مقالات

الصحافة المدرسية بين الواقع والطموح

قاسم حسين / استاذ في جامعة بابل

qassim_hussain_76@yahoo.com

 تعد الصحافة المدرسية( المطبوعة ) واحدة من وسائل الإعلام المدرسي التي تسهم إسهاماً كبيراً بالنهوض بثقافة الطالب على صعيد المدرسة والمجتمع فضلا عن الصعيد الشخصي،ذلك أن هذا النوع من الصحافة تشكل منبر الطالب الذي يستطيع من خلاله طرح مشكلاته المدرسية والاجتماعية والشخصية،إذ يصبح الطالب أكثر تفاعلاً مع واقعه،كما ان الصحافة المدرسية سوف تخلق لدى الطالب حب العمل الجماعي كون ان هذا اللون من الإعلام يتطلب ان تكون روح الجماعة حاضرة فضلاً عن كونها اداة لتنمية المواهب في المجلات كافة، وهي تعد وسيلة ترفيهية تخفف عن الطالب عبئ الواقع وتخرجه من الروتين اليومي سيما في ظل الظروف التي نعيشها، كما انها تخلق لديه الشجاعة الضرورية كي يطرح آرائه ومقترحاته حيال الواقع الذي يعيشه وهو مايقوي شخصيته في المستقبل فضلاً عن دوره في تشكيل راي عام يدفع الجهات المسؤولية لإيجاد الحلول المناسبة وبهذا سوف يكون الطالب جزء من عملية التنمية لبناء الوطن.

  وان الصحافة المدرسية تلعب دوراً كبيراً في تعزيز لغة الطالب كونها تشجعه على حب القراءة والكتابة مما تعطيه مهارة في كيفية التعامل مع الكلمات لصياغتها صياغة لغوية صحيحة، وانها تزيد من معلومات الطالب سيما واننا نعيش الآن في عصر الثقافة والمعلومات العامة.

 وإذا أردنا أن ننتقل الى واقع الصحافة المدرسية في العراق نجد ان هذه الظاهرة الحضارية مختفية في كثير من المدارس وتعاني حالة الاهمال،اما المدارس التي تاخذ بتطبيق هذا اللون الإعلامي فيشوبها في كثير من الأحيان النقص والالتباس وبهذا فان المدارس العراقية تشهد أزمة كبيرة في مجال الصحافة المدرسية .

 ويرجع سبب هذه الأزمة إلى عدم تطبيق شعبة الإعلام التربوي في المديريات العامة للتربية السياسات اللازمة لبناء إستراتيجية تربوية للنهوض بالصحافة المدرسية.

 ويعد جهل بعض المدرسين المشرفين على صحافتهم المدرسية من الناحية الفنية احد أهم المعوقات التي تحول دون الخروج من هذه الأزمة، فالبعض منهم لم يدخل صحيفة واحدة إلى بيته منذ سنوات خلت!!

 وبالنسبة للمدارس التي تأخذ بتطبيق مفهوم الصحافة المدرسية (عملياً)، فان هذا التطبيق في اغلب الأحيان يسوده الإرباك وعدم الإلمام بهذا الفن ، فنلاحظ إن هذه المدارس تعطي للجانب اللغوي في إخراجها للصحف تقلاً اكبر وعلى حساب الجانب الإعلامي الفني ، صحيح ان اللغة هي واحدة من مكونات الإعلام لإخراج الصحيفة ولكن لا يعني ذلك تجاهل الأمور الفنية من حيث التبويب والشكل والصياغة، لان الصحافة فن يجمع العديد من المكونات.

 ومن الجدير بالذكر ان هناك مدارس يلجأ القائمون على هكذا نوع من الصحف الى كتابة مواضيع ونشرها باسم طلابهم او انهم يتجاهلون ولا يدققون في مرجعية ما ينتجه الطلاب الصحفيون من مقالات ومساهمات ..هل هي العائلة ؟ام الانترنيت؟ام مصادر اخرى؟.. ولا بأس في ان يستمد الطالب معلوماته من المصادر التي ذكرت لاختلاق الأفكار وتطويرها ولكن المشكلة في ان يعرض كتاباته ومساهماته مأخوذة بشكل نصي دون ان يكون له دور فيها !!

 وفي بعض الصحف نلاحظ ان مكاتب الحاسوب والمطابع تاخذ دوراً كبيراً في عملية إخراجها قد يصل الى مئة بالمئة وبهذا فان الطالب يكون مغيب في صنع العملية الفنية التي تعتبر من أهم مقومات إنتاج الصحف من جانب آخر فان الصحف التي تنتج بهذه الطريقة نلاحظ انها تعطي جانب الاخراج الفني ( وان كان أساسياً) ثقلاً اكبر من يفوق المادة المطروحة في صفحات الصحيفة .

 وعليه نتلمس ان هناك حالة تغييب لجهود الطلبة سواء بقصد او بدون قصد، وكما اشرنا اليه فان الصحافة عمل فني جماعي، وان الأمور التي تطرقنا اليها تسبب إرباك لمفهوم الصحافة المدرسية وهي لا تخدم العملية التربوية برمتها، وان ما نطمح إليه بهدف النهوض بالصحافة المدرسية ( المطبوعة ) يتحقق بالاعتماد على :-

اولاً:- تحويل شعبة الإعلام التربوي في المديريات العامة للتربية الى قسم يضم شعبة الصحافة وبكادر مؤهل ومتخصص في مجال الإعلام يقع على عاتقها رسم السياسات الضرورية نحو النهوض بالإعلام المدرسي ومنها الصحافة المدرسية ( وتكمن هذه السياسات في :)

ثانياً:- إدخال المدرسين المشرفين على الصحف دورة تدريبية صحفية للوقوف على هذا الفن وهم بدورهم سوف ينقلون ثقافتهم الصحفية الى طلابهم لتنمية مهاراتهم الصحفية .

ثالثاً:- العمل على تخصيص الاموال اللازمة لإنتاج الصحف من قبل الجهات المعنية.

رابعاً:- استطلاع آراء الطلاب للوقوف على توجهاتهم وقدراتهم في الكتابة والمساهمة لتسميتهم باعتبارهم كادر الصحيفة الذي يتألف من رئيس ومدير وسكرتير التحرير ومشرف فني مع مجموعة من الرسامين والخطاطين والمصورين والمراسلين والمحررين والموزعين ..... كي يكون العمل الصحفي طلابي مئة في المئة.

خامساً:- إصدار الصحف المدرسية بشكل دوري ( فصلي على الأقل) لضمان استمرارية المشاركة الطلابية طيلة السنة الدراسية .

سادساً:- إقامة المسابقات الصحفية بين المدارس كتنافس مشروع لتسمية الصحف الفائزة من قبل لجنة متخصصة مشتركة من قبل الإعلام التربوي والإشراف التربوي والمؤسسات الإعلامية، وتكريم الصحف الفائزة بكوادرها ومدارسها مع تسليط الضوء على هكذا نوع من المسابقات من قبل وزارة التربية ومديرياتها ووسائل الإعلام لإظهار أهمية هذه النشاطات وتحفيزها وتشجيعها أكثر وأكثر.

 إن السياسات التي تم التطرق إليها في أعلاه تمثل الإستراتيجية الضرورية للارتقاء بالصحافة المدرسية ( المطبوعة) للوصول الى ما نطمح إليه وهو النهوض بالعملية التربوية والتعليمية وهو ما يعني مستقبلاً المساهمة في تطوير المجتمع العراقي وازدهاره.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com