مقالات

حكاية فنسنت فان كوخ

اعداد: زهراء سعدي / عضوة بنت الرافدين 

 

قلة هي السيرة الخاطفة التي تماثل سيرة فنسنت فان كوخ (1853-1890) كان في السادسة والعشرين من العمر حين رسم اولى تخطيطاتة واعتبرها احق بالبقاء وكان عددها ثلاث وثلاثيين يوم بدا يكتشف اسلوبة في السابعة والثلاثيين عندما مات .

ان سبب تاخرة في احتراف الرسم معروف فقد بدا يرسم بدافع القنوط ،وكانت حياتة حتى ذلك الحين سلسلة متواصلة من الخذلان وكانت اخر ضربة تلقاها واشدها وقعا عليه ((هو ابن قس الهولندي )) في بوريناج ، حيث رغب في العيش مبشرا بين عمال المناجم كان فشلة في الوعظ ولممارستة المبالغ فيها للنصرانية قد سببا سحب ترخيصة في وقت بدأ في نظرالجميع انة (لايصلح لشئ ) من اجل ذلك انصرف في ذلك ليبرهن للناس ((انه يصلح لشئ ما !)) ومن المحتمل جداً أنه أراد ان يتخذ من الفن وسيلة لاظهار حبة لبني البشر اذ لم يكن الفن بالنسبة الية لهوا او تسلية , قط بل رسالة في الحياة لم يكن عجبا ان عاد فان كوخ في النهاية الامر الى هولندا ليعيش في الريف وليصبح رسام الفلاحين . ولم يكن هناك مايثير العجب ايضا في تقديرة لميله واستشارته بزولا ايضا .

وحين اكتسب فنه قوة خاصة في عام ( 1885 ) بدأ وكأنة مؤلفة رواية ( جرمينال ) .( زولا ) ورسام ( صلاة الملاك ) . وقد التقيا معا في رسومة , في شخوصة مهابة وفظاظة وفي الوقت ذاته وملونتة باقية داكنة موحلة واسلوبة خشن وجرئ . ومهما بلغت الاعمال التي رسمها انئذ بهذه الطريقة فلم تؤمن له تكن سمعتة تجاوز حدود بلد لكنة حين قدم الى باريس في عام 1886 , احتل فقط مكانتة اللائقة بة في تاريخ الفن الحديث واضحى المنار الذي استرشدة بهدية الوحوشيون والتعبيريون في مطلع القرن العشرين.

وبفضل اتصالاتة مع بيسارو وغوغان وسيناك , فقد رسمه ثقلة وميوعته الريفية , فاشرقت الوانة وخفت لمساتة وامسى تجريئيا , وفي اوقات ماتنقيطا, ورسم مناظر لباريس وازهارا وحياة ساكنة وصور شخصية تثير العجب بهدوئها وبهجة تناغمها , واسترخاء تخطيطها ومن خلال الصور التي رسمها لنفسة نلمس انة لم يكن قانعا بباريس او راضيا برفاقة الرساميين ومناقشاتهم , وفي الاخير لم تعد اعصابة تحتمل المزيد فشعر بالحاجة الى تغير جديد في شباط عام 1888 قد ج\\بة عشق الشمس فانتقل للعيش في ( ارل ) وسحر فرنسا الجنوبي فراة (جميلا كاليابان ) التي لم يزرها قط بل تخيلها كاجمل ماتكون من فرط اعجابة بالمطبوعات اليابانية ومالبثت ضربات الفرشاة ان اتسعت وصارت الوانة اكثر حدة وتخطيطة اكثر تماسكا . وغمل بدون كلل وفي وهج الشمس وفي غمرة الريح المقبلة من البحر المتوسط وكان احيانا ينصب مسند الرسم ليلا ويشرع في العمل وفي وسط الحقول كلها لم يكن يقنع بتسجيل ماتقع علية عيناة بل عمد الى الافصاح عن احاسيسة كلها عن رعشات قلبه واستلهامات عقله . من اجل مايكثف تعبيره البالغ في التاكيد على ماكان يراه ضروريا وغض الطرف عما كان في نظره تافها غير مهم , وبسبب ولهه المتزايد يوما بعد اخر بالشمس وهو القادم من الشمال فقد سكب في صورة اقصى ما استطاع من رؤية مشرقة بلالوان لجنوبي فرنسا وكذلك الفنان سيزان الذي كان مواطنا من ( بردوفانس ) ذاتها وتالق اللون الخالص ايضا في الصور الشخصية الصور التي رسمها وفي ازهارها وفي الامكنة الداخلية . لقد سعى الى ان يمنحها قيمة رمزية فرسم لوحتة (( مقهى الليل )) محاولا ((ان يعبر بالاحمر او الاخضرعن اللوعات المروعة للكائنات البشرية )) وحلم بالتعبير (عن الوحة التي تشد العاشقين بمزج لونيين متكاملين , فبامتزاجهما وتضادهما تتولد الاهتزازات الغامضة لألوانهما المتواشجة ) وفي الوقت ذاتة انكب على التخطيط بالقلم والقصبة وانتج اعمالاً ذات حيوية اخاذة.

ولم تفارقة هذه الشفافية في الرؤية حتى في النوبات الجنونية التي داهمته اول ماداهمته في كانون الاول من عام 1888 بعد خصامه مع غوغان وقادتة الى ان يقطع احدى اذنية وحتى في بعدما اسمى نزيلا على المصح العقلي في سانت ريمي وبعد ذلك بشهور هو الذي طلب ان يوضع فيه . كان قادراً بين نوبة واخرى على تقويم وضعة وفنة برؤية واضحة وعلى الرغم من انه لم يعد يمتلك ذلك التلوين الفرح تميز به في الفترة التي امضاها في ( ارل ) واصبح تخطيطه معذباً مظطرباً فبدا لاهثاً وعلى الرغم من ان اعماله عبرت عن قلق حزين ومعاناة لاشفاء منها فانها لم تكن قط نتاج يد هادئة او غير متزنة هل كان ثمة اختلاف في الصور التي رسمها في (اوفير- سور-اوز ) في الشهرين الاخيرين من حياتة ؟ يبدو في بعضها كأن يده فقدت بعضا من ثقتها على الرغم من ان قوتة الخلاقة لم يطرأ عليها الوهن الذي يمكن ان يكون اشد تعبيرا من تلك المشاهد الطبيعية ومساواتها المتوعدة وهي تهتز قلقا وانفعالا حيث لا تسوطها ريح عايتة ؟ صحيح ان اسلوبة صار الان خاطفا انة ظل ممتلئا بالنشاط لقد بقي فان كوخ متحكما فية وبقيت رسومة ذات تكوين متماسك. على الرغم من اليأس الحالك الذي قادة شيئا فشيئا الى الانتحار.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com