخر ما تستطيع الفيزياء تقديمه فيما لاننا الآن نستطيع قراءة ما في النقطة، اما ما ياتي بعد النانوية فامر لا نقرأه الآن. للنانوية كما يصورونها اختصارا اتجاهان، هما (القعر فاعلى) للمواد الموجوده في الذرة الى (ذرة من اعلى فاسفل) حيث تفكك ثم تركب بزيادة معدل السطح للكثير من مواد النانو وبذلك تفتح بابا جديدا في فيزيائيات السطوح كمادة مساعدة في المفاعلات الكيمياوية ولكنها كما يقولون تفتح امكانيات خطرة في اندماجها بالمواد الحياتية بانواعها. بالنانوية يمكن تبديل الصفات الاساسية بشكل لا يمكن تصوره فالنحاس يمكن جعله شفافا كالزجاج، الالمونيوم يمكن جعله قابلا للاشتعال، الذهب تحويله سائلا في درجة حرارة الغرفة. ومن نتاج النانو سنرى اسلاك النانو وانيبيبات النانو وهي انابيب دقيقة في الصغر وبهذا يقلبون المكبرات من المواد الى مصغراتها. تصوروا رقائق الكومبوترات تغدو رقيقات والكومبيوترات تتضائل في الصغر والصغر والصغر الى مالانهاية. انه عالم سنقبله على الرغم منا، كما حدث عند استنباط (الدي دي تي) قاتل الحشرات الذي لوث الارض والماء والسماء، لكن ربما ستكون نتائج النانوية وبالا على الحياة، وقبل اكثر من نصف صدر كتاب (الربيع الصامت) تحدثت فيه كاتبته عن ربيع خال من اغاريد وزقزقات العصافير والطيور، ولكن ما هو آت اكبر، انه الحشر.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com