مقالات

لماذا أنصار الحسين؟؟؟؟؟

الدكتور عصام عباس / دمشق – السيدة زينب

dr.issamabbas@gmail.com

سؤال يدور في ذهن كل لبيب عاشر وعاصر أحداث العقود الأربعة من حكم الإرهاب والقتل والدمار الشامل للعراق أرضا وشعبا وثقافة وتراثا واقتصادا ... ذاك المرض العضال والوباء الخطير الذي تفشى في مفاصل متنوعة وشرائح متعددة من مجتمعنا العراقي الذي يجب مطاردته بالوسائل العلمية والأساليب العلاجية الناجعة والطرق الدقيقة المدروسة...

مرض العداء للإمام الحسين   هو مرض من الأمراض الوراثية التي يجب دراسة أسبابه وأعراضه وتشخيصه وعلاجه  بإمعان وعدم التعامل معها  على  أنها أعمال إرهابية  يقوم بها فئة أو شريحة شاذة أو أفراد أو جماعات موتورة ..

إن الله سبحانه وتعالى أوصى نبيه الأكرم  بمودة العترة من أهل بيته الأطهار، فأمر النبي  البشر بالتمسك بالكتاب والعترة، وخص ولده الإمام  الحسين  بامتياز خاص إذ قال :  (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا)** ... فحب الحسين من حب الله والعكس صحيح ..

القوم أو الجماعات أو الأفراد  الذين يبغضون  رسالة السماء والمرسل بها من البديهي سيبغضون  كل السنن التي نصت عليها الرسالة والحديث، فانتقوا البغض والعداء لآل البيت عموما والحسين بشكل خاص لعدائهم لرسالة السماء ولصاحب الرسالة سيدنا محمد   ولسنته ووصاياه، هذا من جهة ومن جهة أخرى

لأن الحسين ثورة ضد الطغيان والظلم –

لأن الحسين ثورة ضد الفساد والاعوجاج –

لأن الحسين ثورة إصلاح وتقويم لمجتمع انحرف عن الصراط  وتهاون مع الظالمين وصمت أمام عهرهم وعنجهيتهم واختار القبول بالأمر الواقع لأجل البقاء المذل –

لأن الحسين رفع شعار تردده الحناجر باعتزاز "هيهات منا الذلة" –

لأن الحسين فكر باق وحياة الطغاة إلى زوال  –

ولأن الحسين هكذا اشتد عداء المنحرفين لمنهجه وفكره ومسيرته الإصلاحية فخططوا للانقضاض على فكره وذكره منذ الأيام الأولى لثورة الطف ولكن صوت الحق صوت السيدة زينب كان  لهم بالمرصاد، فطاردهم صدى صوتها الذي بدد أوهامهم وسفّه  أحلامهم بمقاومة اللا عنف من خلال فضح أكاذيبهم وأضاليلهم وتعريتهم أمام الخلق كله في وقت لا توجد فيه وسائل إعلام عصرنا الذي غيّب جرائم الطاغية صدام خلال أربعة عقود خلت ويصمت اليوم عن جرائم إرهابيي صدام وأقزامه -  زراع  الفتنة الطائفية، فتذكرها وسائل الإعلام  كخبر في نشرات الأخبار دون الإدانة والشجب والاستنكار الصريح والواضح وكأن الأمر حدث عادي جرى بفعل فاعل قضاء وقدراً ...

شعب عربي ومسلم يذبح وصمت عربي وإسلامي مريع ...

فاستمر العداء للحسين ولفكر الحسين ولذكر الحسين من ذاك الوقت حتى وصول العفالقة الصداميين الخونة لأن فكر الحسين يؤسس لمنهجية الحرية والديمقراطية والسلام ولأن ذكر الحسين يلاحق الطغاة في قصورهم وعروشهم فيبدد أوهامهم ويسحق أحلامهم كما جرى ليزيد قبل ألف وأربعمائة سنة فأصبح ذكر الحسين يهدد كل طاغية أينما كان وبأي زمان إلى قيام الساعة .. فعندما جاء الطغاة إلى الحكم عام 1963م نشروا ما يسمى بالحرس القومي السيئ  الصيت،  فكانت الحرب أولا على مجالس الحسين وهنا اذكر حادثة وكان عمري وقتها تسع سنوات وكنت برفقة جدي في مجلس حسيني مركزي في مدينتي "الشامية" جنوب النجف  وهنا اعتلى المنبر الحسيني الشيخ فاضل الراد ود "رحمه الله" لينشد قصيدة مطلعها في اللهجة العراقية

مادام ليزيد الظلم وأحكامه               مادام ليزيد القصر وأيامه

الظلم دمّر لو دام

بنيانه حتما تنهدم بنيانه      

وهو يشير إلى خطاب السيدة زينب ليزيد " وما أيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد ورأيك إلا فند ...."

والقصيدة هي للشاعر "حسين أبو شبع" .. فجاء عناصر الحرس القومي وأنزلوا الراد ود من المنبر وأودعوه السجن بتهمة انه شيوعي والشاعر شيوعي للتشهير بهما، وكان كل من يتحدث عن الطغيان والظلم تلفق له هذه التهمة .. وعندما وصلوا للحكم في انقلاب 1968م المشؤوم جاؤوا بسياسة مغايرة للانقضاض على مجالس الحسين ففي السنة الأولى لحكمهم المشؤوم صارت وسائل الإعلام العراقية المرئية والمسموعة تنقل مجالس الحسين  لتمويه وتضليل  الشعب العراقي فكانت  مجرد لعبة غدر  للانقضاض على الشباب والرجال والنساء معا والاقتصاص منهم وترهيبهم بعدم الذهاب إلى كربلاء وزيارة الحسين وكان الذي يُخالف يُتهم بأنه من حزب الدعوة في السبعينات، وفي الثمانينات يُتهم بأنه إيراني فإما أن يسجن وإما أن يُسفّر مع أسرته فخرج الشباب من العراق إلى الدول المجاورة و سُفّرت العوائل العراقية إلى إيران وهاجر الناس إلى سورية التي وجدوا فيها الملاذ الآمن وتمكنوا من إقامة الشعائر الحسينية ونشر فكر أهل البيت  وفكر النهضة الحسينية .. والعراق مشغول في تلك المرحلة بالحرب العراقية الإيرانية ثم غزو الكويت ثم تدمير المجتمع العراقي اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وقتل الأبرياء والمقابر الجماعية خلال التسعينات .. إلى أن سُحق الصنم وبُدد الوهم فعاد العراقيون إلى العراق لبناء "عراق آل محمد "  سنة وشيعة، عربا وأكرادا وتركمان، مسلمون ومسيحيون وصابئة، نساء ورجالا وأطفالا ..  

فعراق كهذا هو تحطيم للدكتاتورية ونشر للديمقراطية واجتثاث الفكر العفلقي الصدامي الشاذ الذي دمر العراق أرضا وشعبا وتراثا وثقافة، الفكر الذي زرع الطائفية وهيئ الإرهاب لما بعد صدام الذي وعد أن يُسلّم العراق أرضا محروقة ...

عراق آل محمد هو عراق تبنته كل الشرائح العراقية والطوائف المتعددة في العراق منذ القدم  فذاك الإمام أبو حنيفة يقول " لولا السنتان لهلك النعمان " وهو القائـل لطغاة عصره الذين أرادوا منه انحرافا عن أهل البيت  فيرد عليهم بفتواه ويقول :

ها أنا مولى للفتى     انزل فيه هل أتى    إلى متى أكتمه     أكتمه إلى متى

وذاك الإمام الشافعي  الذي ناضل وجاهد وواجه الحكم المرتد ولوحق في كل البلدان ويلخص فكره بفتواه التي قال فيها :                 

" لئن كان ذنبي حب آل محمد فذلك ذنب لست عنه أتوب "

فالعراق مبني على فكر آل محمد  ومن يشذ عن هذا القانون فأيامه عدد ورأيه فند وجمعه بدد ..

إن ما يمر به العراق يحتاج إلى وقفة تأمل لكل عراقي شريف مع ذاته وعدم الانجرار إلى الفتنة الطائفية المنبوذة فما هذه الفتنة إلا  تدمير للعراق والعودة به إلى عصر الطغاة المنحرفين ولكن "هيهات منا الذلة " فالحسين مدرستنا سنة وشيعة وأهل البيت سادتنا وقادتنا سنة وشيعة،  وأما الطغاة فلا دين لهم، لقد  نبذهم الناس وحقّرهم التاريخ ..

إن الهجوم على أنصار الحسين  الساعين إلى الحسين تأكيد  لمحبتهم لله تعالى إيمانا منهم بان  حب الحسين هو حب الله تعالى كما ذكره رسول الله   وأكده في حديثه الذي روته الصحاح، هذا الهجوم جاء متزامنا مع الهجوم على دور الفكر والأدب والعلم في مكتبات شارع المتنبي ببغداد لهو تأكيد لجهل الفاعلين ومموليهم وتأكيد لحقارة مدارسهم التي أنشأت هذا الفكر البغيض فأصبح خريج تلك المدارس يكره الناس ويبغض الحضارة والثقافة ويكره حتى نفسه التي هانت عليه ويفخخها  لتزهق وسط الناس الأبرياء بغضا بمحمد ورسالته وعترته " إلا لعنة الله على القوم الظالمين " إن هذا الهجوم مدان ومنبوذ وان من يقف وراءه عدو الله وعدو الإنسانية .. ونتطلع اليوم إلى انفراج لمحنة الوطن والقضاء على  الإرهاب وأوكاره والفتن وزارعيها وبناء عراق الحرية والديمقراطية والسلام، عراق كما أراده الحسين   منبـع فكر وحضارة وبناء، منيـع بالمودة والرحمة والإخاء  ..

وأقول للشهداء الأبرار واصطف مع أرواحهم الطاهرة وأشلائهم المتناثرة  مرددا

 (حَبِيبِي يَا حُسينُ) هُتَافُ قَلْبِي            وَ أَفْئِدَةُ المُوَالينَ الكَثِيرُ
وَ يَسعَى نَحْوَ قَبْرِكَ كُلَّ يَومٍ              أُلُوْفُ العاشِقِينَ لِكَي يَزُوْرُوا
وَسعيُ الرُّوْحِ نَحْوَكَ كُلَّ وَقْتٍ           فَأنْتَ ملاذُها الأملُ الكَبِيرُ

داعيا للجرحى بسرعة الشفاء ببسم الله خير الأسماء بسم الله رب الأرض والسماء استدفع كل مكروه أوله سخطه واستجلب كل محبوب أوله رضاه ...

نعم سيدي أبا عبد الله أنت الملاذ وأنت الإنقاذ أحببناك لحب الله وقصدناك للدعاء عندك إلى الله تعالى،  فبحرمة كربلاء وسبايا كربلاء وأطفال كربلاء وسيدة كربلاء زينب  سل الله ربك وربي ورب العالمين أن يصلي على محمد وال محمد ويمن على وطني الحبيب  العراق بالأمن والأمان والاستقرار انه سميع مجيب دعوة المضطر إذا دعاه والمناجي إذا ناجاه فهو نعم المولى ونعم النصير .

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com