مقالات

اقدم رسوم جدارية في العراق القديم

زهراء سعدي / عضوة في بنت الرافدين / بابل

عرف الانسان العراقي القديم الرسوم الجدارية الملونة في فترة مبكرة نسبياً. وان افضل نموذج هو في العقيرفي جنوب العراق على جدران المعبد الملون وهو معبد اقيمت جدرانة فوق ارضية مسيعة بالقار لشرفة مرتفعة(مصطبة).

كانت الجدران مغطاة بطبقة من ملاط طيني بثخن 3-5سم ثم صبغت بالون الابيض بواسطة طبقة جصية خفيفة خارج المعبد.

اما في الداخل فلقد طليت الجدران بالماء الملون الرائب عدة مرات بحيث تحول ملاط الجدران الى طبقة ناعمة من الطين المخلوط بالتبن ثم طليت بالون الابيض بالمادة الجصية ذاتها. وبعدها قام الفنان بتحديد العناصر المطلوب رسمها باللون الاحمر او(البرتقالي) ثم حددها مرة اخرى بالون الاسود الى جانب الون الاحمر.

وكان النظام الافضل في توزيع الالوان هو استخدام الحقول الشريطية ذات اللون الواحد, واعتياديا ذات اللون الاحمر ..... وكان اسافل الجدران تطلى به والى ارتفاع متر واحد تقريبا.

ويعلو هذا الشريط شريط اخر به زخرفة هندسية الى ارتفاع 30 سم اما الاجزاء الاعلى منها فكانت مزخرفة برسوم اشخاص وحيوانات.

ولم يبق من الشخوص المرسومة على الجدران اكثر من الجزء الاسفل للجسم وحتى مستوى الخصر بسبب فقدان الجزء الاعلى من الجدران.

ان اهم رسوم تل العقير التي وجدت كاملة في المعبد هي التي رسمت على واجهة دكة المذبح على مقدمتة بعرض 60 . 2 م وبارتفاع 90 سم تقريبا وعلى الجانبيين بعمق 3.60م.

وكانت الرسوم الواجهة ذات طبيعة معمارية, تشابة صور الواجهة لمعبد مصغر حيث اشرت الطلعات والدخلات الالوان الخطوط ثلاثة متوازية داخل كل طلعة بينما امتلات بنقشات هندسية تشابة الزخارف الموزائيكية في الوركاء.

ويعلو هذه السطوح اللونية العمودية شريط افقي يبدو وكأنه يمثل افريزا للمعبد.

كانت الطلعات الملونة باللون الابيض  والاصفر على التبادل, الا الطلعتين في وسط الوجهة تماما حيث كانت ملونتين باللون الابيض على التوالي, ويحصران بينهما دخلة ملونة ولربما كانت هذه اشارة الى انها مدخل للمعبد المرسوم.

اما معبد الايمن للمذبح وعلى الجزء الامامي من الزاوية اليمنى من القاعدة فلقد رسمت صور لاسود رابضه او راقدة الا ان اجسامها كانت مرقطة ببقع سوداء مما ادى المنقبين الى اعتبارها فهودا وليس اسودا وكانت الخلفية التي رسمت عليها الاجسام هي من اللون القرمزي ثم ثخنت باللون الاسود, ثم قام الرسام  بملئ العيون والفك والاذان ونهاية الذيل باللون الغامق.

ان الفنان العراقي القديم قد استخدم الالوان في زينة مبانية وزخرفتها الا ان الاشارات الاولى تدل على ان العصور السومرية لابد وان تكون قد قصرت باستخدام الالوان على المباني الدينية.

كما انها عوضت الالوان ببدائل افضل عندما تتيسر الوسائل لذلك ... وان هذا مايفسر اختفاء الرسوم الجدارية لفترة طويلة ... وحتى بداية العصر البابلي القديم.

لقد عرف السومريون النقوش البارزة والمسطحة التي استخدموا لتحقيقها المعادن والاحجار والاصداف وكانت اجزاء هذه النقوش تعمل كل على حده ثم تجمع على واجهات المعابد في افاريز واعمدة وابواب وغيرها.

اما الوركاء في معابدها فقد استخدمت المسامير الفخارية المخروطية باللوان مختلفة في تزين الجدران على مبدأ الموزائيك.

ولقد عثر المنقبون في ماري وكيش واور على اجزاء من احجار تمثل شخوصاً استخدمت لتزين المباني كما هوحال في تل ابيب الا ان الرسوم الجدارية الملونة بالذات تعود في الظهور مجددا في العصر البابلي القديم وفي مدينة ماري في القصر, حيث عثر على لوحة جدارية ضخمة تمثل تنصيب الملك زمليم الاول ملك ماري وتناول اشارات السلطة من الالهة عشتار الحربية كما عثر على اجزاء من مشاهد اخرى ترينا جنود محاربين ومنظرا اسطوريا يرينا الليل والنهار.

ويعتقد البعض ان قسما من هذه الرسوم يمكن ان تؤرخ في العصر السومري المتأخر اي من السلالة اور الثالثة وذلك اعتماداعلى مقارنات من ذات العصر.

اما الالوان المستخدمة فهي ذات الالوان المستخدمة في العصور السابقة وللاحقة من الاحمر بدرجات وحتى الاصفر والازرق وحتى الاسود ولقد رسمت اهم لوحة في الساحة الرئيسية على الجدران يمين المدخل الى قاعة العرش ويتكون المنظر من جدارية تنقسم الى مستطيلين فوق بعضهما في داخل المستطيل الاعلى يقف الملك يرتدي ملابسه الاحتفالية الكثيرة من الاهداب والشراشيب وبقعة بيضوية في رأسه بينما اللالهة عشتار ترتدي مشقوقا من الجانب وتضع قدمها اليمنى فوق  الايسرى.

وتقدم اللالهة عشتار للملك بيدها اليمنى الحلقة والعصا بينما تنخفض يسراها بسف منجلي وهي تحمل على ظهرها كل اسلحتها القتالية.

وتقف خلف كل من الالهة والملك الهتان ثانويتان ترفعان ايديهما بالتحية يعقبها الالهة يلبس تاجا مقرنا في اقصى يمين الصورة.

اما الاطار الثاني فيحوي داخلة منظر لالهتين تحمل كل منها اناء فوارا تخرج منة سيول المياة, بالاضافة الى نبتتة الطويلة, وتتوزع المياة على اربعة خطوط تنساب الى اسفل وتطوق حتى الالهة حاملة الاناء وتتصل مياة الاناء الاول بما ينفع من الاناء الثاني عبر خطوط سيول رسمت افقيا, في وسطه صورة. ولقد رسمت الاسماك فوق المياة وهي تسبح عكس اتجاة سيلانها الالهتان تاجين مقرنين.

والمنظور عموما يشبه جزء من مسلة الملك كوديا حيث رسمت الالهة عليها وهي تحمل مشتركة الاواني الفوارة.

وعلى ما يبدو ان الساحة الرئيسية في القصر قبالة العرش الكبرى كانت ساحة احتفالات اساسية. فلقد رسمت على جدارنها بالاضافة الى لوحة التنصيب مناظر اخرى منها منظر الرجال يقودون ثورا علقت بين قرونه حلية على شكل هلال مع صليب معقوف وقد رسمت على الجدار المقابل لوحة تنصيب الملك زمريلم نفسة. اما في قاعة الاستقبال العليا في القصر فلقد عثر المنقبون على بقايا لوحة جدارية يبدو فيها مناظر تقديم وتعبد امام الالهة جالسة حيث يسكب الملك السوائل كقرابين امام اله القمر (ننار) في الحقل الاسفل مما تقدم للقرابين الى الاله الشمس (شمش) في المنظر العلوي والمناظر المليئة          الالهة المتعددة والشخصيات الخرافية كعفاريت وحيوانات المجنحة والثيران وغيرها وهي قريبة في نظامها من مسلة اورنمو من العصر السومري الحديث.

ولقد جرى سكان القصر في التلوين على استخدام الارضية البيضاء او المصفرة قليلا مع تحديد حدود الرسوم بالاحمر او الاسود واستخدام الاسود والاحمر والابيض والازرق الفاتح في التلوين.

ومن عصر الاحتلال الكيشي في القصر الملكي في دور كوريكالزو (عكركوف) عثر على الرسوم الجدارية في الجناح الشمالية من القصر حيث لونت الجدران بألوان متعددة غلب عليها اللون الاسود والاحمر. ولقد كانت منقوشة في القاعات هندسية الطابع او نباتية اما الداخل فلقد اضيفت اليها الصور المواكب رجال يدخلون القاعات او يخرجون منها. ولقد عثر على النقوش الهندسية والنباتية في القاعات الكبيرة المحاذية للساحة الشمالية وكانت مرسومة على حافة الجدران وعلى الرضية مصغرة قليلا ضمن اشرطة طويلة بالون الاحمر ووريدات حمراء وصفراء وزرقاء.

اما المداخل فلقد كانت عتباتها مطبقة بالاجر المربع (الفرشي) ومسيعة بالقار بطبقة ثخينة. ويبلغ عمق الداخل (بثخن الجدران) حوالي 360 سم ولقد تم تاطيرها بخطوط قرمزية اللون على ارتفاع يبلغ اكثرمن متر, وبأسلوب هندسي.

وكان الجزء اوطئ من الاشرطة ملونا بالاحمر فوق الازرق (الكوبالت) ويقسم الى مساحات مربعة وكان الشريط الذي يعلو مزخرفا بدوائر حمراء وزرقاء. اما الخطوط لتي تعلوها فكانت بالاجر على ارضية مبيضة والشخوض تحتها تقف مباشرة على مستوى تبليط المدخل وتنظر باتجاه الدخول على جانب المدخل وباتجاه الخروج على الطرف المقابل.

وعلى الحافة الخارجية للمدخل يستمر شريط ذوخطوط الحمراء المتوازية لمسافة قصيرة ثم ينقلب بزاوية قائمة عموديا على اسفل تاركا مسافة بينة على الحافة تكفي لرسم شخص واحد.

الارضيات التي رسمت عليها الشخوص هي من الاستميز المصفر عليها خطوط الشخوص وملابسهم. اما الفراغات بين الخطوط فبلون الكوبالت الخفيف الزرقة بينما الشعر واللحى والاحذية والحافات الخارجية للشخوص كانت باللون الاسود.

اما الاملابس فهي بطول الركبة ومن النوع المكسر الطيات وبكم قصير جدا وكانت فتحة اللياقة والكم الؤشرة بالاسود .

والشخوص اما عارية الرأس ومربوطة بشريط على الجبهة او يرتدي غطاء على شكل طربوش وعدد الاشخاص 10 في حالة او8 في حالة اخرى.

وبعد سقوط بابل وفي العصر الاشوري الوسيط انتشرت الزخارف والرسوم الجدارية في القصر الملكي في كل من المدن الرئيسية على مايبدو وكذلك في المعابد. كان الملك توكلني نينورتا في مدينتة التي ابتناها مقابل مدينة اشور تقريبا على الضفة الشرقية لنهر دجلة من الذين عرفت اثارهم في هذا المجال, فلقد بنى مدينتة المسماة باسمة كارتوكلتي- نينورتا وبنى فيها قصرا ومعبدا للاله اشور.

كان القصر مشيدا فوق مصطبة او(شرفة) على ارتفاع 20 مترا فوق مستوى نهر دجلة و12 مترا على مستوى القصر الارضي المجاورة ولقد عرفت في هذا القصر الالوان السوداء والبيضاء والحمراء والزرقاء, كما في الحالات السابقة استخدام الابيض للارضيات والاسود لتحديد الاشكال المرسومة. ولم تكن الرسوم المتشابهة ومتناسقة في القياس والاحجام بل انهار رسمت بيد حرة لم تلتزم بنموذج قياسي واحد.

وكانت الجدران عادة تنقسم الى ثلاثة مستويات فوق بعضها فالمستوى الاوطأ لونت اسفل الجدران وحتى ارتفاع 50 سم بالون الاسود القيري يعقبة بالمستوى الذي يعلوه لون احمر الى ارتفاع 140سم ثم تعلوها مساحات جدارية بيضاء جصية تستخدم كأرضيات للزخارف النباتية والحيوانية .

رسوم تجلاتبليزر

الا ان اهم الرسوم الجدارية الملونة من العصر الاشوري جاءت من مقر الحاكم الاشوري من تل برسيب على نهر الفرات.

وتمثل مناظر الملك للحكام الخاضعين لسلطانه وتقبل الهدايا والخيول والغنائم الاخرى.

ومن المناظر المشهورة :- الخيول الوردية والزورق الحربي باللون الاحمر والمحاربون حاملو التروس الدائرية ذات الحلقات المتداخلة باللونين الازرق والاحمر.

ان اهم اللوحات الجدارية جاءتنا من قاعة العرش. وهي باللونين الازرق والاحمر على ارضية مصغرة قليلا ترينا في منظر رئيسي الملك جالسا على كرسي العرش فوق قاعدة او منصة مزدانة بزخارف على شكل وريدات حمراء فوق خلفية زرقاء. خلفة وزراؤه وحاملوا اسلحته وحرسه الخاص وهو يمسك بعصا طويلة يندها فوق القاعدة ويمسكها مائلة بيدة اليمنى وباليسرى نبتة تبدو وكأنها سعفه نخيل او اغصان نبات او اوراق متعددة صغيرة.

ويبدو الكرسي وعلية وسادة محاكه من القماش ذات مربعات حمراء وزرقاء ومسندة الظهر مغطى بسجادة من نفس القماش تغطي وجهي المسند وظهر وتنتهي خلف الكرسي بذؤابات طويلة الخيط .

وظهر الجنود وهم يرتدون احذية قماشية اوجلدية باللونين الازرق والاحمر حيث تبدو الكعوب عادة بالون الاحمر. اما بقية تفاصيل الملابس فلقد استخدمت لتحديد تفاصيلها خطوط خفيفة بالاسود ومن دون اي تلوين اما الشعر واللحى فهي سواء وكذلك العيون.

ومن اللوحات الاخرى لوحة مرسومة على القاعة في القصر في خرسباد (دور شروكين ) مدينة الامبراطور الاشوري الكبير سرجون الثاني (721-705ق.م)

بلغ ارتفاعها حوالي 12.8م مرسومة على ارضية من الجص وحددت شخوصها وحافاتها بالون الاسود وتنقسم الى قسمين الاسفل الى ارتفاع يتراوح بين( 1.5م-7.5م) وهي اشرطة اوحقول افقية تحتوي على زخرفة كاملة بها عناصر مثل الورده الاشورية والنخيل وزهرة اللوتس وثمرة الرمان وهي تؤطر اشرطة اخرى بارتفاع 65-85سم تحتوي على اشكال متكررة ومتوالية لحيوانات اسطورية وثيران ووريدات كثيرة واشكال رباعية ذات اضلاع متقعرة الوسط متكادان تمثل رسوما رباعية. اما الجزء المقابل لمدخل القاعة فترتفع هذه الاشرطه لتشكل قوسا عاليا يحوي داخلة منظرا على ارتفاع 12.40 م ترينا منظر الملك وهو يتعبد امام اله واقف فوق منصه وبيدة العصا والحلقة ويقف خلف الملك وزيرة الذي لايرتدي على رأسة الاطاقية بسيطة بعكس الملك الذي يرتدي تاجا. 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com