مقالات

التلفزيون والثقافة

قاسم حسين / استاذ في جامعة بابل

qassim_hussain_76@yahoo.com

يعد التلفزيون ظاهرة واسعة الانتشار، اذ اننا نعيش في عصر التلفزيون لما تملكه هذه الوسيلة الاعلامية من خصائص تكمن امتلاكها لمميزات تقنية تسهل من تقدم معلومات في اكثر من قالب فني، فضلاً عن ان التلفزيون يجمع بين الصوت والصورة والحركة والالوان مما يجعله يهيمن على حواس الانسان، فالدراسات تشير ان 90% من المعرفة التي يحصل عليها الانسان تأتي عن طريق حاسة البصر، كما ان اعتماد التلفزيون على الصورة جعل منه اكثر اقناعاً وتأثيراً في المتلقي، كما ان التلفزيون وبفضل تقنية الاقمار الصناعية اصبح اقدر واكثر الوسائل الاعلامية على الانتشار وقدرته على مخاطبة جميع مكونات المجتمع مهما كانت اعمارهم ودياناتهم ومستواهم العلمي وغير ذلك.

وتأسياً على ذلك فأن التلفزيون اصبح وسيلة اتصال فعالة المدرسة والبيت من خلال ثأثيره على التقاليد والقيم فهو يؤثر على اتجاهات وسلوك الفرد وبالتالي يؤثر على تشكيل ثقافة الفرد ( الدين، القيم، الادب، الفلسفة، العادات).

ومن الجدير بالذكر ان الاتصال هو احد مكونات الثقافة لانه مصدر تعبير عنها ومن هنا فقد نشأت العلاقة بين الاعلام والثقافة بأعتبار ان الاتصال ظاهرة اجتماعية يؤثر على علاقة المجتمع وقيمهم وعاداتهم، وهنا ستكون امام تساؤلات مهمة هي مدى تأثيرالتلفزيون على القيم؟ وما هي اهم المكونات الرئيسة التي يركز عليها التلفزيون بأعتبار انها مكونات رئيسية للثقافة؟

للأجابة على هذا السؤال، يمكن الاشارة الى ما ذكره الدكتور سعد لبيب في كتابه ( دراسات في العمل التلفزيوني) اذ اكد على ان التلفزيون يلعب دوراً في تكوين ثقافة الفرد كونه يؤثر على التقاليد والعادات بطريقة مباشرة او غير مباشرة يظهر على المدى الطويل وقد يكون التأثير بأضافة معلومات او خلق اتجاه جديد، او يعدل سلوك قائم، او خلق سلوك جديد وان اكثر الفئات في المجتمع استجابة هم الشباب بحكم استعدادهم النفسي وعدم قناعتهم بكثير من القيم.

ويمكن الاضافة على ذلك، ان اغلب الشباب يمثلون جمهور التلقلزيون وهذه الوسيلة الاعلامية مؤثرة في هذه الفئة، وذلك بسبب ما يسمى ب(ثقافة الصور)، فالتلفزيون وسيلة اتصال مباشرة تؤثر على التقاليد والقيم، وقد يكون هذا التأثير سلبي اذ ما فقد عنصر التوازن، واذا كانت هناك برامج على حساب برامج اخرى.

وتبرز اهمية ودور التلفزيون على ثقافة الفرد هو ظهور ما يسمى ب(الاختراق الثقافي)، والذي يعني انتقال الافكار والعادات والقيم الغربية وبشكل مكثف وغير مسيطر عليه اي المجتمعات الاخرى، وفي المحصلة يؤدي اغراق تلك المجتمعات في قيم اجتماعية تتنافى مع القيم السائدة مما يؤدي مستقبلاً الى طمس الهوية الثقافية لتلك المجتمعات.

وهذا لا يعني ان التلفزيون ليس له دور في ترصين ثقافة الفرد، بل على العكس يمكن توظيف هذه الوسيلة الاعلامية المهمة لانتاج برامج تعزز من القيم الاجتماعية المستمدة من الدين الاسلامي او الاديان الاخرى لان كل الاديان ذات قيم انسانية تعزز من ثقافة الانسان وحضارته وتطوره.

وخلاصة القول يمكن القول ان التلفزيون هو سلاح ذو حدين فما يجسد كل مفردات الثقافة سيما الثقافة الوطنية واعطائها حصة في برامجه مع وضع هذه البرامج بصيغ وقوالب ترفيهية ومسلية حتى تكون سهلة الوصول الى المتلقي دون المساس بالذوق العام مع انتاج برامج التربوية التي تدعم التنمية لزرع الثقافة والوعي لدى المواطن كي يتحصن ذاتياً من خلال التأكيد على مبادىء الاديان السماوية لانها اساس الثقافة.

واما ان يلعب التلفزيون دوراً سلبياً من خلال طرحه لافكار وقيم وتقاليد واعراف تتنافى مع الذوق العام وتحمل افكار ومضامين تسود في مجتمعات لها تقاليدها الخاصة وتعيش وفق معايير بحكم روابطهم الاجتماعية، فماذا اجيب ابنتي الصغيرة عندما تسألني كيف ولدت (كوادلبي) طفلاً من (الفريدو) وهما غير متزوجان؟! وهل الثقافةان اقص شعري على طريقة مايكل جاكسون؟! ام الثقافة ان استنتج ان شقيق ابي هو نفسه شقيق امي وانا اردد عبارة (خالي عمي)؟! ام اكون على (يقين) ان العراقين جميعاً قد (ماتوا) عندما يصل الى مسامعي الاغنية الشهيرة (اخر عراقي ظليت)؟! وهل الثقافة ياترى ان اختم مقالتي على طريقة احد الفنانين العراقيين وهو ينهي حلقته في برنامج تلفزيوني تحت عبارة (الى اللئاء.... الى اللئاء).

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com