مقالات

الكيمياوي شنق يوم عيد الأضحى

 د. صاحب الحكيم / مقرر حقوق الانسان / لندن

www. alhakim.co.uk

من ذكرياتي عن السجين السياسي والشاهد السيد رياض السيد محمد سعيد الحكيم (المولود في 16/7/1958)

فقد اعتقل هو اخوانه وابوه وجده واولاد عمومته في النجف الاشرف ونقلوا جميعا الى مديرية الأمن العامة في بغداد يوم 9/5/1983، وقضوا جميعا في سجن أبو غريب فيما بعد حوالي 3000 الثلاثة آلاف يوم في تعذيب جسمي ونفسي لايطاق. وأعدم أكثر من 60 ستين شهيدا منهم...

 و قد دونت معلومات عديدة عن معاناته بعد أن إصطحبته ( بعد سقوط النظام الصدامي المجرم) الى نفس الزنزانة التي وضعوا بها وهي ردهة المصابين بالسل في السجن المذكور، وصورته وهو بوضعية تعليقه على شباك الزنزانه لتعذيبه، ودلني بالتفصيل على اماكن جلوس جميع أفراد العائلة واحدا واحدا، واين كان ينام السيد الفلاني واين كان يدرس السيد الضحية الآخر وهكذا.

و في معرض تدوين وتوثيق تلك الفترة القاسية من حياة هؤلاء الضحايا اخبرني بالحادثة التالية وبحضور عدد من أفراد عائلة الحكيم المعتقلين الآخرين من أقربائه وزملائه في زنزانة المسلولين:

أن المجرم الكيمياوي المدعو علي بن حسن بن مجيد التكريتي قد زار سجن أبو غريب في يوم العيد في الثمانينات، وفي عام 1984 بالتأكيد، ولكنه لم ينس انه في يوم عيد، وكان المجرم يتجول بين الزنازين والقافات، ليطلع على أحوال السجناء، يوم العيد: نعم إنه يوم العيد

 و ربما يتعجب القاريء انه يوم عيد الأضحى المبارك لنا، والأسود على صدام وعلى جلاوزته وأتباعه ومؤيديه من الأعراب الذين ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) .....

 و كان المجرم الكيمياوي، عندما يدخل أي قاف فإنه يأخذ بسب السجناء، وينال من أعراضهم ونسائهم،

و يكيل كلمات الفشار الهابطة وبأقذع وأفحش الكلمات،

و كان يقول للسجناء كلمات يعف فم الشريف من ذكرها مثل ( أنا …. أمك، واختك هي …. الخ)

و هذا ليس غريبا منه فهي من سمات وأخلاق أعضاء حزب البعث الفاشي، ولم يسلم منها كل من تقع عيناه عليه، ( إلا افراد عائلة الحكيم حيث انه قبيل وصوله الى زنزانتهم، همس مدير السجن بإذنه: بأن هؤلاء هم من إختصاص القصر ( ولا دخل لنا بهم ولا نقرر لهم أمرا، ولا نتدخل في شؤونهم، ولا حتى في نوعية أكلهم، ولا مقابلة لهم مع عوائلهم … الخ) الا بأمر من الجهات العليا،

و يذكرني هذا بالمجرم طارق عزيز الذي حدثني عنه أحد أعضاء الوفود العربية في الأمم المتحدة، ان طارقا عند توجهه الى الأمم المتحدة وفي سفراته الخارجية فكان يجمع حوله الشلة من البعثيين ويلعب الورق، ويملأ مجالسه بكلمات الفشار الهابطة وينال من زوجاتهم واخواتهم، وهم على شاكلته ولا يجيبوه، ببنت شفة، حيث انهم يخشون سطوته باعتبار قربه من الطاغية المعدوم.. صدام المجرم..

و كان مدير السجن والجلاوزة المجرمون يحملون إضبارات السجناء الضحايا ( ويظهر ان الزيارة قد أعد لها)، ويعلم السجانون بذلك، بدليل توفير الملفات عن كل سجين… وخشية العقاب وخاصة وان القادم من العائلة الحاكمة، ومن أقرباء الرئيس صدام المعدوم، وكان مديرا للأمن العام وقتها، وعضوا في الحزب الفاشي ... كذا)

كان بمعيته المجرم حازم التكريتي مدير التوجيه السياسي في الشعبة الخامسة، والمقدم دعيج ( وله عدة أسماء أخرى) وربما ان إسم دعيج هو ليس إسمه الحقيقي...!! ويسير خلفة مجموعة من الضباط الآخرين الذين لا تعرف أسماؤهم من قبل السجناء الأبرياء...

و كان المجرم الذليل، يسأل عن كل سجين يلفت نظره، وعن قضيته…

و صادف ان رآى شابا يافعا في مقتبل العمر

فلفت نظره..

 من جاء به الى هذا السجن الرهيب ولماذا…

فاستدعاه… للمثول بين يديه..

و بسرعة فقد اعد السجان ملفه.. استعدادا للإجابة عن أي إستفسار

و لكن الزائر المجرم

إلتفت الى الشاب وهو من أهالي محافظة بغداد ( وربما يكون من مدينة الكاظمية) وقال له: من جاء بك الى هنا ؟

قال: سيدي انا محكوم بمقتضى المادة القانونية الفلانية،

وذكرها.

سأله المجرم:

و ما هي هذه المادة ؟

أجاب الشاب: سيدي: الثرثرة

سأله المجرم

و ماذا يعني ذلك ؟

قال الشاب: مكررا: سيدي الثرثرة

قال المجرم: ولك ( بكسر الواو) وهي تعبير عراقي معروف كناية عن ويلك

 كول انت شمسوي ( أي قل ماذا عملت ) ؟

قال سيدي انا قلت:

هي هاي حرب القادسية يو ( أو) حرب عبود العربنجي !!

و يقصد الحرب التي شنها المجرم المعدوم على إيران وأدت الى مئات الألوف من الضحايا من الجانبين المسلمين خدمة للأمريكان وإسرائيل....

و هنا إنتفض المجرم الكيمياوي ...

و عرف ان الضحية كان بتلك العبارة التهكمية المعبرة، يستهزيء بالمجرم صدام المعدوم بالحق…

وقال:

ولك ( اي ويلك)

تستهزيء بالرئيس ؟ كذا ….

سوف اعلمك بتشديد اللام

و التفت الى مدير السجن، وقال

صعدوا الحكم عليه الى الأعلى…

و لما كان المسكين محكوما بالسجن المؤبد

بسبب تلك الكلمة ( عبود العربنجي) ؟

فمن الطبيعي ان يكون الحكم الأعلى هو: الإعدام

و اعتقل الشاب في سجن أبو غريب…

و شدت يداه بالقيود... على الفور...

و أقتيد الى غرفة الإعدام .... يوم العيد

و شنق رحمة الله عليه...

وسط حيرة وإضطراب وحزن السجناء

 وكان ذلك العيد …

هو عيد الأضحى

نعم يوم العيد

و يتذكر السيد رياض أن عراقيا آخر، كرديا، لا يعرف إسمه،

كان المجرم الكيمياوي قد شدد عليه الحكم كذلك وأعدمه،

و قصته ببساطة:

انه كان خريج انكلترا،و يحمل شهادة محترمة،

و ربما كانت الدكتوراه في إختصاص نادر في العراق

و عاد بنية خدمة بلده، ولما لم يكن بعثيا ولا من الجحوش،

فقد عين في شعبة الدواجن في إحدى الدوائر الرسمية التي لا تمت بإختصاصه بأية صلة..

وله صديق في انكلترة من حملة الشهادات العليا المثيلة، كان قد طلب منه ان يخبره عن الوضع العلمي في العراق والتقدير الذي يلاقيه من الدولة، وإمكانية العمل ضمن الإختصاص الذي يريده، والذي يتلائم مع خبرته العالية ... فأخبره، هاتفيا، هذا الضحية الكردي بعدم العودة، فهو يعيش مع الدجاج والبط ...

فالتقط الجلاوزة المجرمون العاملون في إحدى الأجهزة الأمنية المكالمة الهاتفية

فاعتقل الأستاذ الكردي

و حكم عليه بالسجن المؤبد...

و كان قريبا من زنزانة آل الحكيم...

و قابله المجرم الكيمياوي كذلك، في يوم العيد واستفسر عن حكمه،

و بالطريقة المشابهة، عرف المجرم ان هذا الأستاذ الذي هو من المفروض ان يكرم ويستقطب ...

لم يرتكب اية جريمة تذكر

سوى انه نصح زميله في بريطانيا بعدم جدوى العودة للعراق

فاستشاط الكيمياوي غضبا...

و نصب نفسه حاكما في السجن....

و أمر برفع الحكم الصادر بحق الأستاذ الكردي ...

إلى الإعدام

و أقتيد الى المشنقة.... في يوم عيد الأضحى...

و أستشهد

و يقول السيد رياض الحكيم، ويؤيده المعتقلون الآخرون من آل الحكيم،

كالسيد محمود بن الشهيد السيد عبد المجيد الحكيم

و السيد جعفر بن السيد محمد صادق الحكيم

الذين كانوا حاضرين معه في هذه الحادثة المؤلمة:

 ان الكيمياوي قد أعدم آخرين كذلك في السجن ممن لم تكن أحكامهم الشنق، في يوم العيد، ولا يتذكر أسماء الضحايا... نظرا للظروف القمعية القاسية المفروضة عليهم وهم في قسم الأحكام الخاصة المعزولة سوى نتف من الأخبار تسري اليهم من المحكومين الآخرين، ويتم ذلك في بعض الأحيان بالإشارات التي تدربوا عليها، وذلك بإخراج أيديهم من خلال القضبان الحديدية، عند غياب السجانين القساة، حتى انهم تعلموا الكتابة بأصابعهم في الهواء، فيلتقطها السجين في الطرف الآخر من الزنزانة الأخرى، ويستغرق ذلك وقتا طويلا لجمع الحروف بعضها بعض !!

إن المسؤول عن إعدام ذلك الشاب العربي والكردي وغيره في يوم العيد المذكور..

هو صدام المجرم

و الكيمياوي التكريتي المدان

و من وشى بالضحية

سواء من جلاوزة العاملين والمخبرين في أجهزة الأمن، والمخابرات، والإستخبارات العسكرية، والأمن القومي، والأمن الخاص، وافراد الحزب الفاشي، والمنتمين الى المنظمات ( التي تسمى شعبية) ...

و من حكم عليه بالإعدام

و من شنقه ظلما وعدونا

و كل من سمع بذلك فرضي به...

فكل هؤلاء، ومؤيدوهم من الأجانب الغربيين، والعرب الأجلاف يتحملون أوزار الضحايا من العراقيين والعراقيات عام 1963، ومنذ عام 1968 حتى الوقت الحاضر....

و أشكر الله الذي أبقاني حيا فرأيت بأم عيني مصير الطاغية المجرم

و أخيه الجلاد

و المجرم الفاسد عواد حمد البندر

كما شاهد جثة المجرم النتنة حوالي الف مليون إنسان في كافة أنحاء الأرض....

و هذا إحدى ثمرات الإعتصــام المســـتمر الذي دام 333 أسبوعا وهو أطول إعتصام في تاريخ العراق والعرب والمسلمين

و كما سعدت مآقينا في رؤية أبنائه الفسقة عراة ... مذبوحين

عسى ان نسعد مرة أخرى لنرى مصيرا ينتظر المجرم الكيمياوي...

و اتمنى ان يكون في حلبجة

او في أبو غريب

كلاهما سيان ....

فقد استشهد فيهما، وبغيرهما آلاف الشرفاء والشريفات...

المصدر: تقرير عن قتل واضطهاد مراجع الدين وطلاب الحوزة الدينية في بلد المقابر الجماعية " العراق" في 485، 3 ثلاثة ألاف واربعمائة وخمس وثمانين صفحة . مطبوع.

و الى موضوع آخر هو ( ذكرياتي الشخصية عن المجرم برزان).

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com