مقالات

ثورة الكبرياء

زينب الشمري / عضوة في بنت الرافدين

Z_alshemary@yahoo.com

ها هي كربلاء الفداء الارض الطاهرة التي احتضنت بين ذراعيها وطياتها دماء اولئك الابطال من آل عقيل وعلي بن ابي طالب (عليهم السلام) والبقية الخيرة من الاصحاب الاجلاء الذين سبحوا بدماءهم سبح الشقائق في حوض النهر في العاشر من محرم الحرام. وهي تعود من جديد لمبايعة ابي الاحرار وسيد الشهداء المذبوح بكربلاء. وها هي الجموع الغفيرة من احباب الحسين (ع) تعود مجدداً لاحياء هذه الفاجعة الاليمة. بعد اان كانت اصواتم معمورة ومقبوضة بيد من حديد طيلة اعوام مضت. والذين حرموا من احياء هذه الذكرى هذه الثورة الحسينية الخالدة المباركة. الثورة التي فدا الحسين (ع) نفسه لله عز وجل وقرر ان يسقي شجرة الهدى والايمان بغزير دمه الطاهر الزكي ليدافع عن اسلام جده الرسول الاعظم (ص) وحينها قال (عليه السلام) مقولته:-

(اني لم اخرج اشراَ ولا بطراَ ولا مفسداَ ولا ظالماَ، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي (ص) اريد ان آمر بالمعروف وانهي عن المنكر، واسير بسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب (ع))

فالحسين (ع) صفحة نقية من صفحات الرسالة المحمدية وترجمة حية لكل منطلقاتها وتصوراتها وهو عنوان الصمود الراسخ الذي لم يتزعزع امام الاعداء والفاسقين والفجرة من آل يزيد وبني امية الذي سلبوا منه حقه وشريعته الاسلامية التي خرج بها (ع) ليطهر الارض التي امتلئت بالفسوق والظلم ولاصلاح المجتمع المسلوب الوعي والارادة واللاهث وراء المغانم والحطام فخرج (ع) بثورته المباركة على انه مدركاَ النتيجة الحتمية التي سيؤول اليها وفي ليلة العاشر من محرم الحرام هذه الليلة الاخيرة التي سيبقى فيها الحسين (ع) بين عياله واهله واصحابه واهل بيته (ع) فاخذ يودعهم واخذ البعض من اصحابه بين مصل ومستغفر وبين داع وقارئ للقرآن والذين امسوا هذه الليلة ضيوفا في احضان كربلاء وبات التأريخ أرقاَ ينتظر الحدث الكبير وما يتمخظ عنه في الصباح فغدا سيخط بمداد الدماء الطاهرة اروع فصل كتب في عمر الانسان. مضت تلك الليلة ومضى معها تأريخ طويل وها قد ولد اليوم العاشر من المحرم الحرام يوم الدم والجهاد والفداء والشهادة يوم اللقاء والمصير المحتوم هذا اليوم الذي وقف فيه الامام (ع) وقفته البطولية والشجاعة امام اعداءه راكبا فرسه الشريف وهو ينظر الى جيش العدو الذي لم ترهبه كثرة عددهم وتدافع سيوفهم ورماحهم ولم يزل كالجبل الشامخ وبشجاعته الفذة بهذا الجسد الطاهر الذي يحمل العزة والاباء. وقد اطمأنت نفسه بذكر الله وهانت دنيا الباطل في عينه على الرغم من قلة عدد جيشه الذي كان لا يتجاوز ثمانية وسبعين رجلاً صامدين برباطة جأشهم وحمية فؤادهم وبشجاعة لا مثيل لها لانهم كانوا يعرفون انهم مع الحق وان الدفاع عن الاسلام مع الحسين (ع) هي اسمى غايات الشرف والكرامة وبعد ان سقطوا الواحد تلو الخر صرعى ممدين على بطاح كربلاء سابحين بدمهم الطاهر وقف الحسين (ع) في هذا المشهد الرهيب بين اجسادهم الزكية المتناثرة على ارض كربلاء وبين عويل وصراخ الاطفال والنساء من آل محمد (ص) وهو ينادي ويقول:-

(( هل من ذاب عن حرم رسول الله؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجوا الله في اغاثتنا؟)) فلم يجبه احد من جيش العدو الغادر فوقف الامام (ع) كالطود الاشم لم يضعف ولم تزعزع بل ركب جواده الطاهر وهو يحمل سيف رسول الله (ص) وبين جبينيه قلب علي (ع) وبيده راية الحق وعلى لسانه كلمة التقوى ووقف امام جموع المعسكر وراح يرفع صوته على من يبارزه من فرسانهم وهو يواجه ضرباتهم بعنف وشجاعة وما برز اليه خصم الا وركع تحت سيفه وشخصه الشريف واستمر الهجوم عنيفا على الامام (ع) في بحر الجيش الظالم للحق حتى سدد احد جنود العدو سيفه نحو الامام (ع) فاستقر في نحره وراحت ضربات الرماح والسهام تتوارى على جسده الطاهر حتى سقط صعيد الطفوف واسترسل جسده الطاهر ارض كربلاء واخذ دمه الطاهر ينزف من بقعة بجسده الا ان وحشية العدو وحقده الدفين لم يكتف بذلك الصنيع فقط بل راح اللعين شمر بن ذي الجوشن يحمل سيفه المسموم ويخرج نحو الامام (ع) ليفصل رأسه الطاهر عن جسده الشريف هذا الرأس الذي لم يخضع للطغاة ولم ينحني لهم ولم يطأطئ جبهته للظالمين ليحمل الرأس الطاهر هدية للطغاة من آل يزيد وأمية عليهم اللعنة وها قد تجسدت مأساة اهل البيت (ع) ومظلوميتهم المؤلمة يوم كربلاء الفجيعة في 10/محرم/61هـ له.

 

له على ارض الطفوف لعبرة               جسد الحسين ممزق ومقطع

بالامس عند ماء الفرات وعذبه             ينجاب سيدنا الحسين ويمنع

واليوم تدامى يا حسين بكربلا               ابناء دجلة والغري يروع

قتلا وتشريدا وسبيا يا نوى                 كيف البقاء هنا واين المفزع

 

المصادر:

ـ نفحات من السيرة / مؤسسة البلاغ.

ـ الحسين ابو الشهداء / عباس محمود العقاد.

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com