مقالات

زغرودة ألم

مريم المدحوب / البحرين

تفتقت البسمة من شفتيه .. وشعت من عيناه نظرات الشوق والحنين .. يده تلوح في الفضاء الرمادي.. ولكن عبثاً!

 تقدم نحوه .. بسط ذراعيه .. أراد ضمه لصدره الحاني .. وهو فاغر فاهه .. فاتح عينيه على مصراعيها.. يشتت نظراته الحزينة لئلا تتقابل تلك النظرات اليائسة بنظرات الأمل!

 أقترب منه " لعد جواد وين ؟ " ؟ " شو انته عفته ابّغداد ؟ انحدرت دموعه المترقرقة من مقلته كأنها كمد .. فألهبت وجنته الصفراء الشاحبة .. هزّه جلال " شو جواد ماكو ؟، ما راح يطب لكربلاء بهاي الأسبوع؟ شنو القضية حيدر اغاتي دا احجي!؟"

 اجابه حيدر بصوت خفيف " منو جواد .. جواد وصل إلى كربلاء ، شو ما شفتوه ؟! قبل ساعات قليلة ..! هسا تلاقيه هناك دا يلثم الضريح الحسيني المبارك .. " لاحت بسمة خفيفة على محيا جلال كشفت عن طمأنينة تخللت عظامه فزفر الهواء الذي ملئ به رئتيه .. تهلل وجه أمه الكهله ( أم جعفر ) فرحاً .. وهي تجلس في قارعة الطريق تراقب المشهد و تنتظر مع جعفر _ ابنها البكر_وصول جلال وهو ماسك معصم أخيه الصغير _جواد_.

 أخذ جلال يمازح حيدر .. فكوّر يده وضربه على صدره كعادته : وآني أقول حيدر غدّار .. طب الكربلاء بوحده .. وعاف قليبي ببغداد واجى لهنانا"

 انهار حيدر .. ولم يعد قادراً على الصمود والثبات .. ألقى بنفسه على جلال وأخذ يبكي بكاء الثكلى .. جواد .. وصل إلى كربلاء .. نعم ،وصل إليها منذ ساعات .. وهو الآن مع حبيب بن مظاهر .. تعال معي لتراه يقف مع فلول الشهداء ، من أصحاب الحسين ( عليه وعليهم السلام) .

 صرخ جلال ماذا! مع الشهداء؟

 ركض مسرعاً .. ألقى برأسه على كتف أمه .. " يمه زغردي بالعجل .. وليدج انذبح يوم .. وماعاد تشوفينه "

 وزغردت الأم زغرودة ألم .. احترقت قلوب المارّة لسماعها .

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com