مقالات

المدرسة التعبيرية

زهراء السعدي (عضوة في منظمة بنت الرافدين) / بابل

قلة من بين مجموعات الفنانين قدمت تنويعا كالذي قدمه التعبيريون لقد جمعهم هدف اساس واحد ان يضعوا على القماش كل ما يختلج في اعماقهم من احاسيس وهم لذلك عمدا الى تجزئة العناصر الحقيقية المرئية ليصعدوا من قوة التعبير عن احاسيسهم تلك اكثر من ان ينصاعوا الى ماتفرضة الرؤية عليهم وحسب. اضافة الى ذلك كان لعملهم نكهة مشتركة خاصة فهي قاسية عاطفية وغالبا ماتكون مؤلمة . اكثر من هذا يكاد التعميم يكون مستحيلا فقد كان البعض منهم في عجلة كي يعروا انفسهم ويكشفوا كوامها فأهملوا بذلك تقنيتهم اما الاخرون فلم يضحوا مطلقا بجمالية الرسوم التشكيلية وبينما بقي البعض مخلصا لمبدا التوزيع الظل والضوء في الصورة وللنمذجة وللفضاء المألوفة قام البعض الاخر بالوان نقية. واضيف الى هذا كلة ظهر تعقيد اخر هو ان الحركة ظهرت في بلدان عدة فكان ان حورت بعض خصائصها بسبب الطابع المحلي في هذه البلدان او ذاك ان اعنف شكل من هذه الاشكال التعبيرية نشأ في المانيا حتى وصفت التعبيرية بانها ظاهرة المانية خاصة وسمة ثابتة واساسية ثابتة في الروح الالمانية الا ان التعبيرية في الواقع لم تظهر اولا في المانيا فقد كان من بين رساميها الاوائل من المحدثيين منهم الهولندي فان كوخ والبلجيكي جيمس اينسور والنرويجي ادوارد مونيك وكلهم تمردوا على الواقعية الانطباعية في فرنسا ومهدوا الطريق الى التعبيرية.

فمونك (1863-1944 ) قصد باريس حيث اعجب بفان كوخ وسورا ولوتريك والنابيين وكان معرضة الاول الذي نضمة في عام 1892 في برلين قد اثار ضجة واسعة لكن على الرغم من ذلك ارسى قواعد شهرتة في المانيا ومالبث ان خلق تاثيرا عميقا في الفنانيين الشنان كانت الوحدة التي يعانيها الانسان اتجاه قوى الطبيعة ووسط الجموع المندفعة في المدن الكبيرة تؤلف تجربة قاسية لهذا الفنان ذي الطبع المكتئب القلق المتشائم كان ينجذب الى النساء بقدر ماكان يختانهن في الوقت ذاتة والسعادة التي يجلبنها الية اقلت في ركبها صراعا وندما وتالما ... لقد عبر عن هذا كلة في رسمه بخطوط تمتد بعيدا وتنثني بسوداوية وباستعمال الوان تحن الى الماضي حتى عندما تكون براقة شهدت دريسدن قي عام (1905 ) ظهور المجموعة التي رفعت لواء التعبيرية الالمانية اول مرة عرفت باسم (الجسر) كانت تظم في البداية مجموعة فنانيين من الشباب هم (فريتز بليل – وايرنست لود فيك كيرشنر – وايريش هيكل - وكارل شميدت- روتلوف) والتحق بهم بعدئذ ماكس يكشتايل واوتومولر ، ولفترة قصيرة اميل نولده اشتقت المجموعة توجهاتها من مابعد الانطباعية والفن الزنجي والياسيفيكي وكذالك من المحفورات الخشبية الالمانية القديمه ولجأ مؤسسوا الحركة الى استعمال الالوان تختلف عن تلك التي رسمها الوحوشيون كانوا على صلة بفان دونغت لكنهم اكثر ميلا لاقتفاء اثار فلامنك لم يسعوا الى الرفاهة في تناغماتهم بل مارسوا درجات لونية حادة نافذة قوية ... كان كرشنر (1880 -1938) ابرز شخوص المجموعة وعكست صورة العارية والمناظر الطبيعية وشوارع المدينة طابعة العصبي المتوتروفي عام 1911 قام في برلين سنوات قليلة حيث خفت حدتة وهدأت ثورتة وانجز اغلب اعمالة المتزنة . لمن القلق ظل يلازمة وبدت معالمة واضحة في الصور التي رسمها بعد عام (1917) في سويسرا حين زاول رسم الجبال وحياة الرعاة الهادئة.

لم تمثل التعبيرية الالمانية في اوج عنفوانها احد اكثر من اميل نولدة (1867-1956) فسواء عالج موضوعات دينية تعرض للحواريين والمصلحين بجمالية خرقاء او رسم رواد النوادي الليلية التافهين في برلين،او صور المناظر الطبيعية بسماواتها المعذبة تبعث الغم فينا بعتمتها او باضائتها الدرامية فقد حاول دائما ان يدهشنا ولكي يحقق هذا ولم يجد لونا اكثر توقدا واقسى ملمسا فقطع الشكل او رسمة على عجل فبان كأنة يده المسرعة قد قطعتة بمنخل؛ ان في التعبيرية التي قدمها لنا الفنان النمساوي اوسكاركوكوشكا (1886- 1980) معاناة اكثر وبدائية اقل كما تحوي خصائص صورية اغنى فقد بدأ كوكوشكا رسم الصور الشخصية وليس هناك فنان معاصر عمد الى رسم الصور الشخصية بهذة (الهلوسة) الفريدة التى تكشف اعمق الحقائق النفسية فلقد كان يصور الفنانيين الذين يجلسوا امامه بروح (فرويدية) كأنة يحلل شخصياتهم. كان ينفذ الى اعماقهم ويميط اللثام بحدسية خارقة عما هو كامن في قلوبهم المغتمة العليلة المتوترة وفي سفراتة المتكررة بين الاعوام (1924-1931) عرض علينا مشاهد الجبال الالب والمناظر (البانورامية ) لباريس ومدريد والبندقية تتسم بامداداتها وبخاصتها الرؤية وبايقاعاتها الغريبة كما تتجلى العجالة في تنفيذها من المألوف ينضوي تحت لواء التعبيرين الرسامين الذين اسسوا (اتحاد الفنانيين الجدد) في عام 1909 في مونيخ الذي اضحى يعرف بعد عاميين من ذلك التاريخ باسم مجموعة الفارس الازرق وانضم اليها ايضا فنانيين روسيين الكي فون جارلينسكي وفاسيلي كاندنسكي الذين كانت ايقاعاتهم في اقتران ماشيعة بالرومانسيية المندفعة عندما قامت الحرب العالمية الاولى قتلت من ابرز عناصر التعبيرية وهما (مارك) و (ماك )قبل ان تسنى لهما ان ينتجى صور منيرة .ومع ذلك ان ماك (1887-1914) بشخوصه الرزينة المحببة (1880- 1916) بحيواناتة التي حولها (بمسحة دينية وشاعرية) الى نقادالاسطورة استطاعا ان يحقق اكثر مما كان متوقعا منهما لم تضع الحرب (1914- 1918) حدا للمدرسة التعبيرية غير ان من المؤكد جماعاتها تفرقت في المانيا على الرغم ان المنتمين اليها لم يغيرو اسلوبهم . لقد دفع الجيشان الذي عقب الحرب فنانا مثل بيكمان الى نوع مغاير من الفن لكنه لم يزل تعبيريا وانبثقت مراكز مماثلة في مناطق اخرى ولاسيما في بلجيكا. حيث اتخذ الرسم التعبيري اجد المظاهر المقنغة وفي الواقع ان التعبيرية عرفت هناك قبل حوالي ثلاثيين عام بفضل جيمر اينسور (1860 -1949) احد رواد الحركة في نطاقها العالمي. حتى بلغ الاربعين من عمرة يعتبر احد الفنانيين العظام في عصره . كما اعتبر سباقا في فرنسا ذاتها وفي عام 1888 رسم لوحتة الشهيرة (دخول المسيح بروكسل) مفي الوقت الذي انتقل فيه فان كوخ الى ( ارل) وكان غوغان يحاول العثورعلى اسلوبة الخاص في ( يونت-افين). في ذلك الحين امتلك اينسور تماما عالمة واسلوبة بوضع اقنعة كرنفالية على شخوصة او تقليصهم الى هياكل عظمية ترتدي اسمالا . فقد لبى رغبتة الدفينة في التوجيه الخلقي وكشف الاقرانة من البشر جوانبهم المروعة في وقت استخدام اللون والشكل بحرية اما الذين عاصروا العشرينات من القرن العشرين كانوا اهم العناصر التعبيرية الفلمنكية امثال كونستانت وغمستاف لم يملكوا الوان الخفيفة الفاتحة التي ملكها اينسور ولاملكوا موهبتة الساخرة لكنهم يمتلكون اكثر خشونة لقد طغى الون البني على ملونتهم وعكفوا على استغلال التضاد الدرامي بين الضوء والعتمة ولجأوا الى التعبيرعن قلقهم وتشائمهم لكنهم كانوا اقل تمزقا من التعبيرين الالمان. واما في الصور بيرميكية ذات الصبغة الغنية والوان الارض الجديدة المحروقة والحقول المشبعة بالماء ومشاهد من بحر الشمال المغلفة بنكهة العاصفة المنذرة نستشف منها البساطة البيوت القروية بل نستشف منها رائحة مرابض الابقار.

يحتل اللوكسمبوركي جوزيف (1894 -1941) منزلة خاصة بين التعبيريين فهو ليس بربريا او قرويا انة اكثر حيويا من كونة متوحشا اذا ماعصفت بروحه الازمات لم يعمد الى ترجمتها اسلوبا حاسما او اعتباطيا وحتى حين كان يرسم لوحتة (المهجرين) التي تمثل معاناة عقله بهذه الطريقة المؤثرة كان مهتما دوما بجمالية اسلوبة – وظلت اشكالة قائمة بصلابة والثبات وبقي لونة غنيا متنوعا.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com